\r\n قبل اعياد الميلاد بأربعة أيام قتل ما لا يقل عن 22 شخصا منهم 20 أميركيا في قاعدة عسكرية أميركية في الموصل في أكثر الهجمات دموية وقتلا‚ وهذا الهجوم هو المذكر الأخير لنا بان العراق يبقى محاطا بعدم التأكد حتى قبل خمسة اسابيع من موعد اجراء الانتخابات الموعودة في يناير‚ \r\n \r\n وهذا يدعونا للواقعية بدل التمسك بالتفاؤل الفارغ والشعارات السياسية الرنانة التي لم يعد لها لون ولا طعم ولا رائحة‚ \r\n \r\n خسائرنا هناك في تزايد مستمر‚ \r\n \r\n في مجال التكلفة البشرية قتل حتى الآن ما يزيد على 1300 جندي أميركي‚ \r\n \r\n وفي مجال التكلفة المالية كلفت هذه الحرب الخزينة الأميركية حتى الآن 200 مليار دولار‚ ويتوقع ان يتقدم الرئيس الأميركي قريبا بطلب جديد للكونغرس لرصد اعتماد اضافي قدره 80 مليار دولار للانفاق على استمرار هذه الحرب‚ ومع ذلك لا يظهر في الأفق ما يشير الى قرب انتهائها‚ \r\n \r\n الأميركيون الان يشعرون بالقلق‚ ظهر ذلك جليا في استطلاع للرأي نظمته صحيفة «يو‚اس‚توداي» و«سي‚إن‚إن» و«غالوب» حيث اشارت النتائج الى ان 58% من الأميركيين لا يوافقون على الطريقة التي تعاملت بها الولاياتالمتحدة مع العراق خلال الأشهر القليلة الماضية‚ ويحصل الآن ولأول مرة ان يعرب 51% من الأميركيين عن ندمهم وأسفهم تجاه القرار الذي اتخذ لخوض الحرب في المقام الأول‚ هذه الأرقام لا ترقى حتى الآن الى تلك المستويات التي سادت خلال حرب فيتنام ولكن لدينا أسبابنا لإثارة تساؤلات تهمنا‚ \r\n \r\n أهم أسئلة نطرحها هي: ما الذي تقاتل من أجله القوات الأميركية في العراق؟ ما هي افضل نتيجة متوقعة؟ وهل بالإمكان تحقيقها؟ \r\n \r\n تقييم الرئيس بوش قبل أيام حول حصول «تقدم محدود» في العراق كان ايماءة منه على اقترابه من الواقعية ولكنه اصر على «ان العراق سيكون بلدا ديمقراطيا»‚ قد يكون ذلك صحيحا في يوم من الأيام ولكنه ليس صحيحا لا الآن ولا قريبا‚ \r\n \r\n فأفضل سيناريو ممكن التحقيق في ذلك البلد هو وجود نوع من حكومة تمثيلية ذات نكهة اسلامية‚ وحتى مثل هذا مشكوك فيه دون توافر نوع من الأمن الذي غادر العراق منذ غزوناه في مارس 2003‚ لا بد لنا من ان نتأكد من الواقع الحقيقي من خلال ابراز مخاوفنا المباشرة‚ \r\n \r\n هل يجري تدريب العراقيين بصورة مناسبة؟ \r\n \r\n الولاياتالمتحدة تعلق آمالها في استراتيجية المخرج على وجود قوات عراقية تأخذ على كاهلها فرض الأمن والنظام لكن الرئيس بوش أقر في مؤتمره الصحفي الأخير ان هذه القوات ليست مستعدة بعد لذلك الدور‚ فبعض تلك القوات تغر من أرض المعركة مع أول رصاصة تطلق‚ \r\n \r\n وهنا نطرح التساؤل التالي: لماذا أداؤهم سيىء الى هذا الحد؟ وهل بالإمكان معالجة مشكلتهم؟ هجمات المقاومين على المجندين العراقيين تعطي توضيحا جزئيا‚ والمشاكل الفعلية تتراوح ما بين التدريب السطحي السريع واعطاء معلومات مضللة عن القوات العراقية‚ \r\n \r\n هل هناك ما يكفي من القوات الأميركية وهل تتوافر لها حماية كافية؟ هناك حوالي 150 الف جندي اميركي في العراق وهذا الرقم يشمل 20 ألف جندي ارسلوا مؤخرا من أجل توفير الأمن للانتخابات‚ ومع ذلك لا تزال هناك حاجة للمزيد من القوات إذا أخذنا بعين الاعتبار ضعف الجنود العراقيين‚ \r\n \r\n الهجوم الأخير في الموصل لا يمكن ان يقال انه شن على «هدف سهل» اي مجرد خيمة جهزت لتكون قاعة للطعام بل هو هدف صعب يقع داخل قاعدة عسكرية محصنة وليس هجوما على شاحنة او مدرعة بمتفجرات توضع على جانب الطريق‚ \r\n \r\n هذا الحادث أثار تساؤلات عما إذا كانت الجهات المسؤولة عملت ما في وسعها لحماية القوات الأميركية هناك‚ \r\n \r\n ان 30 يناير يشكل بالتأكيد نقطة تحول ولكنه لن يوقف بشكل تلقائي المقاومة او يمنع انزلاق العراق نحو حرب أهلية‚ ان وضع حد للفوضى الضاربة في العراق يتطلب من الإدارة الأميركية ان تكون حازمة وواقعية ولكن ما بدا من هذه الإدارة حتى الآن هو الكثير من الحزم والقليل من الواقعية‚ \r\n \r\n ولو انك طلبت قبل عامين من أحد المحللين الأذكياء ان يصف لك أسوأ نتيجة سياسية ممكنة تتبع أي غزو اميركي للعراق لكانت الاجابة على مثل هذا السؤال هي اقامة نظام يسيطر عليه رجال الدين المحافظون من الشيعة لهم ارتباطات مع ايران المجاورة‚ ان هذا النظام هو ما سنحصل عليه بعد الانتخابات‚ \r\n \r\n ان ايران على وشك ان تحقق نصرا ضخما في العراق مما سيثير غضب وحنق الولاياتالمتحدة‚ في الاسبوع الماضي أعلن قادة التحالف الشيعي العراقي ان قائمة المرشحين سيأتي على رأسها عبدالعزيز الحكيم زعيم «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق» المدعوم من قبل ايران‚ \r\n \r\n وهذه القائمة الشيعية مدعومة ايضا من قبل آية الله السيستاني وهي بالتأكيد ستجد الدعم من قبل الغالبية الشيعية في العراق وبالتالي الحصول على أكبر نسبة من الأصوات الشهر القادم‚ \r\n \r\n من أجل اغتنام الفرصة المتاحة وضمان ادارة شيعية عراقية افضل للانتخابات فإن المخابرات الايرانية تضخ ملايين الدولارات ومئات العملاء الى هذا البلد‚ المخابرات الايرانية ايضا جندت فرقا للاغتيالات يناط بها مهمة قتل المنافسين العراقيين المحتملين‚ هذه الأقوال جاءت على لسان العديد من المسؤولين العراقيين وأخبرني أحد الشيعة العراقيين ان الايرانيين ينظرون الى فرق الاغتيال هذه على انها «بوليصة تأمين» لضمان ان يسود من يدعمونه حتى ولو ادى ذلك الى فشل الانتخابات المدعومة اميركيا‚ \r\n \r\n العراقيون من غير الشيعة يشعرون الآن بخوف كبير مما يجري‚ وقد وصف وزير الدفاع العراقي المؤقت حازم شعلان التحالف السياسي الشيعي بانه «قائمة ايرانية» اوجدها اولئك الذين يريدون لأصحاب العمائم ان يحكموا في العراق‚ والشعلان نفسه شأنه شأن علاوي كان في يوم من الأيام جزءا من شبكة البعث تحت قيادة صدام حسين‚ \r\n \r\n وشعلان وعلاوي يتكلمان باسم ملايين العراقيين الذين لا يريدون ان يروا حكومة في بلادهم على الطراز الايراني ولكنهم لا حول لهم ولا قوة لهم على وقفها‚ \r\n \r\n الكثير من القادة العسكريين الأميركيين في العراق تأملوا ان علاوي وجماعته سيفوزون في يناير ولكنهم بدأوا الآن في تقييم نتائج اي نصر شيعي‚ فمثل هذا الحدث لن يقوي رجال الدين الشيعة فحسب بل سيعمل على تغريب الأقلية السنية وهي على الأغلب لن تكون قادرة على التصويت بسبب استمرار العنف في مناطق السنة‚ \r\n \r\n ومع تصاعد التوترات الطائفية في فترات ما بعد الانتخابات فإن هناك مخاطر من نشوب حرب أهلية حقيقية‚ \r\n \r\n إذا حصل هذا فما هي المهمة العسكرية الأميركية في هذا البلد؟ هل سنقدم على تسليح احدى الجماعات الطائفية ضد جماعة أخرى؟ \r\n \r\n في ضوء هذه المخاطر قد يتبادر لذهن البعض اننا سنحاول التأثير على النتيجة‚ وهذا لن يحصل بسبب اصرار الكونغرس على ان تكون الانتخابات العراقية «ديمقراطية» ما منع بذل أي جهود سرية كان يمكن ان تساعد حلفاء اميركا العراقيين‚ \r\n \r\n هذا قد يعني الكثير بالنسبة لاولئك المتشدقين بالأخلاق في سان فرانسيسكو ولكن ماذا عن القوات الأميركية على الأرض؟ \r\n \r\n تحدثت هاتفيا مع احد القادة القبليين السنة من الرمادي واسمه طلال القاعود ووالده شيخ قيادي في قبيلة الدليم التي لها نفوذ لا يستهان به في منطقة المثلث السني الواقع غرب بغداد‚ \r\n \r\n السيد القاعود حصل على تعليمه الجامعي وعلى الماجستير من احدى الجامعات في كاليفورنيا‚ وحاول نشر الاستقرار في هذه المنطقة بعدة طرق فقد اقترح اقامة قوة أمنية قبلية في اقليم الانباروهي فكرة وجدت دعما من قبل قادة المارينز المحليين ولكن في النهاية جاء الفيتو ضد الفكرة من بغداد‚ \r\n \r\n وبتشجيع من عمان سافر القاعود برفقة 50 قياديا سنيا الى العاصمة الأردنية في نوفمبر من أجل مناقشة مشاكل العراق‚ ولكن الأردنيين ألغوا الاجتماع بعد بدء الهجوم الأميركي على الفلوجة‚ \r\n \r\n القاعود كان يعتقد ان بامكان أميركا خلق عراق افضل ولكن مع مرور الوقت بدأ يفقد هذا الأمل‚ ويقول القاعود «انه وضع مزر‚ ان الشعب العراقي يشعر وكأنه على وشك السقوط في حفرة عميقة‚ ان الأمور لا تتحسن بل تسير من سيىء الى أسوأ‚ والكثير من الناس الطيبين يغادرون البلاد‚ انني اتكلم عن التكنوقراط والقادة القبليين والطبقة الوسطى‚ انني الوم اميركا على اعطائها رجال الدين الفرصة ليتصدروا الأحداث في العراق‚ وانني متأكد من ان امريكا ستندم على هذا الذي فعلته في يوم من الأيام فهذا النظام لا يجدي حتى ولو اعطي من الوقت مائة سنة فإنه لن يجدي»‚ \r\n \r\n الانتخابات العراقية ستجرى وستكون لها نتائج لصالح الشيعة أكثر من غيرهم‚ والمؤرخون في المستقبل سيستغربون مما حدث وهو ان تأتي اميركا من آخر العالم لتضحي بأكثر من 1300 جندي من أبنائها وتنفق 200 مليار دولار من أجل اقامة حكومة عراقية يكون قادتها الأساسيون قد تدربوا في ايران ولهم ارتباطاتهم الخاصة بها‚ \r\n \r\n قد تكون سياستنا نحو العراق مليئة بالنوايا الطيبة ولكن من المنظور الاستراتيجي فهي عربة بلا عجلات غير قادرة على السير والتحرك الى الأمام‚ \r\n