ليس ثمة شك أن بولتون وآخرين قد أساءوا استخدام الاستخبارات المتعلقة بأسلحة الدمارالشامل لنسج خيوط حرب العراق ولسد الطرق أمام فرص الحوار السياسي في حالتي كوبا وكوريا الشمالية . وعلى امتداد تاريخ الاستخبارات الأميركية كانت هناك نماذج مشابهة لإساءة استخدام الاستخبارات وتحويرها مثل تبرير حرب المكسيك والحرب الأسبانية الأميركية وحرب فيتنام ، بيد أن ما حدث من كبار المسؤولين بليهم عنق الحقيقة حول الاستخبارات التي سبقت حرب العراق هي بحق أمر غير مسبوق . \r\n وقد جاء تقرير روب سيلبرمان عن القدرات الاستخباراتية التي توثق الخطأ الذريع الذي ارتكبته وكالة الاستخبارات المركزية ( السي آي ايه ) بخصوص أسلحة الدمار الشامل العراقية ليبرئ ساحة إدارة بوش من استغلال الاستخبارات لشن الحرب على الرغم مما تضمنه التقرير من وقائع لتسيس الاستخبارات . \r\n وقد ذكر التقرير أن السي آي ايه فشلت في الاعتراف أن التقارير الأساسية قد جرى تلفيقها وفشلت مرة ثانية في تصحيح التقييمات الاستخباراتية كما فشلت أيضا في حماية هؤلاء النفر القليل من المحللين الذين طالبوا بالتحقيق في الاستخبارات بالإضافة إلى فشلها في السماح بمناقشة التباينات الجوهرية في التحليلات المقدمة. وفي عبارة أخرى تميزت تلك العملية بالمخادعة إلى درجة حالت دون ادراك كبار السياسيين لها . \r\n وجاءت نتيجة تلك المهام شديدة الحساسية من قبل السي آي ايه لتجعل الوكالة ضعيفة أمام الضغوط السياسية . وعلى مدار سنوات عدة بذلت جهود حثيثة لتشويه نتائج التحليلات وتحريفها ومصادرة أدلة تمثل نوعا من التحدي أمام سياسة معينة أو وجهة نظر من يؤيدونها. \r\n و تكتسب مسألة ترشيح بولتون أهمية خاصة لأنها تميط اللثام عن رغبة محللي السي آي ايه ووزارة الخارجية الأميركية في مجابهة الضغوط التي تعرضوا لها بيد أن الوضع لم يكن كذلك بالنسبة لمحللي استخبارات السي آي ايه حول العراق. \r\n وتكشف لنا الطريقة التي تعاملت بها السي آي ايه مع وثائق أسلحة الدمار الشامل العراقية صورة أكثر دقة لتسييس المعلومات سواء عن طريق تغيير الأشخاص أو الإجراءات . \r\n وفي عام 1991 جرى تثبيت غيتس في منصبه كمدير للاستخبارات المركزية على الرغم من وجود معارضة غير مسبوقة داخل مجلس الشيوخ إلى جانب الوقائع الموثقة التي شهدت عمليات تسييس للاستخبارات . ورغما عن أن خدمته لم تتجاوز 15 شهرا في منصبه كمدير للسي آي ايه فقد استطاع ترقية كثير من المسؤولين الذين لعبوا دورا محوريا في العمل الاستخباراتي - بما فيهم جون ماكلوخلين النائب السابق للمدير - الذي لعب دورا فاعلا في تسييس الاستخبارات الخاصة بأسلحة الدمار الشامل العراقية \r\n وإذا ما أجاز مجلس الشيوخ تثبيت ترشيح بولتون كسفير للولايات المتحدة في الأممالمتحدة فسوف يحمل ذلك مدلولا خاطئا بأن لجنة الاستخبارات في مجلس \r\n الشيوخ ليست لها مصلحة في تسييس الاستخبارات . وكذا فسوف تزيد من صعوبة مهمة جون نيغروبونتي مدير الاستخبارات الوطنية في مسعاه لتصحيح المشاكل الهيكلية التي تعاني منها السي آي ايه ومجتمع الاستخبارات الأميركي برمته . \r\n \r\n ميلفين غودمان \r\n محلل سابق في السي آي ايه وزميل مركز السياسات الدولية الأميركي \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن) \r\n