\r\n لقد احتلت الطاقة النووية مكانة رئيسية بدلا من الاسلحة النووية في النظام الجديد للعلاقات الاميركية الهندية، التي اصبحت الآن ضرورية للتوصل لإجماع في مرحلة ما بعد كيوتو حول التغييرات الجوية. لقد كانت الطاقة في مواجهة التسلح هي المقايضة التي فرضتها معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية لأكثر من نصف قرن ، قبل ان تصبح ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي مصدرا اساسيا للقلق، وقبل ان تظهر الدول المارقة عدم اهتمامها بهذه المقايضة. \r\n \r\n لقد منحت كل من واشنطن ونيودلهي دفعة قوية الى القبول المتزايد، بين انصار البيئة، للطاقة النووية باعتبارها اقل شرا، ولنظرية بوش لأمن مرحلة ما بعد 11 سبتمبر. \r\n \r\n ومع ذلك فالوضع الغريب للطاقة النووية، باعتبارها مزيجا من المخاطرة (على الاقل منذ كارثة جزيرة ثري مايلز في 1979) والتعويض (بالنسبة للدول النامية)، قد تبدل مع تحول التلوث الناجم عن الطاقة المستخرجة من باطن الارض الى خطر اكبر. ولاسباب مختلفة فإن الولاياتالمتحدة والصين والهند خارج قيود بروتوكولات كيوتو. والى ان يتغير ذلك فإن أي نظام لتغيير الطقس لن ينجح. \r\n \r\n وهذا الاتفاق، بالنسبة لإدارة بوش، يظهر التطبيق السلمي لاستراتيجية الامن القومي التي تؤكد ان طبيعة الانظمة، وليس طبيعة الاسلحة التي تمتلكها، ستحدد علاقتها مع واشنطن. \r\n \r\n وهذا هو اول انجاز دبلوماسي لرئاسة جورج بوش التي كانت خالية، في فترة الرئاسة الاولى، من اية انجازات دبلوماسية. ويحتاج الرئيس بوش الى بذل المزيد ليصبح اكثر اقناعا في ما يتعلق بالاستراتيجية النووية وظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن من المهم الاعتراف بأن فريقه، في فترة الولاية الثانية، اقام حجر زاوية لتغييرات بعيدة المدى ، من اجل نظام عالمي جديد. \r\n \r\n الا ان البعض لن يعتبر ذلك تقدما. فالنظر الى الاتفاقية الجديدة من وجهة نظر معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الغريبة والأخلاقية الاختيارية، يوحي بإن الولاياتالمتحدة تخلت عن المبادئ الاخلاقية والعملية بالاتفاق، منذ تأييد حق الهند لشراء وتطوير مفاعلات، ومعها الطاقة والتقنية التي تحتاجها من اجل برنامج قومي للطاقة النووية. \r\n \r\n ان معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي بدأ تطبيقها في عام 1970، تقدم مثل هذه المميزات للدول التي لا تطور اسلحة نووية، وهو ما فعلته الهند في عام 1974. لقد ساهمت المعاهدة، بالإضافة الى الضغوط السياسية الفاعلة من الولاياتالمتحدة، واحتكار الدول الموردة للتقنية النووية، في تأخير او منع عدد من الدول الاخرى من الحصول على ترسانة نووية. \r\n \r\n انها مفيدة لكنها في نفس الوقت شعار أجوف بمعنى الكلمة. الدول النووية الخمس التي اعلن عنها عام 1970 منحت شرعية لترسانتها النووية ، لقاء التعهد الرسمي «بمواصلة المفاوضات الجادة» بالتخلي عن هذه الترسانات. وكما أشارت الهند الى ذلك في رفضها توقيع اتفاق حظر السلاح النووي، فإن كلا من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبكين التزمت الاستمرار في التمسك بتعهداتها النووية، ولكن بطريقتها الخاصة. إلا ان هذا النهج جرى تجاوزه بفعل مقدرة دول اخرى على إنتاج اسلحة نووية بدون تصريح من الخمسة الكبار. \r\n \r\n ولكن بوش وضع العلاقات الهندية الاميركية خارج الشروط الأكثر تقييدا في المعاهدة ، بدلا عن جعل عيوب ونواقص الميثاق قضية رئيسية، كما فعل من قبل في كيوتو، وفي إلغاء معاهدة حظر الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية مع روسيا، هذه واقعية من نوع بارز، خصوصا بالنسبة لرئيس كثيرا ما توجه الاتهام اليه بالافتقار الى الواقعية في سياسته الخارجية. \r\n \r\n قبل الرئيس بوش بفكرة ان اكبر ديمقراطية في العالم، تملك اسلحة وتكنولوجيا نووية، لا تعتزم استخدامها ضد مصالح الولاياتالمتحدة ، وعلى ذات الأساس والمنطلق ظلت الولاياتالمتحدة تتعامل مع الترسانة النووية لإسرائيل، لكنها تعارض البرامج النووية للأنظمة المعادية لها في ايران وكوريا الشمالية. باكستان، من الناحية الأخرى، تحتل موقعا وسطا صعبا ومعقدا، وشديد الخطورة في نفس الوقت، إزاء مصالح الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n النقاش حول اهمية الواقعية والمثالية في صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة أمر نظري بالدرجة الأولى. فالإدارات الاميركية المتعاقبة ظلت تتبع مزيجا من الواقعية والمثالية التي تحددها الأحداث الخارجية غير المتوقعة فضلا عن الضغوط السياسية الداخلية. ما يوصف بأنه «واقعية» لا يعدو ان يكون استخفافا صرفا، فيما لا تعدو «المثالية» ان تكون حكما خاطئا في صورة نوايا طيبة. انظروا الى تشيلي عام 1973 كنموذج على المسلك الأول، وإلى العراق في الوقت الراهن كنموذج على المسلك الثاني. \r\n \r\n ويبقى القول ان الخط الفاصل الحقيقي في صياغة السياسات بين المتفائلين والمتشائمين. ففي ما يتعلق بالتعامل مع الهند ، كما هي وباعتبار امكانياتها، اثبت بوش انه اولا وأخيرا متفائل وصاحب نظرة تاريخية ورهانات كبيرة. \r\n