\r\n وبتشجيع منا سوف تختار الكثير من الدول لنهج الديمقراطية واقتصاد السوق من خلال تفعيل ثقافتها الخاصة وبالطبع البعض الآخر سيسير في طريق مختلف تماما لبعض الوقت وربما إلى اجل غير مسمى‚ حيث هناك العديد من العوامل التي ستوثر في خياراته مثل الخلافات العرقية والفقر والتقاليد الدينية والتاريخية‚ \r\n \r\n ستسير أميركا في طريق محفوف بالمخاطر عندما تحاول وبصورة نشطة تنصيب حكومات ترتكز على قيمنا نحن‚ في اجزاء أخرى من العالم‚ \r\n \r\n إنه لأمر عظيم ان نأخذ بسياسة خارجية تشجع القيم الديمقراطية‚ ولكن الأمر يختلف تماما عندما نحاول الحصول على نتائج في هذا الميدان من خلال استخدام القوات العسكرية‚ \r\n \r\n يبدو ان الكثيرين في إدارة بوش اعتقدوا ان القيام بغزو العراق من اجل الاطاحة بصدام ستترتب عليه نتائج تلقائية في تحول العراق ومعظم دول الشرق الأوسط إلى الديمقراطية‚ \r\n \r\n ان المفهوم الخاص المتعلق بالتدخل في شؤون الدول الأخرى لبناء مجتمع يقوم على مقاييسنا ليس أمرا جديدا فالديمقراطي والليبرالي من وجهة النظر الأميركية لديه واجب يدعوه للتدخل في الدول الأخرى إذا ما حدث فيها خروقات فاضحة لحقوق الإنسان ويتحمل مسؤولية معارضة ذلك والتخلص من رئيس تلك الدولة إذا كان ذلك ممكنا‚ \r\n \r\n هذا التنظير تطور بسرعة من مهمات «حفظ السلام» إلى مهمة «حفظ السلام» و«بناء الدول»‚ \r\n \r\n فلقد تحركت إدارة كلينتون للتدخل في البوسنة في منتصف التسعينيات وكان ذلك مثالا صارخا‚ على الفشل‚ ففي البداية كان الهدف هو وقف عمليات التطهير العرقي الصربية ضد البوسنيين وتطور إلى هدف آخر اقرب منه لقصص الخيال العلمي وهو اقامة مجتمع «متعدد الاعراق» يسوده التعايش السلمي بين ثلاث مجموعات هي البوسنيون والكروات والصرب وهي مجموعات لها تاريخ طويل في العداء المتبادل الذي لا حدود له‚ \r\n \r\n يجب علينا الا نتردد في اللجوء إلى العمل العسكري بهدف حماية الارواح البشرية‚ إذا ما كانت تلك الارواح مهددة باخطار أمنية ومباشرة‚ فعلى سبيل المثال كان القرار القاضي بعدم التدخل لمنع وقوع جرائم إبادة الجنس البشري في رواندا يمثل فشلا رئيسيا لنا ولغيرنا في العالم‚ \r\n \r\n ولكن يجب الا يطغى علينا الفضول والاغواء من اجل التدخل للاطاحة بأنظمة «شيطانية» واستبدالها بأنظمة تعمل بحكومات شبيهة بما لدينا‚ ليس لأن هذا الهدف لا يستحق ان نسعى من اجل تحقيقه بل لانه وبكل بساطة لن يكتب له النجاح‚ \r\n \r\n الأكثر من ذلك أننا إذا ما سعينا إلى تحقيق هدف طموح مثل تغيير النظام وبناء أمة في بلد ما علينا ان لا نعتمد في ذلك على القوة المسلحة بدلا من الدبلوماسية والتجارة‚ والمساعدات الاقتصادية‚ \r\n \r\n ان العسكرية الأميركية التي تعد الافضل في العالم اجمع بنيت واقيمت من اجل كسب الحروب‚ ومن الممكن ان نطلب من قوات المارينز الحاق الهزيمة بغرق الحرس الجمهوري أو تدمير المعاقل القوية للمتمردين في الفلوجة‚ ولكن ليس من عمل القوات المسلحة الأميركية المحافظة على الأمن الداخلي وعقد تحالفات سياسية وإدارة انظمة المياه والمستشفيات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والمدارس‚ ان هذه الأمور ليست أجزاء رئيسية من تلك المهمة أو التدريب الذي حصلت عليه تلك القوات‚ \r\n \r\n ان اعادة تشكيل قواتنا العسكرية للقيام بأنشطة يسميها البنتاغون «عمليات الاستقرار والأمن» ستتم على حساب القدرات القتالية لقواتنا وعلى حساب تحويل الكثير من المصادر التي نحتاجها بصفة أساسية لبناء الدولة التي غزيت‚ \r\n \r\n إذا ما اردنا التأثير على سلوك الدول والشعوب الأخرى فانه سيكون من الافضل بالنسبة لنا الربط بين شيئين وهما الدبلوماسية واستخدام الادوات الاقتصادية‚ \r\n \r\n حتى كوريا الشمالية رأت في وقت من الأوقات فوائد في كبح برنامجها النووي ولو بصورة انتقائية أو مؤقتة وذلك من اجل الحصول على منافع اقتصادية‚ ضمن إطار تم الاتفاق عليه في 1994‚ \r\n \r\n المثل الأخير الاحدث في هذا المجال هو تراجع ليبيا عن برامجها السرية لصناعة اسلحة الدمار الشامل‚ ويبدو ان السبب الرئيسي الذي دفعها لذلك هو المنافع الاقتصادية بالدرجة الأولى‚ \r\n \r\n رحيل نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بعد وقوعه تحت طائلة العقوبات الدولية اظهر ان بامكان النشاط الاقتصادي تحقيق الكثير من الأمور بفاعلية أكبر بكثير من العمل العسكري‚ \r\n \r\n اين يتركنا هذا الأمر في العراق؟ \r\n \r\n هناك وجهة نظر سائدة في أوساط الكثير من الفئات الأميركية حتى تلك التي عارضت الغزو تقول ان لدينا مسؤولية اخلاقية في الابقاء على قواتنا‚ حيث هي إلى ان يتم تحقيق حد ادنى من الظروف الملائمة مثل درجة ما من الأمن للشعب العراقي واقامة حكومة تمثيلية مستقرة واعادة تعمير جزئية للبنية التحتية المدنية‚ \r\n \r\n الانسحاب الفوري لا يعتبر واردا بالنسبة لمعظم الجمهوريين والديمقراطيين لانه من الصعب الانسحاب من العراق وتركه على درجة من السلام المضعضع الذي لن يشكل سوى دعوة للمزيد من القلاقل وعدم الاستقرار في المنطقة ككل‚ وعليه فان التوقعات تشير إلى اننا سنبقى في العراق لعدة سنوات قادمة‚ ولكن بوجود عسكري اقل من الوجود الحالي مع انفاق مبالغ ضخمة لا تقل عن مليار دولار في الاسبوع الواحد والتضحية بحياة عشرة إلى عشرين قتيلا وجريحا في الاسبوع في الوقت الذي نعمل فيه على تحقيق حد ادنى من الأهداف من اجل الانسحاب‚ \r\n \r\n هذه النظرة تعتبر تقليدية وهي تتجاهل سؤالين مهمين: \r\n \r\n السؤال الأول: إلى أي درجة ستتضرر المصالح الأميركية في العالم العربي بسبب استمرار الوجود الأميركي في العراق؟ \r\n \r\n السؤال الثاني: إلى أي درجة يؤثر وجودنا في العراق على قدراتنا في التعامل مع تحديات أمنية أخرى مثل تلك التحديات التي تمثلها كوريا الشمالية وايران والإرهاب الدولي؟ \r\n \r\n ان أولئك الذين يجادلون في ضرورة البقاء في العراق كون الانسحاب المبكر قد يلحق الضرر بالمصداقية العالمية للولايات المتحدة يجب ان يأخذوا بعين الاعتبار امكانية الفشل في تحقيق اهدافنا في العراق وهذا لن يؤثر علينا وعلى مصالحنا في هذا البلد فقط‚ ولكنه سيؤثر على مصداقيتنا على طول الخط مع الآخرين‚ \r\n \r\n لا اعتقد اننا نحرز أي تقدم حقيقي في اتجاه تحقيق أي من الاهداف الرئيسية في العراق‚ \r\n \r\n في بعض الأيام نحصل على الشعور بحدوث تقدم وتحسن في المجال الأمني ونفس هذا الشعور يعطي لدينا إذا ما رأينا ان هناك أداء افضل للحكومة العراقية‚ ولكن مع استمرار التمرد هناك امكانية للعودة إلى المربع رقم (1) في أي وقت‚ \r\n \r\n بعد سقوط بغداد تم اتخاذ قرار متسرع بحل الجيش العراقي مما خلق أوضاعا أمنية مستحيلة‚ الذي حدث هو ظهور فصائل عرقية معادية لبعضها البعض تدعمها وحدات عسكرية مسلحة وشعب يدعم كل هذا التوجه الفوضوي‚ ليس بالامكان قهر واخماد التمرد بسهولة على يد أي من القوات الأميركية أو قوات الأمن العراقية غير الناضجة‚ الوضع ايضا لن يتحسن حتى ولو تم اشراك الأممالمتحدة والناتو والحلفاء الأوروبيين واليابان‚ \r\n \r\n ان افضل استراتيجية بالنسبة لنا الآن هي وضع خطة للانسحاب السريع تتضمن عناصر جيدة التحديد في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادات‚ \r\n \r\n من الناحية السياسية يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تعلن عن نيتها في سحب قواتها وتحض الحكومة العراقية وجيران العراق على الاعتراف بالمصلحة الاقليمية المشتركة بالسماح للعراق بالتطور السلمي دون تدخل خارجي من اي طرف‚ \r\n \r\n الانتخابات العراقية التي ستتم بعد اقرار الدستور الدائم والمخطط لها في 15 ديسمبر تعتبر تاريخا مناسبا للبدء بالانسحاب‚ \r\n \r\n من الناحية العسكرية يتوجب علينا اعداد جدول زمني لتخفيف العمليات يكون على درجة من المرونة بحيث لا يعطي اية مزايا تكتيكية للمتمردين‚ علينا كذلك ان نخطط للابقاء على استمرار الاجراءات التي سبق وان اخذنا بها مثل وجود مناطق حظر الطيران وجمع المعلومات الاستخبارية والاحتفاظ بقوة اقليمية للتدخل السريع‚ \r\n \r\n من الناحية الاقتصادية علينا ان نحدد مقدار المساعدة التي نحن مستعدون لتقديمها للعراق طالما بقي على الطريق السلمي‚ ويفضل ان تمتد هذه المبادرات الاقتصادية لتشمل الدول العربية التي تخدم مصالحنا‚ \r\n \r\n بالطبع هذه الاجراءات ليس بمقدورها ان تضمن وجود عراق آمن وديمقراطي بعيدا عن السيطرة الخارجية‚ ولكنها يمكن ان تكون الخطوات الأولى في استراتيجية تخدم المصالح الحقيقية للولايات المتحدة على المدى البعيد في الشرق الأوسط وفي الخليج‚ \r\n