منع جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس بالبحيرة    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    الرئيس والنائب ب"التذكية"، النتائج النهائي لانتخابات نادي الاتحاد السكندري    قطار يدهس ميكروباص بالمنوفية    نيفين مندور.. مأساة درامية وادعاءات كاذبة    السيطرة على حريق أكشاك بمحيط محطة قطارات رمسيس.. صور    أعمال درامية خارج السباق الرمضاني 2026    سمية الألفي.. وداع هادئ لفنانة كبيرة    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    الاتحاد الإفريقي يرفض الاعتراف ب إقليم «أرض الصومال»    مصطفى بكري: "إسرائيل عاوزة تحاصر مصر من مضيق باب المندب"    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    فين الرجولة والشهامة؟ محمد موسى ينفعل على الهواء بسبب واقعة فتاة الميراث بالشرقية    4 ملايين جنيه تطيح بصلة الرحم| ضرب وسحل بسبب خلاف على ميراث بالشرقية    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    الزوجة والعشيق وراء الجريمة.. كشف لغز العثور على جثة بشوارع أكتوبر    بعد تداول فيديو على السوشيال ميديا.. ضبط سارق بطارية سيارة بالإسكندرية    فلافيو يكشف عن توقعاته لطرفي المباراة النهائية بأمم إفريقيا    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    في هذا الموعد.. قوافل طبية مجانية في الجيزة لخدمة القرى والمناطق النائية    لم يحدث الطوفان واشترى بأموال التبرعات سيارة مرسيدس.. مدعى النبوة الغانى يستغل أتباعه    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    طارق سليمان: شخصية محمد الشناوى الحقيقية ظهرت أمام جنوب أفريقيا    منتخب مالي يكسر سلسلة انتصارات المغرب التاريخية    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    الشدة تكشف الرجال    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رامسفيلد.. جدارة بالعزل منذ وقت طويل، قائدة أبو غريب : السجناء يعيشون حياة أفضل
نشر في التغيير يوم 04 - 10 - 2004

وتنظيم «القاعدة» هؤلاء المساجين لم تر فيهم ادارة جورج دبليو بوش سوى أعداء مقاتلين وليس أسرى حرب، وبالتالي يمكن الاحتفاظ بهم الى أجل غير مسمى لاستجوابهم، ولقد أجمع الخبراء على أن الحرب على الارهاب تعني أولاً جمع المعلومات، وخاصة تلك المتعلقة بتفجيرات 11 سبتمبر لمعرفة: من الذي خطط لها؟ ومن الذي نفذها؟ وهل توجد شبكة وراءها داخل الولايات المتحدة؟
\r\n
\r\n
\r\n
لقد كانت الاستجوابات التي جرت في غوانتانامو بمثابة اخفاق كامل، فالمعلومات التي تم جمعها هي بلا جدوى في حين اتسعت رقعة معسكرات الاعتقال لتستقبل أعدادا جديدة. ولهذا قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بايفاد خبير الى هناك، وهو خبير يجيد اللغة العربية وله دراية واسعة بالعالم الاسلامي، كان المقصود هو معرفة ما يجري هناك بالضبط..
\r\n
\r\n
\r\n
لقد استجوب بنفسه نحو ثلاثين معتقلا، وما توصل اليه بعد استجواباته كان رهيبا، اذ اعتبر ما رآه وما سمعه كافيا لجعل المسئولين عن المعتقل في مصاف مرتكبي جرائم الحرب، فنصف المعتقلين يجب ألا يكونوا هناك، وبعضهم يرقدون على فضلاتهم فضلا عن وجود طاعنين في السن وفتية صغار بين المعتقلين.
\r\n
\r\n
\r\n
قرأ اثنان من كبار العاملين في الادارة الاميركية تقرير الخبير وكان حكمهما عليه هو ا نه مروع، وقالا ايضا، مثلما كان قد اشار الخبير، الى ان ما يحدث في غوانتانامو يجعل موقف أميركا اكثر سوءا حيال الارهاب، وهذا ما عبر عنه احد الذين قرأوا التقرير بالقول صراحة: «اذا لم نكن قد قبضنا على الارهابيين الحقيقيين الفعليين فسجناء غوانتانامو قد اصبحوا الآن ارهابيين».
\r\n
\r\n
\r\n
اطلع نائب مستشارة الامن القومي لمكافحة الارهاب التقرير، واعرب عن خشيته من عواقب ما يحدث في ذلك المعتقل على الجنود الأميركيين الذين قد يقعون في الأسر بما سيلاقونه من انتقام، مؤكدا ان نشر مثل هذه الافعال سيعود بالضرر على الرئيس الأميركي نفسه، ثم ان تقرير هذا الخبير يقدم الدليل القاطع على خرق الاميركيين للاتفاقية الدولية لمنع التعذيب والتي وقعت عليها الولايات المتحدة عام 1994.
\r\n
\r\n
\r\n
كله في التقرير
\r\n
\r\n
\r\n
بعد ان اطلعت كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي الاميركي على هذا التقرير بدأ النقاش داخل الادارة الأميركية عن المسموح به وغير المسموح به ازاء سجناء غوانتانامو. وتسابق الخبراء في اظهار مهاراتهم في التأكيد على أن هؤلاء المسجونين لا يتمتعون بأية حقوق وبأن ما جرى لهم لا يدخل في باب التعذيب بل ان احدهم أكد ان التعذيب انما يعني تحديدا «حدوث ألم لا يحتمل أو فقدان احد الاعضاء لوظائفه أو التعذيب حتى المؤثر.. المثير انه قد تم تعيين صاحب هذا الرأي قاضيا اتحاديا.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد نفت الادارة الأميركية ان يكون الرئيس بوش قد اعطى تعليمات بتنفيذ عمليات التعذيب، الا انه كان قد وقع بتاريخ 7 فبراير 2002 قرارا سريا أكد فيه على ان «احكام معاهدة جنيف لا تنطبق على النزاع مع القاعدة في افغانستان وغيرها.. وانه طبقا للدستور يحق له تعليق الاتفاقية مع افغانستان». وهذا يعني ان سجناء غوانتانامو غير خاضعين لاتفاقية جنيف.
\r\n
\r\n
\r\n
عرفت رايس كل شيء لكن همها الاول كان معرفة ما اذا كان تم الحصول على معلومات من السجناء. وقد تم عقد اجتماعات عديدة لمناقشة هذا الأمر حضر احدها وزير الدفاع رامسفيلد الذي لم يكن يتردد في مطالبة الجنود سرا وعلنا بأن يكونوا قساة مع اعضاء تنظيم القاعدة. كان ذلك منذ عام 2002 وعلى الرغم من الوعود الكثيرة بتسوية الامور فان التحضير لحرب العراق كان يستحوذ على اهتمام الجميع.
\r\n
\r\n
\r\n
كان المسئولون الأميركيون يؤكدون أن كل شيء يجري بشكل طبيعي في غوانتانامو لكن الواقع كان يخالف ذلك تماما، ففي حين كان يقال ان السجناء يحصلون على ثلاث ساعات في الاسبوع للسير في فناء المعتقل، فان هذا كان يحدث فعلا ولكنهم كانوا معصوبي العيون ومقيدي الأيدي والأرجل مع وجود غطاء على رأسهم، كان مجرد التحرك بمثابة تعذيب، فضلا عن الشمس الحارقة، لا سيما في الاوقات التي كانوا يرتدون بها سترات سميكة.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم تكن الزيارات التي قام بها عدد من رجال الاعلام واعضاء الكونغرس يمكن ان تكشف عن حقيقة ما يجري، فقد كانوا يزورون ما يراد لهم زيارته، وما يتم فرض زيارته عليهم مع منعهم من تبادل أي حديث مع المساجين.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالتالي كانت نتيجة الزيارات كلها مفادها أن «كل شيء على ما يرام» لكن هذا لم يكن رأي بعثات الصليب الأحمر التي انتقدت في تقاريرها معاملة السجناء وعدم اطلاق سراح من لم تثبت له علاقة بالارهاب بل ان رئيس الصليب الأحمر في أميركا وكندا انتقد ادارة بوش لعدم استجابتها بشأن طلبه تحسين احوال السجناء.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد ذكرت في أحد أعدادها شهر مايو 2004 ان مكتب التحقيقات الفيدرالية «اف بي اي» طلب من عناصره عدم حضور عمليات استجواب سجناء غوانتانامو بغية عدم تورطهم بعد ذلك كشهود على أساليب التعذيب، بل بلغ الأمر بأحد كبار موظفي هذا المكتب الى حد القول «كان ينبغي عزل رامسفيلد منذ زمن».
\r\n
\r\n
\r\n
كما أكد احد مستشاري البنتاغون ان اسلوب استخدام التعذيب للحصول على معلومات هو اسلوب خاطئ فقد كان ينبغي اللجوء الى اساليب الاقناع وحتى لو استغرقت وقتا فهي الوحيدة التي تعطي نتائج.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي خضم المناقشات بين مؤيد للتعذيب ومعارض له وقع الرئيس بوش على قرار سري يسمح لوزارة الدفاع بتكوين فريق من القوات الخاصة تكون مهمته اعتقال كبار رجال القاعدة واغتيالهم اينما كانوا في العالم من دون اخذ القوانين الدولية بأي اعتبار. كان ذلك في اواخر 2001 او في مطلع 2002 وقد كان رامسفيلد هو المشجع على تلك المبادرة، اذ كان هدفه هو ان تقود القيادة المدنية في البنتاغون الحرب على الارهاب وليس وكالة الاستخبارات المركزية.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن هذا لم يمنع منظمات حقوق الانسان، والاميركية منها بشكل خاص، ان تواصل المطالبة بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على سجناء غوانتانامو بل وذهبت هذه المنظمات الى حد التمييز بين مسئولي القاعدة ورجال نظام طالبان الذين ينبغي ان تكفل لهم تلك الاتفاقية الحماية لان افغانستان موقعة على الاتفاقية.
\r\n
\r\n
\r\n
وكل هذا لم يؤد الى نتيجة، فقد بدأت النقاشات حول تعريف ماهية التعذيب واستمرت الفرق التي شكلها البنتاغون في البحث عن انصار القاعدة واستجوابهم في عدة بلدان، مثل سنغافورة وتايلاند وباكستان.
\r\n
\r\n
\r\n
ومع غزو العراق وتدهور الاوضاع الأمنية هناك قامت الادارة الأميركية بنقل الجنرال ميللر المسئول عن معسكر غوانتانامو الى العراق ليعامل السجناء العراقيين وكأنهم اعتقلوا في افغانستان.
\r\n
\r\n
\r\n
صور من السجن
\r\n
\r\n
\r\n
كان سجن أبو غريب في عهد صدام حسين من أبشع السجون في العراق حيث كان فيه في وقت ما آنذاك ما يربو على 50 ألف سجين وسجينة، بعد الغزو أعيد السجن الى حالته الاولى بعد ان كانت أبوابه ونوافذه وكل ما فيه قد تعرض للنهب بعد القضاء على نظام صدام، ليدخل اليه الوف السجناء من فئات ثلاث تضم مجرمي الجرائم العادية، مرتكبي اعمال العنف ضد قوات التحالف، وشخصيات المقاومة القيادية التي تخطط للمقاومة ضد التحالف.
\r\n
\r\n
\r\n
في شهري يونيو من عام 2003 تم تعيين جنيس كاربنسكي مسئولة عن السجون الحربية في العراق، على الرغم من أنها لم يكن لها أية خبرة في هذا الميدان شأن معظم معاونيها لقد كانت شديدة الحماس لعملها الجديد، وكانت ترى أن العراقيين المساجين يعيشون بأفضل مما يعيشون في منازلهم.
\r\n
\r\n
\r\n
كما قالت بصراحة في مقالة صحافية معها في شهر ديسمبر 2003، وبعد شهر واحد فقط تم ايقافها عن العمل، وشرع في اجراء تحقيقات في السجن. وقد اعد الجنرال انطونيو تاجوبا تقريرا كان قد حظر نشره في حينه تحدث فيه عن الاعمال والافعال الشنيعة التي يتعرض لها السجناء في أبو غريب منذ اكتوبر الى ديسمبر 2003.
\r\n
\r\n
\r\n
وارفق تقريره بصور لما جرى من فظاعات لم يكن اقلها ضراوة تعرية العراقيين ورصهم على شكل هرمي وتهديدهم بالكلاب الشرسة. وهذا كله يعتبره الاختصاصيون تعذيبا.
\r\n
\r\n
\r\n
بدأت التحقيقات في سجن أبو غريب بعد ان بعث احد العسكريين بخطاب من مجهول تحدث فيه عن الاعمال المرتكبة في السجن، ثم افصح عن هويته، وذهب نفسه ليكشف لعدد من كبار الضباط عما يجري في السجن وهي الاعمال التي سبق للصليب الأحمر ومنظمات حقوق الانسان ان حذرت من ارتكابها من دون نتيجة. ومن بين تلك الاعمال ما نشرته احدى الصحف في ابريل 2004 عن قيام ثلاثة جنود اميركيين باغتصاب امرأة عراقية، وبعد تحقيق اداري تم تغريم كل منهم 500 دولار مع خفض رتبهم.
\r\n
\r\n
\r\n
تجاهل وتعتيم
\r\n
\r\n
\r\n
حاول العديد من المسئولين الاميركيين التنصل من مسئوليتهم عما حدث، وكان الجنرال «تاجوبا» قد وجه اعنف انتقاداته لرجال المخابرات وطالب بعزل معظمهم ومعاقبتهم. وكذلك رأى ان هناك صلة وثيقة بين ما جرى في افغانستان وما جرى في سجن أبو غريب. وبالفعل تبدو عملية تصوير السجناء عراة وكأنها ترمي الى اذلالهم بينما تتم ممارستها وكأنها طبيعية.
\r\n
\r\n
\r\n
تجدر الاشارة هنا الى ان مسألة الجنس عند العرب كانت نقطة نقاش بين المحافظين في واشنطن خلال الاشهر التي سبقت غزو العراق، وكثيرا ما تم الاستشهاد اثناء النقاش بكتاب «رافائيل باتاي» الصادر عام 1973 والذي كرسه لتحليل «العقل العربي» .
\r\n
\r\n
\r\n
وقال فيه ان الحديث عن الجنس عند العرب من المحرمات، والمحافظون يعتبرون هذا الكتاب بمثابة «انجيلهم» فيما يخص نظرتهم للسلوك العربي، وهم يركزون في نقاشاتهم على أن العرب لا يفهمون سوى لغة القوة، وانهم لا يخشون اكثر من «العار».
\r\n
\r\n
\r\n
وكما هي الحال في غوانتانامو امتلأ سجن أبو غريب بالمعتقلين الذين لم يتم توجيه اية تهمة محددة لهم، لكنهم ظلوا رهن الحبس، وقد رفعت منظمة حقوق الانسان «هيومان رايتس ووتش» شكوى الى وزير الدفاع الاميركي تطالب فيها باطلاق سراح السجناء المدنيين الذين يرزحون في السجن منذ عدة اشهر من دون اتهام ومن دون ان تصل التحقيقات معهم الى أية نتيجة..
\r\n
\r\n
\r\n
هكذا غدا سجن أبو غريب بمثابة سجن غوانتانامو اخر. في الوقت الذي دل تقرير الجنرال «تاجوبا» علي ان ما يقارب من 60% من سجناء أبو غريب لا يشكلون في الواقع أي تهديد للمجتمع وبالتالي ينبغي ان يتم اطلاق سراحهم، غير ان المسئولة عن هذا السجن ادعت انها كانت قد طالبت مرارا بذلك لكن رؤساءها قابلوا طلبها بالرفض.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد اوصى «تاجوبا» بتقريره بضرورة تنحية «ماربنسكي» عن منصبها كمديرة للسجن. مع توجيه التوبيخ لها ولعدد من العسكريين العاملين معها.. غير انه لم يتم الاخذ بهذه التوصية بحيث يبدو أنه قد جرى الاكتفاء بوقف ترقيتها مع التوبيخ العام الذي تعرضت له مع الآخرين.
\r\n
\r\n
\r\n
اما فيما يتعلق بمسألة التأخير في استكمال التحقيقات فقد أكد مساعدو وزير الدفاع انها تطال جميع المسئولين الذين يعطون الوقت الكافي للدفاع عن انفسهم حتى تظهر الحقائق. لكن هذا لم يمنع أحد كبار المسئولين في وزارة الدفاع الأميركية من التأكيد بأن عددا من كبار الضابط قد ابعدت عنهم مسئولية ما جرى في سجن أبو غريب من تعذيب للمعتقلين العراقيين.
\r\n
\r\n
\r\n
وبأن الجنرال سانشيز قائد القوات في العراق والجنرال ابي زيد قد حاولا في الشهور الاولى التعتيم على أحداث أبو غريب كي لا تتصاعد الاتهامات وتصل الى دونالد رامسفيلد والى جورج دبليو بوش نفسه. بل وأكد ذلك المسئول الكبير بأن احد الضباط قد ذهب الى الجنرال أبي زيد ونائبه واخبرهما بما يجري داخل سجن أبو غريب بينما لم يكلفا نفسيهما حتى عناء الرد عليه مما يعني انهماكانا على علم بما يحدث ولكنهما لا يريدان التورط.
\r\n
\r\n
\r\n
ان التقرير الذي أعده الجنرال انطونيو تاجوبا جعله يعاني من مصير كل من يقول الحقيقة.. ذلك ان العديد من دوائر البنتاغون لا تعتبره بطلا، كما قال احد الضباط المتقاعدين فان تاجوبا قد قرع جرس الانذار والجيش هو الذي سوف يدفع ثمن نزاهته. فالقيادة لا تحب أن يكون لديها من يعلن الاخبار «السارة» على الملأ..
\r\n
\r\n
\r\n
كذلك فان هناك من سيدفع الثمن مرة اخرى من العراقيين، فالعديدات من السجينات العراقيات يحاولن بكل الوسائل تسريب رسائل الى ذويهن يطلبن فيها السموم للانتحار خوفا من العار الذي سيلحق بأسرهن. وبعد ان شاعت الفضائح الخاصة بما عرفه سجن أبو غريب من فظاعات سارع الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش ورجاله المقربون الى القول بأن المسألة تتعلق بأعمال قامت بها قلة من الجنود .
\r\n
\r\n
\r\n
وهي لا تعكس سلوك باقي العسكريين لكن الشواهد والتقارير، ومنها تقرير الجنرال تاجوبا نفسه، تؤكد أن هناك اخطاء جماعية ارتكبت وان القيادة قد فشلت في التحكم بالاوضاع مع ما ترتب على هذا الفشل من انتهاك لمكانة القواعد والقوانين الدولية والاتفاقيات الخاصة بالمساجين، وذلك من قبل عناصر الجيش ورجال اجهزة الاستخبارات، بل ومن العاملين في شركات المقاولين.
\r\n
\r\n
\r\n
ان الاعتذارات في هذا السياق ومهما تكررت وكثرت، لا تستطيع ان تخفي حقيقة مهمة وهي ان الرئيس جورج دبليو بوش، منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن قد اعتبر نفسه في حرب ضد الارهاب ومثل هذه الحرب لا يتم تطبيق القواعد المألوفة في الحالات السابقة.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالتالي ليس هناك ما يمنع من استخدام مختلف الاساليب اثناء استجواب المساجين للحصول على المعلومات التي قد تكون مفيدة في النضال ضد الارهاب هكذا أصبح التهديد والتعذيب يحظيان بالأولوية لدى اولئك المكلفين بالاستجواب.
\r\n
\r\n
\r\n
تجاوز كل الخطوط
\r\n
\r\n
\r\n
ان اصل فضيحة سجن أبو غريب لا يرجع الى السلوك الاجرامي لحفنة من قوات الاحتياط، وانما بالاحرى الى اعتماد جورج بوش ووزير دفاعه رامسفيلد على عمليات سرية واستخدام مختلف أساليب القهر في مكافحة الارهاب. وقد كان القرار الذي اتخذه رامسفيلد في اغسطس 2003 وأيده البيت الابيض بخصوص استخدام البرنامج السري المتعلق بسجون العراق قرارا خطيرا اغضب مديري دوائرالاستخبارات الأميركية، وألحق الضرر بفعالية الوحدات القتالية.
\r\n
\r\n
\r\n
بالاضافة الى المساس بامكانيات الامم المتحدة لمحاربة الارهاب. ووفقا لشهادات العديدين كان البنتاغون يشجع على استخدام اساليب القهر الجسدي والاذلال الجنسي للسجناء بغية استخلاص المعلومات منهم. وذلك ارضاء لرغبة رامسفيلد في اضفاء السرية على العمليات التي تجرى واخذ المبادرة من وكالة الاستخبارات المركزية التي كانت تخشى عواقب ذلك على الجنود الاميركيين الذين قد يقعون في الأسر، ومع ذلك كله كان رامسفيلد مصرا على تحقيق هدفه.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الواقع جرى اعداد ذلك البرنامج السري بعد تفجيرات 11 سبتمبر، ففي المحاولات التي كانت تجرى في افغانستان للقبض على كبار رجال تنظيم القاعدة، وعلى اسامة بن لادن كانت تفشل احيانا بسبب الانتظار طويلا لتلقي الأوامر للقيام بهجمات على مواقع كانت هناك شكوك بوجود بعض قادة «القاعدة» فيها لذلك قام رامسفيلد .
\r\n
\r\n
\r\n
أو كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي الاميركي، بجمع كل قادة اجهزة الاستخبارات لابلاغهم انه ينبغي عليهم استخدام البرنامج السري والتصرف من دون الرجوع للقيادات العليا بل يكفي اعطاء الرمز الكود السري.
\r\n
\r\n
\r\n
هكذا اصبح بمستطاع القوات ورجال اجهزة الاستخبارات عبور الحدود واستجواب من يشاءون دون مراعاة لأي قوانين دولية او الحصول على تأشيرات لدخول اراضي البلدان المعنية.. بل كانت تتم الاستعانة احيانا بأجهزة الاستخبارات الاجنبية واللجوء الى مختلف اساليب العنف والقمع.. .
\r\n
\r\n
\r\n
وفي كل الحالات كانت نتائج العمليات تصل بأقرب وقت ممكن الى البنتاغون. من جهة اخرى شاركت الاستخبارات الاميركية في اختطاف العديد من الافراد المطلوبين في بلدانهم حيث كانت تقوم بتسليمهم لسلطات هذه البلاد فيتعرضون غالبا لعمليات تعذيب. هذا على الرغم من ان البلدان التي كان يتم خطفهم منها والتي كانت تشارك في الكثير من الاحيان في تسهيل عمليات الخطف كان عليها طلب الحصول على تعهد بعدم تعريضهم للتعذيب...
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن يبدو أنه تحت لافتة الحرب ضد الارهاب ابيحت كل المحظورات وجرى تجاوز مختلف القوانين الدولية. وبعد عدة اشهر من سقوط نظام صدام حسين بدأت عمليات المقاومة التي لم ير بها وزير الدفاع الاميركي سوى مجرد عمليات تقوم بها عصابات اجرامية وعدد من بقايا حزب البعث بالاضافة الى الارهابيين الاجانب من انصار «القاعدة» كان ما يهم الادارة الاميركية آنذاك بل كان مقياس نجاحها في العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
هو عدد الذين تم القاء القبض عليهم من قائمة الخمسة والخمسين التي كانت الادارة الاميركية قد وضعتها لكبار رجال نظام صدام المطلوبين. لكن العمليات الخطيرة تواترت حيث تم قصف السفارة الاردنية في بغداد وكذلك مقر مبنى الامم المتحدة.. مع ذلك كان رامسفيلد يصر في تصريحاته على القول بأن الامور تسير على ما يرام في العراق.. ولكنه كان يرى «ان من الافضل محاربة الارهاب في العراق بدلا من محاربته في الولايات المتحدة».
\r\n
\r\n
\r\n
لكن البنتاغون كانت تدرك ان الحرب في العراق لا تسير بالشكل المطلوب.. بل ان احد التقارير السرية الاستخباراتية الاميركية ذكر بأن اولئك الذين تطلق عليهم تسمية المتمردين يمتلكون اجهزة جيدة للاستخبارات. وهذا هو صلب مشكلة الاميركيين. فالقوات الاميركية متفوقة تماما عددا وعتادا ولكن ينقصها شيء واحد جوهري هو المعلومات، فعملية الحصول على المعلومات الدقيقة كانت عسيرة بالنسبة لها.
\r\n
\r\n
\r\n
وذلك على عكس استخبارات المقاومة، وكان الحل بالنسبة لرامسفيلد ومعاونيه هو ارغام المساجين على التكلم مهما كانت الاساليب المستخدمة.. هكذا تم الشروع بتطبيق البرامج التي اعتقدت البنتاغون انها ستأتي بالحلول وبالمعلومات المطلوبة. على خلفية مثل هذا الرأي تم تنفيذ سياسة لا تخضع لأية قواعد او قوانين في سجن أبو غريب..
\r\n
\r\n
\r\n
وبدأ البعض بالتفكير بأنه اذا كانت لديهم اوامر بقتل المشتبه بهم بمجرد رؤيتهم فلماذا لا يتم تنفيذ نفس القاعدة على الذين تحت تصرفهم في السجون والمعتقلات؟؟ وكانت مسألة ادارة السجن موكولة الى العديد من الحراس الذين يرتدون الزي العسكري ورجال اجهزة الاستخبارات المتعددة والعاملين معهم من المقاولين الذين يرتدون الملابس المدنية.
\r\n
\r\n
\r\n
هكذا اختلط الحابل بالنابل حتى ان كاربنسكي نفسها لم تكن تدري ما يجري. لقد قالت انها كانت تعتقد ان المدنيين من الحراس كانوا مترجمين وأن البعض منهم كانوا يجلبون احد المطلوبين للاستجواب، في حين كان البعض الآخر ينتظرون لاستلام سجين آخر.باختصار، لم يكن احد يعلم ماذا يفعل ومن اجل من يفعله.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.