وحرصاً منه على عدم حدوث أي سوء فهم قال بوش, \"إن على إسرائيل أن تتفادى القيام بأي عمل من شأنه التأثير سلباً على التزاماتها الخاصة بخريطة الطريق, أو على مفاوضات الوضع النهائي لكل من قطاع غزة والضفة الغربيةوالقدس, أوعلى حل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ووحدة أراضي الضفة الغربية. وقال بوضوح \"إنه لا سبيل لنجاح دولة استقلالية مبعثرة وممزقة الأوصال\". كما قال إنه لابد من وجود ربط معقول بين أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكد أن \"هذا هو موقف الولاياتالمتحدة اليوم, وسوف يكون كذلك بحلول موعد مفاوضات الوضع النهائي\". \r\n وتعد تصريحات بوش هذه, على درجة كبيرة من الأهمية, لكونها تؤكد المواقف والسياسات التي ظلت تؤمن وتنادي بها أميركا, على امتداد الحقب والعقود. وفيما لو تم تضمين هذه المبادئ في صلب السياسات الخارجية التي تتبناها واشنطن خلال الأشهر القليلة المقبلة, فسوف تكون عوناً كبيراً في دعم الأهداف التي أعلنها الرئيس بوش, بغية التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الطويل الأمد, فضلاً عن حفز مشروع التحول الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط, وقطع خطوط الدعم والإمدادات عن النشاط الإرهابي. \r\n وفي هذا الشهر تتجدد ذكرى الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء والضفة الغربية –بما فيها القدسالشرقية- وقطاع غزة ومرتفعات هضبة الجولان السورية, منذ ثمانية وثلاثين عاماً. حينها أعلن الرئيس الأميركي ليندون جونسون أنه يحق لإسرائيل, التمسك بالأراضي العربية والفلسطينية التي احتلتها, إلى أن يتمكن العرب من التوصل إلى تسوية سلمية معها, ويوفرون لها ما يلزمها, من اعتراف وأمن قومي لحدودها ومواطنيها. وكان مبدأ \"الأرض مقابل السلام\" هذا, قد جرى تضمينه لاحقاً في قرار الأممالمتحدة رقم 242, وأصبح من يومها, حجر الزاوية في أي نظرة أو اعتبارات لاحقة, للتسوية السلمية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. \r\n وعلى الرغم من أن الرئيس جونسون كان شديد الميل والدعم للجانب الإسرائيلي, إلا أنه أعلن بوضوح عن أنه لا ينبغي للترسيم اللاحق للحدود السياسية والجغرافية الفاصلة لدولة إسرائيل, أن يعكس ثقل الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي العربية. كما أضاف جونسون أيضاً أن أي تعديل لاحق لحدود حرب عام 1967, يجب أن يكون ضئيلاً ومتفقاً عليه من قبل طرفي النزاع. ومنذ ذلك التاريخ, ظلت هذه التصريحات حول المبادئ العامة المتعلقة بالجانب الحدودي من التسوية السلمية للنزاع, ثابتة كما هي في مختلف الحقب والعقود الرئاسية الأميركية, دون أن يطرأ عليها أي تغيير جوهري يذكر, حتى العام الماضي. \r\n ففي خطاب بتاريخ أبريل من العام الماضي 2004, بدا بوش وكأنه قد وافق حكومة شارون تصورها وموقفها القائل إن \"الحقائق على الأرض – ولا تعني هذه العبارة شيئاً آخر سوى وجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية- هي التي تجعل من الصعوبة بمكان, انسحاب إسرائيل إلى حدود هدنة عام 1949. وعندها أعلن الرئيس بوش إنه \"ليس من الواقعية في شيء, أن تكون نتيجة مفاوضات الوضع النهائي, انسحاباً إسرائيلياً كاملاً إلى حدود هدنة عام 1949\". وفي المنحى ذاته, استطرد الرئيس بوش في القول \"إنه لا ينبغي توقع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل, في إطار أي تسوية سلمية للنزاع\". ولما كان الحال كذلك, فلم يكن غريباً أن ينظر الكثيرون إلى خطاب بوش المذكور, على أنه انتصار كبير لمواقف وسياسات شارون. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس أميركي على الإطلاق, انحيازه الصريح إلى الرؤية الإسرائيلية الراهنة, القائلة إن تقادم الزمن والحقائق الماثلة على الأرض, يحولان عملياً دون انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967, التي لا تختلف كثيراً عن حدود هدنة عام 1949, في مقابل السلام والاعتراف العربي بدولة إسرائيل وأمنها. \r\n وجه الاختلاف بين ذلك الخطاب, والتصريحات الأخيرة المنسوبة للرئيس بوش, أن الأخيرة جاءت تأكيداً على الرؤية والمواقف الأميركية التقليدية, القائمة على اعتبار حدود عام 1949 نقطة البداية لأي مفاوضات تجرى حول تعديل أو إعادة ترسيم الحدود الفاصلة, وأن أي تعديل لهذه الحدود لا يمكن أن يتم على نحو فردي أحادي, يقوم به طرف واحد دون الآخر. ومثل سابقيه من الرؤساء الأميركيين, أعلن بوش الشهر الماضي أيضاً, \"إن على إسرائيل أن تستمر في اتخاذ الخطوات والتدابير المفضية إلى تحقيق مستقبل سلمي, وأن تعمل جنباً إلى جنب مع القيادة الفلسطينية, بغية تحسين مستوى الحياة اليومية الفلسطينية, سيما الوضع الإنساني للفلسطينيين\". ولكن السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه, هو ما إذا كان الرئيس بوش يعني حقاً ما قال, وما هي الكيفية التي سيوفق بها بين الالتزام الذي قطعه لرئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون, وما جاء في خطابه المشار إليه بتاريخ السادس والعشرين من مايو المنصرم؟ إن طرفاً يسيراً من هذه الإجابة, سوف نحصل عليه خلال الزيارة التي تقوم بها حالياً وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى منطقة الشرق الأوسط . فهل تؤكد هذه الزيارة مصداقية ما نسب إلى الرئيس بوش من تصريحات أعلاه؟ \r\n زبيجنيو بيرجنسكي \r\n مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جيمي كارتر \r\n ويليام كوانت \r\n من كبار موظفي بيرجنسكي, وتولى مسؤولية الشؤون الشرق أوسطية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"