من الواضح ان «الائتلاف» فشل في توفير الامن وفشل ال 138 الف جندي اميركي وال 10 آلاف جندي بريطاني في قمع «التمرد» العراقي‚ والحقيقة ان الاوضاع الامنية لم تكن ابدا في يوم من الايام اسوأ مما هي عليه الآن‚ ليس هناك توقف عن تفجير السيارات المفخخة ونصب الكمائن وهجمات المورتر واخذ الرهائن وقتل كبار المسؤولين العراقيين المرتبطين بالاحتلال‚ \r\n \r\n هل سيكون أداء الحكومة العراقية افضل بعد تسلمها السيادة في أواخر يونيو الماضي؟ هل يمكن لإياد علاوي رئيس الحكومة المؤقت توفير الامن للعراقيين؟ \r\n \r\n يبدو بالتأكيد ان لديه فرصة افضل من سابقيه فهو ينتفع بالشرعية التي اعطيت لحكومته من قبل قرار مجلس الامن رقم 1546 والاكثر اهمية من ذلك ان الولاياتالمتحدة ستستمر في صب الاموال في العراق وحصل علاوي كذلك على اشارات بالدعم من حكومات عربية واسلامية وحتى من بعض الحكومات الاوروبية التي عارضت الحرب الاميركية على العراق فقبل فترة قصيرة بعث الرئيس الفرنسي جاك شيراك برسالة تشجيع‚ ولكن المال والكلمات وحدهما لن يضمنا النجاح‚ \r\n \r\n قبل تسليم السيادة للحكومة العراقية بأيام قليلة قام نائب وزير الدفاع الاميركي بول فولفوتيز المهندس الرئيسي للحرب الاميركية على العراق بزيارة الى بغداد وامضى اربعة ايام وصاحبه في زيارته السير كيفن تينت وكيل وزارة الدفاع البريطانية‚ والهدف من الزيارة كان الموافقة على المبادئ العريضة للاستراتيجية الامنية الجديدة مع علاوي وزملائه المختصين بالامن كوزير الدفاع حازم شعلان ووزير الداخلية فلاح النقيب‚ وتقول المصادر المقربة ان اجواء النقاشات اتسمت بالحدة وفي الوقت الذي كان هناك التقاء على بعض القضايا الا انه كان هناك الكثير من الاختلافات‚ \r\n \r\n الجانب الرئيسي في الاستراتيجية الجديدة التي اتفق عليها الطرفان هو ان العراقيين سيتسلمون في الاشهر القادمة المسؤولية الرئيسية عن الامن من قوات الائتلاف التي سيقتصر دورها على تقديم الدعم‚ فبدل ان تقاتل القوات الاجنبية الثوار فإن العراقيين هم الذين سيقاتلون العراقيين‚ من اجل هذا ستتم اعادة تشكيل الجيش العراقي‚ \r\n \r\n علاوي ذكر علانية في اكثر من مناسبة انه ينظر للقرار الذي اتخذه بول بريمر الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بحل الجيش العراقي بأنه خطأ ويريد علاوي اعادة تشكيل الجيش في اقرب وقت ممكن بادئا بتجنيد قوة يصل قوامها الى 45 ألف رجل سيأتي معظمها من الجيش العراقي السابق ويقول علاوي انه اذا اريد فعلا استعادة الامن فإنه يتوجب على اميركا السماح للعراق باعادة التسلح‚ \r\n \r\n والحقيقة ان علاوي يرغب بتشكيل جيش يبلغ قوامه 250 ألف جندي مع ما يلزمهم من دبابات وصواريخ وطائرات ومدافع رشاشة ثقيلة من جميع الانواع والاشكال‚ وبالطبع فإن مثل هذا البرنامج لا يتفق مع طروحات اسرائيل واصدقائها الاميركيين‚‚ \r\n \r\n ويقال ان بريمر قرر حل الجيش العراقي بسبب الضغوطات التي مارستها عليه اسرائيل بالمقام الاول فبالنسبة لفولفوتيز ورفاقه في صفوف «المحافظين الجدد» فإن الحرب خيضت اولا من اجل إضعاف العراق وتفتيته الى قطع صغيرة لمنعه من تحدي اسرائيل في المستقبل او تعريض المصالح النفطية الاميركية للخطر‚ وليس من المستغرب بالتالي ظهور عدم اتفاق بين علاوي وفولفوتيز خلال المحادثات التي جرت في بغداد حول حجم وتسليح القوة الجديدة‚ \r\n \r\n فولفوتيز يريد وضع سقف للجيش العراقي الجديد وتسليحه فقط بأسلحة خفيفة وهو معني بحرمانه من امتلاك الدبابات والصواريخ والطائرات‚ \r\n \r\n انه يريد ان يكون متأكدا من ان هذا الجيش لن يكون بمقدوره لعب دور اقليمي‚ في المقابل يريد علاوي بناء قوة يعتد بها والحصول بالتالي على الاسلحة الضرورية ووقوع تصادم بين الموقفين شيء لا يمكن تجنبه على المدى القريب والمتوسط‚ وكون اميركا تمتلك المال فانها ستحاول فرض وجهة نظرها مما سيدفع السلطات العراقية لاظهار قدر من التبرم تجاه عنجهية السيد الاميركي‚ \r\n \r\n ليس لاميركا اي خيار فعلي فهي بحاجة الى وجود نوع من الاستقرار في العراق قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في نوفمبر القادم وعلاوي بالنسبة لها هو الامل الوحيد‚ واذا ما فشل علاوي واستمرت المقاومة عند المستويات الحالية فإن الفشل الاميركي سيكون كاملا ولا توجد استراتيجية بديلة تلوح في الأفق‚ \r\n \r\n لقد اختير علاوي ليرأس الحكومة المؤقتة كونه صعب المراس ولا يعرف الرحمة وله خبرة كبيرة في المجال الامني‚ واذا ما اريد لعلاوي القيام بالعمل المنوط به في العراق فإن على اميركا ان تقبل ما هو اكبر بكثير من مجرد اعادة تسليح العراق‚ فهي قد يتوجب عليها نسيان كل ما قالته عن الديمقراطية وحقوق الانسان‚ فمن اجل اخماد المقاومة يتوجب على علاوي اعادة بناء الاجهزة الامنية والاستخبارية واللجوء للاعتقالات العشوائية والتعذيب والاعترافات وغيرها من الوسائل وهي وسائل لجأ الاميركيون الى استخدامها من اجل فرض سيطرتهم على العراق‚ \r\n \r\n ومن اجل المحافظة على ماء وجه اميركا في هذه اللحظات الصعبة فإن الولاياتالمتحدة قد تقبل ان تعيد النظام السابق الذي سعت للاطاحة به ولكن بوجوه جديدة - قديمة موالية لها‚ \r\n \r\n ان الصراع على السلطة في العراق قد بدأ للتو فالشيعة يتناحرون فيما بينهم حول من سيمثلهم والسُّنة الذين سبق ان حكموا العراق ليسوا مستعدين لقبول مواطنة من الدرجة الثانية وقد كشروا عن انيابهم في الفلوجة واماكن اخرى كثيرة استطاعوا خلالها إدماء الانف الاميركي‚ \r\n \r\n والطموحات الكردية اكثر بكثير من ان يقبل اي عربي في العراق ابتلاعها‚ \r\n \r\n ان للجيش العراقي تقاليد وطنية وقومية عريقة يفخر بها‚ واذا اعيد تشكيله فإن قادة الجيش قد يتحركون «من اجل حماية البلاد»‚ هذا الوضع سبق ان عرفته سوريا ومصر ودول عربية اخرى خلال نصف القرن الماضي وليس العراق وحده‚ \r\n \r\n لم تمض ثلاثة أسابيع على تولي إياد علاوي منصبة كرئيس وزراء‚ ومع ذلك انكشفت أساليبه في الحكم فهي تنطوي على التسلط والاستبداد‚ \r\n \r\n واحد الامثلة التي تثير في النفس القشعريرة المرسوم الذي اصدره علاوي الاسبوع الماضي والذي يمنح فيه نفسه الحق في ممارسة سلطات الاحكام العرفية في اي مكان يراه مناسبا في العراق‚ وكرئيس وزراء مؤقت فإن علاوي يرأس حكومة تسيير غير منتخبة مهمتها الاساسية توجيه العراق نحو انتخابات حرة في يناير المقبل ولذا فإن تحضير علاوي لفرض الاحكام العرفية ليست بالبداية الجيدة‚ \r\n \r\n وعلاوي المسلح بسلطات الاحكام العرفية وبالاستقواء بقوات الاحتلال الاميركي يريد اعادة قوات الامن السابقة الى ثكناتها بشكل يمكنه من قمع الديمقراطية العراقية قبل ان تولد‚ \r\n