والتعليم هو أول ما تفقده الشعوب التي تجبر على ترك موطنها بسبب الحروب والنزاعات العرقية أو السياسية. والواقع أن نقص التعليم هو إهدار لأحد أهم الحقوق الأساسية للأطفال وهو في الوقت نفسه يمثل أكبر تهديد يعيق إرساء قواعد السلام في المجتمعات التي مزقتها الحروب. والتعليم يمكنه في الأوقات العسيرة أن يوفر الإستقرار والركيزة الأساسية لنمو للأطفال والكبار ممن يهددهم أخطار الصراعات والتشرد ، وهو كذلك الملاذ الآمن الذي يقدم المعلومات الضرورية للمحافظة على الأرواح كالمعلومات الخاصة عن الألغام الأرضية والوقاية من مرض الإيدز والرعاية الصحية بوجه عام . فالمواظبة على تلقي العلم في المدرسة يلعب دورا كبيرا في تقليل الفرص أمام استدراج الأطفال واستقطابهم من قبل المجموعات المسلحة أو العصابات أو استغلالهم جنسيا إلى جانب أخطار أخرى كثيرة . وبالنسبة للفتيات على نحو خاص حيث أنهن أكثر عرضة للاستغلال الجنسي وأشكال أخرى من العنف. ويكتسب التعليم أهمية كذلك في إرساء قواعد الحياة والمهارات المعرفية التي تزرع في نفوس الأطفال الأمل في غد أفضل. والدروس التي توجه لتعليم مبادئ السلام ونبذ العنف تقلل كثيرا من احتمالات انتشار العنف في المستقبل. وفي غياب مهارات التعليم الأساسية تفقد المجتمعات القوى العاملة المزودة بسلاح التعليم الذي لا غنى عنه في مرحلة البناء بعد أن تضع الحروب أوزارها. وكما تقول واحدة من النساء اللائي شردتهن الحرب في دارفور فإن الفرق بين المتعلم والجاهل كالفرق بين النور والظلام . وخلال البعثة التي جرى ارسالها مؤخرا إلى عشرة من إجمالي أحد عشر مخيما للاجئين مقامة في دولة تشاد وتمثل مأوى لأكثر من 200 ألف من سكان دارفور الذين غادروا ديارهم طلبا للنجاة من جحيم العنف ، أثار فريق من مفوضية المرأة للاجئين من النساء والأطفال تساؤلا حول مستقبل الفتيات هناك . وعلى الرغم من كل ما فقدته الأسر وكل ما يفتقدونه في الوقت الحالي قالوا أن أهم ما يريدون لفتياتهم هو التعليم . وقالت إحدى الأمهات( عندما نكون متعلمين نعرف كيف نحارب بالقلم لا بالسيف ) وعلى المجتمع الدولي أن يولي قضية التعليم أهمية قصوى في خطط الاستجابة السريعة للطوارئ ، وأن تخصص حصة من أموال التبرعات لخدمة أنشطة التعليم وأن تصبح قضية تحسين الخدمات التعليمية قضية ذات أولوية خاصة إلى جانب التركيز على تكاتف جهود المنظمات الإنسانية وتنسيق عملها في هذا الخصوص. ولمواجهة هذه التحديات قامت شبكة العمل الداخلي في وكالة التعليم أثناء ظروف الطوارئ بوضع أول معايير عالمية من نوعها فيما يتعلق بالحد الأدنى للتعليم في الظروف الطارئة . وهذه المعايير جرى صياغتها لوضع إطار عمل عالمي لبرامج تعليمية مناسبة للتطبيق في كافة مراحل ظروف الطوارئ . وتعد هذه المعايير هي الخطوة الأولى لضمان قيام برامج التعليم المختلفة التي يتم تطبيقها خلال فترات الظروف الطارئة بوضع الأسس اللازمة لإعادة البناء بعد زوال تلك الظروف. فإذا ما مارسنا الضغوط على الحكومات والمتبرعين لزيادة الإنفاقات المخصصة للتعليم في المناطق التي تشهد صراعات في كافة أنحاء العالم يمكن وقتها أن تتوفر فرصة جيدة لإنهاء دوائر العنف التي تمزق المجتمعات والأمم ، وتفتح أبواب الأمل أمام الأطفال الذين لا يعرفون عن الحياة سوى العنف واليأس ، وعندئذ تعم الفائدة على الجميع . \r\n \r\n وري هيننغر وأليسون أندرسون \r\n لوري هنينغر منسقة رفيعة المستوى في برنامج الأطفال والراشدين في مفوضية النساء والأطفال اللاجئين \r\n أليسون أندرسون ناشطة في شبكة العمل الدولية لخدمات الطوارئ \r\n خدمة كيه ار تي خاص ب(الوطن) \r\n