أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    في يوم العمل الإنساني.. دعم إماراتي متواصل لإغاثة المحتاجين حول العالم    حسام المندوه: عقدنا جلسة مع وزير الإسكان وجاري حل أزمة أرض أكتوبر    مساعد وزير الداخلية الأسبق: 50 جنيهًا غرامة عبور المشاة عشوائيًا.. والمطلوب هو التطبيق الفعلي    «الأهم تدعوا لها».. محمود سعد يرد على شائعات تدهور حالة أنغام الصحية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    "تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بالصور العرض الخاص لدرويش في الرياض بحضور عمرو يوسف والفيلم تجاوز 10 ملايين جنيه في أربعة أيام عرض بمصر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محرز يقود تشكيل الأهلي المتوقع أمام القادسية في السوبر السعودي    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحريات الأميركية أول ضحية لأحداث سبتمبر، كلينتون يتحمل المسئولية عن نواة الدولة
نشر في التغيير يوم 14 - 03 - 2005


\r\n
لماذا؟ أخبرنا ماكفى بإسهاب بليغ. ولكن قادة أميركا وأجهزة إعلامهم فضّلوا أن يصفوه بأنه وحش سادي مجنون وليس شخصاً طيباً مثل بقية الناس أقدم على فعلته لا لشيء ولا لسبب سوى الاستمتاع العابث. وفي 11 سبتمبر 2001، قام أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه بتسديد ضربات إلى أهداف في مانهاتن والبنتاغون. وسارعت الطغمة الحاكمة في البنتاغون المسئولة عن إدارة شئوننا إلى برمجة رئيسهم لكي يخبرنا أن بن لادن كان «فاعل شر» يحسدنا على صلاحنا وثروتنا وحريتنا.
\r\n
\r\n
\r\n
لا شيء في هذه التفاسير يمكن أن يكون معقولاً، ولكن حكام أميركا طوال أكثر من نصف قرن قد عملوا على التأكد بأن لا يطلعنا أحد أبداً على الحقيقة عن أي شيء فعلته الحكومة الاميركية بالشعوب الأخرى علاوة كما في حالة ماكفى على ما تفعله بالاميركيين. وكل ما يتبقى لدينا بعد ذلك هو أغلفة ضبابية لمجلتي «التايم» و«النيوزويك» حيث تطالعنا شخصيات بشعة، يتطاير من عيونها الشرر في حين تنسج النيويورك تايمز وطاقمها من المُزيِّفين قصصاً معقّدة عن أسامة المجنون وماكفي الجبان.
\r\n
\r\n
\r\n
وهكذا يقنعون معظم الأميركيين أن رجلين مشبوهين غير سويين فقط يمكن أن يمتلكا الجرأة، لكي يهاجما أمة تنظر إلى نفسها باعتبارها أقرب إلى الكمال من أي مجتمع بشري آخر. ولم يتطرق أحد أبداً إلى إمكانية أن الطغمة التي تحكم أميركا قد وجّهت استفزازاً جدياً «خطيراً» إلى ماكفى (وهو بطل أميركي أصيل في حرب الخليج) وأسامة، الذي يدّعي أنه المدافع عن الإيمان.
\r\n
\r\n
\r\n
الأشياء تحدث كما تحدث عرضاً في أجهزة الإعلام الأميركية، ونحن المستهلكون لا نحتاج الى أن يخبرنا أحد عن السبب وراء أي شيء، ومن المؤكد أن أولئك الذين يعملون منا في مهنة البحث والتحري عن الأسباب، سيمضون وقتاً صعباً في محاولتهم الوصول إلى ما يقصدونه من خلال أجهزة الإعلام الأميركية، التي ترعاها شركات كبرى، كما اكتشفت أنا شخصياً عندما حاولت أن أفسّر ماكفى في مجلة (فانيتي فير)، أو عندما منذ 11 سبتمبر فشلت محاولاتي لنشر ما أكتبه.
\r\n
\r\n
\r\n
صوت أيلولي آخر جرى إسكاته هو صوت آرنوجي ماير، الأستاذ المتمرس في التاريخ بجامعة برنستون، الذي قوبل مقاله المعنون (تأملات في غير أوانها) بالاعتذار عن النشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك مجلة (نيشِن)، حيث كنت أنا محرراً مشاركاً في الكتابة طوال سنوات عديدة (وحيث قوبلت تأملاتي في غير أوانها عن 11 سبتمبر بالرفض والامتناع عن نشرها كذلك) نشر ماير مقاله في الجريدة اليومية الفرنسية (لوموند). وكتب يقول في جانب من مقاله:
\r\n
\r\n
\r\n
«حتى الآن، في الأزمنة الحديثة، كانت الأعمال الإرهابية الفردية هي سلام الضعفاء والفقراء، بينما كانت الأعمال الإرهابية الرسمية والاقتصادية هي أسلحة الأقوياء. ومن المهم، بالطبع، ان تميّز في هذين النمطين من الإرهاب معاً، بين الهدف والضحية. وهذا التمييز واضح تماماً في الهجوم المميت على مركز التجارة العالمي. فالهدف كان رمزاً كبيراً ومحوراً بارزاً من رموز ومحاور القوة المالية والاقتصادية للشركات العولمية.
\r\n
\r\n
\r\n
والضحية كانت القوة العاملة المنكودة الطالع والتابعة جزئياً. ومثل هذا التمييز لا ينطبق على الضربة التي سددت إلى البنتاغون. لأنه يضم القيادة العسكرية العليا القوة النهائية الأخيرة للعولمة الرأسمالية، حتى ولو أنها تنطوي، في اللغة الخاصة بالبنتاغون، على (أضرار جانبية) للحياة البشرية».
\r\n
\r\n
\r\n
تاريخ ثقيل على الظهور
\r\n
\r\n
\r\n
مهما يكن الامر، فإن أميركا كانت منذ سنة 1947 هي الدولة الرئيسة والرائدة في ارتكاب أعمال الإرهاب الرسمي «الاستباقي»، على العالم الثالث حصراً وتحديداً، ولذلك جرى إخفاء تلك الأعمال على نطاق واسع. وبالإضافة إلى أعمال تخريب الحكومات وإسقاطها بدون نقد أو اعتراض في منافسة مع الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، فإن واشنطن قد لجأت إلى استخدام الاغتيالات السياسية، وفرق القتل بالوكالة، ومقاتلين غير لائقين من أجل الحرية.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت العقل المفكر والمدبّر في قتل لومومبا وألليندي. وحاولت بلا جدوى أن تغتال كاسترو والقذافي وصدام حسين. واستخدمت حق النقض ضد جميع المحاولات الرامية إلى وضع حد ليس فقط للخرق الإسرائيلي للاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بل أيضاً ممارستها لإرهاب الدولة الاستباقي. وينبغي أن أشير إلى أن (اللوموند) هي جريدة محافظة معتدلة تتوجه إلى النخبة من ذوي الثقافة الرفيعة، وأنها كانت طوال عقود من السنين مؤيدة لإسرائيل، وآرنو ماير نفسه قد قضى «أياماً مدرسية» في معتقل ألماني.
\r\n
\r\n
\r\n
أما مقالي عن 11 سبتمبر فإنه نشر لاحقاً بالإيطالية في كتاب شبيه بهذا الكتاب. ولدهشة الجميع، فإن ذلك الكتاب أصبح فوراً من أفضل الكتب في المبيعات. وتُرجم بعد ذلك إلى دزينة من اللغات الأخرى، وبالنسبة إلى بن لادن وماكفي معاً، فكرّت أنه من المفيد أن أتولى وصف الاستفزازات المختلفة من جانبنا، التي دفعتهما إلى ارتكاب مثل تلك الأعمال الرهيبة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001، عندما كان طيارون انتحاريون ينقضّون بطائرات مدنية تجارية على أبنية أميركية مزدحمة، لم أكن أحتاج للنظر إلى الروزنامة لكي أعرف أي يوم كان ذلك اليوم: الثلاثاء المظلم كان يُلقي بظلِّه الطويل عبر مانهاتن وعلى امتداد نهر البوتوماك. كما لم أشعر بالدهشة لأنه لم يكن هناك إنذار مسبق من مكتب التحقيقات الفيدرالي أو من وكالة المخابرات المركزية أو من وكالة الاستخبارات الدفاعية، على الرغم من أننا قد أنفقنا منذ سنة 1950 ما يقرب من سبعة آلاف مليون دولار على ما سُمِّي بتعبير مخفَّف ومُلطَّف «دفاعاً».
\r\n
\r\n
\r\n
عندما كان البوشّيّون يعدون بشغف للحرب ما قبل قبل الأخيرة صواريخ من كوريا الشمالية، تحمل علامات مميزة واضحة هي الرايات، ستمطر على بورتلاند في أوريغون، لكي تعترضها مناطيد درعنا الواقي من الصواريخ كان الثعلب الماكر أسامة بن لادن يعلم ان كل ما يحتاجه هو في حربه، أن يكون لديه طيارون مستعدون لقتل أنفسهم بالإضافة إلى أولئك المسافرين العابرين الذين يتفق وجودهم في الطائرات التجارية المخطوفة.
\r\n
\r\n
\r\n
الهاتف يواصل الرنين، إنّي أقضي فصل الصيف في جنوب نابولي بايطاليا. الجرائد ومحطات التلفزيون والإذاعة الإيطالية تريد تعليقاً. وكذلك أريد أنا. وكنت قد كتبت مؤخراً عن بيرل هاربر. والآن يواجهونني بالسؤال نفسه مرة بعد أخرى: أليس هذا بالضبط مثل الأحد صباحاً في السابع من ديسمبر سنة 1941؟ فأجيب: كلا، إنه ليس كذلك. وعلى حد ما نعلم الآن، لم يكن لدينا إنذار بالهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء. بالطبع، لدى الحكومة الأميركية اسرار عديدة جداً يبدو أن أعداءنا يعرفونها مسبقاً دائماً، ولكن شعبنا لا يخبره أحد عنها إلا بعد سنوات، هذا إذا أخبره أحد على الإطلاق.
\r\n
\r\n
\r\n
الرئيس روزفلت استفز اليابانيين للهجوم علينا في بيرل هاربر. وقد وصفت الخطوات المختلفة التي اتخذها في كتابي (العصر الذهبي). ونحن نعلم الآن ما الذي كان يدور في ذهنه: أن يذهب لنجدة بريطانيا ضد هتلر حليف اليابان. وهي مكيدة مبررة أخلاقياً انتهت بانتصار لصالح الجنس البشري. ولكن ما الذي دار يدور في ذهن بن لادن؟
\r\n
\r\n
\r\n
طوال عدة عقود من الزمن، كانت هناك عملية دائبة حثيثة لتقديم العالم الاسلامي في أجهزة الإعلام الأميركية بوصفه شيطاناً. وبما أنني أميركي مخلص، لا يُفترض فيّ أن أخبركم لماذا حدث ذلك، ولكن ليس من غير المعتاد لنا في الوقت نفسه أن نتفحص لماذا يحدث أي شيء؟ وحينذاك نتهم الآخرين بكل بساطة بأنهم يقومون بعمل شرير بلا دافع أو سبب. هكذا يصرّح جورج دبليو بوش «نحن أخيار هم أشرار». مما يحسم الوضع ويجمعه في رزمة أنيقة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي وقت لاحق، أوضح بوش ما يعنيه في خطاب ألقاه في اجتماع مشترك لمجلسي الكونغرس حين شاركهم وشارك بقيتنا نحن غير المحظوظين في مكان ما على الجانب الآخر من الطريق الدائرية المطوِّقة بعلمه العميق الذي يسبر خدع وأساليب «القاعدة»: «إنهم يكرهون ما يرونه هنا في هذه القاعة بالذات». وأنا أظن أن مليوناً من المواطنين الأميركيين أحنوا رؤوسهم موافقين بحزن أمام شاشات تلفزيوناتهم. «إن زعماءهم قد نصّبوا أنفسهم. إنهم يكرهون حريتنا، حريتنا في الدين، حريتنا في الكلام، حريتنا في التصويت والاجتماع والاختلاف مع بعضنا البعض». وفي هذه اللحظة المدوية، أي أميركي لن تدفعه عاطفته الجياشة إلى ابتلاع الطعم؟
\r\n
\r\n
\r\n
إذا ثبت أن العربي البالغ الرابعة والأربعين من عمره، بن لادن، هو المحرِّك الأساسي، فمن دواعي العجب إننا لا نزال لا نعرف عنه حتى الآن إلا القليل. أسامة، الذي يصل طوله إلى ستة أقدام وسبع بوصات، يدخل إلى التاريخ في سنة 1979 كمقاتل من رجال العصابات، يعمل جنباً إلى جنب مع وكالة المخابرات المركزية للدفاع عن أفغانستان ضد الغزاة السوفييت. هل كان معادياً للشيوعية؟ سؤال لا علاقة له بالموضوع، فهو لا يريد وجود كفّار من أي نوع في العالم الإسلامي.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد وُصف أسامة بأنه ثري فاحش الثراء، ولكنه على رأي أحد أقربائه، لا يملك إلا ملايين قليلة من الدولارات فقط، وكان والده هو الذي قام بتكوين ثروة طائلة بشركة للانشاءات وتساوي تلك الشركة الآن عدة مليارات من الدولارات، من المفترض أن يشارك فيها (54) فرداً من أشقاء وشقيقات أسامة.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من أنه يتكلم الإنجليزية بطلاقة تامة، إلا إنه كان قد نال تعليمه كلياً في جدة. ولم يسافر أبداً إلى خارج شبه الجزيرة العربية. وعاش عدة أشقاء في منطقة بوسطن وتبرعوا بمبالغ كبيرة إلى جامعة هارفارد. وقيل لنا أن العديدين من أفراد عائلته يبدو أنهم قد تبرأوا منه، وأن الكثير من أرصدته في السعودية قد جرى تجميدها.
\r\n
\r\n
\r\n
سؤال مؤرق
\r\n
\r\n
\r\n
أسامة بن لادن جامع أموال ممتاز ، ولكن في العالم العربي فقط. وخلافاً لما يشاع، فإنه لم يقبض مالاً من وكالة المخابرات المركزية. وقد أنذر السلطات السعودية بأن صدام حسين سيغزو الكويت، وافترض أسامة أنه بعد انتصاراته كمقاتل في حرب العصابات ضد الروسيين، فإنه سيكون له دور في العمل لوقف العراقيين عند حدهم ولكن الامور لم تسر على هذا النحو.
\r\n
\r\n
\r\n
أقنع أسامة أربعة آلاف عربي بالذهاب إلى أفغانستان لكي تقوم جماعته بتدريبهم عسكرياً.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي سنة 1991، انتقل أسامة إلى السودان، وفي سنة 1994، كان أسامة قد أصبح بالفعل شخصية أسطورية في العالم الإسلامي. وعلى هذا النحو مثل الشخصية الشيكسبيرية كوريولانوس فإنه يستطيع أن يقول «إنني هناك عالم في مكان آخر». ولسوء الحظ، فإن ذلك العالم هو نحن. في «إعلان للحرب» يتألف من اثنتي عشرة صفحة قدّم أسامة نفسه كالمحرّر الممكن للعالم الإسلامي من الشيطان الأكبر للفساد الحديث، الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
قامت منظمة أسامة بتفجير اثنتين من سفاراتنا في إفريقيا، وأحدثت ثقباً في جانب سفينة حربية أميركية بمحاذاة اليمن، وقذف كلينتون صاروخاً على معمل سوداني للأسبرين، وهكذا سرنا إلى أحداث الثلاثاء الاسود، وعندئذ تحوّل جورج دبليو بوش أمام أنظارنا إلى رئيس للمشجّعين كما كان في المدرسة الثانوية. فوعدنا أولاً ليس «بحرب جديدة» فقط بل «بحرب سرية»، والأفضل من كل ذلك، بحسب الومضة في عينه، «حرب طويلة جداً»، وفي الوقت نفسه، فإن «هذه الإدارة لن تتحدث عن أية خطط قد تكون لدينا أو لا تكون. . . ونحن سنعثر على هؤلاء الأشرار، وسنعتبرهم مسئولين ونحاسبهم»، جنباً إلى جنب مع الأشرار الآخرين الذين قاموا بإيواء أسامة.
\r\n
\r\n
\r\n
اعتباراً من الشهر الأول من عام 2002، تزعُم قيادة البنتاغون أن تخريب أفغانستان بقوتنا الجوية المحلِّقة على ارتفاعات عالية كان نصراً عظيماً (لا يذكر أحد أن الأفغانيين لم يكونوا أعداءً للأميركيين كان هذا الأمر شبيهاً بتدمير باليرمو للقضاء على المافيا). وعلى كل حال، فإننا قد لا نعرف أبداً ماذا تحقق، إذا كان قد تحقق أي شيء على الإطلاق، من كسب أو خسارة (سوى الكثير الذي خسرناه من لائحة الحقوق).
\r\n
\r\n
\r\n
رامسفيلد، وهو عضو في قيادة البنتاغون، جعل شغله الشاغل أن يسخر يومياً من ثلة من «الصحافيين» على شاشات محطات التلفزيون في نشراتها الإخبارية. بتطويل فائق لا يخلو من جوانب مسلية، لا يخبرنا «رامي» شيئاً عن خسائرنا ولا عن خسائرهم. ويبدو إنه يعتقد بالفعل أن أسامة العاطفي الحسّاس يختبيء في كهف يقبع على حدود باكستان، بدلاً من أن يستقر في قصر في إندونيسيا أو ماليزيا، وهما بلدان معروفان بكثافتهما السكانية العالية، ويتمتع هو فيهما بإعجاب لا نحظى نحن به.
\r\n
\r\n
\r\n
ومهما يكن الأمر، فإننا لم يسبق أبداً في تاريخنا الطويل من الحروب غير المعلنة وغير الدستورية أن عومِلْنا، نحن الشعب الأميركي، بمثل هذا الازدراء الفظ (مجرد عدد كبير من حملة الرماح الذين تفرض عليهم ضرائب باهظة)، ويتم استدعاؤهم من حين إلى آخر للمشاركة في تصويت عرضي يتعرض إلى التلاعب.
\r\n
\r\n
\r\n
ذكريات قاهرية
\r\n
\r\n
\r\n
عندما كان أسامة في الرابعة من عمره، وصلت إلى القاهرة لإجراء حديث مع عبدالناصر تنشره مجلة (لوك). واستقبلني محمد حسنين هيكل، المستشار الأقدم للرئيس عبدالناصر. لم تحدث المقابلة مع عبدالناصر، كان موجوداً في المتراس (معتكفه الذي يطل على النيل). وكان قد نجا تواً من محاولة اغتيال. وكان هيكل يتكلم الإنجليزية بطلاقة تامة. وكان تهكمياً، خبيراً بشئون الدنيا والناس. وتبادلنا الأحاديث على نحو متقطع بين فترة وأخرى طوال أسبوع. عبدالناصر يريد تحديث مصر.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن هناك عنصراً رجعياً، يقف في طريقه. وبعد ذلك مفاجأة. «لقد اكتشفنا شيئاً غريباً جداً، الشبان القرويون الصغار الأذكياء منهم الذين نتولى تعليمهم لكي يصبحوا مهندسين وكميائيين وما إلى ذلك، ينقلبون علينا وينتمون إلى الجناح اليميني؟».
\r\n
\r\n
\r\n
كان هيكل ابناً روحياً للتنوير الأوروبي في قرننا الثامن عشر. وعاد هيكل إلى ذاكرتي في يوم الثلاثاء المظلم، عندما قام أحد أبناء جيله العربي الذي أُنجز تحديثه بتسديد ضربة هجومية إلى هدف كان قبل أربعين عاماً نموذجاً للدولة العصرية في نظر عبدالناصر. ومع ذلك، كان أسامة يبدو في جميع الروايات ليس أكثر من مسلم عادي يؤدي جميع فروض الدين، في مقابل المسلم المتعصب المتحمس. والمفارقة الساخرة هي إنه قد أكمل تعليمه كمهندس.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن المفهوم أنه يكره الولايات المتحدة كرمز وكواقع. وأطلق أسامة على العدو الأساسي اسم «التحالف الصليبي الصهيوني». وهكذا، في عبارة واحدة، عرّف نفسه وذكّر منتقديه بأنه مسلم ، وناشط يشبه ناشطينا المتزمتين المهرجين المضحكين من زمرة فالويل وروبرتسون، ولكنه يختلف عنهم بأنه جاد، يعني ما يقوله، ويفعل ما يعلنه. وسيذهب إلى الحرب ضد الولايات المتحدة، «رأس الافعى».
\r\n
\r\n
\r\n
الزناد الخطر
\r\n
\r\n
\r\n
على الرغم من أن إدارة بوش حمقاء إلى درجة مخيفة في جميع مهماتها باستثناء مهمتها الأساسية، وهي إعفاء الأغنياء من الضرائب!، فإنها قد مزّقت برعونة متناهية معظم المعاهدات التي تقرّها الأمم المتمدنة مثل اتفاقيات كيوتو حول حماية البيئة أو اتفاقية الصواريخ النووية مع روسيا. ويواصل البوشيون نهبهم المتفاقم للخزينة الوطنية. والآن، وبفضل أسامة، ذهبت أموال الضمان الاجتماعي (التي يفترض أنها وديعة ائتمانية لا تُمس) إلى تسديد نفقات حرب تكلفنا حالياً ثلاثة مليارات دولار شهرياً. وسمحت لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية إما أن تنفلت جامحة من عقالها أو أ�� لا تتزحزح قيد أنمله، عن موقفها.
\r\n
\r\n
\r\n
وتركتنا مع أول إمبراطورية «ضرورية»، وبطلب شعبي، مع آخر امبراطورية عالمية، تماماً مثل «ساحر أوز» الذي يحاول أن يقنع مشاهديه أن خدعه وحيله هي منجزات سحرية حقيقية، آملاً ألا يكتشفه أحد. وفي هذا الوقت نفسه، يهدر بوش قائلاً: «إما أن تكونوا معنا، أو تكونوا مع الإرهابيين». ومثل هذا القول يعني أن قائله يجلب الويل على نفسه، ويدعو العدو إلى مهاجمته.
\r\n
\r\n
\r\n
لكي يكون المرء منصفاً، لا يسعه أن يضع اللوم في تشوشنا كلياً على عاتق الرئيس الحالي صاحب المكتب البيضاوي. وعلى الرغم من أن أسلافه من الرؤساء كانوا على درجة من الذكاء أعلى منه، إلا أنهم بدورهم كانوا قد خدموا باجتهاد دائب أولئك الذين يشكلّون واحداً بالمئة من السكان ممن يملكون البلاد تاركين الآخرين تائهين على غير هديً.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان بيل كلينتون يستحق اللوم بوجه خاص. وعلى الرغم من كونه أكفأ وأقدر رئيس منذ فرانكلين ديلانو روزفلت، إلا أن كلينتون، في سعيه المحموم لتحقيق انتصارات انتخابية، فإنه وضع الزناد في مكانه المناسب لقيام دولة بوليسية، ذلك الزناد الذي يضغطه خلفه الآن بكل انشراح وسرور.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.