والآن بات ما يربو على 80 % من سكان ليبيريا يعيشون تحت خط الفقر، كما تصل نسبة الباحثين عن عمل إلى 85 % من إجمالي عدد السكان من بينهم آلاف المحاربين القدامى لا يصعب عليهم اليوم الحصول على السلاح . \r\n وعلى الرغم من ذلك فحماس الليبيريين تكاد لا تخطئه العين مع وصول نسبة المسجلة أسماؤهم للمشاركة في الاقتراع إلى 90 % بالإضافة إلى آلاف المقيمين في الخارج ممن عادوا أدراجهم للمشاركة في العملية الديمقراطية . وفي الوقت الذي يتوقع قلة من الناخبين والمحللين السياسيين ان تكون انتخابات اكتوبر عصا سحرية تحمل معها العلاج من تلك الأزمة العضال ، غير أننا يمكننا القول بان هذه الانتخابات قد تكون حجر الزاوية الذي تنطلق منه عملية بناء صرح نهضة جديدة. \r\n ومن أسف أن تلك الانتخابات سوف تظل عقيمة الجدوى طالما بقي تشارلز تايلور مطلق السراح . فمنذ أن قبلت نيجيريا لجوء تايلور إليها ضمن اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم توقيعه في أغسطس 2003 لم يتوقف قائد الحرب السابق ورئيس ليبيريا المخلوع عن التدخل في شئون بلاده وفي السياسات الإقليمية. \r\n وتقول مجموعات حقوق الإنسان ان تايلور قد ساعد في إزكاء أعمال شغب قاتلة في مونروفيا في اكتوبر 2004 وقام بالتخطيط لاغتيال رئيس غينيا لاناسانا كونت في يناير 2005 إلى جانب دعمه 36 مجموعة على الأقل تطالب بالاستقلال في غرب إفريقيا من بينهم قوات عسكرية صغيرة تقوم بتنفيذ عمليات مباغتة . \r\n وهذه المجموعات تدعي أن تايلور نفسه يمارس نفوذا كبيرا على ال 22 مرشحا لمنصب الرئاسة ، كما قام عدد من الجنرالات السابقين ممن عملوا مع تايلور - يقال ان ذلك بناء على أوامر منه - باستخدام جنودهم السابقين في شن عمليات عصيان مسلح في ساحل العاج وغينيا وهو ما أسهم في زعزعة استقرار منطقة ملتهبة بالصراع في الأصل. \r\n وليس هناك محكمة جرائم حرب في ليبيريا يمكن أن يمثل أمامها تايلور متهما بالانتهاكات التي اقترفها ضد أبناء شعبه ، غير أن هناك محكمة في سيراليون المجاورة. \r\n وكانت المحكمة الخاصة التي جري تكوينها في سيراليون عام 2002 قد أصدرت قرار اتهام ضد تايلور في يونيو 2003 ضمنته 17 جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية. وذكر أن تايلور يتحمل أكبر المسؤولية عن دوره في تكوين وتمويل وتسليح الجبهة الموحدة الثورية في سيراليون وهي عبارة عن تجمع من المتمردين والمرتزقة وجنود صبيان تميزوا خلال فترة الحرب الأهلية التي استمرت 10 سنوات في سيراليون بارتكابهم جرائم عنف جنسي وقتل وتشويه . والآن أصبح تايلور المتهم رقم 1 أمام المحكمة ، وبدون مثوله أمامها لن يكون لها جدوى . \r\n وحتى الوقت الراهن يرفض أولوسيغون أوباسانجو رئيس نيجيريا تسليم تايلور لمحكمة سيراليون على الرغم من المجموعة الضخمة من القرارات والاتهامات التي أصدرها الكونغرس الاميركي والبرلمان الأوروبي ومجموعات حقوق الإنسان وقادة الدول المجاورة . ويردد أوباسانجو قوله أنه ملتزم ببنود الاتفاق الذي تم توقيعه والذي انتهى بوجود تايلور في نيجيريا ومن ثم فهو يرفض الاتهامات الموجهة إلى ضيفه ، على الرغم من أنه حال ثبوت الاتهامات الموجهة لتايلور فإنها سوف تبطل الاتفاق الذي منح بمقتضاه حق اللجوء السياسي. \r\n وقبل وقت قصير قام عملاء خدمة استخبارات أمن الدولة في نيجيريا بإلقاء القبض على شخصين في مطار أبوجا لحيازتهما ملصقين كتب عليهما (مطلوب القبض على : تشارلز تايلور) . وقد احتجز هذين الشخصين ثلاثة أيام وهما يعملان مع (التحالف ضد الحصانة ) وهي مجموعات غير حكومية من مختلف دول العالم تكرس جهودها لتسليم تايلور بوصفه متهما إلى حكومته. \r\n ومهما يكن الحكم الذي قد تصدره المحكمة الخاصة فإنه لن يشفي تلك الجراح الغائرة التي خلفتها جرائم إزهاق أرواح أعداد تفوق الحصر في ليبيريا وسيراليون غير أن وضع تايلور في قفص الإتهام امام القضاء ربما يسهم على الأقل في كبح جماح نفوذه إلى جانب أن مثل تلك المحاكمة ستمثل دفعة جديدة للدماء في عروق العدل وإيمان الأفراد بوجوده . \r\n وطالما ظل تايلور مطلق السراح بعيدا عن قبضة العدالة لن يتسنى للانتخابات في ليبيريا أن تكون حرة أو عادلة ، بيد أنها بالأحرى ستكون مسرحية هزلية. \r\n كين شولمان \r\n عمل باحثا في كلية جون كنيدي لنظم الحكم في جامعة هارفارد عامي 2003 و 2004 \r\n خدمة انترناشونال هيرالد تريبيون خاص بالوطن