\r\n والرئيس بوش يوافق على أن أخطر تهديد نواجهه في الوقت الراهن هو تهديد وقوع الأسلحة النووية في أيدي الإرهابيين. وإذا ما كان الحصان الكوري الشمالي فعلا \" خارج الحظيرة\" فإن معنى ذلك أننا نواجه خطرا داهما. فحتى تاريخه لم ينجح الرئيس بوش في منع كوريا الشمالية من إنتاج كميات من المواد الانشطارية تكفي لإنتاج عدد من الأسلحة النووية يقدر ما بين ستة إلى ثمانية أسلحة نووية.\r\n وعلى الرغم من أن مسؤولي الإدارة الأميركية قد هونوا من شأن ترسانة كوريا الشمالية النووية الآخذة في التزايد، إلا أن التهديد الموجه للولايات المتحدة قد ازداد زيادة كبيرة. فكوريا الشمالية الدولة الفقيرة ربما تمتلك الآن مواد نووية تكفي لأن تبيع منها لمن يدفع أعلى سعر، وتحتفظ بعد ذلك بمخزون لديها. وتنظيم القاعدة الذي يهدف إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الولاياتالمتحدة يمكن أن يكون هو الجهة التي تقوم بدفع ذلك السعر. \r\n والولاياتالمتحدة تواجه حاليا أزمة عاجلة، وذلك بعد أن أعلنت كوريا أنها تمتلك أسلحة نووية، وأنها تقوم بإنتاج كميات من البلوتونيوم تكفي لإنتاج قنبلتين إضافيتين، وألمحت إلى أنها ستقوم بإجراء تجارب نووية. \r\n ولو بدأت كوريا الشمالية في إجراء تجارب نووية فلن يكون هناك سوى أمل ضئيل في إيقاف برنامجها النووي أو في تجنب سباق تسلح إقليمي. وفي هذه المرحلة سيكون أمام الولاياتالمتحدة ثلاثة خيارات: \r\n الأول: ضرب المنشآت النووية الكورية أو تغيير نظامها بالقوة. هذا الخيار مشكلته أن نتائجه غير مؤكدة بسبب ضعف المعلومات المتاحة عن كوريا الشمالية. علاوة على ذلك فإن القوات الأميركية المثقلة بالأعباء في العراق لا يوجد لديها قوات برية تكفي لغزو كوريا الشمالية، كما أن كوريا الجنوبية والصين ستعارضان هذا الغزو بشدة. والأسوأ من ذلك كله أن بيونج يانج يمكن أن ترد على الغزو إما بتوجيه ضربه بالأسلحة النووية التقليدية ضد سيئول أو ضد القوات الأميركية الموجودة في كوريا الجنوبية، أو ضد اليابان، أو حتى الولاياتالمتحدة ذاتها. \r\n الثاني: إمكانية التعايش مع كوريا الشمالية المسلحة نوويا. ولكن المشكلة فيما يتعلق بهذا الخيار أن زعيم كوريا الشمالية الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته يمكن أن يواصل محاولاته لبيع مواد انشطارية للدول الأخرى. كما يمكن أن يقوم بتحميل رؤوس نووية على صواريخ طويلة المدى ويضرب بها البر الأميركي. \r\n الثالث: يمكن للولايات المتحدة السعي إلى إجراء مفاوضات ثنائية مكثفة في إطار المحادثات السداسية الأطراف التي تقودها الصين. ومن المعروف أن الولاياتالمتحدة قد دأبت منذ أن قامت بوصف كوريا الشمالية وإيران بأنهما تشكلان ما يعرف بمحور الشر، على تبادل الإهانات مع هذين النظامين ورفضت إجراء محادثات مع الطغاة والغشاشين على أساس أن ذلك يمثل خيارا كريها. \r\n قد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكنه لا يقل في درجة كراهيته عن قيام الإرهابيين بشن هجوم نووي على مدينة أميركية. يجب على الرئيس بوش أن يقر بأن إقناع كوريا الشمالية بالتراجع عن برنامجها النووي أكثر أهمية من أي رفض مبدئي لإجراء محادثات مباشرة، أو من أي طموحات خفية لتغيير هذا النظام البشع، وأن يقوم فورا باقتراح عقد مباحثات ثنائية على مستوى عال مع النظام الكوري الشمالي، وأن يؤكد شخصيا أن الولاياتالمتحدة ليس لديها\" نية عدائية هذا النظام، وأن الولاياتالمتحدة ستقوم في حالة قيامه بتفكيك برامجه النووية تماما ونهائيا وبشكل يمكن التحقق منه بتقديم ضمانات أمنية وتقديم إمدادات نفطية وإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية معه. \r\n في الساعة الأخيرة قد ترفض كوريا إجراء المباحثات الثنائية التي سعت إليها طويلا، كما أن تلك المباحثات يمكن في حالة إجرائها أن تنتهي بالفشل. ومع ذلك فإن السعي للمحادثات الثنائية مهم للغاية لإقناع الصين وكوريا الجنوبية في النهاية بفرض إجراءات عقابية على نظام بيونج يانج. وفي حالة فشل المباحثات الثنائية، فإن الرئيس بوش سيجد نفسه في مواجهة الخيار الذي يواجه نفسه فيه اليوم وهو شن حرب يمكن أن تكون كارثية على شبه الجزيرة الكورية. \r\n هناك تكهنات مؤداها أن الإدارة قد تقرر اللجوء إلى إقناع الأممالمتحدة بفرض عقوبات على كوريا الشمالية، بحيث أنه إذا ما قامت الصين بممارسة حق الفيتو لمنع تنفيذ تلك العقوبات، أو رفضت ممارسة ضغط قوي على بيونج يانج فسوف يتم تحميلها بالمسؤولية عن الأزمة. \r\n إن مسؤولية الأزمة تقع في الأساس على كوريا الشمالية ولكن المشكلة هي أن الولاياتالمتحدة قد اختارت لفترة طويلة أن تهمش تلك المشكلة وتتعاقد مع الصين على حلها من الباطن، على الرغم من أن الاختلاف الكبير في المصالح بينها وبين الصين. وقيام الولاياتالمتحدة الآن بتوجيه اللوم للصين أو السعي للحصول على عقوبات قد لا يمكن الحصول عليها، سيكون بمثابة نوع من سد الذرائع وليس سياسية مسؤولة. \r\n إن الرئيس بوش في حاجة للتصرف السريع للقضاء على البرنامج النووي الكوري الشمالي- من خلال الدبلوماسية الثنائية المكثفة. أما الرفض المستمر للمحاولة فسوف يؤدي إلى إضاعة\" فرصتنا الأفضل الأخيرة\" لإنقاذ الولاياتالمتحدة من فشل سياسي كابوسي. \r\n \r\n سوزان ئي. رايس \r\n مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية من 1997- 2001 \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n