وكانت العملية الانتخابية هامة لذاتها, بالنسبة للكثير من الفلسطينيين, حيث دللت على عودة التطبيق الفعلي للممارسة الديمقراطية, والتي بدت وكأنها اصبحت منسية. ومع ان النتائج كانت محسومة بشكل قطعي, الا انه وبعد سنوات من المعاناة, في ظل نظام حكم فلسطيني مطلق, عانى بدوره جراء سطوة الاحتلال الاسرائيلي, كانت العملية قد فتحت اقاقاً سياسية جديدة. بحيث ادت الى انبعاث امال جديدة, فيما يتعلق باعادة بناء النسيج الديمقراطي بالنسبة للمجتمع الفلسطيني. \r\n \r\n ومن الملاحظ ان الانتخابات داخل الاراضي المحتلة, هي مختلفة كثيراً عن تلك »الانتخابات الحرة« المزمع اجراؤها في العراق, حيث لم يتمكن الاحتلال الاسرائيلي من الوصول الى قلب النظام السياسي الفلسطيني, بحيث بقي المحتلون يحتفظون بشكل اساسي, باستقلالية, وجملة اجراءات يعمدون الى توظيفها لخدمة وضع مختلف بالكامل عما هو عليه الحال بالنسبة لبقية العالم العربي. \r\n \r\n ان مسألة انتخاب ابي مازن لا تعني بأي حال من الاحوال, ان مفاوضات السلام قد باتت قاب قوسين او ادنى, اما المعلقون الذين يعتقدون بتغير مسار العملية, فهم انما يرتكبون خطأ اساسياً: فوفاة عرفات تعمل في واقع الامر على فتح فصل جديد من تاريخ المنطقة, ولكن يكون من العدل والانصاف القول بكل صراحة ووضوح ان قضية السلام ليست مرتبطة بالاخطاء, او السياسات التي انتهجها الرئيس عرفات فقد كانت القضية الاساسية وستبقى هي المتمثلة بموضوع الاحتلال العسكري الاسرائىلي. \r\n \r\n وتؤدي الانتخابات الفلسطينية, من وجهة نظر معينة الى ابعادنا عن لب المشكلة, بحيث تنسينا ما هي العناصر الاساسية المرتبطة بها, فالارهاب الاجرامي والمدان, او تصريحات عرفات الذكية ام الغبية, لم تكن مجتمعة سوى النتيجة الحتمية, والضرورية للاحتلال. \r\n \r\n وكان الاحتلال قد اصبح في السنوات الاخيرة اكثر شراسة وقسوة فلم يكن الاسرائيليون هم الوحيدون الذين دفعوا ثمن الاعمال الارهابية, فالاف القتلى الفلسطينيين قد دفعوا بدورهم ثمن ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل. \r\n \r\n ولا يقتصر مفهوم الاحتلال على الموت, او الاعاقة والعجز الصحي, او الاف مؤلفة من الجرحى, بل يعني كذلك التدمير المنظم للمجتمع الفلسطيني, ومؤسساته السياسية. والاقتصادية, والقضاء على قوات الامن الضعيفة, والتي, وعلى الرغم من منتسبيها الستين الفا العاملين, فهي ليست سوى شبح للاعتبار الاقتصادي الخالص. \r\n \r\n كما يعني الاحتلال معسكرات مسوية بالارض, بطالة هائلة, فقر وجوع, ومنازل مدمرة, وجدار مرتفع من الكراهية يعمل باسم الحرب على الارهاب, على تغذية كراهية اخرى, وروح الانتقام بقلوب ثلاثة ملايين فلسطيني, مكدسين داخل سجن الاحتلال الكبير. \r\n \r\n فهل يتمكن ابو مازن من قيادة الشعب الفلسطيني من دون استرداد بعض من المطالب الاساسية, الجوهرية, والاولوية لشعب يرزح تحت نير الاحتلال? فمن المحتمل ان يسعى الزعيم الفلسطيني الجديد بالمستقبل القريب للتركيز على اهداف بعينها, تتعلق بمرحلة انتقالية, مثل اطلاق سراح المعتقلين, وانسحاب اسرائيلي محتمل للحدود التي كانت قائمة قبل اندلاع هذه الانتفاضة الثانية, بحيث تكون ممثلة للاهداف الفورية ولكن القضية تبقى قائمة: فسلام حقيقي لا يتم التوصل اليه الا عبر انسحاب حتى حدود .1967 \r\n \r\n فالحكومة الاسرائيلية, التي فازت للتو بثقة الكنيست, سوف تلعب في الاشهر القليلة القادمة مباراة الانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة. وسوف تنضم اليوم الى ديماغوجية »رجل سلام« مثل شارون. تلك البلاغة الخداعة التي تتمتع بها شخصية مثل بيريز, الذي ما زال يعيش موهوماً جراء نفس العبارات, وهوس الاقتراب من السلطة. \r\n \r\n وسوف يمثل هذا جزءاً من صراع حاد داخل المجتمع الاسرائيلي, ولكن سيكون بعيداً كل البعد عن كونه برنامجاً للسلام. وهناك ما هو اسوأ من ذلك: فاذا ما تصاعدت الصدامات التي يخطط لها اليمين الاسرائيلي المتطرف, فسيكون من شأن ذلك وضع حد, ولاعوام كثيرة, لعملية سلام حقيقية. \r\n \r\n والامر متعلق بحكومتين جديدتين علاوة على الحضور الدولي المكثف اليوم في منطقة الشرق الاوسط. ولكن يخاطر كل هذا بالتحول الى مهرجان فرح, يتم معه نسيان المتغيرات الاساسية للصراع, وضرورة التوصل لسلام يجري التفاوض بشأنه, والذي سيعني بالضرورة, وقبل كل شيء نهاية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها في العام .19670 \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية \r\n \r\n