في الجلسة الافتتاحية للجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل عامين, ألقى الأمين العام, كوفي أنان, خطابا مفعما بالكآبة, قال فيه: »لقد وصلنا إلى منعطف خطر في الطريق, ومرحلة لا تقلّ عن درجة الحسم لعام ,1945 عام تأسيس الأممالمتحدة«. وكان أنان يشير بذلك الى الانقسامات الحادّة التي ظهرت داخل منظمة الأممالمتحدة حول الحرب على العراق. \r\n \r\n ومنذ ذلك الحين, والمنظمة الدولية - وأنان أيضاً - يتعرضان لهزّات أكثر, مثل فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء, والعجز في التجاوب بفعالية مع المأساة الإنسانية في دارفور, والاتهامات الموجهة لقوات حفظ السلام الدولية, التابعة للأمم المتحدة بالتصرفات الجنسية السيئة. \r\n \r\n واستناداً الى تقرير وضعته لجنة مؤلفة من 16 خبيرا دوليا رفيعي المستوى, يعرض الأمين العام, الآن, توصياته بما ينبغي القيام به لإصلاح الاممالمتحدة وتجديد حيويتها, وكبح انزلاقها البادي في خانة من لا علاقة له ولا جدوى فيه. \r\n \r\n من هنا, على الولاياتالمتحدة واوروبا, اغتنام الفرصة التي عرضها تقرير أنان, للشروع في حوار جادّ, لجعل الأممالمتحدة مؤسسة ذات مصداقية واقتدار كما ارتأى مؤسسوها. وهذا ما يتطلّب, في نهاية المطاف, حوارا واسعا تشارك فيه حكومات عديدة, وغيرها. لكنه كما كانت الحال في عام ,1945 تعتبر ادوار الولاياتالمتحدة واوروبا ادوارا حاسمة. ذلك انه من المستحيل تصور جهد موفّق لاعادة احياء الاممالمتحدة في غياب اتفاق عبر الأطلسي على مضمون أجندة الاصلاح. فاستنادا الى تقرير الامين العام, ما هي العناصر الرئيسية التي يمكن ان تشكل مثل هذا التوافق? \r\n \r\n يرغب البعض البدء ببعض المقترحات الجريئة التي اوردها التقرير, مثل توسيع مجلس الأمن الدولي, ووضع معايير جديدة للاستخدام المشروع للقوة. وفي الواقع, ينبغي لمثل هذه المواضيع ان تضبط اهتمام دول جانبي الأطلسي بشكل ملّح. لكن إذا كان التاريخ هاديا في هذا, فإن الاتفاق على مثل هذه القضايا بالتحديد ربما يكون الأكثر حيرة. وعليه, فمن الأهمية بمكان عدم إهمال أو إرجاء جوانب اخرى ملحّة في أجندة الإصلاح, حيث يمكن, بل يجب تحقيق تقدم على المدى القصير. \r\n \r\n فالوضع الدرامي المؤثر في دارفور, وهو واقع بعد 10 سنوات من فشل الردّ على حملة الابادة في رواندا, بعكس استمرار فشل المجتمع الدولي في تعزيز مقدرة الاممالمتحدة على القيام بعمليات سلام فعّالة وفي وقتها اللازم. اما فكرة ان المجتمع الدولي يتحمل »مسؤولية توفير الحماية« عن طريق القيام بعمل جماعي في حالات حملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي, فتظلّ وعوداً خاوية. \r\n \r\n وبالمثل, فإن الوعود بتقديم المساعدات للدول النامية - ويذكر هنا أن انان يطالب الدول الغنية في العالم بالتخلي عن 0.7 بالمئة من اجمالي دخلها القومي بحلول عام 2015 لمساعدة بلدان العالم النامي - ستكون غير ذات معنى ما دام العديد من مكاتب الاممالمتحدة واجهزتها تواصل العمل بطريقة غير مترابطة وتخلو من التنسيق فيما بينها. لهذا على الولاياتالمتحدة واوروبا ان تتمكنّا من الاتفاق على أجندة لتحسين جدوى وفعالية جهود الاممالمتحدة للتنمية, وكذلك الحال بالنسبة لآليات التنسيق مع وكالات دولية اخرى لتقديم المساعدات. \r\n \r\n وثالثاً, ينبغي تجديد الأممالمتحدة ذاتها. فالمطلوب من الشركاء من دول جانبي الاطلسي ايجاد الارضية المشتركة لتدعيم الآلية غير الكافية من العاملين, وغير المموّلة على نحو شافٍ, المتخصصة بحقوق الانسان, والتابعة للامم المتحدة. وفي الوقت ذاته, لا بدّ لسكرتارية الاممالمتحدة من ان تكون عصرية وانسيابية وأقلّ بيروقراطية. وقد أوصى أنان »بالتسوية« في هذا الخصوص مرّة واحدة, بغاية التخلص من الحطب القديم. واخيرا, هناك جهاز الرقابة على تحمل المسؤولية في المنظمة, وهو جهاز الرقابة الداخلية, الذي يجب تدعيمه وتوسيع صلاحياته لتشمل مجلس الأمن, الذي أخفق في القيام بمسؤوليته في الاشراف على برنامج النفط مقابل الغذاء. \r\n \r\n ومع ذلك, فإن التوصل الى اتفاق حول أجندة الاصلاح لن يكون بالأمر السهّل. ففي السنوات الأخيرة, لم تعمل الأممالمتحدة كمؤسسة تقوم على أرضية مشتركة, بل كساحة لتضخيم الخلافات الامريكية - الاوروبية. ولعلّ هذا الوضع سيتغيّر. ففي الشهر الفائت, جاء في وثيقة وقّعها 55 خبيرا لامعا, في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي على ضفتي الأطلسي, »إن التفاؤل يتزايد في امكانية أن تجد الشراكة الأمريكية - الاوروبية جدوى وحيوية جديدة«. \r\n \r\n ودعت هذه الوثيقة كلا من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي إلى »الزام بعضهما بالعمل على إعادة إحياء دور الاممالمتحدة«. \r\n \r\n إن على جميع الأطراف ان تتحرّك بسرعة. وقد دعا أنان الى عقد قمّة لزعماء العالم في شهر أيلول المقبل للقيام بعمل حيال توصياته. ولأمريكا وأوروبا دور حيوي تلعبانه في ضمان عدم فوات هذه الفرصة لإصلاح الأممالمتحدة, وضمان أن تكون هذه المنظمة الدولية ذات صلة بالمستقبل, وليست أثراً من الماضي.0 \r\n \r\n انترناشيونال هيرالد تريبيون \r\n \r\n \r\n