مفاجآت الدائرة الرابعة بأسيوط، خروج مدو لمرشح الحزب وتقدم مستقل في نتيجة حصر الأصوات بأبو تيج    وائل إسماعيل يكتسح سباق «ملوي» الانتخابي ويتصدر ب 35 ألف صوت    حياة كريمة تنتقل بمستوى الخدمات لمياه الشرب والصرف الصحى بقرى شبين القناطر    القومي للمرأة يشارك في فعاليات معرض تراثنا 2025    زلزال بقوة 6.5 ريختر يضرب شمال اليابان وتحذيرات من موجات تسونامي    كأس العاصمة| غياب 14 لاعبًا في الأهلي قبل لقاء إنبي اليوم.. عودة «الشحات»    أمطار وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس الساعات المقبلة    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 12 ديسمبر    ترامب: سننهي هذا العام وقد حصلنا على استثمارات تقدر ب 20 تريليون دولار    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة أوي واتعاملت بقلبي.. ومش كل الناس تستاهل    زلزال بقوة 6.7 درجة يهز شمال شرق اليابان وتحذير من تسونامي    ياسمين عبد العزيز: اقتربت كثيرا من ربنا بعد مرضي.. الحياة ولا حاجة ليه الناس بتتخانق وبتأكل بعض؟    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    الأمين العام للناتو يحذر من سيناريو روسي في أوكرانيا يهدد الحلف    وفد جامعة سوهاج يبحث تعزيز الشراكة التدريبية مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    هل تعلن زواجها المقبل؟.. ياسمين عبد العزيز تحسم الجدل    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن للسلام    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    القيادة المركزية الأمريكية: توسيع فريق التنسيق لغزة إلى 60 دولة ومنظمة شريكة    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث انهيار عقار سكنى في إمبابة.. صور    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلوجة والرمادي تناقضان طروحات الإعلام الأميركي
نشر في التغيير يوم 19 - 07 - 2004


\r\n
قيل لي ان الرجال من كل مناطق السنة كانوا يأتون الى الفلوجة للقتال، حالة وصفها جندي مارينز اميركي بقوله: «الدوري الممتاز» السني.داخل الفلوجة كانت المقاومة تنصب نقاط تفتيش كل مئة قدم. عند نقطة التفتيش العاشرة، اوقفونا، وحققوا معنا. وضع احدهم بندقية على رأس عم الطبيب، وهي حالة كنا قد خططنا لمواجهتها، والحل ان أتظاهر بأني شقيق الطبيب المريض عقلياً. أخذونا الى مسجد عند أطراف المنطقة الصناعية، التي كانت تشهد أعنف القتال.
\r\n
\r\n
في فناء المسجد كان المسلحون مجتمعين حول صناديق الدواء. وفي احدى الغرف حاول الامام ان يتحدث معي. بدأت اتصنع ما املت ان يوحي بحالتي الصحية المزعومة. علمت لاحقا ان المقاومة هناك كانت تحتجز 16 رهينة من الاجانب. غادرنا المسجد مع رسالة من الامام توصي المقاتلين بالسماح لنا بالمرور. كان المقاتلون مهتمين جداً بحالتي الصحية، وغاضبين من الطبيب. الذي احضر اخاه المريض لمثل هذا المكان الخطر.
\r\n
\r\n
فيما مضينا نقود سيارتنا في شوارع المدينة الخاوية، كان المئات من المقاتلين يتناثرون في مجموعات صغيرة. لبعض الوقت مشينا مع سيارة اسعاف اخترقت رصاصة وحيدة زجاجها الخلفي: طلقة أصابت السائق مباشرة. سمعنا اطلاقات دبابات، هدير طائرة بدون طيار، رشقات متوالية من المدافع الرشاشة الثقيلة بالمقاتلات كانت تسقط صواريخها بين وقت وآخر.
\r\n
\r\n
كان هذا وقف اطلاق نار، كما يفترض. المستشفيات تقول ان اكثر من 600 انسان قد قتلوا، وقوات المارينز لم تتمكن بعد سوى من السيطرة على عدد محدود من احياء المدينة. الاعلام الغربي غالبا وصف المقاومة بأنها من أنصار صدام حسين، غير ان الطاغية السابق لم تكن له صلة بالسياق الراهن.
\r\n
\r\n
قد يكون هناك مقاتلون من خارج العراق ايضا، لكن بأعدادهم الصغيرة لم يكن لهم ذلك الدور العسكري المهم. كانت الانتماءات القبلية هي التي تجمع المقاتلين، والتنظيم السياسي الوحيد الذي يمثلهم هو جمعية العلماء المسلمين، الحزب الاسلامي الذي تشكل في الصيف، كانت انتفاضة قبلية تقودها الزعامات الاسلامية.
\r\n
\r\n
ونحن نغادر المدينة قتلت عائلة بأكملها في سيارة تعرضت لقذيفة دبابة، عند خطوط المقاومة، كانت السيارات تعود الى المدينة، في نوافذ السيارات، كان الركاب يصرخون من النوافذ ان الدبابات الاميركية تقترب، صرخ مقاتل شاب معه كلاشنكوف ردا «أهلا».
\r\n
\r\n
زرت قبائل المثلث السني لاول مرة في مارس 2003 قبل أيام من دخول مشاه البحرية لبغداد، في احدى القرى، استقبلنا شيخ القرية في ديوانه، كانت اول تجربة لي مع الاناقة الرسمية البدوية، في بغداد كان الزي الشائع هو البدلة الغربية، حتى افراد المخابرات كانوا يعملون مرتدين بزات ايطالية الطراز سورية الصنع اما هنا، فاللون الابيض هو السائد، مع العمامة او الكوفية.
\r\n
\r\n
في مايو التالي عدت للقرية نفسها، حينما كانت بغداد تعيش فوضى عارمة، على جانبي الطريق كانت العائلات تشتري الارز والسكر المنهوب من المخازن الحكومية، كان الريف هادئا، وكأنه لم تكن هناك حرب، نزلنا والمصورة والصحافية التي معي نسبح في مياه الفرات مع الصبيان الذين كانوا يسبحون هناك، في آخر النهار قالي لي شيخ القرية، وهو رجل في اواخر العشرينيات من العمر، «لا تفعلها ثانية» يبدو اننا تجاوزنا العرف حين خلعت مرافقتي كايل دشداشتها ونزلت تخوض في الماء.
\r\n
\r\n
غير اني حين عدت للقرية مرة اخرى في اغسطس، كانت المقاومة قد اشتدت في المنطقة لدرجة انها كل بضع ايام تشهد هجوما، وبدا لي ان احاديث الرجال الذين أتوا الى ديوان الشيخ ان الكثيرين من الناس هنا يساندون المقاومة، لكن هذا لم يكن ما كنت اقرأه في الصحافة خارج العراق، حيث كانت المقاومة توصف بأنها غير شعبية ومعزولة وقوامها عصابة من المجرمين وبقايا النظام البعثي والمقاتلين الاسلاميين من خارج العراق.
\r\n
\r\n
سألت شيخ القرية ان كان يعرف احدا من المقاومة، فقال: ربما، بعدها ببضع ليال جلست معه تحت اشجار النخيل في باحة داره، قدم علينا محمد وابو علي وسلم على الشيخ والموجودين، لم أتذكر الرجلين، غير انهما تذكرا رؤيتي خلال غدائنا في ديوان الشيخ ايام الحرب، كان محمد في اواخر الثلاثينيات، ملتحيا وبشارب، كانت لحية معتدلة، وكأنها اشارة للوسطية.
\r\n
\r\n
بدا لي ان الجميع يحبون محمدا، فقد كان يحظى بمعاملة ودية واحترام يفوق الضيوف الاخرين، انجليزيته ضعيفة، لكنها معبرة، وعلى الرغم من شهرته في القرية بالورع، فإنه لم تبد مظاهر التشدد عليه، كان ينهى كل جملة بعبارة «اليس كذلك» مثل قوله: بوش قال انها حرب صليبية، أليس كذلك؟ او بوش قال ان الحرب انتهت، لكنها لم تنته، اليس كذلك؟.
\r\n
\r\n
بعد النهب الذي شهدته بغداد، استنتج محمد ان اميركا لم تكن مهتمة بمساعدة العراقيين، واعتقد ان التعمير ينفذ بأموال من الارصدة المجمدة ومن ايرادات النفط العراقي، في مايو اجتمع هو واكثر من عشرة اخرين واقسموا معا على نصرة الله والعراق. قال لي ان ستة اشخاص قتلوا في المنطقة المجاورة لنا تماما وهم يقاتلون الاميركان، حيث سقطوا شهداء وهم يهاجمون قاعدة عسكرية قريبة.
\r\n
\r\n
يقول محمد: «حرية البلد هي اليوم مسئولية المدنيين، في هذه المنطقة على كل انسان ان يحمي بيته».
\r\n
\r\n
اما ابو علي اكبر سنا، اواسط الاربعينيات من العمر، كان ودودا، لكن متشككا ايضا، في البداية لم ادرك انه ومحمد في المقاومة، توقعت ان يكون المقامون مختبئين في مكان ما وان يكونوا رجالا عصابيين منقبين يتحدثون مطولا وبعصبية عن الصهاينة والكفار قبل ان يغادروا بيك آب تويوتا، لم اتوقع جلسات الشاي هذه او محمد، الذي ينام طفل في حجره، ان يقول لي انه لا يعتقد ان اسامة بن لادن مثال جيد للمسلم.
\r\n
\r\n
يقول شيخ القرية: «مرتان او ثلاث مرات أقبل محمد لزيارتي بعد عملية شارك فيها، لم أكن أسأله عن التفاصيل، لكن في اليوم التالي كنت اسمع تفاصيل العملية من الاخرين، ان احد اصدقاء محمد في المقاومة كان غاضبا جدا لاننا نتحدث معك، لكن محمد لم يهتم، انهم قلقون من ان المخابرات الاميركية قد تضغط عليك، محمد يجازف جدا، لكن يثق بك، كما اتحمل مسئولية ايضا».
\r\n
\r\n
ثم قال لي بيت شعر عربي:
\r\n
\r\n
«إما حياة تسر الصديق
\r\n
\r\n
وإما ممات يغيظ العدا»
\r\n
\r\n
لدى محمد اسباب عديدة للانضمام للمقاومة، كان ذلك في وجه منه لرؤيته قتل المدنيين وفي آخر لانه يعتقد ان من واجب المسلم ان يقاتل المحتلين، وقال انه شأن معظم، «المسلمين الطيبين» كان يكره صدام حسين، لكنه يشك ايضا في ان تكون الولايات المتحدة قد قدمت لتحرير العراق، انها حرب استراتيجية، هدفها ايضا تهديد سوريا وايران وحماية اسرائيل، وفي الجوهر فإن مقاومته نابعة من فكرة الاحتلال المبسطة، انه لا يحب رؤية جنود اجانب على ارضه.
\r\n
\r\n
في تلك الليلة ونحن نتحدث معا تحت اشجار النخيل، سألني: «هل تحب ان ترافقنا الليلة، انت لا تخاف، أليس كذلك؟».
\r\n
\r\n
كانت مجموعة محمد تخطط لنسف قطار مليء بالتجهيزات العسكرية، وكانت تنتظر ان تأتيها اشارة المخبر الذي يعمل مع الاميركيين، لكن الاشارة هذه طالت لأكثر من عشرة اسابيع، غير اني عرفت نتائجها حين أتت على شاشة «السي.ان.ان» كانت حشود الرجال والصبيان يحتفلون ويضحكون في جزيرة العرب قبل الاسلام، او كالهجمات التي يشنها المقاتلون العرب بقيادة لورانس العرب على القطارات التركية في الحرب العالمية الاولى.
\r\n
\r\n
حين يريد البيت الابيض او الجيش الاميركي طرفا ما ليلقي عليه اللوم على الاخفاق الاميركي بعد الحرب، سرعان ما يوصف سنة العراق بأنهم بعثيون ومجرمون و «انصار النظام الباقون».
\r\n
\r\n
الصحفيون الاجانب، الجاهلون بأمور العراق وخصوصا من لا يتحدثون العربية، سرعان ما سقطوا بدورهم في فخ هذه الافتراضات التبسيطية، غير ان اهالي الرمادي والفلوجة لم يكونوا ابدا جزءاً مما كان يسمى قبل الحرب «العائلة المالكة» وهم اهالي تكريت وخصوصا قرية العوجة، باستثناء تكريت والعوجة، لم يكن المثلث السني ابدا موالياً لصدام حسين بشكل عام. بل ان معظم محاولات الانقلاب على صدام خرجت من هذه المنطقة.
\r\n
\r\n
هناك تناقض واضح في الطريقة التي يصف بها الجيش الاميركي وسلطة الاحتلال والاعلام أهالي الرمادي والفلوجة. فمن جانب اخر، كل الاهالي هنا هم من اشد انصار صدام حسين، وهي صفة تناسب تبرير اي اجراء يتخذ ضدهم بما في ذلك قتل عائلاتهم. ومن جانب اخر، يقولون ان المقاومة لا تجد دعماً سوى من حفنة من الناس. هذا التناقض لم يكن مرتباً بما فيه الكفاية، ذلك ان البيانات العلنية في العراق تطلق والجمهور المقصود هو الجمهور الاميركي وليس العراقي.
\r\n
\r\n
اتى محمد وأبو علي ذات يوم الى ديوان شيخ القرية وجلس الثلاثة في زاوية من القاعة. كان ابو علي يحمل خرائط مصورة لقاعدة الحبانية الجوية من اجل توجيه قذائف الهاون، اخذ محمد قلماً وبدأ يضع علامات على حوالي 15 موقعاً على خريطة للمنطقة حول الرمادي والفلوجة قال انه شارك في عمليات فيها. قال انه قلق من ان اعتقل ذات مرة واضطر تحت الضغط للاعتراف على جماعته.
\r\n
\r\n
احدى العمليات حفرت في ذاكرة محمد اكثر من غيرها. فهو الذي تعلم الهندسة، مثل أبي علي، وصلا معاً قذيفتي مدفعية زنة 48 كيلوغراماً مسروقة من مخزن للذخيرة.
\r\n
\r\n
يقول: «وضعنا القذيفتين على مسافة 20 متراً بينهما وحين اقتربت سيارات «همفي» الاميركية فجرناها. وحين اتى الاميركيون لنجدتها اختبأنا حوالي نصف ساعة. لكننا لم ننتبه لجنودهم المختفين بين الاعشاب. وحين حملنا اسلحتنا ووقفنا خارج الخندق، بدأ الاميركيون يطلقون النار علينا. لكننا هربنا، ولم يصب سوى واحد بجرح بسيط. ملائكة الله فقط هي التي كانت تستطيع انقاذنا من هذه الورطة».
\r\n
\r\n
كان ذلك في الصيف الماضي بعد بضعة اشهر من تشكيل مجموعتهم.
\r\n
\r\n
يقول محمد ان رفاقه في المجموعة حرفيون ومتعلمون تدربوا في الجيش العراقي السابق. الخلية مكونة اساساً من ابناء قبيلة الدليم، قبيلة محمد وابو علي، التي تهيمن على الرمادي والفلوجة.
\r\n
\r\n
بحلول يوليو الماضي بدأت مجموعتهم تتصل بمجموعتين او ثلاث اخرى في المنطقة شمال العراق وجنوبه، ومع الوقت بدأت العلاقات تتوثق بينها. كانت كل مجموعة تعمل في مناطق الجماعة الأخرى وليس في منطقتها لحماية عائلاتهم.
\r\n
\r\n
تمتلك جماعة محمد مخزوناً من صواريخ سام 7 ستيريلا الروسية المضادة للطائرات التي تحمل على الكتف، حصلوا عليها من قاعدة الحبانية الجوية القريبة من المكان. قبل ان تحكم القوات الاميركية سيطرتها على القاعدة، اخذت تتفرج على محمد وغيره وهم يسرقون الذخائر والاسلحة.
\r\n
\r\n
يقول «الاميركيون شديدو الغباء» انهم كمن اعطانا الاسلحة بنفسه. اعتقدوا اننا لصوص. راقبونا ونحن نأخذ قذائف «الار بي جي» وسألوني: هل انت علي بابا؟ (كما كان الجنود يسمون اللصوص). قلت وغيري لهم نعم، فتركونا. كانوا يعتقدون اننا ندمر الجيش العراقي.
\r\n
\r\n
مئات من مخازن الذخائر حول البلاد كانت لاتزال غير محروسة. واذا ما نفذت صواريخ ستيريلا منا عند جماعة محمد، فإنهم قادرون كما يقول على شراء الصاروخ بسعر 350 دولاراً من قبائل الجنوب. كما لا يوجد هناك نقص في التمويل ايضاً. فقد قال لي رجل اعمال ثري في بغداد ان بعض مجموعات المقاومة يمولها رجال اعمال يعرفهم، الى ان توقف الجنود الاميركيون عن التعامل مع العراقيين في شوارع الفلوجة والرمادي، كان محمد يتوقف ويكلمهم.
\r\n
\r\n
صحيح انه كان يفعل ذلك للتحقيق مما يحملون من اسلحة، الا انه كان فضولياً ايضاً. احد الجنود اظهر صورة عائلته وقال: «افتقدتهم كثيراً اريد ان اغادر بلدك الان، لكن حكومتي لا تسمح لي».ذات مرة قال لجندي اميركي اسود يحرس دبابة: «هيه، ايها الزنجي». وحين استشاط الاسود غضباً، شرح محمد له ان ذلك ما اعتقد ان الرجال البيض ينادون به السود في الافلام السينمائية».
\r\n
\r\n
يقول محمد: «اردت ان اجعله يشعر ان الامر ليس خطأه هو، بل خطأ الرجل الابيض . اردت فيه ان يفكر في جذوره الافريقية».
\r\n
\r\n
في الايام الاولى الدافئة من ربيع هذا العام، خرجت وابو علي وشيخ القرية خارج الدار ومعنا بساط جلسنا عليه في الحديقة. في ديسمبر السابق كان محمد قد اعتقل. فبعد انفجار قنبلة تجادل مع بعض الجنود فأخذوه وحشروه في عربة برادلي.
\r\n
\r\n
الظاهر انهم لم يعرفوا انه من مقاتلي المقاومة، ربما سئموا عناده وكراهيته الواضحة للأميركيين.
\r\n
\r\n
قلت لأبي علي وشيخ القرية اني مرتاح لمعرفتي بأن محمد معتقل. دائماً ما كان يراودني الاحساس بأنه سيستشهد في هجوم من هجماته على الاميركيين، ابو علي وافقني.
\r\n
\r\n
واضاف ضاحكاً: «حين كنا نهاجم الاميركيين، كان محمد يندفع جداً، كان يريد ان يكون شهيداً. كنت اطلب منه ان يقف وألا يتقدم خطوة واحدة. نعم كان يريد ان يكون شهيداً. انا لا تراودني هذه الرغبة». لم يكن ابو علي متديناً مثل محمد. لكنه تابع قائلاً: «حين يستشهدون تصبح رائحتهم زكية ولونهم لا يتغير».
\r\n
\r\n
كان ابو علي ودوداً ومرتاحاً اكثر من اي وقت سابق رأيته فيه، لقد اخذ استراحة من عمليات المقاومة ليقوم بتنفيذ مقاولة مع الاحتلال. انه يحتاج بعض المال ليوفر حاجات عائلته، لكنه ايضاً يحتاجه لانفاقه على جماعة المقاومة، اي ان دافعي الضرائب الاميركيين يمولون جانب من هذه الحرب.
\r\n
\r\n
قبل ان اغادر السهرة، قال لي ابو علي ان جماعته قد قررت تبديل تكتيكها. فالآن سيبدأون مهاجمة القواعد الاميركية بالصواريخ وقذائف الهاون بدلاً من العبوات الناسفة او الار بي جي، فكرت بما قاله بعد ذلك بيومين حين سمعت في الاخبار مقتل جنديين اميركيين بهجوم صاروخي على ثكنة مجاورة. بعد عام من اول زيارة لي للفلوجة، تغير كل شيء.
\r\n
\r\n
الريف اصبح يعيش عصياناً معلناً. قرب الرمادي، قتل المقاومون 12 من المارينز في هجوم مخطط له بعناية. قالوا لي ان رجال القرية يطلبون الذهاب للفلوجة للقتال، غير ان الزعامات ترد عليهم بأن لديها الكثير من الرجال.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.