\r\n في الواقع كانت السياسة الاميركية التي حرضت العراق ضد ايران‚ ناهيك عن التسامح السياسي مع دول مجلس التعاون الخليجي‚ هي التي خلقت المشاكل الرئيسية الحالية مسبقا قبل ان يتم ارساء نظام أمني في منطقة الخليج‚ \r\n \r\n ففي محاولتها لايجاد توازن مع ايران هاجمت الولاياتالمتحدة العراق مرتين علاوة على الحصار الاقتصادي وهذا شيء لم يحلم به الايرانيون ابدا‚ \r\n \r\n لقد اوجدت الادارة الاميركية انطباعا بأن مستقبل الأمن الخليجي يعتمد على ارادة الولاياتالمتحدة لزمن طويل كما ترحب الادارة الاميركية ببعض المشاركة الاوروبية حسب ما يناسبها ويخدم الاهداف الاميركية لتحقيق الاستقرار والامن في المنطقة‚ ويحاول الاميركيون هذه المرة لعب دور الحكماء ويتحدثون كثيرا عن التنمية الاقتصادية والمشاركة السياسية والديمقراطية ورغم ان منطقة الخليج تبدو مواتية بما فيه الكفاية للمصالح الاميركية مما يسمح بقليل من الاستثمار الا انه لا توجد اية اشارة تدلل على الكيفية التي ستتمكن بها السياسة الخارجية الامنية الاميركية من تحقيق اهدافها في المنطقة‚ \r\n \r\n فالوضع المضطرب في العراق يزداد سوءا ولا توجد صورة واضحة لمستقبل العراق‚ كما ان البلدان الاقليمية متشككة بمخططات الولاياتالمتحدة الاميركية في العراق وبالخط المتشدد الذي تتبناه ضد السُّنة العرب في العراق‚ \r\n \r\n واما اتباعها اقصى درجات العنف ضد المدنيين في الفلوجة والمناطق الاخرى فجرد الحكم الموالي لاميركا من شرعيته واصبحت مشاعر العداء ضد اميركا وهي مشاعر عدوانية متصاعدة اصلا في المنطقة‚ \r\n \r\n المشكلة الاخرى تكمن في الارادة العلنية للولايات المتحدة لاستبعاد ايران عن اي تصور امني في المستقبل المنظور وهذا الموقف تعكسه الولاياتالمتحدة ايضا تجاه سوريا وان بصورة اخف نسبيا‚ \r\n \r\n إن التوجه الاقصائي يخلق معضلة امنية بين الولاياتالمتحدة وكل من ايران وسوريا وتعتقد بعض الدوائر في كل من ايران وسوريا في استمرار الفوضى وعدم الاستقرار في العراق فرصة جاءت كهبة من الله لردع الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n لا توجد هذه المرة فرصة كبيرة للادارة الاميركية لإرساء توازن قوى من خلال تأليب البلدان الاقليمية ضد بعضها البعض‚ فبلدان مجلس التعاون الخليجي تعاني من عدد من المخاوف الامنية حول مستقبل العراق وتزايد المكانة الاقليمية لايران فحتى لو تم تحقيق افضل سيناريو لعراق ديمقراطي فسوف يخلق مشاكل مزمنة مع الكويت والعراق وحول عدد من القضايا الاخرى مثل ديون العراق لبلدان مجلس التعاون الخليجي‚ \r\n \r\n ان مستقبل منطقة الخليج قابل لمزيد من التدخل الدولي وهناك اشاعات عن انقسامات دولية جديدة حول امدادات الطاقة وتحديدا توجه ايران لإمداد الهند والصين بينما يوجه نفط العراق وبلدان مجلس التعاون الخليجي الى الولاياتالمتحدة واوروبا‚ والى جانب هذه المخاوف هناك تكهنات تتحدث عن كون الاتحاد الاوروبي مرشحا اكثر للعب دور مقبول في المنطقة فالاسلوب الاوروبي باستخدام الاجراءات الامنية اللطيفة وبالتركيز على التنمية الاقتصادية والدمقرطة تبدو مفضلة اكثر من الأساليب الاميركية المباشرة مثل التدخل العسكري‚ \r\n \r\n بدأت سياسة الاتحاد الاوروبي تختلف عن سياسات البلدان الاوروبية خلال السنوات الاخيرة فالحوار الايراني - الاتحادي الاوروبي يقدم مثالا على الكيفية التي يستطيع الاتحاد الاوروبي بها المساهمة في الامن الاقليمي‚ \r\n \r\n فالقرار الايراني الاخير بتجميد جميع نشاطات تخصيب اليورانيوم جاء في معظمه كنتيجة لدبلوماسية اوروبية بعيدة النظر تجاه ايران‚ ويمتلك الاتحاد الاوروبي عددا من المساهمات الممكنة في المنطقة بدءا من مراقبة العمليات الانتخابية وانتهاء باعادة بناء النظم التعليمية كما ان التدخل الاوروبي سوف يوفر بعض الانفراج لبلدان المنطقة والمجتمع الدولي‚ \r\n \r\n لكن توجد حدود لقدرات الاتحاد الاوروبي نظرا لضعف الامن الاوروبي وقدراته الدفاعية والنفوذ الاميركي الطاغي في المنطقة‚ وبهذا المفهوم لا يوجد بديل امام الاتحاد الاوروبي سوى لعب دور مكمل للسياسات الاميركية‚ \r\n \r\n لا يوجد سيناريو متفائل لأمن الخليج في المستقبل القريب ومما يثير الاهتمام ان الارتفاع الاخير في اسعار النفط لم يساهم كثيرا في هذا المفهوم ويبدو انه لا يوجد مهرب فردي من هذه الصورة السوداوية بواسطة الاعتماد على الذات بالنسبة للبلدان الاقليمية‚ فمن سيوفر الامن في المنطقة الكاوبويات الاميركيون ام الفرسان الاوروبيون؟ اذا ما نظرنا الى تطور وآليات عدد من الانظمة الامنية الناجحة فقد نعثر على بديل طويل الامد فربما يكون النظام الامني المناسب معتمدا على الخيالة العرب شريطة ان يقوم اللاعبون الاقليميون بوضع الطاقات المدنية والعسكرية والفكرية والاقتصادية في جهد بَنَّاء لبناء الامن الداخلي والاقليمي للمنطقة‚ \r\n