هذا المثال يقدم لنا القدوة لما يجب ان يكون عليه الوضع في الاستقالات التي يتوجب على أصحابها ان يقدموها‚ \r\n \r\n في هذه الأيام عندما يستقيل وزير من الحكومة باستثناء الاستقالة لأسباب شخصية او بسبب عدم الاتفاق مع سياسة الحكومة فإنه لا يعترف بانه ارتكب اي خطأ‚ ويمكن رؤية هذا في التبريرات التي تصاحب الاستقالة‚ \r\n \r\n وعندما استقال بيتر ماندلسون كوزير للتجارة في عام 1998‚ بدأ رسالته الموجهة الى توني بلير بالقول «لا أعتقد انني ارتكبت أي خطأ او تصرف غير مناسب»‚ ثم عاد واستخدم نفس هذه الصيغة كوزير لايرلندا الشمالية‚ بيان الاستقالة ذكر فيه «لن اقبل ان يقال تحت اي ظرف من الظروف انني تصرفت بصورة غير مناسبة»‚ \r\n \r\n أما ديفيد بلنكيت فقد ذكر في كتاب استقالته «ان كل شيء قلته خلال الأسابيع القليلة الماضية اعتقد انه كان صحيحا»‚ \r\n \r\n وعندما شنت الحرب على العراق كنت بطريقة أو أخرى أؤيدها‚ كان لدي هواجسي وكان عقلي يرفض استرضاء طاغية خاصة عندما يقال لنا ان هذا الطاغية يعمل على انتاج كميات كبيرة من أسلحة الدمار الشامل‚ \r\n \r\n وحتى الآن اعتقد ان العالم اصبح أفضل بدون صدام حسين‚ ولكن يبدو ان تلك الكميات الضخمة من أسلحة الدمار الشامل التي عمل صدام على انتاجها كان يمكن ان يخبئها تحت قبعته العسكرية لانه وبكل بساطة ظهر انه ليس لها وجود! \r\n \r\n يخيل إلي انه كان يتوجب على توني بلير ان يقدم استقالته بسبب تلك الحرب‚ فليس كافيا ان يقول لنا بلير انه تصرف بنية طيبة وان القرارات التي اتخذها كانت بناء على المعلومات التي قدمت له وانه ليس كاذبا‚ ما يعنيه بلير هو انه حاول طوال الوقت التصرف بشرف آخذا بعين الاعتبار مصالح الشعب البريطاني‚ وانه لم يتصرف بصورة غير مناسبة وانه في النهاية لم يفعل اي شيء خطأ‚ وعليه فإن كل ما حصل «لا يشكل» أسبابا معقولة تدفعه لتقديم استقالته ويصر بدل ذلك على القول ان كل ما حصل هو مجرد سوء تقدير على الأمور المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل‚ \r\n \r\n ان ذنب بلير لا يقتصر على اقتراف بعض الأخطاء الصغيرة بل يتعلق بارسال الآلاف من شبابنا إلى الحرب ومقتل الكثيرين منهم هناك‚ ان ما حصل هو فعلا سوء تقدير ولكنه سوء تقدير خطير لا يمكن السكوت عنه او غض الطرف‚ \r\n \r\n وبالرغم من انني اعتقد ان العالم اصبح افضل بدون صدام فإن هذا لا يعني ان نبدي عدم اكتراث لبقاء بلير في السلطة لفترة ثالثة لأن هذا معناه الاستهزاء بفكرة المسؤولية السياسية‚ \r\n \r\n والسؤال الذي يجب ان نسأله لرئيس الوزراء هو: هل كنت ستشن الحرب لو انك علمت ان العراق لم يكن يمتلك أي نوع من أسلحة الدمار الشامل؟ \r\n \r\n الجواب هو بالتأكيد لا‚ \r\n \r\n والذي حصل ان البرلمان والبلاد كلها ضللت ولا تزال تضلل حتى يومنا هذا‚ فالقول بان رئيس الوزراء الذي أساء التقدير فعل ذلك بسبب معلومات غير صحيحة قدمت له‚ حجة واهية وغير مناسبة ولا يمكن لعاقل او نصف عاقل الأخذ بها‚ \r\n \r\n في المؤتمر الأخير الذي عقده حزب العمال البريطاني وقف بلير ليقول «بامكاني الاعتذار عن المعلومات التي اتضح لاحقا انها كانت خاطئة ولكن ليس بوسعي الاعتذار عن الاطاحة بصدام»‚ \r\n \r\n انني اتصور كم كان السير توماس دوغويل سيشعر بالألم لو قدر له الاستماع في قبره لخطاب بلير‚ \r\n