\r\n ففي هذا الأسبوع انفجرت قنبلة خامسة في سلسلة من الانفجارات التي استهدفت غالبا السياسيين والصحفيين المعارضين لسوريا منذ أكتوبر في العام الماضي. وخلال هذا الأسبوع عززت سوريا من البطء في عمليات فحص الشاحنات القادمة من لبنان على الحدود، كما أن رئيس الوزراء المكلف قد قارب على الاستقالة نتيجة لضغوط المؤيدين لسوريا الذي ما زالوا أقوياء. \r\n \r\n \r\n وقد كان هدف قنبلة الثلاثاء الماضي هو وزير الدفاع إلياس المر الذي سيترك منصبه، وهو في نفس الوقت نائب رئيس الوزراء، كما أنه وزير سابق للداخلية، وهو سليل عائلة المر صاحبة النفوذ، والتي كان لها دور في المزيج السياسي والاقتصادي في البلاد لمدة عقود. \r\n \r\n والوزير المر، الذي نجا من الانفجار الذي أودى بحياة اثنين في ضاحية بشمال بيروت، هو أيضا صهر الرئيس إميل لحود المؤيد لسوريا. \r\n \r\n وقد صرح المحلل الأمني تنوس معوض الذي يتمتع بعلاقات قوية مع الجيش إنه بالرغم من صورة المر وارتباطاته المؤيدة لسوريا إلا أنه كان على نزاع مع الرئيس السابق للأمن السوري في لبنان دستم غزال منذ عام 2003. \r\n \r\n وحتى الآن لم يُستهدف إلا السياسيون والصحفيون أصحاب المواقف المعارضة صراحة لسوريا، باستثناء تلك السلسلة الموازية من القنابل التي استهدفت الممتلكات التجارية. \r\n \r\n وقد كان أبرز ضحايا هذه التفجيرات هو رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري والذي قُتل في انفجار هائل في وسط العاصمة بيروت في فبراير الماضي. وكان قد استقال قبل عدة أشهر بعد خلاف مع سوريا على تمديد فترة رئاسة الرئيس إميل لحود، التي عارضها مبدئيا. \r\n \r\n ورغم إنكار سوريا تورطها، إلا أن مقتل الحريري أشعل احتجاجات هائلة في لبنان، والتي قادت في النهاية، بالإضافة إلى الضغط الدولي، إلى انسحاب القوات السورية بعد بقائها في لبنان حوالي 30 عاما. \r\n \r\n وقد أكد معوض أن الاعتداء على إلياس المر كان الغرض الوحيد منه هو تصفية الحسابات، لكن ربما كان الهدف منه أيضا تخويف عائلة المر، والرئيس لحود على وجه الخصوص. وأضاف معوض: \"إنك دائما لا تعتقد أن هذا ربما يحدث لك، لكنه عندما يصيب عائلتك فإنك تبدأ في التفكير في الأمر\". \r\n \r\n ويُعتبر لحود أهم أصول سوريا الباقية في النظام السياسي اللبناني، لكنه يحظى بقبول مجلس الوزراء الذي يحاول الائتلاف المعارض لسوريا والفائز في الانتخابات أن يقوم بتشكيله. \r\n \r\n ومن جانبه حاول رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة، الذي ينتمي لكتلة سعد الحريري نجل رئيس الوزراء السابق الذي تم اغتياله، تجميع جبهة عريضة تضم التجمعين المؤيدين لسوريا: حزب الله وحركة أمل، إضافة إلى ميشيل عون الجنرال السابق بالجيش، والذي ينتمي لليمين. \r\n \r\n وبعد ساعات من الاعتداء على المر يوم الثلاثاء قام السنيورة أخيرا بتقديم قائمة من 30 وزيرا إلى الرئيس لحود من أجل التصديق عليها، لكن عون وحزب الله انسحبا لاحقا في المساء من هذه القائمة. ويُشاع أن الرئيس لحود يعارض هذه القائمة. \r\n \r\n ومع اعتراض كل حلفاء سوريا أو من يُفترض أنهم حلفاؤها على الحكومة الجديدة، صار انطباع ان هناك تدخلا سوريا لإعاقة تشكيل الحكومة الجديدة أكثر قوة في لبنان، بعد أسابيع من المفاوضات التي أذعن فيها السنيورة لمطالب هؤلاء. \r\n \r\n وقد شجبت سوريا الاعتداء على المر كما شجبت الاعتداءات السابقة، لكن التوقيت أدى ثانية إلى أن يشير الكثير من اللبنانيين بإصبع الاتهام إلى دمشق. \r\n \r\n وتعليقا على هذا قال معوض: \"إن سوريا تريد إخراج السنيورة، وإعادة نجيب ميقاتي (رئيس الوزراء الحالي الموالي لسوريا)\". فالمعروف عن ميقاتي أنه على علاقة طيبة بالرئيس السوري بشار الأسد. \r\n \r\n ورغم عدم وجود دليل قوي يربط سوريا بأي من حوادث العنف في لبنان، أو حتى بالأزمة السياسية، إلا أن ثمة عنصرا واضحا الآن يتعلق بالضغط الاقتصادي يُضاف إلى هذا الخليط. \r\n \r\n فمنذ أكثر من أسبوع قامت سوريا بفرض قيود متشددة على الحدود على حركة النقل الخارجة من لبنان، وخاصة على شاحنات تصدير المنتجات من لبنان، وعلى المسافرين أيضا. \r\n \r\n فقد توقفت المئات من الشاحنات، يحمل بعضها منتجات قابلة للتلف، لعدة أيام على أماكن عبور الحدود، والتي كانت في الظروف العادية تعبر في خلال ساعات. \r\n \r\n وقد اتهم الناشطون في مجال التجارة اللبنانية سوريا بممارسة الضغط الاقتصادي لأغراض سياسية؛ فقد علق محي الدين جمال منسق التعاونيات اللبنانية الزراعية والصناعية قائلا: \"إن هذه لعبة سياسية يلعبها السوريون من أجل التأثير على تشكيل الحكومة الجديدة\". \r\n \r\n ويرى الكثيرون من اللبنانيين التصرف السوري نوعا من الانتقام؛ فعلى المعبر الرئيسي للحدود بين بيروتودمشق، حيث كان نادرا ما يتم مراجعة المسافرين بجدية من قِبل الجمارك السورية، وصلت عمليات التدقيق درجة غريبة هذا الأسبوع؛ فقد طُلب من سيدة لبنانية أن تفتح علبة من البسكويت، كما أنه لم يتم السماح لعائلة أخرى بإدخال حقيبة تحتوي على حفاضات إلى سوريا. \r\n \r\n وقد قدمت سوريا تفسيرات متعارضة لعملية الإبطاء هذه؛ فقد نقل عن وزير الداخلية السوري غازي كنعان، وهو رئيس سابق للمخابرات السورية في لبنان، في وسائل الإعلام العربية أنه قال إن عمليات التدقيق كانت لأسباب أمنية، بينما قال مسئول حدودي إن مسئولي الجمارك قد تصدوا لشحنة من المواد المتفجرة على الحدود في منطقة جديد، على الجانب السوري. \r\n \r\n لكن رئيس مصلحة الجمارك السورية باسل صنوفة أنكر هذا سابقا وألقى باللوم على الأسباب اللوجستية على الأطراف الحدودية، وكذلك على حالة الازدحام على الحدود السورية مع العراق، حيث إن العراق هو وجهة الكثير من الشاحنات القادمة من لبنان. \r\n \r\n والحدود مع سوريا هي المعبر اللبناني البري الوحيد المفتوح؛ فالحدود مع إسرائيل –التي تُعتبر لبنان معها في حالة حرب– مغلقة. وتبلغ الصادرات اللبنانية سنويا أكثر من نصف مليار دولار إلى سوريا ومن خلال سوريا إلى باقي العالم العربي، طبقا لاتحاد المنتجين اللبنانيين. \r\n \r\n وقد عقد السنيورة محادثات مع نصري خوري الذي يرأس المجلس الأعلى اللبناني–السوري الذي يشرف على التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين. وقد ألقى خوري أيضا باللوم على الجهات الأمنية بسبب المشاكل الحدودية، وقال إنه كان يعمل على إنهاء التأخير. \r\n \r\n وربما تُعتبر الإجراءات السورية انتهاكا لاتفاقية التجارة الحرة الخاصة بجامعة الدول العربية، وربما تتعارض الاتفاقية أيضا مع اتفاقية الشراكة التي تريد سوريا توقيعها مع الاتحاد الأوروبي.