ويثير التوسيع المقترح لحصول ما يحب ان يسميه البيت الابيض »اكبر دولة ديمقراطية في العالم«, على التقنيات النووية, تساؤلات حول التأثير المحتمل لذلك على بلدان اخرى ذات طموحات ومخططات نووية لتبوؤ مكانة دولية. \r\n \r\n ويصّح هذا الكلام على نحو خاص بينما يأتي هذا الاعلان قبل ايام فقط من عودة الاتحاد الاوروبي الى المفاوضات مع ايران لوقف برنامج تسلحها النووي, وقبل المباحثات السداسية التي ستستأنف في بكين حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية. \r\n \r\n يقول بعض المحللين, لعل الاهمية الابرز لهذا المخطط تكمن فيما يفصح عنه بأنه جيوسياسة القرن الحادي والعشرين, وبخاصة رؤية ادارة بوش لاسلوب التعامل مع الصين. وفي هذا الصدد, يرى جوزيف سيرينكيون, رئيس »مشروع حظر الانتشار النووي« لدى مؤسسة كارينجي الخيرية للسلام العالمي, »ان جوهر هذا الاعلان يتمثل فيما تحيطنا به علما للاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة, وان ما يجري هنا في الولاياتالمتحدة هو استعداد لنزاع كبير مع الصين, ولاقامة تحالف معاد لها. وفي اطار هذا السيناريو, تغدو الهند ذات قيمة اعظم, ان هي كانت دولة نووية, منها لو كانت دولة غير نووية«. \r\n \r\n ومع هذا, فان خطة البيت الابيض, التي ستتيح للهند فرصا اوسع للحصول على التكنولوجيا العالمية لصناعتها النووية, مقابل سماح الهند ببعض عمليات التفتيش الدولية عليها, ما تزال تواجه بعض العقبات. ذلك من المتوقع لها ان تلقى معارضة شديدة من جانب الكونغرس الامريكي, وكذلك من دول نووية اخرى التي سيكون لها كلمتها في هذا الشأن, تماما كما هي للولايات المتحدة. \r\n \r\n وبرأي بعض الاختصاصيين, فمن المؤكد ان تمحو هذه الخطة, وربما تقضي تماما على عقود من الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي, لصالح معالجة طارئة, وحالة بحالة, الامر الذي تصير بمقتضاه مكافأة بعض البلدان ومعاقبة غيرها. فيقول سيرينكيون, »هذه خطة تنتقي اناسا صالحين واخرين اشرارا, وتبين عن ان الامر الهام هو سياسة القوة, وليس مبادئ حظر الانتشار النووي«. \r\n \r\n ولكن هذه الخطة بالنسبة لاخرين تعكس تقييما واقعيا لكل من تفجير الاحتياجات الدولية للطاقة, لسجل تعامل الهند المسؤول مع التكنولوجيا النووية. يقول سيليغ هاريسون, مدير »برنامج اسيا« بمركز السياسة الدولية في واشنطن, »نعم, هذه خطة تنظر الى الهند على اساس فردي, لكنها في الوقت ذاته تكافئ بلدا يستحق ذلك لادائه السليم جدا في ميدان الانتشار النووي. وهي بهذا المعنى تعكس تغيرا مرغوبا في سياسة الولاياتالمتحدة«. مضيفا بأن هذا التحول الامريكي سيثير احتجاج الباكستان, لكن الولاياتالمتحدة تملك الرد على الاحتجاج على المعاملة الخاصة للهند, وهو: أ.ق.خان, مشيرا بذلك الى »أب« البرنامج النووي للباكستان, الذي اقام بازارا نوويا سريا. \r\n \r\n ومما لا شك فيه ان نظرة الولاياتالمتحدة الى الهند »كشخص طيب« تتزايد, وذلك على نطاقين: جنوب اسيا والشؤون الدولية. وقد اشار الرئيس بوش الى »قيمنا المشتركة« خلال زيارة سينغ الى البيت الابيض, يوم الاثنين, في حين قال مسؤولون في وزارة الخارجية ان التوافق بين الجانبين يشير الى الطريق الذي ستؤول اليه العلاقات الامريكية - الهندية في العقود التالية. \r\n \r\n وشدد رئيس الوزراء الهندي في خطابه امام الكونغرس, يوم الثلاثاء الماضي, على سجل الهند في حرصها على عدم الانتشار الخطير لتكنولوجيتها النووية, مطمئنا اعضاء الكونغرس بان الهند »لن تكون ابدا مصدرا لنشر التكنولوجيا النووية«. ويقول هاريسون ان الولاياتالمتحدة ستتحقق من, وتدقق في الشذوذ الحاصل في النظام الدولي »البالي« لحظر انتشار الاسلحة النووية, الذي يسمح لها ببيع التكنولوجيا النووية المدنية الى الصين, ويحظر بيعها الى الهند. \r\n \r\n على ان خطة البيت الابيض لا تعترف رسميا بالهند كدولة نووية, غير ان بعض النقاد يقولون انها تعترف حقيقة بالامر الواقع. فيقول كارل إندرفورث, نائب وزير الخارجية السابق لشؤون جنوب اسيا في عهد الرئيس كلينتون, ان الخطة ستثير الجدل بين العديدين من خبراء حظر الانتشار النووي و داخل الكونغرس ايضا. \r\n \r\n ويضيف الى هذا ويقول »تلكم هي الدعوة الصحيحة بالنسبة لنا وللعالم حقا. وهي الطريق الذي سيدخل الهند في نظام حظر الانتشار النووي الدولي, بدلا من تركها خارجه«. ويمضي هاريسون ويقول, فبينما يدل الاتفاق النووي على تفكير جديد في العلاقات الامريكية - الهندية, الا انه لا يعني تماما فتح صفحة جديدة في الشراكة بينهما, اللهم الا اذا كانت الادارة راغبة في المضي في تنفيذ الخطة, وفي اقناع الكونغرس بحيثياتها. فهذا هو اختبار صبغة عباد الشمس بالنسبة للهنود, كما لغيرهم ايضا, وذلك من حيث فيما اذا كانت الولاياتالمتحدة جادة حقا في ان تنظر الى الهند كلاعب رئيس وصاعد في الحسابات الدولية«. \r\n \r\n لا شك في ان الصين ستراقب المدى الذي ستنحو به الولاياتالمتحدة في هذه العلاقة. وكذلك سيكون الحال بالنسبة لاوروبا, وبخاصة الاتحاد الاوروبي الذي لا يرى الى ظهور التحدي الصيني من الزاوية ذاتها التي تنظر بها الولاياتالمتحدة, ولكنه اوقف مبيعاته من الاسلحة الى الصين تجاوبا مع دواعي القلق الامريكية منها. \r\n \r\n ويقول خبراء ان من الواضح ان الصين تشكل عاملا من عوامل الحسابات الامريكية ازاء الهند, غير ان اخرين يحذرون من ان الولايات لن تكسب الكثير ان هي اقامت علاقات مع الهند على اساس ثقل مواز لدولة اخرى صاعدة. \r\n \r\n في هذا الصدد, يقول اندرفورث, الاستاذ بجامعة جورج واشنطن حاليا »اعلم ان العديد من الناس مشغولون في ابتداع السيناريوهات الخاصة بالهند كثقل مواز للصين, وفي الانضمام الينا في مواجهة دولة صاعدة, لكن علينا ان نكون حريصين على عدم الوقوع في الشرك المثلث الاضلاع«. ان القضايا التي تواجهها الدول في العالم, من الفقر حتى انتشار الاسلحة النووية لا تقوى اية دولة بمفردها على معالجتها, \"لهذا, فنحن بحاجة لان نقيم علاقات مع الدولتين كليهما, ولان نعمل بروح التعاون وليس بروح التنافس\".