علماً بأن لارسين لم يكن مهيأ ابدا لبحث بهذه الطريقة على انسحاب القوات الاسرائيلية من فلسطين, والذي تمت المطالبة فيه من خلال قرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي نفسه. وكما يتذكر الجميع جيدا, فإن تلك القوات كانت قد دخلت الى البلاد في عام 1976 البعيد, بناء على طلب جامعة الدول العربية, والمجتمع الدولي كذلك, بالاضافة الى السلطات اللبنانية. وذلك من اجل الحيلولة دون سيطرة احد الاطراف على الاطراف الاخرى, المشاركة في الحرب الاهلية, (احزاب اليمين المسيحي - المارونية من جهة, والمسلمين, والتقدميين, والفلسطينيين من الناحية الاخرى; والحيلولة كذلك دون تقسيم البلاد الى كانتونات طائفية. \r\n \r\n كما التزمت سوريا كذلك, بأن تسحب مؤسساتها المخابراتية بالموعد نفسه, والموافقة على ان يتم التأكد من استكمال الانسحاب, من قبل لجنة تابعة للامم المتحدة. وكان مبعوث كوفي انان, وخلال مؤتمر صحفي عقد في وقت لاحق, قد وصف عملية الانسحاب بأنها تمثل خطوة ذات اهمية تاريخية. اما الشرع, فقد اكد من جانبه على الامل في ان تؤدي المبادرة الى اخلاء الميدان من التهم, وكذلك سوء الفهم الحاصل مع الولاياتالمتحدةالامريكية. وكان كل ما اقدمت على فعله سوريا يصب في مصلحة الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الاوسط. ثم كان مبعوث الاممالمتحدة قد التقى بالعاصمة اللبنانية في وقت لاحق رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود, الذي اعرب عن موافقته على حضور لجنة تضطلع بمهمة التحقق من الانسحاب السوري. \r\n \r\n انسحاب جار, في حقيقة الامر, على قدم وساق. وكانت دمشق قد بدأت قبل 4 أعوام بخفض عدد قواتها, تاركة في بلاد الارز ما لا يزيد عن 16 الف ضابط وجندي. علماً بأنها كانت تحتفظ هناك, اثناء الحرب الاهلية بما يقارب 40 الف عسكري, بتوافق تام مع اتفاقيات الطائف الموقعة بالعام ,1989 ووفقا لما نصت عليه المعاهدتان الاثنتان الموقعتان مع لبنان في عام ,1991 الخاصتان بالمساعدة العسكرية. \r\n \r\n ولقد تم التعجيل بالعملية في شهر ايلول الماضي حينما تعرض مجلس الامن للضغوط الفرنسية, القوة الاستعمارية السابقة في لبنان, ومن الولاياتالمتحدة, فاصدر قرارا يطالب بسحب القوات السورية, علاوة على نزع سلاح كل من حزب الله, وقوات المقاومة الاسلامية, التي تسعى الى استعادة مزارع شبعا, قطعة الارض التي تحتلها اسرائيل, والواقعة على الحدود السورية - اللبنانية. وكذلك الحال بالنسبة للقوات الفلسطينية, التي تتولى امر الدفاع عن مخيمات اللاجئين حيث يعيش ما يزيد على 300 الف انسان كانوا قد طردوا من فلسطين في عام ,1948 ويأتي ذلك بتناغم تام مع مطالب اريئيل شارون, وانتهاك فاضح للسيادة اللبنانية. \r\n \r\n ان انسحاب القوات السورية قبل انقضاء يوم 30 نيسان, بحيث سيكون سابقاً على موعد اجراء الانتخابات المقرر اجراؤها بنهاية شهر ايار, وعلى المقاومة اللبنانية, والتي تستخدمها اليوم كل من الولاياتالمتحدة, فرنسا, وقوى اليمين اللبناني, وسوف يساهم كذلك بالعمل على انقسام الجبهة الموالية لواشنطن. وهي دلالة كان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط, المتحالف مع قوى اليمين المسيحي - الماروني منذ عملية اغتيال الرئيس الحريري, كان قد اكد عليها مؤخراً, من خلال مطالبته بالاحتفاظ بعلاقات متميزة ما بين لبنان وسوريا, على ان يكون ذلك لاحقاً على استكمال انسحاب القوات السورية من الاراضي اللبنانية. \r\n \r\n ومما لا شك فيه ان جبهة المعارضة هي نفسها التي تعاني من انقسامات داخلية كثيرة, ناتجة عن تعقيدات اساسية عميقة, مستوحاة كذلك من القرار 1559: فلم تكن تلك مقتصرة على الانسحاب السوري, والعلاقات التاريخية الخاصة بين بيروتودمشق, بل هي تشتمل كذلك على النواة الصلبة للمشكلة كذلك, اي نزع سلاح حزب الله, والمخيمات الفلسطينية, وبالمحصلة, فسوف يكون بامكان سوريا تقديم مسألة انسحابها - وهو ما يلقى موافقة جنبلاط كذلك - على انه ناجم عن اتفاقات الطائف الموقعة عام .1989 اي قبل صدور القرار 1559 بمدة طويلة ولم يكن محض صدفة, ان اظهر كل من الرئيس اميل لحود, ورئيس الوزراء المستقيل عمر كرامي, المكلف بتشكيل الوزارة الجديدة, استعدادهما التام للتعاون مع المبعوث الاممي لارسين, فيما يخص الانسحاب السوري, وكذلك بشأن نوع من لجنة تحقيق دولية, تنحصر مهمتها في البحث والتقصي بخصوص عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, شريطة ان يتم احترام سيادة لبنان, ولكنهما كانا قد اكدا بكل ثبات على ان مسألة نزع سلاح حزب الله, ومخيمات اللاجئين ليست مدرجة على جدول العمل اليومي. \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية \r\n \r\n