ولئن كان تعاطفنا وتفهمنا مازالا مستمرين إزاء عائلات ضحايا حرب العراق، ومرارة الألم التي تتجرعها الأسر المكلومة، فإن عديداً منا لم يخض تجربة الحرب، وبالتالي لم يتعرض لتحدي فقدان أحد الأقرباء جراء عمليات إرهابية. \r\n وبالطبع فإن كل تلك الأهوال المتمثلة في الفيضانات والحرائق، ثم النزوح الجماعي من المدن الواقعة على طول ساحل تكساس ولويزيانا، بالإضافة إلى القتلى وخيام إيواء المشردين لم تكن نتيجة للإرهاب، بل جاءت نتيجة لعناصر الطبيعة. ولا يعني ذلك أن \"القاعدة\" لن تشمت في أميركا، كما فعل أسامة بن لادن عقب 11 سبتمبر، أو أنها لن تسعى إلى إلحاق أذى مماثل داخل الأراضي الأميركية، بل إن الهدف الرئيسي لكل إرهابي هو خلق جو من الهلع والفوضى لدى شريحة واسعة من السكان من أجل النيل من صمودها، وإضعاف روح المقاومة لديها. والآن مع انقضاء أكثر من أربع سنوات على أحداث 11 سبتمبر يحق لنا أن نطرح أسئلة من قبيل هل نحن مستعدون لمواجهة هجوم إرهابي بحجم إعصار كاترينا؟ هل نستطيع إخلاء ثلاثة ملايين مواطن من المناطق الحضرية في حالة التعرض لعمل إرهابي كبير؟ وماذا عن هؤلاء الذين سيتركون وراء ظهورنا عاجزين عن مساعدة أنفسهم؟ ومع كل الإنجازات التي تحققت بعد 11سبتمبر، إلا أنني لست متأكداً من مدى قدرتنا على التصدي لعملية إرهابية كبيرة ومواجهتها بشكل أفضل مما قمنا به في إعصار \"كاترينا\". \r\n لقد أظهر إعصار \"كاترينا\" بشكل واضح التراخي الذي رافق معالجة الأزمة، بالإضافة إلى الفوضى في تقاسم المسؤولية بين الجهات الاتحادية والوكالات المحلية، مما فاقم من الوضع المتدهور وبدد الجهود. ولئن كان الاستعداد لإعصار \"ريتا\" أفضل بكثير، إلا أن الفوضى لم تختفِ تماماً، بل استمرت خصوصاً خلال عمليات إخلاء ثلاثة ملايين من البشر علقوا بسياراتهم على الطرقات. والملفت فعلاً أنه طيلة الفترة السابقة كانت العديد من الأصوات النافذة تتعالى محذرة من عدم الاستعداد الجيد لمواجهة الأزمات مطالبة الهيئات الحكومية بضرورة التحرك السريع للتصدي للكوارث، واعتبارها حالة حرب تستدعي استنفار الجهود كافة. وحتى قبل 11 سبتمبر وجهت اللجنة الأميركية للأمن القومي، التي كان يترأسها السيناتور وورن رودمان، تحذيراً طلبت فيه إلى السلطات تعزيز الجوانب المدنية للأمن الداخلي. ومازالت نفس اللجنة تكثف مطالبها للحكومة بضرورة تدريب الحرس الوطني وتزويده بالعتاد المناسب حتى يتمكن من مواجهة الكوارث سواء كانت نتيجة للإرهاب أم للطبيعة. وواصل السيد \"رودمان\" الذي ترأس بعد أحداث 11 سبتمبر مجلس العلاقات الخارجية تحذيره للحكومة مؤكداً أنه حتى بعد مرور سنة على 11 سبتمبر فإن \"أميركا مازال ينقصها الاستعداد الجيد لتفادي الهجمات الإرهابية أو الاستجابة لها على نحو فعال في حال وقوعها\". \r\n وفي سنة 2003 ترأس السيد \"رودمان\" مرة أخرى مجلس العلاقات الخارجية في الكونجرس، ومن خلال مراقبته لمدى استعداد الهيئات الحكومية لمواجهة العمليات الإرهابية، خصوصاً الشرطة والدفاع المدني، ثم الكوادر الطبية، لاحظ وجود عجز حاد لدى بعض الهيئات في القدرة على التدخل السريع. وحسب رأيه يرجع ذلك العجز إلى نقص التمويل، وعدم وجود الإمكانات اللازمة لتحمل الأعباء الملقاة على عاتق الوكالات الحكومية المختلفة. وللتقليل من حالة عدم الاستعداد اقترح \"رودمان\" مجموعة من الإجراءات مثل توفير التمويل الضروري للهيئات الحكومية، وإحداث رقم مجاني للطوارئ، ثم إخضاع أفراد الإغاثة للتدريب الملائم. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"