فبالرغم من تراجع حدّة الانتقاد لسياسة الرئيس بوش حول العراق, خلال الحملة الانتخابية, فانه يدخل البيت الابيض لسنوات اربع مقبلة, في مواجهة شعب يتزايد القلق لديه حيال سير الاحداث في العراق, ويتساءل عن المخرج. \r\n \r\n وفي حين يستعد الرئيس لاداء القسم للمرة الثانية, ويركز طاقة اكبر على اجندة محلية ذات ابعاد كبيرة, فانه يعيش ايضا مجازفة يجد فيها رئاسته وقد استهلكتها حال العراق كثيرا, وعلى مدى السنة التالية على الاقل, لدرجة قد يجد صعوبة في المضي قدما بمبادرات ضخمة, كإصلاح الضمان الاجتماعي. وفي الوقت ذاته, يواجه الرئيس بوش تساؤلات جوهرية حول استراتيجته لاحلال الاستقرار في العراق. فكيف تستطيع الولاياتالمتحدة, بمساعدة قوات الامن العراقية التي لم يكن اداؤها غير متساو في احسن الحالات, ضمان امن وسلامة العراقيين الذين سيتوجهون الى صناديق الاقتراع يوم 30 كانون الثاني, بينما هي غير قادرة على حفظ امن قواتها في احدى قواعدها? وهل ان الرئيس بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد سيكونان اكثر تعرضا للانتقاد ان هما اخفقا في تزويد القوات الامريكية بكل ما تحتاجه للتغلب على عدو مبهم وسريع التطور والنماء, ويواصل استعراض درجة عالية من الكتيف والمرونة? \r\n \r\n لقد ترك هذا الوضع البيت الابيض يبعث رسالتين متناقضتين الى حد ما. الاولى, تلك التي المح اليها الرئيس بوش في مؤتمره الصحفي, يوم الاثنين الماضي, وصرّح بها بوضوح مسؤولون اخرون في الادارة, يوم الثلاثاء, وتقول بأنه لا يجوز لاحد ان يتوقع خمود اعمال العنف بعد الجولة الاولى من الانتخابات التي ستجري يوم 30 كانون الثاني, ولا ان تبدأ الولاياتالمتحدة اعادة القوات بأعداد كبيرة الى ارض الوطن. وقال وزير الخارجية كولن باول, يوم الثلاثاء, »لا يتوهمن احد بأن العراقيين سيكونون قادرين فجأة على ادارة شؤونهم الامنية بعد اجراء الانتخابات مباشرة. فمّما لا شك فيه اننا سنظل هناك بأعداد كبيرة من القوات خلال عام .2005 \r\n \r\n والرسالة الثانية تقول ان التقدم حاصل في العراق, وان المقاومة ستهزم في نهاية المطاف, وما من داع لتغيير المسار, اذ قال الرئيس بوش, يوم الثلاثاء, بعد زيارته للجنود الجرحى في مركز وولتر ريد الطبي العسكري, »ان فكرة الديمقراطية الاخذة في الترسيخ في بلد كان مرتعا للاستبداد والحقد والتدمير تعتبر فترة امل في تاريخ العالم وانني لعلى ثقة من ان الديمقراطية ستسود في العراق«. ولكنه قال ايضا »انها لفترة اسى وحزن«. اما كوايسي مفوم, الرئيس المنتهية مدته للجمعية الوطنية لتقدم الملونين, فقد وصف الرئيس بوش امام الصحافيين, بعد لقائه الاخير في المكتب البيضاوي, بعد ظهر يوم الثلاثاء, بأنه »مخبّل وشديد الاضطراب بشكل واضح« ازاء الارواح التي فقدت جراء الهجوم. \r\n \r\n وعلى مدى سنة كاملة, والادارة توحي بأن العراق يسير نحو الاستقرار بصوة اكبر بعد ان انجز خطوات بارزة وهامة, الواحدة منها اثر الاخرى, مثل: القبض على صدام حسين, وتسليم السيادة وتعيين حكومة مؤقتة, ونشر قوات الامن العراقية, والحملة العسكرية لاخراج رجال المقاومة من معقل الفلوجة, واجراء الجولة الانتخابية الاولى الشهر المقبل. \r\n \r\n ومع هذا, فان معظم هذه الخطوات البارزة دون تحسن ملحوظ يذكر في الوضع الامني. ويساور القلق, الان, بعض المحللين من ان هذه الانتخابات قد تجعل الوضع السياسي اكثر اضطرابا في العراق, وذلك بافرازها نتيجة يجري فيها تهميش السنّة من لدن الغالبية الشيعية, الامر الذي سيذكي, ليس فقط المزيد من اعمال العنف ضد الامريكيين, والعراقيين العاملين معهم, بل ايضا المزيد من التناحر الطائفي, او حتى اندلاع حرب اهلية. \r\n \r\n ويحسن ان يذكر هنا بأن انتخابات يوم 30 كانون الثاني ستأتي محشورة بين مناسبتين هامتين بالنسبة للرئيس بوش, هما: اداؤه القسم الدستوري للمرة الثانية كرئيس للولايات المتحدة, وذلك يوم 20 كانون الثاني, والخطاب الاول عن حال الاتحاد في ولايته الثانية, والذي سيلقيه على الارجح في الاسبوع الاول من شهر شباط. \r\n \r\n وبالنتيجة, فان الدرجة التي ستكون عليها الانتخابات, من حيث الرقابة او عدمها, وفيما اذا كان العراق سيسير نحو الاستقرار او المزيد من الفوضى والاضطراب, ستدفع ولا شك, وفي وقت مبكر, ولاية بوش الجديدة. كما ان هذه الانتخابات, وايا كان العنف الذي سيحيط بها, قد تنافس او تظلّل دعواته الى تغيير نظام الضمان الاجتماعي, واعادة صياغة نظام الضرائب, ومراجعة قوانين الهجرة, وتشديد المعايير التعليمية... وغيرها من البرامج المحلية الاخرى التي ينوي البيت الابيض الشروع بالعمل عليها في شهر كانون الثاني. اما مؤيدو الرئيس بوش فيرفضون فكرة ان سياسته حول العراق ثبت خطؤها, او ان الصعوبات القائمة في العراق ستعطل بقية بنود اجندة الرئيس بتقويض التأييد السياسي له. فقال ديفيد فروم, كاتب خطابات الرئيس بوش سابقا, »ان ما تعلمناه من العراق هو مقدرة الامريكيين على القلق من شيء ما وتأييده في الوقت نفسه«. وقال فروم ايضا ان الرئيس بوش يدرك, مثله مثل فرانكين روزفلت, اهمية التساوي مع الشعب الامريكي حول الوضع, والتوضيح لاهمية الاسباب التي تدعو الى مواصلة القيام بالمهمة. \r\n \r\n ومع هذا, فقد بينّت استطلاعات الرأي على مدى عدة اشهر مضت ان غالبية الامريكيين, او ما يقترب من الغالبية, يعتقدون بأن غزو العراق كان خاطئا, او انه لا يستحق هذه الكلفة من الحيوات والاموال والهيبة في الخارج. فقال وارين رودمان, السيناتور الجمهوري السابق, من ولاية نيوهامبشر, في معرض اشارته الى المقاومة العراقية, »ان المخاطرة الكبرى بالنسبة للرئيس تتمثل في انه اذا استمرت هذه المقاومة في التصاعد, فستلتهم الكثير ممّا يريد الرئيس ان يقوم به. وان كانت هذه المقاومة نذيرا بتصعيد يصل الى درجة شنّ هجوم متقدم من الناحية العلمية - الفنية على ايدى الرجال المسلحين, فذلك سيغضب اعضاء الكونغرس اشدّ الغضب, وكذلك الشعب الامريكي«. \r\n \r\n »نيويورك تايمز«