والأخبار الأخيرة القادمة من إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، تشير إلى أن ذلك الأمر يمكن أن يحدث فعلا. \r\n \r\n فاستطلاع الرأي الذي تم إجراؤه في إندونيسيا، بتفويض من مؤسسة \"غد خال من الإرهاب\" وهي مؤسسة غير ربحية، كشف عن حدوث أول تحول كبير في الرأي العام في العالم الإسلامي، منذ أن بدأت الحرب العالمية على الإرهاب. تبين من ذلك الاستطلاع، أن هناك المزيد من الأفراد في إندونيسيا قد أصبحوا الآن يؤيدون الجهود الأميركية المضادة للإرهاب، بدلا من مناهضتها. وفي تغيير دراماتيكي تام للاتجاه، تبين أن الدعم الممنوح لقائد تنظيم \"القاعدة\" أسامة بن لادن، وللإرهاب عموما، قد هبط بشكل لافت، في حين ازداد عدد الأشخاص الذين يعتنقون آراء مؤيدة للولايات المتحدة. \r\n \r\n وقد أظهر استطلاع الرأي هذا، والذي تم إجراؤه بواسطة مؤسسة إندونيسية رئيسة من المؤسسات المتخصصة في إجراء تلك الاستطلاعات، أن السبب في حدوث هذا التحول الدراماتيكي في مواقف وآراء الشعب الإندونيسي، يرجع إلى الطريقة التي استجابت بها الولاياتالمتحدة الأميركية لكارثة \"تسونامي\"، التي ضربت العديد من المناطق الآسيوية، وتسببت في خسائر بشرية ومادية فادحة. ومما لا شك فيه أن التداعيات التي ترتبت على طريقة الاستجابة الأميركية هذه، هي تداعيات عميقة كما أنها واسعة النطاق. \r\n \r\n أول تلك التداعيات، أن تنظيم \"القاعدة\" وحلفاءه الرئيسيين قد تعرضوا إلى ضربة قاصمة، وذلك بعد أن تقلصت قاعدة الدعم والإسناد التي كانت تعتبر من مصادر قوة الإرهاب العالمي في أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان. وفي الحقيقة أن تحقق شيء مثل هذا، يجب أن يدفع الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن إلى مواصلة عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، التي تقوم بها في إندونيسيا، كي تحول دون قيام قاعدة الدعم والإسناد هذه بإعادة بناء نفسها. ويجب علينا أن نشير في هذا النطاق، إلى أن الرئيس بوش يستحق من الجميع أن يصفقوا له على قيامه بتقديم طلب بتخصيص ما يزيد عن مليار دولار في صورة مساعدات عاجلة لإندونيسيا، وهو الطلب الذي يجب على الكونجرس أن يوافق عليه بسرعة. \r\n \r\n ثانيا، يبين استطلاع الرأي هذا، أن حجم وقوة قاعدة الدعم للإرهاب العالمي يمكن أن يتغيرا تغيرا جذريا خلال فترة قصيرة من الزمان. وهكذا، فإنه يجب علينا أن نقوم وعلى نحو دائم، برصد تحولات الرأي العام، كي نرى ما إذا كان الدعم المقدم للإرهابيين المناوئين ينمو أم يتقلص أم يبقى على حاله. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن لجنة التحقيق في وقائع الحادي عشر من سبتمبر قد أوصت في تقريرها النهائي بضرورة قيام الولاياتالمتحدة الأميركية بوضع \"معايير للأداء\" في إطار الصراع الذي تخوضه ضد \"الإرهاب الإسلامي\". علاوة على ذلك فإن إصلاح الاستخبارات، وقانون منع الإرهاب الصادر في عام 2004 يتطلبان من الرئيس أن يؤسس:\"مقاييس لقياس النجاح\" الذي يتحقق في إطار \"صراع الأفكار في العالم الإسلامي\". \r\n \r\n إن استطلاعات الرأي العامة التي يتم إجراؤها بشكل منتظم في كل دولة من الدول الرئيسية في العالم، ستكون لها أهمية جوهرية في قياس مثل هذا النجاح بطريقة موضوعية. وعلاوة على ذلك، فإن نتائج استطلاعات الرأي تلك يجب أن تُقدم إلى الكونجرس وللشعب الأميركي كذلك تسهيلا لعملية المساءلة. \r\n \r\n أما الكونجرس فيجب عليه أن يقوم بتخصيص موارد مالية كافية لتلك الاستطلاعات، وأن يصدر تفويضا إلى وزارة الخارجية الأميركية كي تقوم بنشر النتائج في توقيتات مناسبة. \r\n \r\n في النهاية، فإن العنصر الأهم في الموضوع، أن استطلاعات الرأي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أفعال وتصرفات الولاياتالمتحدة، هي التي تؤدي إلى إحداث فروقات مباشرة ودالة، في درجة تآكل قاعدة الدعم والإسناد للإرهابيين العالميين. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن ذلك يدحض الادعاءات التي تقول إن كراهية الولاياتالمتحدة في العالم الإسلامي، ترجع إلى سمات معينة، وغير قابلة للتغيير سواء في الولاياتالمتحدة الأميركية، أو في المجتمع الإسلامي. \r\n \r\n وطالما أن الأمر كذلك، فإننا يجب أن نقوم على الفور ودون إبطاء بالتعرف على الخطوات التي يتعين على الولاياتالمتحدة اتخاذها في كل دولة من الدول التي يحقق فيها الإرهاب تقدما. \r\n \r\n ما أود قوله أنه على الرغم من أننا يجب أن نحارب الإرهاب الدولي بالمدافع وبالجواسيس إلا أننا يجب أيضا أن نحاربه بالأفكار وبالمساعدات، وبالمبادرات التعليمية، والأسواق المفتوحة، والدبلوماسية الشعبية النشطة والفاعلة. ويجب علينا بعد ذلك أن نوضح لشعوب العالم الإسلامي بجلاء أننا نحن- وليس الإرهابيين- الذين نقف إلى جانبهم، وخصوصا في الملمات التي تلم بهم، والتي كان آخرها كارثة \"تسونامي\" في المحيط الهندي. \r\n \r\n وتحقيق ذلك لن يكون سهلا. ولن نتمكن من النجاح ما لم تكن لدينا آليات لفهم الطريقة التي ينظر بها العالم إلينا، وكيف يستجيب الناس لأفعالنا. ويجب علينا كذلك أن نسعى إلى إجراء المزيد من الأبحاث، التي تهدف لتوفير البيانات التي يمكن أن تساعدنا على اتخاذ القرارات الصائبة. كما يجب علينا إلى جانب ذلك أن نتبع استراتيجية للدبلوماسية الشعبية، تعمل على الانخراط في حوار مع العالم الإسلامي، بما يمكننا من سماع هموم ذلك العالم في نفس الوقت الذي نقوم فيه بتوصيل رسالتنا له. \r\n \r\n وكما نقوم بالتركيز على التطورات المتسارعة والعميقة التي تحدث في الشرق الأوسط، فإننا يجب أيضا أن نركز على ما يحدث في العالم الإسلامي ونشعر بالتفاؤل والأمل بسبب حقيقة أن نفوذ الإرهاب الدولي قد بدأ يتقلص في إندونيسيا. والمطلوب منا المزيد من العمل الشاق، كي نحافظ على هذا النجاح ونبني عليه، وكي نحقق نتائج مماثلة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. والأنباء الطيبة التي سمعناها مؤخرا تدل على أن هذا الشيء قد غدا ممكنا. \r\n \r\n \r\n لي. إتش. هاميلتون \r\n \r\n نائب رئيس لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، \r\n ورئيس مركز \"وودرو ويلسون\" في واشنطن \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n