\r\n إن الحكومة الكورية الشمالية لم تزعم فجاة الانضمام إلى نادي الأسلحة النووية العالمي بدافع من نزوى أو هوى غريب متعذر تفسيره . فالإعلان عن امتلاك كوريا الشمالية لاسلحة نووية مثل تتويجا متنبأ به تماما لعقود من الحسابات والجهود الحريصة والمضنية والمكلفة .وإلى أن نقيم ونثمن التفكير الذي ينشط ويقوي ويحيي سعي كوريا الشمالية نحو امتلاك أسلحة الدمار الشامل ، فإننا سنواجه احتمال مزيد من المفاجآت غير السارة والمكلفة من بيوتغ يانغ . \r\n إن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية هي دولة عكس أي دولة- فهي كيان سياسي قائم بوجه خاص من أجل ثلاثة أغراض متشابكة : للقيام بحرب ، ولتسوية مظلمة وضيم تاريخي ، ولتحقيق رؤية أيدلوجية كبرى . \r\n والرؤية هي إعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت الحكم (المستقل الاشتراكي) لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية . \r\n والشعور بالضيم والحزن هو الفشل في الهجوم المفاجئ الشهير في يونيو عام 1950 على كوريا الجنوبية - وهو الهجوم الذي كان يمكن أن يوحد كوريا جيدا بشروط بيونغ يانغ لولا التدخل العسكري الأميركي . \r\n كما أن الحرب التي تستعد لها كوريا الشمالية ليست طارئا نظريا مستقبايا معينا . فمن وجهة نظر القادة الكوريين الشماليين ،فإن بلادهم في حالة حرب اليوم وليس غدا. \r\n إن تحييد وإزالة الولاياتالمتحدة الأميركية التي تشكل تحالفا مع كوريا الجنوبية من المعادلة الكورية هو أمر حتمي من منظور بيونغ يانغ .ولكن ذلك الهدف لايمكن إنجازه بقدرات وإمكانيات كوريا الشمالية التقليدية -اليوم أو في المستقبل القريب . ولتحقيق هذا الهدف ، يجب أن تمتلك كوريا الشمالية أسلحة نووية وصواريخ باليستية قادرة على إيصالها إلى قلب العدو الأميركي . \r\n ثمة تعقيدات عديدة مهمة تنبع من مفهوم كوريا الشمالية واستراتيجيتها لبرنامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل : \r\n أولا, إن استمرارية وتصعيد التوترات ليست آثارا جانبية عرضية وغير مرحب بها للبرنامج - ولكنها هي غرضها المحوري . فكوريا الشمالية استخدمت بالفعل التهديد الخاص بامتلاك أسلحة دمار شامل لاستخلاص مساعدات دولية بالأمر الواقع من الولاياتالمتحدة وحلفائها وإجبار الولاياتالمتحدة على معاملة بيونغ يانغ دبلوماسيا ،بشروط بيونغ يانغ. \r\n على أن أعظم أرباح ممكنة بالنسبة لكوريا الشمالية فيما يتعلق بأسلحتها النووية وصواريخها الباليستية مازالت مدخرة ومحتفظا بها - وهذا يوجهنا إلى النقطة الثانية. فلأكثر من نصف قرن ، كانت السياسة الأمنية الأميركية تتهم بفرض (رادع) على بيونغ يانغ . ولكن ألم تفكر بيونغ يانغ أيضا في كيفية (ردع) الولاياتالمتحدة على مدى تلك العقود الطويلة نفسها؟ \r\n ثالثا، إن أولئك الذين يأملون في حل (فوز بفوز) ، أو حل وسط بمعنى أن تفوز كوريا الشمالية بنقطة مقابل أن يفوز الطرف الآخر بنقطة، لحل المأزق النووي الحالي يجب أن يدركوا أن كوريا الشمالية لاتنخرط في مساومة أو مقايضة من نوع (فوز بفوز) ولن تفعل أبدا . إن السجل التاريخي واضح : أن بيونغ يانغ تؤمن بالحلول الكاملة ، مفضلة ليس فقط الانتصارات ولكن أيضا النكسات المذلة المفقدة لماء وجه خصومها. \r\n وأخيرا، فإن أولئك الذين يعتقدون أن نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية مازال أمرا ممكنا من خلال بعض التقدم التفاوضي المستقبلي يجب أن يتأملوا ويفكروا فيما ستبدو مثل تلك المحصلة لبيونغ بانغ اليوم - من وجهة نظر الدولة الكورية الشمالية الحقيقية القائمة ، وليس من وجهة نظر دولة كورية شمالية خيالية نحب أن نتحدث عنها . لا يوجد قائد كوري شمالي حالي من المحتمل أن ينظر بعين الاعتبار في اقتراح من قبيل إنجاز (إزالة للأسلحة النووية كاملة وشاملة وقابلة للتحقق منها ولا رجعة فيها) وأن يعتبر ذلك كمساومة أو مقايضة . \r\n إن كيم غونغ إيل يبذل قصارى جهده لجعل العالم آمنا بالنسبة لكوريا الشمالية.ومهمتنا ،في المقابل، أن نجعل العالم آمنا من كوريا الشمالية . وهذه ستكون مهمة صعبة ومكلفة وخطيرة. غير أن تكاليف وأخطار الفشل _ بالنسبة لأميركا وحلفائها _ أكبر ولا تعد ولا تحصى .. \r\n \r\n نيكولاس إيبرشتادت \r\n يشغل كرسي (هنري ويندت) في الاقتصاد السياسي بمعهد(أميركان إنتربرايز)في واشنطن . وهذه المقالة تم أخذها بتصرف من شهادته التي أدلى بها أمام لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الأميركي في السابع عشر من فبراير الماضي .