\r\n وبعدما يقرب من عامين على دخول القوات الأميركية الى تكريت، أصبحت المدينة التي أحبت صدام تتمتع بهدوء متزايد، حتى اصبحت واحدة من أكثر المدن هدوءا وتنظيما في العراق. وتحولت القصور الفارهة للرئيس المخلوع، الى ثكنات للجنود الأميركيين، وأذيبت نصب الخيول التي كان يركبها صدام، لتشكيل نصب للضحايا الأميركيين. \r\n وباتت تكريت، موطن صدام وأسلافه، مدينة يعتبرها القادة العسكريون الأميركيون، مثالا على الكيفية التي يمكن بها تحقيق السلام في هذا البلد. \r\n ولكن اول من أمس شن المتمردون موجة من الهجمات ضد القوات العراقية في ضواحي المدينة، مما قطع شهورا من الهدوء النسبي. وأكدت الهجمات انه ما من مدينة في العراق محصنة من هجمات مفاجئة مميتة. \r\n وقد استمر الهدوء النسبي منذ يوليو( تموز) الماضي. ويقول القادة العسكريون الأميركيون انه اعتمد على مشاركة الأهالي وتوسيع المشاريع والتعاون مع زعماء العشائر، وعقد اتفاق على ابقاء الدبابات وعربات برادلي القتالية المدرعة خارج حدود المدينة. \r\n وقال ضباط الجيش الأميركي في تكريت، انه يبدو ان هجوم اول من امس على مركز للشرطة العراقية، والذي أدى الى مصرع عدد من الضباط هو حادث منعزل. \r\n وقال الكولونيل جيفري سنكلير الذي يقود الكتيبة الأولى من فوج المشاة 18 في المدينة في رسالة بالبريد الإلكتروني ان «هذا أحد الأماكن، حيث كانت هناك قنابل مزروعة على الطرق في كل يومين تقريبا خلال ستة أشهر. وليست هناك مثل هذه الأعمال، منذ شهرين ونصف». وقال الميجور نيل اوبراين، المتحدث باسم فرقة المشاة الأولى، انه يبدو ان هجمات الثلاثاء منسقة واستهدفت مواقع يعتقد المتمردون انها يمكن أن تستخدم في الانتخابات، التي من المقرر اجراؤها يوم الثلاثين من الشهر المقبل. وأضاف ان «قوات الأمن العراقية في تكريت تؤدي مهماتها على نحو جيد، وكلما اصبحت أقوى زادت سيطرتها على الوضع الأمني المحلي. وقد راقب عناصر النظام السابق تكريت، وهي تفلت من قبضتهم خلال فترة الى الحد الذي باتوا لا يتمتعون الا بتأثير محدود على الوضع المحلي. انهم يائسون». \r\n وخلال زيارة مراسل صحافي قبل يومين من الهجمات كان الجنود الأميركيون يتنقلون في عربة همفي مكشوفة، وكانت الطرق الرئيسية مليئة بالسكان المحليين، وقد جرى تنظيف الشوارع من النفايات وكان ضباط الشرطة العراقيون يرتدون بدلاتهم الجديدة، وهم يقومون بتنظيم المرور. \r\n وكانت هذه المشاهد جزءا مما سماه سنكلير «حربه السرية»، وهي مزيج من أساليب القتال الضاري وعمليات بناء البشر ونفسياتهم، واستخدام ذلك في تهميش التمرد. وقبل يوم الثلاثاء كانت هجمات المتمردين ضد القوات العراقية نادرة. وقد جرح جندي أميركي واحد فقد خلال الشهر الماضي في تكريت. \r\n وقال سنكلير في مقابلة معه في مكتبه الأحد الماضي، ان «العدو يريد شيئا دراماتيكيا، ويريد تفجير الأوضاع ولن أسمح بحدوث ذلك. لقد خلقنا مناخا حيث لن يسمح الناس بنشاط المتمردين، ونحن نحرم العدو من ملاذ، يوما اثر آخر». \r\n وقال سنكلير ان المدينة التي يقطنها 130 ألف نسمة، لم تظهر الكثير من المعارضة للسياسات الأميركية، لأن السكان يدركون ان القوات الأجنبية تحفظ لهم الأمن، وهم يشهدون ما تقوم به هذه القوات في هذا الاطار. \r\n وقد أنشا سنكلير علاقة مع الشيوخ المحليين، ويلتقي بصورة منتظمة مع المجالس الحكومية، ويتحدث الى طلبة جامعة تكريت ويجيب عبر الاذاعة عن أسئلة المواطنين. ويسير في الشوارع ليشجع على تبادل المعلومات، ويوزع الأموال على المحلات من أجل ايجاد فرص عمل. \r\n وفي الوقت ذاته نصبت القوات الأميركية مدفعية في ضواحي المدينة ووضعت قوات رد سريع في الصحراء المحيطة وقناصين على السقوف وقامت بعدد من الغارات على بعض البيوت في المنطقة. وقال سنكلير ان «اطلاق الرصاص سهل. الجزء الصعب هو فهم وخوض المعركة، التي يواجهها المرء». \r\n وقد سمى الجنرال جون باتيستي قائد فرقة المشاة الأولى العملية «عملية الطيف الكامل»، وهو نوع من المعارك يجمع بين حرب المدن، وإعادة بنائها بمشاركة السكان ولصالحهم. \r\n وقال مدير شرطة المدينة، الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه خشية تعرضه الى القتل من جانب المتمردين، ان الأمور تسير على نحو مرض في تكريت، لأن الناس وحدوا جهودهم لدعم السلام. وأبلغ أفرادا من القوات الأميركية كانوا في مكتبه ان مخبرين كانوا قد أبلغوه بأن المتمردين الذين شنوا الهجمات في تكريت، ربما كانوا ممن أطلق سراحهم من السجن أخيرا، مضيفا «أننا سنتولى أمرهم». \r\n وقال سنكلير، متحدثا قبل هجمات الثلاثاء، انه يريد إزالة الحرب من الحياة اليومية لسكان تكريت، عبر ازالة الأسلاك الشائكة من الشوارع، والتحفيز على ازالة ركام الهجمات قبل أن يعرف السكان ان المهاجمين قاموا بعملهم وكذلك السيطرة على عملية تدفق المعلومات. \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» (خاص ب«الشرق الأوسط»). \r\n