\r\n يحاول بوش حاليا, وبتهور ان يجمع وبطريقة خرقاء, كل السياسات القائمة, وفي اللحظة الاخيرة انقذ لقاء القمة مع الرئيس فلاديمير بوتين, الذي يرفض تخفيف اجراءاته الشمولية, بخطوة باتجاه حماية البلوتونيوم الروسي الذي يمكن استخدامه في انتاج الاسلحة النووية, وقد نوقش هذا البرنامج في عهد الرئيس كلينتون واهمله الرئيس بوش حتى قبل اسبوعين. \r\n \r\n لم يكن الاستقبال الاوروبي للرئيس بوش قبولا لوجهة نظره المحافظة الجديدة عن العالم, بل محاولة لجعلها من صفحات الماضي. ذلك ان اوروبا الجديدة تحاول تقسيم بوش الى اجزاء منفصلة. فالى المدى الذي يعدُ فيه بأنه سيتغير سيساعده الاوروبيون, والى المدى الذي يبقى فيه على حاله, يتظاهرون بأن ليس هذا هو ما يحصل. \r\n \r\n ويشعر الاوروبيون, بمن فيهم الحكومة البريطانية, بان السنوات الثلاث الماضية قد اختطفها العراق. ومواجهة الواقع الدموي الظالم الممتد بلا نهاية في العراق, لا تعني القبول بافتراضات بوش الاصلية, بل متابعة مهمة تحقيق الاستقرار. اما وقف الاشارة بالبنان, فهو الاساس الذي يقوم عليه الاجماع الاوروبي على سياسة اوروبا الجديدة, وان لم تعلن على الملأ, والمتمثلة في احتواء بوش ومن الطبيعي ان يفتقر بوش الى الدقة ويغيب عنه الغموض. \r\n \r\n وبالطبع, فقد احتوى بوش نفسه فعلا, او انه احتوى نظريته الاستباقية على الاقل, والتي تبدو انها كانت صالحة للاستعمال مرة واحدة فقط. وما من احد من الحلفاء يرغب في تكرار التجربة. بل لا يقوى بوش على القيام بمثل هذا الاستعراض العسكري مرة اخرى بأية حال, بسبب ورطة جيشه في العراق. \r\n \r\n في الكثير من الجوانب, تعتبر قضية ايران مناقضة للعراق فالاوروبيون التزموا بمصداقيتهم في المفاوضات, ولدى الايرانيين وسائل دبلوماسية تحول تماما دون قيام الولاياتالمتحدة بعمل عسكري منفرد ضدها. والرئيس بوش, الذي لا يعرف ماذا سيفعل حسب ما يقول مسؤولون اوروبيون, واقع في مأزق سواء ادرك ذلك ام لم يدركه. \r\n \r\n في باريس, اشارت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى ايران, وهي تسعى الى التأثير في المثقفين الفرنسيين, على انها دولة شمولية, وكما لو ان النظام الشيعي الشمولي قد نسخ النمط الذي كان سائدا في الاتحاد السوفياتي, وبهذه الحيلة الخطابية الماكرة, سحبت التماثل الشاسع »للحرب على الارهاب« كمعادل للحرب البارده, في بلاد فارس. لقد أربك افتقارها الى البراعة الثقافية مفاوضيها. فقال لي احد الفرنسيين ان رايس كانت مصمومة الآذان لاي مجادلة« لكنه ما من احد شدد التركيز »على زلة لسانها« بفضل »الرجوع الى الاخلاق الحميدة«. \r\n \r\n وبصرف النظر عن التلاعب اللفظي الذي عمدت اليه رايس فليس هذا بالسياسة. كما ان رايس اشارات بغموض الى تهديد ايران باللجوء الى مجلس الامن الدولي. »فمجرد سخافة« تظل على الطاولة في الوقت ذاته الذي تبقى الولاياتالمتحدة غير منخرطة في العمل الدبلوماسي والرئيس بوش لا يدري ان كان سينضم للاوروبيين, في ضمان التوصل الى اتفاق يمنع ايران من انتاج اسلحة نووية, ام لا, وفي هذا الصدد, قال جون ريتش, السفير الامريكي السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية, التابعة للامم المتحدة, »طالما ان ايران باقية ضمن اطار معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية, وطالما ظل مفتشو الاممالمتحدة مقيمين هناك, فلا تستطيع الولاياتالمتحدة القيام بأي شيء داخل داخل مجلس الامن الدولي«. وقال ايضا ان الجدل بشأن الابقاء على ايران اطار المعاهدة جدل شامل وطاغ, مضيفا بأنه »ما دام الايرانيون خاضعين لنظام التفتيش, فذلك يوفر لنا الفرصة الاعظم لتقييم اية خطوة يتخذونها في برنامج التطوير النووي لديهم.. وعلى الولاياتالمتحدة ان تكون لديها الرغبة في تأييد اي اتفاقية تتوصل اليها اوروبا, ويتخلى فيها الايرانيون عن حقهم في بناء قدرة محلية للتخصيب النووي وتطويره, وفي نهاية المطاف, فان طريقة دعم التوصل الى نتيجة مرضية تتمثل في تدعيم موقف الاوروبيين عن طريق التوكيد على ان الولاياتالمتحدة ستؤيد عقد اتفاقية راسخة الاركان«. \r\n \r\n لقد شغلهم الرئيس بوش ببعض العوائق الجديدة امام الوصول الى اتفاق. وبدأ الاوروبيون بحشرة في الزاوية حول قضية ايران اذ هم استقبلوه بحرارة. وفي الوقت المناسب, ينبغي على بوش اما الانضمام الى المفاوضات, او التراجع الى سياسة المحافظين الجدد, الامر الذي سيحطم العلاقة مع الاوروبيين. فان اختار مسارا لا يكون »مجرد سخافة« في زيارته المقبلة, فقد تكون لدى الاوروبيين رغبة في عزف السيمفونية الثالثة لبتهوفن.. الارويكا.0 \r\n \r\n عن الغارديان البريطانية \r\n