وهكذا تمضي الحكمة التقليدية في واشنطن وفي (اللوبي) المناهض للهجرة والذي يؤدي إلى ضغط بلا تفكير على المكسيك.. ونقول بلا تفكير لانه حتى لو ان الحكومة المكسيكية كانت ملتزمة مائة بالمائة بتقييد حركة مواطنيها وتفويت الفرصة على مهربي البشر المكسيكيين، فانها لن تحقق اختلافا مميزا في عمليات عبور الحدود غير الشرعية. \r\n ان سوق العمل الاميركي يوفر جاذبية لا تقاوم فقد قام فريق بحثي اميركي مكسيكي تحت اشرافي شخصيا بمقابلة اكثر من 600 مهاجر عادوا الى مسقط رؤوسهم في وسط المكسيك في يناير الماضي، وقال 82% منهم ان الفرص المتاحة في الولاياتالمتحدة وليس الظروف في المكسيك هي التي جعلتهم يتوجهون شمالا. ومن بين اولئك الذين خططوا للعودة إلى الولاياتالمتحدة هذا العام، كان 77% منهم يتوقعون الحصول على وظيفة تم الترتيب لها مسبقا. \r\n كما ان الرغبة الموجودة لدى العائلات في اعادة لم الشمل تدفع ايضا مئات الالاف من المكسيكيين الى الهجرة سنويا. فثلاثة من كل خمسة مكسيكيين لديهم اقارب يعيشون في الولاياتالمتحدة. وفي المدن التي بها نسبة هجرة عالية والتي قمنا بدراستها، كان لدى 92% من المهاجرين لأول مرة خلال العقد الماضي صلة عائلية في الولاياتالمتحدة. وفي نهاية المطاف، سيلتئم شمل كثير من هذه العائلات ثنائية الجنسية في الولاياتالمتحدة، بصرف النظر عما تفعله واشنطن او مكسيكو سيتي فبجعل الامر اكثر كلفة وخطورة بالنسبة لرؤوس العائلات في زيارة من يعولونهم في المكسيك، إنما دعمت الاجراءات الحدودية الاميركية المتشددة منذ عام 1993 الحافز لدى العائلات في لم شمل العائلة. \r\n ويلوم كثير من أعضاء الكونغرس الأميركي بشكل روتيني السلطات المكسيكية لعدم تفكيك او القضاء على منظمات تهريب البشر التي تنظم اكثر من 80% من الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة. وهم يفترضون ان القضاء على منظمات قليلة تهرب البشر على نطاق واسع سيقلل او يخفض بشكل حاد عمليات عبور الحدود غير القانونية. \r\n ولكن ليس هناك دليل على ان حفنة من المنظمات الاجرامية تسيطر على عمليات تهريب البشر. \r\n فهذه التجارة (في تهريب البشر) غير مركزية بدرجة كبيرة مع كون عمليات الهجرة تخدم الأغلبية الكاسحة من المهاجرين الطامحين ووجود الحافز والدافع للم شمل الاسر وانتقال الابناء إلى الآباء والاقارب الى اقاربهم. \r\n ان الشبان والشابات الذين يهاجرون إلى الولاياتالمتحدة اليوم هم اساسا ابناء واحفاد العمال الذين تم الترحيب بهم في هذا البلد (اميركا) منذ ثلاثة او اربعة او خمسة اجيال. ومن غير الواقعي ان نرجع عقارب الساعة الى الوراء. \r\n وعلى المدى القصير فان التدخل الحكومي الوحيد الذي قد يردع بشكل كبير المكسيكيين عن الهجرة شمالا سيكون اتخاذ اجراءات صارمة حيال اصحاب العمل الذين يشغلونهم. ولكن التكاليف السياسية والاقتصادية لسد جاذبية الوظائف ستكون مرتفعة للغاية وهو ما يفسر السبب في ان هذا الاتجاه ليس موجودا على مائدة النقاش في الكونغرس. \r\n ان اضفاء الصفة القانونية على قسم او جزء من التدفق غير القانوني الحالي للمهاجرين من خلال نوع ما من برنامج (العامل الضيف)، وربما مقترنا بزيادة في تأشيرات الاقامة الدائمة للمواطنين المكسيكيين، هو الخيار الاكثر احتمالا لان يكسب زخما وقوة دفع. \r\n ولكن عدد الفرص المتاحة بالنسبة للدخول القانوني سيتعين ان يكون كبير جدا لابطاء الهجرة غير المرخصة او غير الشرعية. وفي عام 2004 قبضت قوة حراسة الحدود على 741.000 مهاجر كانوا يعبرون الحدود بطريقة غير شرعية وقد وجدت دراستنا في وسط المكسيك ان ثلث اولئك الذين يحاولون الدخول غير الشرعي لم يتم اكتشافهم. \r\n وثمة خيار آخر هو ارساء برامج تنمية اقتصادية في المناطق المرسلة للمهاجرين من شأنها ايجاد حوافز للبقاء في الوطن. ولسوء الحظ فانه لا الحكومة الاميركية ولا الحكومة المكسيكية قد اتخذت هذا الاتجاه من مراقبة الهجرة بجدية، وهذا يرجع اساسا الى ان ذلك سيأخذ على الاقل من 10 سنوات إلى 15 سنة لتحقيق نتائج. ولكن فقط عندما يتم تضييق الفوارق بين الاجور الاميركية والمكسيكية سيتم التغلب على العدد الحالي الكبير المحبط للهجرة. \r\n ان الضغط على الحكومة المكسيكية في غضون ذلك لاخفاقها في التحكم في الهجرة غير المرخصة هو ممارسة سياسية فارغة تثير حارس الحدود والكارهين للأجانب المعادين للمكسيكيين. ولن تؤدي ابدا الى سياسة هجرة اميركية واضحة.. \r\n \r\n واين كورنيليوس \r\n أستاذ العلوم السياسية ومدير (مركز الدراسات الهجرة المقارنة) بجامعة كاليفورنيا واحدث كتاب له هو (السيطرة على الهجرة: منظور عالمي). \r\n خدمة (لوس انجلوس تايمز) خاص ب (الوطن)