على الرغم من ان بوب وودوارد اعتمد في تأليف كتابه الذي نناقشه هنا على مقابلاته التي اجراها مع 75 من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة وعلى وثائق ومستندات كثيرة، فان البعض اعتبر أنه لم يلم بكل جوانب قصة حرب العراق، وأن معلومات أخرى ما زالت طي الكتمان، ومن بين الوقائع التي يستند اليها مؤلف الكتاب خطاب حالة الاتحاد، الذي جرت العادة على ان يوجهه كل رئيس اميركي الى شعبه، قبل الاجتماع المشترك للكونغرس كل عام. وهو طقس سنوي يذاع على جميع شبكات التلفزيون ويجذب اهتمام اعداد هائلة من المشاهدين، وقد بلغ عدد مشاهدي خطاب بوش، الذي القاه يوم الثلاثاء 29 يناير نحو 52 مليون مشاهد في وقت الذروة، وهو اعلى رقم منذ خطاب الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1998 اثناء ذروة فضيحة مونيكا لوينسكي وكماجرت العادة دعا بوش عددا من الضيوف البارزين ومن بينهم الرئيس الافغاني قرضاي الذي كان قد بدأ رئاسته منذ خمسة اسابيع. وبدأ الخطاب بالترحيب بالرئيس الافغاني والحديث عن نجاح الحملة العسكرية في طرد طالبان، غير ان مؤلف الكتاب يرى ان الجزء الحقيقي في الخطاب هو الذي يتحدث عن المستقبل، حيث ذكر الرئيس الاميركي ان اهدافه الكبرى هي القضاء على الاخطار التي فرضها الارهابيون والنظم التي تسعى الى امتلاك اسلحة الدمار الشامل. وقد خصص بوش جملة واحدة للحديث عن كوريا الشمالية، واخرى عن ايران، ولكنه خص العراق بخمس جمل. ثم قال ان دولا كهذه تشكل ما اسماه «محور الشر». من الكراهية الى الشر لم تكن هذه العبارة التي اشتهر بها من بنات افكاره، وقد يتساءل القاريء عن مصدرها ولتلك العبارة قصة اخرى يرويها الكتاب نقلا عن مايكل جرسون كاتب خطب الرئيس القابع في مكتبه الصغير بالجناح الغربي للبيت الابيض وكان مايكل قد أعد الخطوط العريضة لخطاب حالة الاتحاد في ثماني صفحات. وكان بوش قد قال له انه يريد خطابا طموحاً يحدد القواعد الجديدة للعبة والتوجه الجديد الذي يعتزم تبنيه في السياسة الخارجية ولم يكن كاتب الخطب الرئاسية قد اطلع على تقارير المعلومات الحساسة التي كانت تأتي الى الرئاسة، ولكنه قضى وقتاً كافياً مع بوش خلال الشهور التي اعقبت 11 سبتمبر، مما ساعده على استيعاب وجهات نظره وحالته المزاجية. ولم يكن الرئيس يتحدث فقط عن مجرد مواجهة المخاطر، بل كان يتحدث عن اعادة توجيه السياستين الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة. وادرك كاتب الخطاب بوضوح ان زمن بوش ليس مثل ايام الحرب العالمية الثانية مع وجود رئيس اميركي ينتظر هجوم الاعداء لكي يرد عليه، وتوقع ان يتضمن خطاب حالة الاتحاد التحول الجديد. بوب وودوارد ويعتبر مايكل جرسون مثل بوش مسيحيا صليبيا كما يصف نفسه، ويقول عن نفسه ايضا انه «محافظ متحمس» وانه معجب بتقبل رئيسه لما يفعله جرسون من حقن لقناعاته الدينية والاخلاقية في خطبه، وقد انتهج في كتابتها اسلوبا ضمنه الخطب العديدة التي اعدها لبوش بعد 11 سبتمبر والتي ادمج فيها نزوعا توراتيا كبيرا وبسيطا.. واثناء اعداد خطاب حالة الاتحاد دارت مناقشات واسعة بين مايكل جرسون وكوندوليزا رايس ونائبها هادلي، وكلف بعض موظفي اعداد الخطب في البيت الابيض بمهمات للمساعدة فطلب جرسون من ديفيد فروم، احد الكتاب المحافظين، بالتفكير في صياغة جملة او اثنتين تلخص الحالة الخاصة باعلان الحرب على العراق. ويلاحظ فيما يتعلق بالحوار بين الرجلين ان الاخير رأى ان العلاقة التي يسعى بوش الى اقامتها بين نظام صدام حسين واحداث 11 سبتمبر توجد في رابطة الدول التي رعت الارهاب والارهابيين الذين لايكنون الولاء لدولة واحدة. وقد هداه تفكيره الى عبارة «محور الكراهية» واختار العراق بالذات من بين الجميع وهي عبارة تحمل صدى عبارة «قوى المحور» المعروفة ايام الحرب العالمية الثانية. ويبدو ان مايكل جرسون لم يقنع بتلك العبارة، ولكنها ذكرته بان ديك تشيني كان يربط بين اسلحة الدمار الشامل والارهاب في مناقشاته اثناء احدى الحملات الداخلية، ومن ثم رأى ان هذا هو المحور الذي يجب ان يتحدث عنه خطاب حالة الاتحاد ولذلك فقد غير عبارة «محور الكراهية» الى عبارة «محور الشر» وبذلك قام بتوسيع نطاق النظرية بحيث تصبح شريرة ومخيفة بدرجة اكبر ويبدو صدام حسين وكأنه عميل الشيطان، مما يوحي بان العلاقة بين نظامه واسلحة الدمار الشامل والارهاب الدولي قد تضع العالم على طريق معركة كبرى بين الخير والشر. وعندما قرأت كوندوليزا رايس مسودة الخطاب ابدت سعادتها لان بوش سوف يستطيع اقامة علاقة بين اسلحة الدمار الشامل والارهاب. لان تلك المسألة كانت قد حذفت من الخطاب الذي القاه يوم 20 سبتمبر 2001 امام الكونغرس حتى لا يثير فزع البلاد اكثر مما حدث منذ ايام نتيجة احداث 11/9 واعربت رايس عن اعجابها بكلمة «محور» واعتبرتها ذكية، كما اعتبرت عبارة «محور الشر» اكثر ذكاء. وكانت هي وهادلي على علم بالتخطيط السري للحرب ضد العراق، وابدياخشيتهما من ان يخص الخطاب العراق وحده باعتباره تجسيدا للعلاقة بين محور الشر واسلحة الدمار الشامل والارهاب، خوفا من ان يبدو الخطاب وكأنه اعلان للحرب. وكانت مستشارة الأمن القومي تحاول ان تضع رقابة مشددة على اللعبة المفضلة الدائرة بين الدهاليز في واشنطن حول موعد بدء الحرب. وارادت حماية عملية التخطيط ولكنها في الوقت نفسه لم تكن تريد اغفال فكرة المخاطرة العامة في وجود ارهابيين لديهم اسلحة دمار شامل، ولذلك اقترحت هي ونائبها هادلي اضافة دول اخرى. وكانت كوريا الشمالية وايران الدولتين المرشحتين واعجب بوش بفكرة الثلاث: العراق وايران وكوريا الشمالية. وكان لهادلي رأي آخر بشأن اضافة ايران فقال ان فيها بنية سياسية معقدة مع وجود رئيس جمهورية منتخب بالرغم من بقاء السلطة الحقيقية في ايدي رجال الدين المتشددين، ووافقته كوندوليزا من حيث المبدأ، وابدت خوفا من توجيه انتقادات للرئيس تتهمه بعدم فهم ان ايران دولة مختلفة وان بها حركة ديمقراطية وليدة. واقترحت هي وهادلي الغاء ذكر ايران، ولكن بوش رفض، واصر على ابقاء اسمها ضمن محور الشر وعلى اتهام الدول الثلاث، ولكنه قال: «ان ايران دولة فريدة لان بها حركة للحرية ولانها منفتحة نسبيا مقارنة بدول اخرى يحكمها ثيوقراطيون». وسئل بوش عن رأيه في رد فعل الايرانيين عندما يعتبرهم جزءا من «محور الشر»، فقال انه يشك في ان الطلاب والاصلاحيين ودعاة التحرير سوف يغضبون من ذلك، وذكر انه اجرى حساباته ويعتقد انهم سوف يكونون سعداء. أبوة .. بالعافية ذكره وودوارد بحديثه معه في صيف عام 2002 قبل حرب العراق عن رئاسته عندما قال له انه سوف ينتهز الفرصة لانجاز اهداف كبيرة، فعلق على ذلك بقوله انه يرى ان الحرية ليست هبة من اميركا للعالم، وانما هي هبة من الله الى كل فرد في العالم، وانه هو الذي قال ذلك في احدى خطبه، وان عليهم واجب تحرير الناس وهو يأمل الا يضطر الى فعل ذلك بالوسائل العسكرية، وعلى الرغم من هذا فذلك واجب عليه. وسأله وودوارد: لو ترجمت مثل هذه الفكرة الى سياسة الا يمكن ان تبدو نوعا من فرض «أبوة خطيرة» على الشعوب في دول اخرى، فرد عليه بوش قائلا: «الا اذا كنت الشخص الذي تم تحريره» واضاف انه يريد العمل مع رؤساء آخرين في العالم في هذه الاستراتيجية الخاصة بالتحرير مثل قيادة بريطانيا واسبانيا واستراليا، وقال بوش «ان توني بلير وخوزيه ماريا ازنار وجون هوارد يشاركونني الحماس نفسه للحرية، وربما بدا ذلك «أبويا» بالنسبة لبعض النخب ولكن الامر ليس كذلك بالتأكيد بالنسبة لمن نحرره». واذا عدنا بعد ذلك الى ما يكل جرسون كاتب خطابات بوش نجد انه انهمك في العمل على عدة مسودات لخطاب حالة الاتحاد واصبح سعيدا بأنه اهتدى الى لغة قوية وتحولت عبارة الدول الخطيرة الى الأمم المارقة» او «الدول المارقة» اما عبارة «محور الشر» فقد حملت اصداء الاعلان المستفز للرئيس السابق رونالد ريغان عام 1983 عندما اطلق على الاتحاد السوفييتي عبارة «امبراطورية الشر». وفي النسخة النهائية للخطاب تم تخفيف الحديث عن نشر الديمقراطية، وحكم القانون، وحرية الكلام، والتسامح الديني وحقوق النساء في العالم الاسلامي، فقال بوش في خطابه: «سوف تقف اميركا بحزم دائما الى جانب مطالب الكرامة الانسانية غير القابلة للتفاوض وقد تضمن الخطاب ثلاثا وستين فقرة واستغرقت قراءته ثماني واربعين دقيقة. وبعد ذلك اعربت كوندوليزا رايس عن ثقتها بان عناوين الصحف الرئيسية سوف تتحدث عن رغبة بوش في الديمقراطية والتغيير السياسي في الشرق الاوسط ولكن وسائل الاعلام التقطت عبارة «محور الشر» باعتبارها شيئا جديدا واخضعتها للتحليلات فاصدر البيت الابيض تصريحا يفيد بان الحرب ليست وشيكة، ويحاول بحرارة اقناع وسائل الاعلام بان كلمة «المحور» تعني العلاقة بين الاسلحة والارهاب لا بين الدول الثلاث المقصودة. ولمن يكن رامسفيلد او ولفوتيز قد رأيا الخطاب قبل القائه، ولكنهما رأيا انه اوضح ان الرئيس اقتنع بما كان يرددانه عن العلاقة بين اسلحة الدمار الشامل والارهاب، وقد اصيب باول بالدهشة من التركيز الشديد علي تلك العبارة، وسرعان ما ادرك انها ستتحول الى قائمة عمل في وقت قريب. وسادت المجتمع الدبلوماسي زمجرة متذمرة، واصبحت تلك الكلمات بمثابة جرس انذار في جميع انحاء العالم، اما الدول الثلاث فقد نفت جميعها المزاعم التي جاءت في الخطاب، ووصفها نائب الرئيس العراقي قائلا: «ان بيان الرئيس بوش غبي». واطلع بوش على تقرير عن اجتماع لكبار موظفي باول وزير الخارجية اقترحوا فيه بطريق غير مباشر ان يتراجع الرئيس عن موقفه، فتحدث الى كوندوليزا رايس التي كان مقررا ان تلقي خطابا يوم الجمعة في ذلك الاسبوع، وامرها بأن تذهب الى الاجتماع وتردد مايلي: اننا جادون في هذا الامر اننا لن نتركه ولن نتراجع عنه، وكانت رايس ستلقي خطابها في مؤتمر العمل السياسي المحافظ وهو تجمع سنوي كبير للزعماء والناشطين المحافظين، ولذلك فقد استدعت رايس كُتّاب خطبها وطلبت منهم اضافة عبارات قوية بالنسبة لجميع الدول الثلاث، وقالت لهم ان العبارات يجب ان تكون واضحة واوجزت لهم على الهاتف ما كانت تريده بالضبط. وقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالا للكاتب تشارلز كراوتهامر يقول فيه: ان الخطاب كان اعلانا قصيرا للحرب. ويرى بوب وودوارد ان خطاب حالة الاتحاد ادى خدمتين لبوش، فهو من جانب بدا حازما، ولم يكن اي رئيس منذ ريغان قد صلصل بالسيف من قبل، ومن جانب آخر وفر الخطاب له غطاء للخطة السرية للعمل السري في العراق ثم الحرب. وذات يوم قال ديك تشيني للجنرال تومي فرانكس انه يعد للقيام برحلة الى الشرق الاوسط في شهر مارس، وسأله عن الدول التي يجب ان يزورها، وماهي الدول الجاهزة لبذل تأييدها، والاستجابة، للضغط والمساعدة في الحرب ضد العراق، وقد اتفق رأي الاثنين على عشر دول محتملة على الاقل شملت اسرائيل وتركيا وفي يوم 6 مارس قدم فرانكس تقريره الى تشيني في واشنطن، وكانت معه ورقة سرية للغاية اعدها مع رامسفيلد وتحتوي على ما يحتاجه الاميركيون من كل دولة. وقد تراوحت المطالب في بعض الحالات بين المساعدة النشطة، وربما بعض القوات والطائرات، او بعض العاملين في المخابرات، وكانت في حالات اخرى تتضمن مجرد اقامة قواعد، او حشد القوات، او الترانزيت ومنح حقوق عبور الطائرات للقوات المسلحة الاميركية، وتزعم الورقة ان كل الدول العربية او الاسلامية قد تكون ضد الحرب في العلن ولكن قد تكون كلها تقريبا راغبة في اسقاط صدام حسين، ويجب ان تكون مساعدتها سرية بدرجة او بأخرى. امد فرانكس ديك تشيني بمعلومات عن شخصية كل زعيم وكل مدير مخابرات، وكانت مهمة تشيني تحويل الضغط في كل دولة الى استطلاع شعور قياداتها ازاء العراق، ولكن ليس من الضروري توقيع اتفاقات او اتخاذ قرارات بشأن تفاصيل القواعد والقوات والطائرات والسفن وما عدا ذلك، والرسالة المطلوب ابلاغها الى رؤساء الدول هي: اذا استخدمت الولاياتالمتحدة القوة المسلحة فعليهم ان يكونوا جادين بشأنها. لقاء سري يلاحظ في كتاب بوب وودوارد انه يلجأ احيانا الى رواية بعض الحكايات الطريفة الخاطفة، ثم يعود مرة اخرى الى سياق الموضوع الذي يتحدث عنه. فاذا عدنا معه الى رحلة نائب الرئيس الاميركي فإننا نجده يقول انها كانت كأنها نوبة ايقاظ بالنسبة لتشيني. وقد اصر الرؤساء على التصدي للحديث عن عملية السلام في الشرق الاوسط لا عن العراق ولا عن خطر صدام حسين او الارهاب. وظل يستمع الى وجهات نظرهم التي ترى ان الافضل للرئيس بوش ان يعمل ويرمي بثقله على عملية السلام في المنطقة، وحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وكانت تلك هي نفس الرسالة التي ظل باول وزير الخارجية يبعث بها الى البيت الابيض دون توقف، كما ان تومي فرانكس يعتنق الفكرة نفسها ولكن تشيني كان يرى شيئا آخر ويصر على ان الشرق الاوسط لا يسير في الاتجاه الصحيح ويزعم ان السلام الدائم غير ممكن اذا ظل الرئيس ياسر عرفات زعيما للفلسطينيين. في الفصل الحادي عشر من الكتاب يكشف بوب وودوارد عن لقاء سري بين جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية وبين شخصين يصفهما بأنهما مهمان في العمل السري داخل العراق. وقد تم هذا اللقاء خلال شهر مارس بين مدير ال «سي. اي. ايه» وكل من مسعود برزاني وجلال طالباني زعيمي الجماعتين الكرديتين الرئيسيتين في المنطقة الكردية التي تساوي مساحة ولاية مين الاميركية. وقد تمتعت منطقتا الزعيمين الكرديين بحكم ذاتي فعال بالاتفاق مع نظام بغداد ولكن تمركزت وحدات عسكرية عراقية على بعد عدة اميال فقط من المعاقل الكردية، وقد استطاع صدام ارسالها لقتال وذبح الاكراد كما حدث بعد حرب الخليج عندما تمردوا انتظارا منهم للحماية الاميركية، فقام بسحق التمرد مما اسفر عن مقتل عدة آلاف وفرار نحو مليون لاجيء الى كل من ايران وتركيا. ويشير الكتاب الى وجود عداء شديد بين الاكراد والحكومة التركية التي لم تعترف تاريخيا بالاقلية الكردية الكبيرة او لغتها. يقول وودوارد ان جورج تينيت حمل الى برزاني وطالباني رسالة واحدة تقول ان الولاياتالمتحدة جادة وقواتها المسلحة وال «سي. آي. ايه» قادمة والامر مختلف هذه المرة، فلن تكون المخابرات الاميركية وحدها. وسوف تقوم القوات المسلحة بالهجوم. واضافت الرسالة الاميركية ان بوش يعني ما يقول وان هناك عهدا جديدا، وسوف يذهب صدام. ويعلق المؤلف على ذلك بقوله: من الطبيعي ان تينيت نفسه لم يكن يعرف ما اذا كان ما يقوله حقيقيا، او ما اذا كانت الحرب على الابواب، ولكن كان عليه ان ينعش آمال الاكراد لكي ينال تعاونهم واشتراكهم، وكان مدير ال «سي. آي. ايه» آنذاك على وشك ارسال قواته شبه العسكرية وضباط وكالة المخابرات الى داخل العراق، حيث يعتبره بيئة خطيرة للغاية. ولم يكن هناك سبيل امام اي شخص وخاصة زعماء القبائل، للصدام معه. ويضيف وودوارد قوله ان تينيت كان يعرف ان كل شخص في ذلك الجزء من العالم يمكن ان يبيع شيئا ولعل المؤلف استقى هذاالحكم من فم مدير ال «سي. آي. ايه» نفسه، ولذلك فانهم لن يندهشوا من انه هو ايضا لديه شيء للبيع، وكان في حاجة الى حماية وضمانات والتزامات، ويقوم بعرض الشيء نفسه، وكانت هذه احدى الازمات التي واجهته، وهي تقديم وعود قد لا يفي بها. وكما قال واحد من اسلافه في الوكالة ان ال «سي. آي. ايه» لا تلعب وفق مباديء فروسية القرن التاسع عشر، فترمي القفاز، وتحدد موعد ومكان المبارزة، ذلك لان اعمال ال «سي. آي. ايه» السرية هي الجانب القذر في حلبة الصراع، وعلى الرغم من ذلك كان لدى تينيت حافز كبير هو المال، وكان في استطاعته دفع عشرات الملايين من الاوراق المالية فئة المئة دولار، واذا قام الموظفون المدنيون او الضباط في وزارة الدفاع. او الدبلوماسيون في وزارة الخارجية الاميركية بدفع اموال للعمل على تغيير سياسة ما، فقد يكون ذلك تصرفا غير قانوني، وقد يعتبر جريمة رشوة، ولكن ال «سي. آي. ايه» هي الجهة الوحيدة في الحكومة الاميركية المفوضة بدفع الاموال للناس على سبيل الرشوة على وجه التحديد.