\r\n \r\n لكنها كانت نافعة، على الأقل، كي يوسع بوش مفهومه عن «الحرب ضد الإرهاب»، الذي أطلقه ، بأهواء صليبية، اثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وفي استعراضه أمام الجمعية العامة، دمج مسألتي محاربة الفقر وإشاعة الديمقراطية كأسلحة أهميتها تضاهي أهمية القوة العسكرية. \r\n \r\n \r\n جاء ليقول عبارات ضد الإرهاب ومع التطوير ، معترفا بأن البؤس هو البيئة الملائمة لتطور الإرهاب. وبدا للوهلة الأولى وكأنه يتفق مع دوفيلبان، العائد من الأممالمتحدة ، الذي ذكر بأنه من غير الممكن القضاء على الإرهاب ذي الجذور الإسلامية بضربة صاروخ أو في حال لم يستند استخدام القوة إلى الشرعية الدولية . \r\n \r\n وذلك يتمتع بأهمية خاصة بالنسبة للمجتمع الأوروبي، الذي تلقى ضربات قاسية في مدريدولندن، لاسيما وأن التهديد الإرهابي بات أكثر جسامة بعد العراق ، ولن يختفي على الفور وسيضع على المحك القدرة على مجابهته انطلاقا من احترام القيم الديمقراطية للمجتمع الأوروبي . \r\n \r\n ولذلك،فان قضية الحرية والأمن ستكون في قلب النقاش العام، مع تبعات مهمة فيما يتعلق بسياسات الهجرة والتكامل الاجتماعي،وهو نقاش كان حاضرا في الاجتماع الأول للبرلمان الأوروبي بعد الصيف . وزير الداخلية البريطاني، كلارك، طلب دعم النواب الأوروبيين لبرنامجه الخاص بتعزيز الأمن الأوروبي ، لكن هؤلاء ذكروه بأن تلك المعركة لا يمكن أن تشن مقابل التضحية بحقوق الإنسان ودعوه للنضال أيضا ضد الانتهاكات التي ولدت مأساة موت الفتى البرازيلي مينيزيس في مترو الأنفاق في لندن . \r\n \r\n إن أحدا لا يستخف بمدى التهديد الإرهابي بالنسبة لأوروبا ، فلا يمكن نسيان المشاهد الرهيبة لاعتداءات نيويورك وبالي والدار البيضاء ومدريد وشرم الشيخ ولندن ، وإن أحدا لا يجهل ضرورة تعزيز التعاون السياسي والقضائي لتفكيك الشبكات الإرهابية ،لأن أي بلد لن يتمكن بمفرده من التصدي لهذه المهمة. \r\n \r\n لكن أمام تأكيد السلطات البريطانية ،تم في البرلمان الأوروبي التذكير بأن حقوق الإنسان هي حقوق فردية غير قابلة للتجزئة والمساومة، كما أن المشتبه بتورطهم بالإرهاب يتمتعون بتلك الحقوق أيضا، فالحرية والأمن لا يمثلان أمرين متناوبين ،وإنما يسيران معا ،بحيث يسمح احدهما بوجود الآخر. وعلى هذا النحو تم فهم الشروح والتفسيرات، فإن الأمر يبدو على الشكل التالي: «من يريد جعل حريته مسألة مضمونة ،فعليه حماية حتى أعدائه من الاضطهاد، ذلك أنه إذا انتهك هذا الواجب ، فإنه يثبت سابقة ستطاله هو نفسه ذات يوم». \r\n \r\n لذلك، فإن الاجراءات الخاصة بالدفاع عن الأمن يجب أن تكون مناسبة ويمكن السيطرة عليها وقائمة على القيم التي ترشد أنظمتنا الديمقراطية، من هذاا لمنظور يجب تقويم المقترحات البريطانية، التي يتطلب أحدها حتى تعديل المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950، وبعضها يشير الى عملية الحجز والاحتفاظ بمعلومات الاتصالات الالكترونية «مكالمات هاتفية، بريد الكتروني» وأنظمة جديدة لتبادل المعلومات «تأشيرات موحدة» وتضمين معلومات احيائية «بصمات الأصابع وقزحية العين» في رخص القيادة.. الخ. \r\n \r\n في شهر يونيو، رفضت لجنة الحريات العامة مقترحاً لقرار إطار للمملكة المتحدة وفرنسا وايرلندا والسويد يجبر شركات الاتصالات الهاتفية على الاحتفاظ بكل المعلومات التجارية الخاصة بالزبائن لمدة ثلاث سنوات. وجاء ذلك الرفض لأن ذلك المقترح يتضمن التزامات غير ملائمة ولم يضمن بصورة كافية الحريات المدنية ولم يسمح بالمشاركة في تبني هذه الإجراءات ضمن الأطر التشريعية. \r\n \r\n وكان من الممكن لهذا الوضع ان ينتهي الى معركة قضائية جدية بين المؤسسات الأوروبية، لكن لحسن الحظ يبدو أنه من الممكن الحيلولة دون وقوع هذا النزاع، بعد الاتفاقات التي توصل اليها مجلس وزراء الداخلية في نيوكاسيل الذي تبنى استراتيجية عمل مع البرلمان الأوروبي تتيح التوصل الى اتفاقات في هذا السياق قبل نهاية العام الجاري. \r\n \r\n أوروبا بحاجة الى سياسة ضد الإرهاب أكثر شرعية وأكثر مصداقية وفاعلية، وذلك يتطلب مشاركة أوسع لبرلمانها وتطبيقاً أسرع للاتفاقات، حيث يلاحظ ان سبعة من أصل 24 من المستندات المتفق عليها من قبل وزراء الداخلية في مايو الماضي لم يتم إلحاقها بعد في جميع الدول وأن ستة من اتفاقات الاتحاد الأوروبي في هذا الميدان مازالت موضوعة على طاولة المجلس وان منظمتي ال «يوروبول» وال «يوروجيت» مازالتا لا تملكان قدرة حقيقية على العمل، \r\n \r\n حيث ينبغي طرح الحرب ضد الإرهاب بمفاهيم الفاعلية والاستباقية، ملتزمين بذلك، بما تم الاتفاق عليه وواضعين قيد التنفيذ وبدون تهرب السيطرة البرلمانية والقضائية.ومن أجل ضمان أمننا، فإن يتعين علينا ان نكون حذرين أيضاً من نزعة غربية تؤكد على تفوق الحضارة الغربية ولا تتزحزح أمام المظالم والاستبداد والاضطهاد المنتشر عبر العالم، بما في ذلك أبو غريب وغوانتانامو، مما يساهم في تغذية ذرائع إرهابيين مستقبليين، وبما ان احترام حقوق الانسان يشكل قاعدة هويتنا الأوروبية، \r\n \r\n فإنه سيكون مدعاة للتناقض والغرابة ان يكون جيلنا الذي ناضل لزمن طويل من أجل الحرية في أوروبا ديمقراطية، هو الجيل الذي يحد من تلك الحرية والجيل الذي ينكر على الأجيال القادمة مستويات من الحرية الحقوق تجعل من أوروبا نموذجاً في العالم. \r\n \r\n