مباشر كرة سلة - الأهلي (0)-(0) الاتحاد.. بداية المباراة    منال عوض تبحث التعاون المشترك مع «انطلاق» و«رابيت موبيليتى»    منال عوض: «حياة كريمة» أحدثت طفرة في جودة الخدمات بقرى بني سويف    مجلس حكماء المسلمين يُدينُ بشدة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بالقدس    نقابة «النيابات والمحاكم» تطلق مبادرة لتوفير لحوم الأضاحي بالتقسيط    البعثة المصرية للحج السياحي تعقد ندوات دينية وتوعوية للحجاج| فيديو    السيطرة على حريق نشب في محيط مدرسة بكفر الشيخ    محافظ المنيا: لا تهاون في صحة المواطن واستمرار الحملات الرقابية    محافظ الغربية: هدفنا راحة المواطن وتوفير الخدمة الصحية اللائقة له    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    كلمات تهنئة معبرة للحجاج في يوم التروية ويوم عرفة    خبير يكشف لليوم السابع موقف بيراميدز بالاحتفال بالدورى رغم تتويج الأهلى.. فيديو    قومية المنيا تعرض الإسكافي ملكا ضمن عروض الموسم المسرحي    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    عيد الأضحى 2025.. هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟ وما هو أفضل وقت؟    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 الترم الثاني محافظة المنوفية    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    إنريكي في باريس.. سر 15 ألف يورو غيرت وجه سان جيرمان    بحضور سينمائيين من السودان.. عرض فيلم طنين بمركز الثقافة السينمائية    بين التحضير والتصوير.. 3 مسلسلات جديدة في طريقها للعرض    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    انتهاء رحلة ماسك في البيت الأبيض.. بدأت بفصل آلاف الموظفين وانتهت ب«خيبة أمل»    كلمات وأدعية مؤثرة تهديها لمن تحب في يوم عرفة    حماس: إسرائيل تُهود الأرض الفلسطينية ضمن مشروع ضم صريح    السفير خالد البقلى وإلينا بانوفا يكتبان: يحرسون الأمل وسط الصراع حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    قرار مفاجئ من الأهلى تجاه معلول بعد دموعه خلال التتويج بالدوري    «أحد سأل عني» ل محمد عبده تتجاوز المليون مشاهدة خلال أيام من طرحها (فيديو)    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    انفجار ضخم قرب مركز توزيع مساعدات في محيط نتساريم وسط غزة    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    الكرملين: أوكرانيا لم توافق بعد على عقد مفاوضات الاثنين المقبل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الأوسط هو القلعة الحصينة الأخيرة
نشر في التغيير يوم 27 - 03 - 2005

كذلك لم يكن الشرق الأوسط في مأمن من الموجة الثالثة وهي التوسع الحاسم للديموقراطية الذي انطلق من جنوب اوروبا وأمريكا اللاتينية قبل 30 سنة وامتد لاحقا الي اجزاء اخري من العالم. فخلال عقد الثمانينات، باشرت بلدان عربية عدة بما في ذلك مصر وتونس والأردن بتنفيذ اصلاحات سياسية تسمح بالتنافس بين الاحزاب. لكن هذه الاصلاحات فقدت زخمها او ألغيت خلال عقد التسعينات، اذ اثبت الزعماء العرب انهم غير مستعدين للمجازفة بسلطتهم من خلال العمل بنهج ديموقراطي حقيقي وعادت تونس، علي سبيل المثال، الي التقهقر الي الوراء نحو حكم تسلطي متشنج.
\r\n
\r\n
لكن الإصلاحات السياسية عادت تنفذ شيئا فشيئا الي المنطقة من جديد هذه الايام، وسط تفاقم شعور الناس بالإحباط من الفساد المزمن، ومن ضعف الأداء علي المستويين الاجتماعي والاقتصادي، الي جانب احساس غامر بالركود وعدم الحراك. كذلك، فان احداث 11 سبتمبر 2001 ولدت ضغطا باتجاه الاصلاح، من جانب الولايات المتحدة، ومن جانب بعض العرب الذين اخذوا يتساءلون، لماذا ينظر الي مجتمعاتهم علي نطاق واسع، علي انها مستنقعات سياسية خطرة. وبات الحديث عن الاصلاح السياسي وعن الديموقراطية منتشرا، حتي في الملكيات الخليجية، حيث كانت مثل هذه الموضوعات من الامور المحظور الحديث عنها. الا ان الخطوات التي جري اتخاذها حتي الان في معظم البلدان العربية، ما زالت متواضعة للغاية. ورغم ان العالم العربي ليس عصيا علي التغيير السياسي، الا انه لم يباشر حتي الآن حقا عملية السير نحو الديموقراطية.
\r\n
\r\n
الديموقراطية مستحيلة في الشرق الأوسط
\r\n
\r\n
حتي يتم حل النزاع العربي الإسرائيلي
\r\n
\r\n
خطأ. تقوم الحكومات العربية بكبح المشاركة السياسية والتلاعب بالانتخابات، وتقييد حرية التعبير، لأنها لا تريد لسلطتها ان تتعرض للتحدي، وليس لأن التوتر القائم مع اسرائيل يستوجب فرض قيود اجتماعية شديدة. فعندما ترفض حكومة الكويت ان تمنح المرأة حق الاقتراع، انما تفعل ذلك مراعاة للعناصر الأكثر محافظة بين مواطنيها، وليس لأنها تخشي ان يؤدي اشتراك المرأة في الاقتراع الي تقويض امن البلد. كذلك ، فان الخوف من المنافسة، وليس من التآمر الصهيوني، هو الذي يدفع الحزب الحاكم في مصر الي معارضة اجراء انتخابات رئاسية قائمة علي اساس التنافسية. عندما يتعلق الامر بالإصلاح الديموقراطي، يصبح الخطر الصهيوني مجرد عذر مناسب يتم التذرع به.
\r\n
\r\n
ومع ذلك، فان الفشل في ايجاد حل للنزاع العربي الإسرائيلي يحول دون اكتساب الولايات المتحدة المصداقية اللازمة للقيام بدور الداعية للديموقراطية في الشرق الأوسط. ويري الليبراليون العرب ان ادعاءات الولايات المتحدة بالرغبة في الديموقراطية في الشرق الأوسط ادعاءات يشوبها النفاق، مشيرين في معرض ذلك الي ما يعتبرونه تجاهلا امريكيا كاملا لحقوق الفلسطينيين ودعما غير مشروط لإسرائيل. من جانب اخر، فان العديد من الحكومات العربية، لا تأخذ الضغط الأمريكي من اجل ادخال الديموقراطية الي المنطقة علي محمل الجد. وهي تعتقد ان الحاجة للنفط من جهة والخوف من زعزعة الأنظمة التي تعترف بإسرائيل من جهة ثانية، تغلبان علي رغبة واشنطن في اجراء تغيير ديموقراطي. ان مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لن تستعاد - ومستوي الاستياء غير المسبوق من أمريكا لن يتقلص - حتي تقوم الولايات المتحدة بجهد حقيقي ومتوازن لمعالجة هذا النزاع. وفي حال انعدام مثل هذه المصداقية فان جهود واشنطن لحفز السير نحو الديموقراطية في المنطقة ستكون عرضة لكوابح قوية.
\r\n
\r\n
الولايات المتحدة تريد الديموقراطية للشرق الأوسط
\r\n
\r\n
إلي حد ما. برز التحول نحو الديموقراطية في الشرق الأوسط، كهدف اساسي للسياسة الخارجية الأمريكية في ادارة الرئيس بوش. وتمثل هذه السياسة الجديدة، تحولا رئيسيا عن عقود عدة من الدعم الثابت للعديد من الأنظمة الاستبدادية في المنطقة مثل انظمة مصر والمملكة العربية السعودية والأردن. وهي تعكس الحكمة الجديدة التي برزت عقب احداث 11 سبتمبر ومؤداها ان الديموقراطية في الشرق الأوسط تشكل أفضل ترياق للإرهاب الإسلامي.
\r\n
\r\n
لكن رغم ان هذه الرغبة بالديموقراطية قد تكون مخلصة، فان لدي الولايات المتحدة قائمة طويلة من الأولويات الأقل نصاعة في المنطقة منها: الوصول الي النفط، التعاون والمساعدة في محاربة الإرهاب، تعزيز السلام بين اسرائيل وجيرانها، القضاء علي انتشار اسلحة الدمار الشامل والحيلولة من دون وصول المتشددين الاسلاميين الي السلطة.
\r\n
\r\n
ان هذا الحماس الأمريكي المستجد للديموقراطية ينافس بقوة ليحتل موقعا ضمن هذا المزيج. فمحاربة الجهاديين الإسلاميين وضمان امن النفط يفرضان علي الولايات المتحدة التعاون مع انظمة تسلطية. وقد لاحظ سكان المنطقة ان الولايات المتحدة اتخذت موقفا متشددا من ايران وسوريا في حين فشلت في الضغط بقوة علي المملكة العربية السعودية وعلي مصر وتونس وغيرها من الأنظمة الاستبدادية الصديقة. صحيح ان ادارة بوش أطلقت مبادرات دبلوماسية وبرامج مساعدات لدعم التغيير الايجابي مثل المبادرة الخاصة بالشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ومبادرة المشاركة الخاصة بالشرق الأوسط.
\r\n
\r\n
لكنها مبادرات تتألف من اجراءات تفتقر الي القوة ومصممة للدفع تدريجيا باتجاه التحول الديمقراطي من غير تحدي سلطة الحكومات القائمة.
\r\n
\r\n
اضافة الي ذلك، وبالرغم من اقتناع الرئيس بأن التغيير الديمقراطي في الشرق الأوسط أمر ضروري، فإن ثمة قدرا كبيرا من التناقض لا يزال قائما داخل الجهاز البيروقراطي للسياسة الامريكية بشأن احتمالات حدوث انفتاح سياسي سريع في المنطقة. وينطبق هذا الأمر بشكل خاص فيما يخص وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات. فعلي ضوء المزاج السياسي السائد لدي غالبية المواطنين العرب الذين يكنون مشاعر غاضبة تجاه الولايات المتحدة واحساساً بالتعاطف مع الاسلام السياسي هناك عدد من الخبراء يعربون عن القلق من أن اجراء انتخابات حرة تنافسية قد يسفر عن ظهور بعض أنظمة الحكم الصريحة العداء للولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
أدت الحرب في العراق إلي دفع مسيرة
\r\n
\r\n
الديمقراطية في الشرق الأوسط
\r\n
\r\n
ليس حتي الآن. لقد أدت الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق الي القضاء علي واحد من أبشع الطغاة وأكثرهم استبدادا في المنطقة، وفتحت المجال أمام احتمال أن يحظي العراق في يوم من الأيام بنظام سياسي تعددي يقوم تماسكه علي أساس الوفاق وليس القسر. لكن تحقق الديمقراطية في العراق يظل أمرا بعيد المنال وغير مؤكد. وسوف تقاس المسافة المؤدية الي هذا الهدف بالسنين وليس بالشهور.
\r\n
\r\n
لقد ساهمت التداعيات السياسية للحرب - لا سيما من حيث فضحها لخواء نظام صدام حسين - في تكثيف المطالبة بإصلاحات سياسية في العديد من الأقطار العربية. إلا أن التقدم الفعلي المتحقق باتجاه الديمقراطية ضئيل للغاية.
\r\n
\r\n
اضافة الي ذلك، دفعت الحرب بعض الحكومات العربية - مثل الحكومة المصرية - الي فرض مزيد من القيود علي الحيز السياسي المحدود أصلا وذلك كإجراء وقائي ضد الاعتراضات الجماهيرية وذريعة لملاحقة الخصوم المعارضين.
\r\n
\r\n
وما يبعث علي الأسف أن تبريرات الرئيس بوش للحرب، بأنها كانت ذات هدف يتوخي تحقيق الديمقراطية أدت الي نزع مصداقية بعض الديمقراطيين العرب ذوي الميول الغربية في نظر مواطنيهم، وانتهي الأمر بالعديد من العرب الي ان يعتبروا الديمقراطية نفسها كلمة ترمز الي رغبة الولايات المتحدة في الهيمنة علي المنطقة. وساهم افتقار الحرب الي التأييد الشعبي واساءة معاملة العراقيين في سجن أبو غريب في الحاق المزيد من الاساءة بسمعة الولايات المتحدة وفي تأجيج التشدد لدي الاسلاميين.
\r\n
\r\n
يقول دعاة انتقال الديمقراطية عن طريق العدوي، انه إذا أجريت انتخابات ناجحة في العراق مطلع عام ،2005 فإن هذا النموذج سيجد له صدي واسعا في العالم العربي. لكن جانبا كبيرا من العالم العربي سوف ينظر علي الأرجح الي هذه الانتخابات بأنها مشوبة بالكثير من العيوب، حتي لو تمت بنجاح.
\r\n
\r\n
هناك العديد من البلدان في المنطقة التي تقوم بإجراء انتخابات بدرجات متفاوتة من الجدية والأهمية، بما في ذلك انتخابات أجريت في الجزائر في وقت سابق من هذه السنة، وهي التي وصفها مراقب غربي بأنها من أفضل الانتخابات أداء ليس في الجزائر فحسب، بل في أفريقيا ومعظم العالم العربي.
\r\n
\r\n
ان الدعوة الي الديمقراطية في الشرق الأوسط، سوف تتطلب التخلي عن الاوهام الخاصة بامكان حدوث تحول سريع تقوده الولايات المتحدة في المنطقة، كما يتطلب اعطاء اهتمام جدي للتحدي المتمثل في بناء مصداقية لدي المجتمعات العربية. يضاف الي ذلك أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد فعلا القيام بدور داعم وبناء، فيجب عليها اعادة النظر في علاقتها المرتاحة مع الأنظمة التسلطية، وتظهر قدرة ثابتة علي ممارسة ضغط دبلوماسي ذكي لاحداث التغيير السياسي عند وقوع الاحداث المفصلية، الي جانب توفير مساعدة حسنة التنظيم ووافية التمويل. وينبغي علي واشنطن أن تكون مستعدة للقبول بقوي سياسية جريئة وربما بحكومات جديدة ليس لديها اهتمام بأن تكون الطرف الذي ينفذ الرغبات الأمريكية. من هنا، فإن تبني الديمقراطية في الشرق الاوسط قد يكون أمرا سهلا من حيث المبدأ لكن دعمها دعما حقيقيا أمر يمثل تحديا عظيما.
\r\n
\r\n
الإسلاميون هم العائق الرئيسي أمام الديمقراطية العربية
\r\n
\r\n
فكرة ثانية، سبب الخوف الأساسي هو السيناريو المتمثل في شخص واحد، صوت واحد، لمرة واحدة أي أن الإسلاميين سيشاركون في الانتخابات لكي يصلوا الي السلطة ثم يضعوا حدا للديمقراطية مباشرة بعد ذلك، من هنا يقول هذا المنطق انه يجب عدم السماح لهم بالمشاركة، صحيح ان الالتزام بالديمقراطية حتي من جانب الاسلاميين المعتدلين، أمر غيرمؤكد ويشوبه الاستدراك بأن علي الحكومات الديمقراطية ان تقبل بحكم الشريعة الإسلامية، لكن الاحتمال بتحقيق نصر انتخابي كاسح يسمح للإسلاميين بتعطيل جميع الحريات علي الفور هو احتمال بعيد في العالم العربي، فخلال العقد الماضي، شاركت أحزاب إسلامية في انتخابات جرت في ثمانية بلدان عربية (الجزائر، البحرين، مصر، الأردن، الكويت، لبنان، المغرب واليمن) وحققت دوما نتائج متواضعة، (عانت هذه الانتخابات بدرجات متفاوتة من تدخل الحكومات، لكن ليس هناك ما يشير الي انه كان في وسع الإسلاميين تحقيق النصر في ظل بيئة أكثر شفافية)، كما ان تركيا - وهي بلد تولي فيه حزب إسلامي السلطة مدعوما بغالبية كبيرة - آخذة في التحول إلي نموذج مشجع علي نجاح الممارسة الديمقراطية.
\r\n
\r\n
لكن رغم ان التوقع بأن فوز الإسلاميين في الانتخابات قد يؤدي الي سقوط الديمقراطية في الشرق الأوسط، أثبت انه لا يستند الي أساس، فإن هذا الاحتمال لا يمكن استبعاده كليا، هناك مخاوف من هذا القبيل مترسبة في العديد من البلدان العربية وفي الولايات المتحدة ويتذرع العديد من الأنظمة العربية بهذا الخوف من أجل التدخل في عملية الاقتراع وفرض قيود علي المشاركة السياسية، وهكذا فإن وجود أحزاب إسلامية ساهم في تعقيد عملية السير نحو الديمقراطية.
\r\n
\r\n
لكن الأحزاب الإسلامية هي جزء من العملية الديمقراطية نفسها، لأنها الأحزاب غير الحكومية الوحيدة التي تملك قاعدة واسعة من الناخبين ومن دون مشاركة هذه الأحزاب تصبح الديمقراطية أمرا غير ممكن في الشرق الأوسط، لذا فإن مستقبل الديمقراطية في المنطقة يعتمد علي ما إذا كان عدد كاف من هذه الاحزاب سوف يخفف من غلواء آرائه السياسية ويصبحو أطرافا في العملية الديمقراطية بدلا من أن يكونوا أدوات تخريب في الدول الاستبدادية الراهنة، ويعتمد كذلك علي ما إذا كانت الحكومات القائمة ستتوقف عن التستر وراء تهديد الإسلاميين وتقر بأن جميع مواطنيها لهم الحق في المشاركة.
\r\n
\r\n
البلدان العربية لديها نزعة تاريخية للاستبداد
\r\n
\r\n
نعم - لكن ماذا في ذلك؟ لقد عاشت معظم المجتمعات تحت حكم استبدادي لبعض الوقت، وغالبا لفترات زمنية طويلة فالديمقراطية هي ظاهرة تاريخية حديثة العهد نسبيا، وحتي في الولايات المتحدة وأوروبا، فإنها لم تتعزز بفعل حق الاقتراع العام إلا خلال القرن الماضي.
\r\n
\r\n
لقد تميز الحكام العرب بأنهم كانوا شديدي التسلط لكن ليس أكثر من الحكام الأوروبيين والآسيويين عبر حقب التاريخ، وقد طور العرب نظاما سياسيا قائما علي الإسلام من خلال الخليفة، وهو شخص كان يقوم مقام الزعيم الأعلي لجميع المسلمين، أما الأوروبيون فقد ظلوا يتمسكون بمفهوم الامبراطورية الرومانية المقدسة علي مدي قرون حتي بعد زوال هذه الامبراطورية عمليا عن الوجود، وخاضوا فيما بينهم حروبا دينية في غاية الشراسة علي مدي مئات السنين ولم يعتمدوا مبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة إلا في حقبة متأخرة وبصورة غير كاملة أيضا، وهكذا، فإن العالم العربي، علي مدي معظم تاريخه، كان مماثلا تماما لسائر أجزاء العالم، حتي في الستينات والتسعينات من القرن الماضي كان جانب كبير من العالم العرب يمثل تمثيلا قويا الاتجاهات السياسية الرئيسية السائدة في ذلك الزمن، وكانت معظم البلدان العربية الواقعة خارج منطقة الخليج تأخذ بمزيج من القومية والاشتراكية كان يعبر عن الايديولوجية الأساسية للعالم الثالث في ذلك الوقت. وكان جمال عبدالناصر في مصر - الي جانب جواهر لال نهرو في الهند والمارشال تيتو في يوغسلافيا - واحدا من الرواد الرئيسيين لهذه الايديولوجية التي خبت في الثمانينات مع نهاية الحرب البادرة وظهور الاقتصادات المترابطة عالمية الي حيز الوجود.
\r\n
\r\n
لذا، فإن القاء اللوم علي استمرار غياب الديمقراطية لدي العرب علي عائق وجود نزعة تاريخية فريدة للتسلط ناشئة عن ثقافة العرب وعن الإسلام أو عن شيء آخر هو أمر يفتقر عمليا إلي الصحة، وهو ينطوي ايضا علي انهزامية سياسية، إذ يثبت صفة الحتمية التي تتنافي مع تجربة حدوث التغيير السياسي في أجزاء أخري من العالم.
\r\n
\r\n
دعم حقوق المرأة حيوي لإحداث التغيير الديمقراطي
\r\n
\r\n
خطأ. يعكس هذا الوهم المحبذ كثيرا لدي منظمات المرأة والحكومات الغربية، مزيجا من الملاحظة الصحيحة والمنطق غير الصحيح، فليس هنالك بند يمكن اعتباره ديموقراطيا بشكل كامل اذا كان جزء من مواطنيه الغالبية، في بعض الاحيان يتعرضون للتميز ضدهم وتنكر عليهم حقوقهم لكن الجهود لتغيير الوضع الراهن عن طريق دعم حقوق المرأة هي سابقة لأوانها، فالمشكلة الرئيسية في الوقت الحاضر هي ان الرؤساء والملوك العرب لهم سلطات واسعة للغاية يرفضون تقاسمها مع مواطنيهم ومع منظمات اخري هذه الهيمنة علي السلطة هي التي ينبغي تحطيمها من أجل التقدم نحو الديمقراطية ولن يفيد منح المرأة قدرا أكبر من المساواة شيئا من حيث تقليص سلطة الحكومات القوية ذات الطابع الاستبدادي.
\r\n
\r\n
إن الزعماء العرب مدركون تماما لهذه الحقيقة، لذا يعمد العديد من الاستبداديين الي تنفيذ سياسات تهدف للارتقاء بحقوق المرأة من أجل ان يكتسبوا رصيدا في مجال العمل الاصلاحي ويسجلوا بذلك نقاطا لصالحهم لدي الحكومات الغربية والوسائل الاعلامية ولدي المنظمات غير الحكومية.
\r\n
\r\n
لكن هذه الجهود لا تعدو في الغالب كونها سحبا دخانية ومرايا عاكسة بقصد التستر علي رفض الحكومات التنازل عن اية سلطة حقيقية خلال السنوات القليلة الماضية عمدت دول عربية عدة الي تعيين نساء في مناصب رفيعة او بادرت الي تنفيذ او اقتراح اصلاحات متسرعة خاصة بالزواج والطلاق والميراث وغيرها من قضايا الاحوال الشخصية وهذه خطوات موضع ترحيب بحد ذاتها لكنها لاتعالج القضية الاساسية المرتبطة بدعم الديمقراطيون وهي تحطيم النمط الاستبدادي للسياسات العربية.
\r\n
\r\n
الديمقراطيون العرب هم أداة الإصلاح
\r\n
\r\n
كلا. علي رغم ما في ذلك من تناقض تفخر جميع البلدان العربية بأن لديها عددا صغيرا من الليبراليين ذوي الثقافة الغربية الذين ينادون باحترام حقوق الانسان وبحرية الفكر والتعبير وبالتغيير الديمقراطي لكن التحول الي الديمقراطية يتطلب أكثر من الالتزام الايدلولوجي لدي عدد محدود من الافراد ففي المجتمعات الغربية كان اطار ديمقراطي صغير الحجم يفي بالغرض في الماضي البعيد، عندما كانت المشاركة السياسية مقصورة علي نخب فكرية تهتم بالشأن العام وعلي الملاك الاثرياء لكن العالم العربي اليوم ليس الولايات المتحدة ولا أوروبا القرن ال18 فالنخبة السياسية تجابه التحدي المتعاظم لحركات الاسلاميين التي تتوسع القاعدة الشعبية الداعمة لها نتيجة لذلك فان التحول الديمقراطي يتطلب ايضا وجود احزاب سياسية ذات قواعد واسعة وحركات قادرة علي ان تحول مثاليات الديمقراطية التجريدية الي برامج ملموسة تحدث صدي لدي جمهور يتمثل همه الاساسي الان في البقاء علي قيد الحياة.
\r\n
\r\n
والحقيقة هي ان الديمقراطيين العرب لم يظهروا حتي الان الا قسطا من القدرة - وقدرا اقل من الرغبة - في ترجمة الافكار التجريدية الي برامج تستقطب الجماهير ولانها تخاطب المنظمات الغربية وتتحاور فيما بينها اكثر مما تخاطب مواطنيها الاخرين فان احزاب المعارضة السياسية التي تملك اجندة ليبرالية تجد نفسها غير قادرة علي بناء قواعد انتخابية واسعة النطاق، ويترك هذا الفشل الميدان خاليا امام احزاب الحكومة التي تستطيع ان تستقطب اتباعا لها عن طريق التعيينات والرعاية، وأمام الاحزاب الاسلامية التي تستقطب اتباعها علي افضل اسلوب تقليدي تأخذ به الاحزاب الجماهيرية، من خلال مزيج من الحماس الايديولوجي وتوفير الخدمات الاجتماعية الاساسية.
\r\n
\r\n
لقد ادي قمع الحكومات والتعيينات في المراكز الوظيفية احيانا، الي تقويض فعالية الديمقراطييين الحرب، بعض انظمة الحكم، ولاسيما المملكة العربية السعودية - تتحرك بسرعة لقمع كل نقاش ليبرالي في مهده بينما هناك انظمة اخري اكثر تسامحا تتيح لليبراليين بعض المساحة الفكرية للكتابة ومناقشة القضايا بشكل صريح طالما ظل الحديث غير متبوع بعمل فالديمقراطيون العرب في بلدان مثل مصر ليسوا مجموعة مكبوتة، انهم يميلون لان يكونوا بالاحري مهنيين مستكينين بأمان وسط الطبقة العليا المتوسطة، لذا فانهم يترددون في المطالبة باصلاحات حقيقية قد تؤدي الي رد فعل متصلب ويكتفون ان ينادوا بالديمقراطية من القمة، في ظل هذه الظروف قد يكون من الخطأ الجسيم لأنصار الديمقراطية الامريكيين والاوروبيين ان يركزوا علي الديمقراطيين العرب باعتبارهم المفتاح للتحول الديمقراطي سيكون لهؤلاء الديمقراطيين دور اذا اضحت الديمقراطية حقيقة واقعة، لكن خلال فترة التحول الراهنة، ليس لديهم لا الرغبة في الدفع من أجل الاصلاح ولا الدالة السياسية لكي ينجحوا في ذلك.
\r\n
\r\n
الديمقراطية في الشرق الأوسط هي العلاج للإرهاب الإسلامي
\r\n
\r\n
كلا. تستمد هذه النظرة جذورها من افتراض ساذج مؤداه ان أنظمة الركود والقمع العربي توفر ظروفا ملائمة لنمو المجموعات الراديكالية الاسلامية، فتتحول الأنظمة بأنظارها الي الولايات المتحدة لأنها تجسد في نظرها القيم الاجتماعية السياسية الليبرالية التي يعارضها المتشددون الاسلاميون. من هنا،فان التوسع في الديموقراطية سوف يعني تقليصا في التطرف.
\r\n
\r\n
لكن التاريخ يروي قصة مختلفة عن ذلك، فقد نشأ الاسلام الجهادي المعاصر مع تأسيس حركة الاخوان المسلمين بمصر في العشرينات خلال اكثر الحقب اتصافا بالديمقراطية في تاريخ ذلك البلد. ان الاسلام السياسي المتشدد يستقطب اتباعه ليس بين صفوف السعوديين المقموعين، بل بين صفوف بعض المسلمين في الديموقراطيات الغربية ولاسيما في أوروبا. لذا فان ظهور مجموعات اسلامية متشددة عاقدة العزم علي استخدام العنف ضد الولايات المتحدة ليس نتيجة التسلط الفردي لدي العرب فحسب. بل هو ظاهرة متداخلة لها جذور عدة منها: رعاية الولايات المتحدة للمجاهدين في افغانستان في الثمانينات (والتي كان من شأنها تعزيز قدرات الجهاديين الاسلاميين) ورعاية الحكومة السعودية للبرامج التعليمية الاسلامية المتشددة والغضب من مختلف السياسات الامريكية مثل موقف الولايات المتحدة من النزاع العربي الاسرائيلي، ونشر قواعد عسكرية في المنطقة. يضاف الي ذلك ان الديموقراطية ليست علاجا شاملا للارهاب. وسواء رضينا ام ابينا، فان اكثر الجهود نجاحا في مجال كبح جماح المجموعات السياسية الاسلامية المتشددة اتخذ شكل حملات غير ديموقراطية وقمعية كتلك التي جري شنها في تونس ومصر والجزائر خلال التسعينات. لذا فان من قبيل الافراط في التفاؤل الاعتقاد بان حكومات عربية ديمقراطية ستكون حتما اكثر كفاءة في محاربة المتطرفين - بغض النظر عن القيم التي قد تجيء بها الديمقراطية في مجالات أخري. ان التجربة التي مرت بها بلدان في مناطق مختلفة من العالم تثبت ان المجموعات الارهابية تستطيع العمل لفترات زمنية طويلة حتي في اطار ديموقراطيات ناجحة: سواء كان ذلك الجيش الجمهوري الايرلندي في بريطانيا او منظمة إيتا الانفصالية في مقاطعة الباسك باسبانيا. بل ان منظمة إيتا اكتسبت قوتها خلال العقدين الأولين في مسيرة اسبانيا نحو الديموقراطية، وازدهرت اكثر مما كانت عليه في ظل دكتاتورية الجنرال فرانسيسكو فرانكو. ان المجموعات المتشددة الملتزمة باسلوب العنف، قادرة ان تحدث ضررا اكبر وغالبا لفترات زمنية طويلة في ظل انظمة ديمقراطية هشة الكيان - كما يرجح ان تكون الديمقراطيات العربية الناشئة - ويتبدي ذلك بوضوح من خلال تجربة نمور التاميل في سيرلانكا وجماعة أبو سياف في الفليبين او الثوار الماويين في نيبال.
\r\n
\r\n
بقلم: مارينا او تاري
\r\n
\r\n
توماس كاروثرز
\r\n
\r\n
عن مجلة فورين بوليسي الأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.