\r\n ومن سوء الحظ للأميركيين انهم اقتنعوا بالذهاب الى الحرب بشكل محرج بناء على المعلومات الزائفة التي امدنا بها هذا العميل الكاذب وهو المصدر الرئيسي لإدعاء الإدارة الأميركية ان صدام حسين كان يمتلك برنامجاً فاعلاً للأسلحة البيولوجية. ان المسؤول عن هذا اللغط هو كيرفبول المهندس الكيميائي العراقي والذي استوحى منه وزير الخارجية كولن باول بياناته امام الأممالمتحدة قائلاً:ان الولاياتالمتحدة تعرف جيداً ان العراق كانت تمتلك معامل متنقلة للأسلحة البيولوجية. \r\n ربما ان الشيء الأكثر ازعاجاً هو ماكشفت عنه اللجنة التي شكلها الرئيس الأميركي بوش ان المعلومات التي قدمها كيرفبول والتي لم تستند الى اية ادلة قد احتفظ بها كولن باول لنفسه , كما ان الإدارة الأميركية ذاتها كانت تدفع بباول الى العالم الخارجي للإستفادة من فطنته واسلوبه المقنع وكانت تتاجر بإسمه ومصداقيته المذهلة من اجل حشد التأييد العالمي حول هذه الرؤية. \r\n ومن المثير للسخرية أن وسائل الإعلام الأميركية ظلت تروج لتصريحات باول التي كان يهدف من ورائها دحض اراء وتكذيب كل ما توصل اليه مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة نظراً لأنهم لم يعثروا على شيء من كل هذه الأشياء التي تحدث عنها باول وأمثاله في الإدارة من الذين روجوا لفكرة شن الحرب على العراق. \r\n ومع ظهور تقرير اللجنة الذي اوضح خطأ المخابرات وتورط الإدارة الأميركية في حرب ما كان يجب ان تذهب اليها اطلاقاً, فإن مفتشي الأممالمتحدة الذين مارسوا عملهم وتمكنوا من دخول العراق قبل الحرب في مارس 2003, كانوا على حق. \r\n وبهذا اكتشف الجميع ان كل القصص التي تحدثت عن انابيب الألومنيوم التي صادرتها وزارة الطاقة الأميركية وكذلك قصة اليورانيوم الذي اشتراه صدام من افريقيا والتي تحدث عنها السفير الأميركي في النيجر جو ولسون, اضافة الى قصة الطائرات المحملة بمادة الجمرة الخبيثة, والمعامل المتنقلة التي تحدث عنها العميل كيرفبول,اكتشف الجميع مدى زيفها وعدم مطابقتها للواقع بأي حال, كما اثبتت ايضاً ان باول والبيت الأبيض بأكمله كانوا مخطئين خطئاً فادحاً حسب تقرير اللجنة. \r\n ان قضية كيرفبول كانت مناسبة تماماً للإنتخابات الرئاسية لأنها كانت تسير وفق اهواء الإدارة واوضحت قدرة الإدارة على التحكم في الأمن القومي. وعلى اي حال, ان ما تمخض عنه تقرير اللجنة المعينة من قبل الرئيس هو صورة للقيادة الأميركية في حالة من الفوضى الأمنية, كما انها توضح مدى استخفاف الإدارة بالناخبين لدرجة انها استخدمت الترويج للحرب للتأثير على الناخبين في اتخاذ ارائهم. \r\n واذا تذكرنا سوياً جورج تنيت الذي كان يعمل مديراً للمخابرات المركزية انذاك, نجد انه قد حظي بمكافأة الرئيس بوش له بميدالية الحرية, رغم كل الإخفاقات التي اظهرتها المخابرات المركزية في تناولها لموضوع العراق. \r\n ووفقاً لتقرير اللجنة نجد ان تنيت كان يعمل مع باول في الليلة التي سبقت كلمته امام الأممالمتحدة عندما تحدث عبر الهاتف الى مسؤول رفيع المستوى في المخابرات المركزية والذي حذره ان لا يعتمد على المعلومات التي قدمها كيرفبول. هذا التحذير قد صدر من اشخاص اخرين في الوكالة, ولكن تنيت يدعي انه لايتذكر هذه التحذيرات. \r\n في الحقيقة, لقد اخفت المخابرات المركزية شكوكاً قوية فيما يتعلق بمصداقية كيرفبول. كما ان الحكومة الأجنبية التي القت القبض عليه اخبرت الولاياتالمتحدة ان الشخص العراقي الذي كان يعيش في المنفى كان يختلق الأكاذيب كما انه كان مجنوناً ويعاني من حالة انهيار عصبي. ولكن للأسف وصلت كلماته الى الإدارة لأنهم رأوا ان يستخدموا 9/11 كزريعة لتطويع الشرق الأوسط من خلال استخدام القوة العسكرية الأميركية وترهيب من يخالفها في المنطقة فيما بعد. \r\n وعقب احتلال العراق في ربيع عام 2003, اكدت مجموعة تقصي الحقائق الشاملة الأميركية في العراق ان كيرفبول اما انه كان يعاني من الهلوثة او انه ربما كان يكذب , وذلك عندما لم تعثر على اي اسلحة دمار شامل او منشآت لهذه الأسلحة. كما اتضح لها ايضاً ان ذلك الشخص لم يكن موجوداً بالعراق ولم يكن يعمل في مجال الأسلحة البيولوجية. \r\n وقد اغلقت قضية كيرفبول تماماً عندما تمكنت المخابرات المركزية من الوصول الى المنشق العراقي عام 2004 وانكرت قصته تماماً. كانت هذه الأحداث قبل ستة اشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية, ولهذا لم يرد البيت الأبيض من المفتش العام في المخابرات المركزية ان يحرج الرئيس خلال صراعه السياسي. \r\n واخيراً اود ان أبين ان السكوت والتغاضي عن مثل هذه الإخفاقات والاستخدام السييء للمخابرات القومية يعد خيانة كبرى للديموقراطية. \r\n \r\n روبرت شير \r\n كاتب عمود أسبوعي للتايمز \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز- خاص ب(الوطن)