ربما يكون الأمر كذلك بالفعل؛ ولكن يجب أن نؤكد هنا أيضا أن هناك عوامل أخرى كان لها دور في اتخاذ هذا القرار الخطير وأنه مهما كان الأمر فإن الإدارة الأميركية القادمة سوف تحصد ثمار هذه الخطوة.\r\n\r\n \r\n\r\nوشطب اسم كوريا الشمالية، يأتي بعد أسبوعين من التجارب الصاروخية، والجرعات الكلامية النارية من قبل 'بيونج يانج' التي أقدمت كذلك على طرد المفتشين الدوليين من المنشآت النووية التي كانت قد أغلقتها من قبل؛ ويقول المراقبون إن إجراء أي اتفاق الآن مع الزعيم الكوري الشمالي الذي أصيب بسكتة دماغية مؤخرا سوف يبدو وكأنه استسلام، ويؤكدون أن المحاولة الأخيرة المستميتة التي بذلها كبير المفاوضين الأميركيين 'كريستوفر هيل' من أجل كسر جمود المفاوضات تعكس مأزقا جوهريا تواجهه الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات مع كوريا الشمالية والجنوبية واليابان والصين وروسيا.\r\n\r\n \r\n\r\nوالولاياتالمتحدة تواجه بشكل دائم خلال تعاملها مع كوريا الشمالية موضوع 'المعقولية النسبية'؛ فكل اتفاقية يتم التوصل إليها في نطاق المحادثات السداسية يتم التفاوض بشأنها بعناية فائقة، ويحرص المشاركون فيها على تحديد التنازلات التي سيقدم عليها كل طرف والتنازلات المقابلة التي سيقدمها له الطرف الآخر، كما يتم أيضا تحديد أجندات العمل، وتوقيت كل خطوة، وكذلك المكافآت الفورية التي سيحصل عليها كل طرف مقابل إنجاز تلك الخطوة، والجزاءات التي ستترتب عليه إذا ما خرج عنها؛ ولكن ما كان يحدث في كل مرة أن 'بيونج يانج' كانت تعود لتطالب بأكثر مما تستحق، أو تفعل أقل مما هو مطلوب منها؛ وعلى رغم أن الجميع يوافقون على أن كوريا الشمالية تتسم بعدم 'المعقولية النسبية' في تصرفاتها، فإنهم يدركون أيضا أن أي إخفاق في المباحثات سوف يؤدي إلى خلق أزمة جديدة، أو تسريع حدوثها.\r\n\r\n \r\n\r\nفجوهر المعضلة الحالية على سبيل المثال، هو ذلك الإدعاء الزائف من جانب كوريا الشمالية، بأن أعلانها عن تفكيك برنامجها النووي في شهر يونيو الماضي، كان كافيا في حد ذاته لجعل الولاياتالمتحدة تقدم على شطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأن التأكد من صحة إدعائها في هذا الشأن من قبل المفتشين الدوليين لم يكن جزءا من الاتفاق؛ فالكوريون الشماليون كانوا يدركون جيدا الحاجة للتدقيق اعتبارا من البيان المشترك عام 2005 ( اتفاقية خريطة الطريق) وما تلاه من اتفاقيات؛ ومع ذلك، وعلى الرغم من الغضب الشديد الذي تشعر به تلك الأطراف -بسبب التملص الكوري الشمالي من تنفيذ الالتزامات ومحاولتها النكوص عما كانت تعهدت به- إلا أنهم كانوا ينتهون بالضغط على الولاياتالمتحدة وهم يعرفون تماما أن 'بيونج يانج' على خطأ؛ وهم بذلك كانوا يتجاوزون حدود العدل والإنصاف لكنهم كانوا يعرفون أن تلك هي الفرصة الوحيدة لإحراز تقدم على مسار المفاوضات، وأن التعويل في ذلك على 'المعقولية النسبية' الأميركية في مقابل 'عدم المعقولية النسبية' الكورية الشمالية. إن ذلك التعويل بشكل خاص كان يمثل عنصرا مهما في الموافقة الأميركية الأخيرة على شطب اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ خلاصة القول، إن أي مرونة أميركية إضافية تبديها الولاياتالمتحدة في نطاق المباحثات مع كوريا الشمالية، يتم النظر إليها على نطاق واسع في المنطقة -باستثناء طوكيو- على أنها دليل على القيادة الأميركية وليس كما ينظر إليه البعض في واشنطن أنه يشكل دليلا على اليأس والضعف في آن.\r\n\r\n \r\n\r\nفي مقابل رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وافقت كوريا الشمالية على القيام فورا باستكمال تفكيك منشآتها النووية، كما وافقت على السماح بإجراء تفتيش على منشآتها النووية المعلنة، والسماح ببعض 'الاجراءات العلمية' -أخذ عينات من المواد- بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع العلماء النوويين الكوريين الشماليين، ومراجعة الوثائق النووية.\r\n\r\n \r\n\r\nوعلى الرغم من أن أحدا لا يمكن أن يضمن أن كوريا الشمالية لن تتراجع عن تعهداتها مرة أخرى، إلا أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها سوف تضمن على الأقل أن 'بوش' سوف يترك لخليفته في المنصب بقايا عملية تفكيك نووي قابلة للتنفيذ، عوضا عن أن يترك له أزمة نووية كاملة الأوصاف والحقيقة أن الحيلولة دون استمرار كوريا الشمالية في السير قدما على طريق التجارب النووية والصاروخية، لا يمثل عزاء كاملا لأولئك الذين كانوا يعتقدون أننا يجب أن نحل هذا المأزق بالتوقف عن التفاوض نوويا مع النظام الكوري الشمالي، والعمل بدلا من ذلك على خنقه ماديا حتى يتهاوى، وخصوصا وأن قائده يعاني من التدهور الصحي.\r\n\r\n \r\n\r\nبيد أن هؤلاء ربما لا يدركون أن التخلص من النظام قد يكون أمرا مكلفا للغاية، وأن توقع أن يقدم على التخلي الكامل على الأنشطة النووية وتسليم كل ما لديه ليس بالشيء الممكن؛ وإذا ما حافظت كوريا الشمالية على كلمتها فإن 'ماكين' أو 'أوباما' سيرثان وضعا سيكون فيه الخبراء الأميركيون والدوليون موجودين بالفعل على الأرض في كوريا الشمالية، ولديهم القدرة على معرفة المزيد عن أسرارها، مع القيام في نفس الوقت بتفكيك قدراته النووية؛ وبهذا المعنى فإن الخطوة التي أقدم عليها بوش ليست خطوة يائسة أخيرة قرب نهاية ولايته كما يعتقد البعض، وإنما تعني في الحقيقة أننا أنجزنا حركة في لعبة شطرنج تمضي ببطء شديد.\r\n\r\n \r\n\r\nفيكتور تشا\r\n\r\n \r\n\r\nمدير الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون\r\n\r\n \r\n\r\nينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست