ولكن خطابه الذي استغرق 53 دقيقة تم متابعته وتحليله أيضاً باهتمام استثنائي حول العالم، خاصة في الشرق الأوسط الذي حظي بانتباه منقطع النظير. وعليه ماذا يتوقع الآخرين من ولايته الثانية والأخيرة؟ \r\n \r\n الفكرة الرئيسية في الخطاب كانت مألوفة وسهلة: أمريكا ستحارب على جبهتها الداخلية والخارجية من أجل \"هدف مثالي هو الحرية للجميع\". وكانت لحظة الذروة بالنسبة للكابيتول هيل عندما ظهرت امرأة عراقية وأصبعها ما يزال مصطبغاً بالحبر الأرجواني تعبيراً عن مشاركتها بالعملية الانتخابية يوم الأحد. وكان المشهد الأكثر تأثيراً عندما عانقت والدي أحد جنود البحرية الذي كان قد لقي حتفه في الفلوجة. المشهد بدا مفتعلاً للبعض بينما بدا رمزياً ومؤثراً بالنسبة للبعض الأخر. هذا المشهد كان بمثابة ملاحظة للسيد بوش تقول \"دع الحرية تسود\"، وهذه الملاحظة كانت مكتوبة ضمن رسالة تطالبه بتسليم السلطة للحكومة العراقية المؤقتة في نهاية شهر حزيران. \r\n \r\n ولكن مثل هذه المواقف الانفعالية لا تستطيع أن ترشدنا إلى الطريق. منتقدو الرئيس يقولون أنه لا يملك أية استراتيجية للوصول إلى أهدافه، فخطابه بدا كالموعظة أكثر من كونه برنامجاً، وقد قالت عنه النيويورك تايمز أنه \"تهليلة أو أنشودة تدعو للحرية والديمقراطية\". في هذا الخطاب تفوه الرئيس بكلمات تحذير انتقائية، فقد طلب من إيران، التي يراها طرفاً في محور الشر الرئيسي، التوقف عن السعي للحصول على أسلحة نووية وعن دعم الإرهاب. ولا شك أن الأوربيين شعروا بالراحة عندما أشار إلى موافقته على جهودهم الدبلوماسية مع طهران، وهذه الرسالة نفسها سوف تكررها وزيرة الخارجية الجديدة كونداليزا رايس في لبنان وغيرها من البلدان خلال الأيام القادمة. \r\n \r\n سوريا، التي تعتبر خارج محور الشر الرئيسي، هي أيضاً أمرت بإنهاء الإرهاب و\"فتح الباب للحرية\". ومن أجل خلق توازن بين هذه التحذيرات كان هناك إشارات لطيفة لاثنتين من الدول العربية الحليفة مع أنها لا تعتبر مؤيداً قوياً للقيم التي يعتنقها بوش بحرارة: أولهما السعودية التي تم حثها على \"توسيع دور شعبها في تقرير مستقبله\". ومصر، التي تعتبر المتلقي الأكبر للمساعدات الأمريكية خارج إسرائيل، والتي \"قد تنير الطريق أمام الآخرين إلى الديمقراطية\". ولكن ليس هناك ما يشير إلى احتمال مواجهة أي منهما لعواقب سلبية إذا لم تقوما بذلك. ربما كان الرئيس يضع ذلك في ذهنه عندما شرح أن الديمقراطية هي هدف أمريكا الأخير وليست هدفها الفوري. إذا كان هذا يدل على أن حماسه لتغيير العالم قد برد، وأنه بدأ يتوجه نحو أسلوب \"أكثر إرضاءاً\"، وهو ما يتوقعه بلير من واشنطن، فقد تكون هذه أخباراً جيدة. \r\n \r\n مما لاشك فيه أن الديمقراطية والحرية أمران عظيمان بالنسبة للجميع، عدا أولئك الذين ذكرنا بهم السيد بوش أمثال \"الزرقاوي الإرهابي\" الذين كانوا مغمورين خلال الفترة القصيرة الماضية ولكنهم أصبحوا اليوم العدو اللدود لنا جميعاً والفضل يعود للعراق و\"للحرب على الإرهاب\" في إقحامهم ضمن صراع ضخم. ولكن كيف سيتم الوصول إلى الديمقراطية والحرية، وما الثمن، ومن سيقوم بذلك؟ ما تزال هذه أسئلة جدلية كما كانت قبل سقوط صدام. ما يزال العديد من الأوربيين والعرب يشكون بالدوافع التي تحرك أمريكا ويتساءلون أيضاً عن الحكمة في نشر \"دبابات جيفرسون\" لتحقيق الديمقراطية والحرية في \"البلاد التي تسودها حكومات مستبدة\". \r\n \r\n إن الرئيس الذي يستحوذ طموح الشرق الأوسط الكبير على تفكيره، لم يجد شيئاً ليقوله حول الصين، روسيا، أفريقيا، أو أمريكا اللاتينية، وهذا أمر يدعو للقلق. ولكن السيد بوش كرر التزامه بإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة. إذا كان سيحقق ذلك فعلاً ، وإذا كان كلماته الفصيحة سوف تساعد في \"التخلص من جميع الظروف التي تغذي الأصولية ومن الأيديولوجيات المجرمة\" فإن حكم التاريخ عليه وقته سيكون ألطف بكثير مما يبدو عليه الآن. \r\n \r\n \r\n \r\n