ان حماس الرئيس الأميركي لمعالجة هذه القضية هو تغير مرحب به في سياسة البيت الأبيض وهو بالتأكيد يختلف عما كان عليه الوضع خلال السنوات الأربع السابقة‚ \r\n \r\n والرئيس يستحق المديح على ادراكه لهذه الفرصة التاريخية التي ظهرت مع وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والدور المهم الذي يتوجب على الولاياتالمتحدة لعبه في تشجيع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على التوصل الى اتفاق سلام متفاوض عليه‚ \r\n \r\n في نفس الوقت لا يملك المرء إلا ان يشعر بالقلق عندما يسمع الرئيس وهو يضع الديمقراطية الفلسطينية كشرط مسبق من أجل معالجة القضايا الأخرى‚ \r\n \r\n ان الديمقراطية بالتأكيد شيء مرحب به من قبل الشعب الفلسطيني وهي تشكل جزءا رئيسيا من خريطة الطريق في الشرق الأوسط‚ ولكن الديمقراطية لا يمكن ان تكون هي الدواء العام القادر على شفاء جميع الأمراض وبالتالي القادرة وحدها على التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل‚ انها مجرد عنصر من العناصر التي يجب التعامل معها إذا اراد الرئيس فعلا تنفيذ رؤيته باقامة الدولتين «فلسطين واسرائيل تعيشان الى جانب بعضهما البعض في سلام وأمن»‚ \r\n \r\n في خطابه الأخير قال الرئيس بوش «ان تحقيق السلام لا يعني ممارسة الضغط على الطرف هذا او ذاك ‚‚ علينا ان نتمعن في جوهر القضية الا وهو الحاجة للديمقراطية الفلسطينية‚ ان الشعب الفلسطيني يستحق حكومة مسالمة تخدم بصدق مصالحه والشعب الاسرائيلي بحاجة ايضا الى شريك في السلام»‚ \r\n \r\n ان طبيعة الانظمة السياسية الوطنية شيء مهم جدا لشعب يحكم نفسه بنفسه ولكنها ليست بالضرورة «قلب القضية» للعلاقات بين الدولتين‚ فلو ان اصرار الرئيس على الديمقراطية آخذ به وطبق في النزاعات العربية الاسرائيلية السابقة لما توصلت اسرائيل ابدا لاتفاق سلام مع مصر او الأردن‚ ناتان شارانسكي‚ اصدر مؤخرا كتابا حول الديمقراطية أثار اعجاب الرئيس الأميركي‚ وكان يمكن ان يكون شارانسكي في احد السجون السوفياتية لو ان القادة الأميركيين فشلوا في التعامل سياسيا مع الدكتاتورية السوفياتية خلال الحرب الباردة‚ \r\n \r\n في نفس السياق فإن الرئيس بوش لم يصر على ان تطبق الصين وليبيا واوزبكستان مبادىء جيفرسون قبل ان يتفاوض معها‚ لقد كان الرئيس سريعا جدا في النيل من اتفاق اوسلو للسلام لانه لم يركز كثيرا على الديمقراطية‚ لقد اقيمت السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق اوسلو عبر انتخابات ديمقراطية انتخب رئيس السلطة مع مجلس تشريعي لها‚ وبالرغم من ان عرفات لم يكن ذلك الشخص الذي يمكن تقييده او دفعه للأخذ بالتوازنات في النظام السياسي الذي اقامه‚ إلا ان اوسلو وضعت الأساس للجولة القادمة من الانتخابات الفلسطينية التي يرغب بوش في رعايتها الآن‚ كل ما قيل سابقا لا يعني التقليل من التأثير الايجابي القوي الذي يمكن للديمقراطية ان تلعبه في حياة الفلسطينيين‚ والحقيقة ان الرئيس يضغط على باب مفتوح وليس على باب مغلق‚ ان الفلسطينيين انفسهم تبنوا الديمقراطية كأكثر الأساليب شرعية في الحكم وهم راغبون في ممارستها على أفضل وجه‚ فهي ستقدم لهم المزيد من الأمن والوظائف والأخذ بمبدأ المحاسبة والتشريع النشط وانهاء الفساد‚ \r\n \r\n وبمساعدة الأسرة الدولية فإن الانتخابات الديمقراطية يمكن ان تقدم لهم كل ما يحتاجون من تغييرات تمس بايجابية حياة الشعب الفلسطيني‚ ولكن الانتخابات في حد ذاتها لن تجعل الأمر أكثر سهولة للوصول الى السلام‚ \r\n \r\n وحتى أكثر الزعماء الفلسطينيين اعتدالا الذين يستنكرون الارهاب ويرحبون بالديمقراطية يعتنقون نفس المطالب الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بناء على حدود الخط الأخضر وجعل القدسالشرقية عاصمة لهم مع حل شامل وعادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين‚ \r\n