وفي قضية اخرى, يقول العراق ان ايران تتدخل في شأن الانتخابات العراقية المقرر اجراؤها يوم 30 كانون الثاني الجاري. وفي خضم هذا كله, كانت ايران, ولا تزال منقسمة بين الاصوليين والمعتدلين الاسلاميين. وقد بدأ ذلك بانقلاب عام 1921 الذي قام به رضا بهلوي, الضابط في كتيبة القوقاز الفارسية. وبحلول عام ,1925 عزز ولاء الجيش, وحسن النظام العام, واعلن نفسه شاهاً, ثم تفاوض مع البريطانيين لتحسين شروط امتياز النفط الذي منح عام .1901 وكانت الاصلاحات التعليمية والقضائية قد حرمت رجال الدين المسلمين من نفوذهم; اذ تحررت قوانين الطلاق, ولم تعد النساء مطالبات بارتداء الخمار.وعندما تحول الشاه رضا بهلوي الى المانيا لمواجهة النفوذ الروسي, اطيح به بغزو أنجلو- سوياتي عام .1941 وخلفه ابنه محمد رضا بهلوي, الذي تبين ايضا انه مصلح اجتماعي. \r\n \r\n وبرز على المسرح محمد مصدق, الشخصية السياسية الوطنية الشعبية, وعضو البرلمان الايراني (المجلس). وفي آذار ,1951 أقرّ »المجلس« قانوناً تقدم به مصدق لتأميم شركة النفط الانجلو- ايرانية ثم عين الشاه مصدقاً رئيساً للوزراء. لكن البريطانيين والامريكيين رأوا في التأميم خطراً يهدد شركات النفط الغربية الاخرى في عموم انحاء الشرق الاوسط. ومع تنامي سلطة مصدق, تراجع موقع الشاه. وعندما غادر الشاه البلاد الى منفاه في آب ,1953 دبرت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.إيه) ونظيرتها البريطانية (إم 16) اضطرابات في الشوارع, وشحنتها بجملة وافرة من المطالب بسن تشريعات صغيرة, وازاحتا مصدق من السلطة. ثم عاد الشاه. \r\n \r\n ولم يكن الشاه, بعد عودته من المنفى, أقل اصلاحاً اجتماعياً من ذوي قبل. لكنه هذه المرة أتى بقبضة اشد واقوى. فمهّد الطريق امام اصلاح الاراضي, وادخل محاصصة الارباح الى الصناعة, وسمح ببعض رموز التحديث الثقافي, مثل فتح دور السينما, وارتداء النساء للثياب الغربية (وحتى الجينزالازرق) في الشوارع. \r\n \r\n وبعث الرئيس نيكسون, كسفير للولايات المتحدة في طهران, مدير (سي.آي.إيه) ريتشارد هيلمز. وساعدت كل من ال (سي.آي.إيه)وجهاز المخابرات الاسرائيلية (الموساد) في اقامة جهاز المخابرات الشاهنشاهي (السااك). وقد اذعنت السفارة الامريكية امام اصرار الشاه على اعتمادها على السااك في قضايا الاستخبارات الداخلية الايرانية, والامتناع عن تقاريرها المستقلة. وتجسس عملاء السااك على الطلبة الايرانيين في الجامعات الامريكية. وانفقت اموالاً طائلة على معدات عسكرية واجهزة لرجال البوليس والشرطة ذات الصناعة الامريكية. وعندما احتج المحافظون من رجال الدين المسلمين على الاصلاحات الاجتماعية وبرامج التحديث, انقض عليهم الشاه. فغدت الاحتجاجات عنيفة, وكذلك اجهزة البوليس. \r\n \r\n ونشرت الصحافة الغربية تقاريرها عن كل احتكاك كبير وقع. واشارات الانباء الصحافية بوضوح الى ان ايام الشاه اصبحت معدودة ومما لا شك فيه ان هذه الاخبار لم تكن تقرأها اجهزة المخابرات او البيت الابيض, حيث يسود اتجاه بعدم اعطاء قيمة لاي شيء قد يكون معرفة عامة, ولكنه غير مدفوع بعبارة »سري للغاية«. \r\n \r\n وهكذا صرحت (سي.آي.إيه) في آب ,1978 بأن »ايران لا تمرّ بحالة ثورية, او حتى »قبل الثورية«. وقالت وكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع, في شهر ايلول من عام ,1978 ان الشاه »سيبقى في السلطة في ايران, على الارجح, طوال السنوات العشر المقبلة«. وقال الرئيس كارتر, في مؤتمر صحافي بتاريخ 12 كانون الاول ,1978 »انني اتوقع تماما للشاه ان يظل في الحكم في ايران«. وفي شباط ,1979 اطاح بالشاه نظام راديكالي للاصوليين الاسلاميين. وفي تشرين الثاني ,1979 استولت الجماهير الايرانية على السفارة الامريكية في طهران, واحتجزت العاملين فيها حتى كانون الثاني .1981 \r\n \r\n وهنا يكمن خطأ لاجهزة المخابرات شبيه بذاك الذي قاد الى احداث 11 ايلول. وفسر ذلك غاري سيك, مسؤول جهاز العاملين للشؤون الايرانية في مجلس الامن القومي عام 1979 بالقول »ان الفشل لم يكن في المصادر او الملاحظة او المعلومات بقدر ما كان عدم كفاءة الهيكلية التنظيمية في النظام«. \r\n \r\n ومنذ ذلك الحين, اكتسب المعتدلون الايرانيون ما يكفي من القوة لانتخاب رئيس. لكن. رئيس رجال الدين المحافظين يحدون مما يستطيع القيام به. ولهذا, فان من مصلحة الولاياتالمتحدة ان يسود المعتدلون. والفرص الآن افضل في ايران منها في اي مكان آخر في الشرق الاوسط. وقد يقدم هذا للرئيس بوش ما يريده في العراق.- وربما لن يتم له تحقيقه- بثمن اقل كثيراً. \r\n \r\n إن اعادة العلاقات الدبلوماسية الامريكية مع ايران تشكل خطوة اولى صحيحة. ومن شأن ذلك ان يوفر ما هو اكثر من فتح قناة اتصال... انها ستنشىء وجوداً امريكياً, بما في ذلك من اقامة لعلاقات تجارية ومؤسسات ثقافية.0 \r\n \r\n كريستيان ساينس مونيتور \r\n \r\n * الرئيس السابق لجهاز العاملين في لجنة العلاقات الخارجية, ومؤلف كتاب »الاستخبارات السرية والسياسة العامة: معضلة الديمقراطية«. \r\n