رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات الجامعة الأهلية ويتابع انتظام العمل بالمرافق الإدارية    تهديد مستقبل وريثة العرش في بلجيكا بعد قرار ترامب ضد «هارفارد».. ما القصة؟    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رسمية ناجحة إلى فرنسا    «الداخلية»: إحباط محاولة تشكيل عصابي جلب «حشيش اصطناعي» ب70 مليون جنيه    طارق الشناوي ينعى المخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا: يغادر الحياة يوم عرسه    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    صدقي صخر عن فيلم "ولا عزاء للسيدات": "جريء ومختلف"    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم 24-5-2025    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    خلاف على «انستجرام» بين مراهقات يتحول إلى عنف خارج أسوار المدرسة    رفع درجة الاستعداد القصوى خلال عيد الأضحى لتأمين المصطافين بالإسكندرية    ترامب يقيل العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي    الضفة.. الجيش الإسرائيلي يقتحم نابلس ويعتقل ثلاثة شبان    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    مواعيد مباريات السبت 24 مايو - نهائي دوري أبطال إفريقيا.. والزمالك ضد بتروجت    ماجد سامي: زيزو فقد لقب أسطورة الزمالك.. وإمام عاشور لا يُشبه الأهلي    تشكيل الزمالك المتوقع أمام بتروجت في الدوري    توفير فرص عمل بالأردن برواتب تصل إلى 290 دينارا شهريا    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    أخبار الطقس في الإمارات اليوم السبت.. أجواء غائمة على هذه المناطق    رئيس بعثة الحج: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    مكافأة وعتاب.. محمد رمضان يمنح طالب 50 ألف جنيه ويوجه له رسالة مؤثرة    وزير الإسكان: غدًا.. بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات "سكن مصر" بمدينة القاهرة الجديدة    فركش فيلم "روكي الغلابة" ل دنيا سمير غانم وعرضه بالسينمات بموسم الصيف.. صور    مسئولو "الإسكان" يتابعون المشروعات الجاري تنفيذها بالقرى السياحية    غرفة المنشآت السياحية: 30 يونيو آخر موعد لتوفيق أوضاع العائمات النيلية    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يزور مستشفيات جامعة جنيف    «التأمين الصحي» تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    أحمد عيد يعود لتقديم الكوميديا السوداء في فيلم الشيطان شاطر    ضربات روسية غير مسبوقة على كييف: 14 صاروخًا باليستيًا و250 مسيّرة تُشعل سماء العاصم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    انخفاض أسعار البيض في الأسواق اليوم 24-5-2025 (موقع رسمي)    تشكيل بيراميدز المتوقع لمواجهة صن داونز في نهائي دوري أبطال أفريقيا    موسم تاريخي ل"رجال يد الأهلي" بعد التتويج ب6 بطولات والابطال يتحدثون    13 لاعبا ولاعبة يتأهلون لربع نهائي بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    ضبط عاطل بتهمة الاعتداء على طفل جنسيا في الحوامدية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    اليونيسف: إنشاء كيانات جديدة لإغاثة غزة إهدار للموارد والوقت    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    بينهم الشرع، الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصا عاما بالتخفيف الفوري للعقوبات على سوريا    سباق سيارات ينتهى بحادث تصادم فى دمياط وإصابة 3 أشخاص    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبر طرق إدارة ملتوية تثير الغضب، باراك يناور بالتلاعب على المسارين السوري والفلس
نشر في التغيير يوم 13 - 12 - 2004


\r\n
يروي شلومو بن عامي، أسرار المفاوضات السرية والعلنية، بكثير من التفاصيل، والتي كان له فيها دور رئيسي، ويجعلنا نطّل على الكثير من الأمور، التي كُنا نجتهد بأسلوب نظري بحت، في فك رموزها وألغازها، وهو يضع الكثير من اللوم على رئيس وزرائه ايهود باراك، من دون أن ينسى ما يزعم أنه دور لياسر عرفات في عدم تقديم استحقاقات السلام .
\r\n
\r\n
يضع شلومو بن عامي : البروفيسور من أصل مغربي، والذي اعتزل السياسة، يده على السبب الحقيقي لتعثر التوصل لسلام في اللحظة قبل الأخيرة، إذ يعتقد، حسب روايته، أن كلاً من عرفات وباراك قد فشل في تقديم ما يعتقده الطرف الآخر كافياً لتحقيق صفقة مصالحة تاريخية. يقول في مذكراته:« عرفات وباراك قدما تنازلات وفق مفهومهما، لكنها لم تكن كافية في نظر الطرف الآخر، كما أنه لا يوجد طرف تأثر حقاً بمرونة الآخر».
\r\n
\r\n
يقول بن عامي في مكان آخر من روايته المهمة: الزعيمان، باراك وعرفات، من الصعب وصفهما بأنهما يختلفان كثيراً. باراك منطقي لكنه في الوقت ذاته، مستعبَد (بفتح الباء) لأساطير يهودية من الصعب فك رموزها على الرغم من عدم اعترافه بذلك، أما عرفات فقد كان في ذروة معركة ثورية لإصلاح إجحاف تاريخي، وبالنسبة له، فقد قام بكثير من التسويات والحلول الوسط والمساومات وهو في طريقه إلى كامب ديفيد.
\r\n
\r\n
يلقي بن عامي، الكثير من المسئولية على كاهل ايهود باراك، الذي يستعد للعودة للحلبة السياسية، والتنافس على زعامة حزب العمل. ويرى أنه كان يناور بين المسارين السوري والفلسطيني، فقد قرر، على سبيل المناورة فقط، نقل قرى في ضواحي القدس، لمسئولية السلطة الفلسطينية، عشية اجتماع كلينتون والأسد في جنيف، ليمارس ضغطاً على الرئيس السوري الراحل كي يقدم تنازلات في اللقاء مع الرئيس الأميركي، خوفاً من أن تشبك السنارة على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ويندفع المسار السوري للخلف .
\r\n
\r\n
ولهذا يكتب بن عامي، الذي بات يعتقد بإستحالة التوصل لسلام دون فرض من الخارج، بأنه من الصعب فهم تكتيكات باراك في كثير من الحالات، لقد كانت رئاسة الأركان وكذلك الأجهزة الأمنية، تعتقد أنه يمكن التخلي.
\r\n
\r\n
لو بالتدريج، عن الوجود الإسرائيلي العسكري في أغوار الأردن، إذ لا يوجد أهمية أمنية لمثل ذلك الوجود، ويرى أن مثل هذا التنازل الكبير، كان سيغري الطرف الفلسطيني بقبول تنازلات على الحدود الغربية، مع إسرائيل، بقبول ضم ما بين 8 12% من أراضي الضفة لإسرائيل.
\r\n
\r\n
يقول بن عامي حرفيا :«باراك صاحب تفكير وطرق إدارة ملتوية،بل تثير الغضب أحياناً». ويرى بن عامي، في موقع آخر من هذه المذكرات، الشاهدة على حقبة تاريخية لا تزال الروايات حولها تتباين، إلى حد التعارض أحياناً.
\r\n
\r\n
أن واشنطن لم تمارس ضغطاً كافياً على باراك، ليقدم تنازلات ملموسة، قبل الذهاب لكامب ديفيد، مما سيعطي للرئيس عرفات ورفاقه مصداقية وقوة لدى شعبهم، فقد رفض باراك مطالب الجانب الأميركي، الذي سلّم بالأمر من دون ضغوط.
\r\n
\r\n
يكتب بن عامي: «بدأنا التحضير لزيارة مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية، وقدمت اقتراحاً لنبادر إلى تنازلات ما قبل القمة، لكن باراك رفض ذلك بقوة وقال : «إن مثل هذا الأمر سيقلّل من قدرتنا على المساومة في القمة».
\r\n
\r\n
صبيحة اليوم التالي أبلغني مارتن إنديك، السفير الأميركي في إسرائيل بأن فكرة انطلاقة ما قبل القمة، مقبولة لدى الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي متحمس لها». ماذا كانت النتيجة؟
\r\n
\r\n
رفض باراك أية تنازلات: لا في مجال النبضة الثالثة من الإنسحاب من أراضي الضفة الغربية حسب أوسلو، ولا في مجال نقل أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، ولا إطلاق سراح أسرى، ولا تسليم القرى المحيطة بالقدس.
\r\n
\r\n
جاء عرفات للقمة، في وضع نفسي صعب، وهي قمة استغرب الإسرائيليون من أمثال بن عامي، أنها لم تكن مخططة لنجاح مؤكد، كان كلينتون قد فشل في لقائه مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأي تحليل عملي يقول إن الرئيس الأميركي لن يدعو لقمة ثانية يشوبها احتمال الفشل. قمتان فاشلتان متتاليتان أمر لا تقدم عليه إدارة الدولة العظمى في العالم، لكن ذلك ما حصل.
\r\n
\r\n
يقول بن عامي: «لقد شعر الفلسطينيون في قمة كامب ديفيد، أنهم قادوا أنفسهم إلى داخل مصيدة، وانشغلوا في كيفية الخروج من ذلك الوضع، وليس في كيفية التوصل لإتفاق».
\r\n
\r\n
ذكريات اللقاء الأول
\r\n
\r\n
يبدأ شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي السابق كتابه بالحديث عن ذكريات أول لقاء له مع الوفد الفلسطيني بقيادة أحمد قريع «أبو العلاء»، حيث يتذكر بداية المواجهة الكلامية بين جلعاد شير مدير مكتب رئيس الوزراء أيهود باراك وأبو العلاء.
\r\n
\r\n
جلعاد شير:(ما الذي قصدتموه، عندما وقعّتم على إعلان المبادئ عام 1993، هل قصدتم أن الحدود التي سنتفاوض بشأنها ضمن قضايا الوضع النهائي هي حدود حزيران 1967؟).
\r\n
\r\n
أبو العلاء: (علينا أن نهيئ الرأي العام في كلا الطرفين لقرارات صعبة). كان اللقاء الأول لنا في مدينة القدس بحضوري وحضور جلعاد شير وضم الجانب الفلسطيني أبو العلاء وحسن عصفور، تلاه لقاء ثانٍ عقدناه في فندق دافيد انتركونتيننتال في تل أبيب (فندق الملك داود الشهير). أوضح أبو العلاء خلاله مفهوماً حاسماً ضمن التصور الفلسطيني : (الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية لا يمكن تحديدها وفق خريطة انتشار وتوزيع المستوطنات).
\r\n
\r\n
لكن في ذلك اللقاء لم يرفض الفلسطينيون بشكل قاطع المطالب الإسرائيلية بالإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية التي ترغب الحكومة الإسرائيلية كما يقول بن عامي ببقائها داخل المناطق الفلسطينية، غير أن الجدل في هذه المرحلة من المحادثات كان يتعلق بمكانة تلك المستوطنات ووضعها القانوني.
\r\n
\r\n
في السادس من مايو، التقينا مع الطاقم الفلسطيني المفاوض في بيت الضيافة في إحدى الكيبوتسات القريبة من القدس، لقد كان هناك ضرورة لدراسة إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الإبقاء على المستوطنات ضمن مكانة أو وضع خاص داخل الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
وفي هذه الجولة التفاوضية تم طرح مبدأ الاستئجار ولأول مرة، كقاعدة لحل جزء من مشكلات الأرض مع الفلسطينيين،، وهو المبدأ الذي دافعت عنه طيلة مرحلة التفاوض، مما جعله يجد مكاناً في خطة الرئيس بيل كلينتون للسلام والتي قدمها في الثالث والعشرين من ديسمبر 2001.
\r\n
\r\n
لقد اقترحت في حينه، ضرورة الفصل بين الوضع القانوني لحدود المستوطنة وبين وضع ومكانة سكانها، إذ ان هناك إمكانية على سبيل المثال لاستئجار أراضي المستوطنة من إسرائيل أو من قبل المستوطنين أنفسهم، فالذين يختارون البقاء داخل حدود الدولة الفلسطينية يحتفظون بالجنسية الإسرائيلية إلى جانب كونهم سيصحبون مواطني الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
لقد كان تقديري أنّ معظم المستوطنين سيرغبون بالانتقال إلى الأراضي الإسرائيلية، وفي هذه الحالة سيتم تفريغ المستوطنات من سكانها، وبالتالي ستصبح مصدراً لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
كان من الواضح أمامي، أنا وجلعاد شير، ان الكتل الإستيطانية المتاخمة للخط الأخضر سوف تشمل في إطارها بلدات وقرى فلسطينية مما جعلني أقدم اقتراحاً بتطبيق المبدأ المتعلق بالمستوطنات المعزولة داخل الدول الفلسطينية.
\r\n
\r\n
وضمن الصيغة السابقة نفسها، دخل أبو العلاء في خضم النقاش، أي أنه وافق على إبقاء المستوطنات في مكانها، ولكن كبلدات فلسطينية فعلية، لأن ارتباطها بإسرائيل أمر من الصعب استيعابه كما كان يرى أبو العلاء، لكنني في الحقيقة لا أستطيع القول بأنه رفض رفضاً قاطعاً إمكانية منح مكانة خاصة بشكل أو بآخر، للمستوطنات داخل الدولة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
عاد أبو العلاء وطالب بالعودة إلى صلب الموضوع أي العودة إلى حدود يونيو 1967 مع بعض التعديلات البسيطة، وهو المبدأ الذي من شأنه أن يسري على موضوع القدس (العودة لحدود 1967، المنطقة الشرقية لنا والغربية لكم) هذا ما كان يردده أبو العلاء باستمرار.
\r\n
\r\n
أما أنا وجلعاد شير فقد رأينا أن الحل الأمثل لمشكلة القدس هو توسيع حدودها البلدية وتقسيمها ضمن خطة متفق عليها بحيث تصبح المدينة عاصمة لدولتين، أما البلدة القديمة فإنّه يمكن حل مشكلتها عبر تطبيق نظام خاص عليها.
\r\n
\r\n
على الرغم من خصوصية هذه المرحلة التفاوضية وسّريتها، إلاّ أن الولايات المتحدة الأميركية كانت شريكة فيها بل انها كانت مُبادرة إلى فتح هذا المسار السري. الرئيس الأميركي بيل كلينتون هو الذي ناشد باراك لفتح مسار تفاوضي، وبالفعل فإنّ طاقم السلام الأميركي كان برئاسة دنيس روس وعضوية كل من أرون ميللر مساعد روس.
\r\n
\r\n
و روبرت أومالي رئيس ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ومساعد الرئيس كلينتون للشؤون العربية الإسرائيلية (من عام 1998 إلى 2001)، إضافة إلى مارتن انديك السفير الأميركي في إسرائيل (آنذاك) والمترجم المصري جمال هلال الذي يحمل الجنسية الأميركية، فقد انضم هؤلاء جميعاً إلى المباحثات في كريات عنبيم.
\r\n
\r\n
عرض الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مواقفهما كاملة أمام الوفد الأميركي، وأوضح أبو العلاء رغبة الفلسطينيين بالتوصل إلى تسوية شاملة وعدم رفض الحديث في أي موضوع كقاعدة للتفاوض، وبهذا لم يكن لنا كوفد إسرائيلي أي خلاف معه سواء حول قراري 242 أو338 والسعي إلى إنهاء الصراع. لقد كان وضع حد للصراع هو الأساس الذي عكف أبو العلاء على ترديده دوماً.
\r\n
\r\n
أما بشأن قضايا الحدود والأمن، فقد لجأ أبو العلاء إلى استخدام صياغات لينة بل مشجعة أيضاً، وهذا ما اعتقدته أنا على الأقل، صحيح أنه أكد على أن المستوطنات غير قانونية، وبالتالي لا يمكن أن تشكل قاعدة لتغيير الحدود، لكنه وبالروح نفسها، قال بأن الفلسطينيين سوف يتخذون على حد تعبيره توجهاً ليناً إزاء موضوع الحدود حيث قال:
\r\n
\r\n
«قولوا لنا ما هي احتياجاتكم ومطالبكم، وسنناقش التعديلات الحدودية التي تقتضيها هذه المطالب». أما المسألة الأمنية، فكان رأي أبو العلاء أن هناك إمكانية لتطوير توجه جديد مع الطرف الإسرائيلي، وقصد بذلك أن تحقيق الأمن ليس بالضرورة أن يتم من خلال الضم أو الوجود الإسرائيلي الفعلي، وإنما بواسطة دوريات مشتركة.
\r\n
\r\n
ووجود أميركي بالإضافة إلى محطات إنذار. وبكل وضوح يقول بن عامي: «خلال هذه المرحلة لم يعكس أبو العلاء طلباً فلسطينياً حازماً إزاء سيادة فلسطينية على كامل الحدود الشرقية وكامل منطقة الأغوار، بل انه قال انه بالإمكان الدخول في تفاصيل إزاء الحدود الشرقية لدولة فلسطين».
\r\n
\r\n
بالنسبة لمسألة اللاجئين، فإنّ أبا العلاء لم يرفض آلية تحدثنا سابقاً عنها والتي تطورت خلال لقاءات لاحقة، حيث تعلق الأمر بفكرة تشكيل لجنة دولية، بمشاركة إسرائيل والدولة الفلسطينية ولكن برعاية وقيادة الولايات المتحدة، كندا، أوروبا، اليابان، والدول العربية المضيفة للاجئين حالياً.
\r\n
\r\n
وستكون مهمة اللجنة هي المشاركة في حشد الموارد ومعالجة قضية تعويضات اللاجئين وتأهيلهم سواء في البلاد الموجودين على أراضيها أو بالدولة الفلسطينية ودول أخرى لديها استعداد لاستيعابهم.
\r\n
\r\n
نقطتان للخلاف
\r\n
\r\n
إلى هنا كانت المسائل ذات العلاقة بالفلسطينيين مقبولة لدينا باستثناء نقطتين أساسيتين ظهرت خلافات بشأنهما الأولى تتعلق بإدعاء الفلسطينيين بأن النقاش الخاص بموضوع اللاجئين ينبغي أن يرتكز على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194.
\r\n
\r\n
وهو الموضوع الذي تمكّنا من التغلب عليه لاحقاً في مفاوضات استوكهولم، عندما قلنا كوفد إسرائيلي بأنه عند التوصل إلى إتفاق حول جهاز لحل المشكلة أقصد مشكلة اللاجئين، سيكون بوسعنا وصفه كتطبيق لقرار 194.
\r\n
\r\n
أما النقطة الثانية محل الخلاف فكانت تتعلق بمطالبة اللجنة الدولية بصياغة إستفتاء يتم توجيهه لكل لاجئ حيثما وجد، ويتم الطلب من كل شخص تحديد أولوياته: تعويضات، البقاء في مكانه، الإنتقال إلى الدولة الفلسطينية، أو العودة إلى إسرائيل، والإقتراح الأخير كان أبو العلاء يقول عنه «إن أولئك الذين يرغبون بالعودة إلى إسرائيل لن يكونوا عدداً كبيراً».
\r\n
\r\n
لكن هذا الاقتراح بدا لي ضبابياً ومعقداً غير قابل للتطبيق، وهذا ما قلته على الفور، وأضفت موجهاً كلامي لأبو العلاء «إن اللاجئين بمثابة مأساة إنسانية ناجمة عن أزمة وحرب.
\r\n
\r\n
وأن أية محاولة لحلها وفق خطتك وطلبك والتي تشمل من بين اقتراحاتها العودة إلى إسرائيل هي محاولة غير عملية، حيث لم يكن هناك أمر مماثل لهذا عبر التاريخ، أي الإبقاء على مأساة لجوء لعقود من السنين، ثم يتم حلها بهذه الطريقة. إنكم بهذه الاقتراحات تفرزون قاعدة تخليد المشكلة وإستمرار المطالبات من إسرائيل».
\r\n
\r\n
لكنّ أبا العلاء أوضح خلال هذا الحديث نقطة مركزية أخرى ضمن مفهوم التسوية لدى الفلسطينيين، وهي موضوع الدولة الفلسطينية، على الرغم من كونه أحد الموضوعات الرئيسية التي تم الإتفاق عليها في أوسلو، إلا أن أبا العلاء ظل يؤكد، المرة تلو الأخرى، بأن موضوع إقامة الدولة الفلسطينية ليس موضوعاً للإتفاق بيننا.
\r\n
\r\n
قال: (إنها حقنا الطبيعي، ولسنا بحاجة إلى موافقتكم لقيامها)، وادعى أيضاً بأن الدولة الفلسطينية ليست مِنّة من إسرائيل وليست تنازلاً ينبغي على الفلسطينيين دفع شيء مقابله.
\r\n
\r\n
في الحقيقة إنني ومنذ البداية أحطت رئيس الوزراء أيهود باراك علماً بوجهة النظر الفلسطينية في ذلك الموضوع. إلى جانب ذلك، كانت المفاوضات بشأن تسوية دائمة قد بدأت في الوقت الذي كانت فيه الشرعية الدولية إزاء قيام دولة فلسطينية حاسمة وجارفة، مما جعل ورقة الدولة الفلسطينية تسقط من أيدينا مع بداية المفاوضات.
\r\n
\r\n
من الممكن القول أن الطاقم الأميركي كان مرتاحاً من هذه الأجواء، التي تميزت بالانفتاح العام الواضح في مناقشات الطرفين، لكن يبقى وجود الدور الأميركي أمراً مهماً، وقد وصف دينس روس دور بلاده بالقول: «إنه دور رئيسي ومهم، إن هذا الموضوع يشغلنا أكثر من أي موضوع آخر».
\r\n
\r\n
وهذا كان بمثابة حافز ودعم لإتفاقيات، يمكن التوصل لها بضمانات وحلول غير تقليدية. ومما كان يقوله روس: «لم تكن هناك في تاريخ النزاع مجموعة مختارة أفضل من هذه الموجودة حول هذه الطاولة وبالتالي ينبغي عدم تضييع هذه الفرصة التاريخية بأي شكل من الأشكال».
\r\n
\r\n
روح عرفات الغاضبة
\r\n
\r\n
في هذه المرحلة علم كل طرف ما كان ينبغي عليه أن يعرفه عن المواقف الأساسية للطرف الثاني، وبالتالي كان من الصواب الإنتقال إلى مرحلة أخرى من المفاوضات المركزة بهدف دراسة الفرص والآمال الفعلية لمسار التسوية، فاللقاءات الخاطفة وبغطاء سري وأماكن مختلفة وأزمنة غير ثابتة استنفدت نفسها.
\r\n
\r\n
كما أن الانعزال لأيام طويلة هو بطبيعة الحال لم يكن أمراً سهلاً في إسرائيل، أي أنه ينبغي نقل المباحثات إلى الخارج وبالفعل وقع الاختيار على مكان منعزل في إسكندنافيا، وهو المقر الريفي لرئيس حكومة السويد يوران برسون في هارفساند على بعد ساعتين من جنوب العاصمة استوكهولم.
\r\n
\r\n
قبل التوجه إلى السويد، كانت هناك ضرورة لمحاولة تهدئة روح عرفات الغاضبة، خاصة أنه لا يرى سوى النصف الفارغ من الكأس - على حد تعبير بن عامي - الذي أضاف:
\r\n
\r\n
(إن عرفات يضفي على محدثه الشعور الدائم بأنه أياً كانت تنازلاته، فسوف يظل مديناً له، خاصة أن باراك وعد ولم يفِ بوعده، غضب عرفات بشدة وخاصة حول الإلتزامات المتعلقة بالتسوية المرحلية، لاسيما في مجال القرى المحيطة بالقدس لتكون خاضعة لمسئولية السلطة الفلسطينية بشكل كامل» (كما كان الإتفاق).
\r\n
\r\n
ولتهدئة الموقف، جرى لقاء مع رئيس السلطة في مدينة رام الله عند ساعات المساء في الثامن من مايو، اللقاء كان في منزل أبو مازن، وكنت قد انضممت إلى كل من رئيس الحكومة أيهود باراك، ووزير الخارجية دافيد ليفي، ويوسي غينوسار، داني ياتوم ضمن لقاء غير طبيعي، وقد اتضح لي من خلال هذا اللقاء ليس إتساع الهوة إزاء مفهوم السلام لدى الزعيمين فقط.
\r\n
\r\n
وإنما الغياب المطلق بل المأساوي للانسجام البشري بينهما لقد كان حوار طرشان، إذ حاول باراك أن يشرح لعرفات مدى الصعوبة التي يجدها في نقل القرى الواقعة في منطقة القدس إلى السيادة الفلسطينية.
\r\n
\r\n
والتي كان باراك قد وعد عرفات بنقلها للسيادة الفلسطينية. وقد أعرب عرفات عن غضبه لهذا التصرف من خلال تحريك ساقيه بعصبية ومن دون أن يتفوه بكلمة واحدة، كما أن الزعيمين التزما الصمت في معظم الوقت.
\r\n
\r\n
أمر آخر أثار غضب ياسر عرفات وهو عدم نقل أموال الجمارك المستحقة للسلطة الفلسطينية، كما أبدى عدم إرتياحه من نتائج المسار الذي جمعني مع أبو العلاء، وقال عنها: «إنها أجواء ممتازة ولكن بدون أية نتائج».
\r\n
\r\n
في الحقيقة حتى لو اعتقد عرفات أننا قمنا بتحقيق نتائج إيجابية فإنّه لن يخرج (بطبل ومزمار) كما قال شلومو بن عامي ليعلن ذلك أمام رئيس حكومة إسرائيل، ولن يظهر سعادته، وكما قلنا دائماً فإنك لدى عرفات مدين دائماً، ودائماً لا يوجد سوى النصف الفارغ من الكأس.
\r\n
\r\n
وكرد فعل مني لفتّ انتباهه إلى رفضي لتقديراته وأفكاره، وكم كانت مفاجأتي عظيمة عندما شاطرني أبو العلاء الرأي. عندها تولدت لدي قناعة بأنّه من الممكن أن نعمل مع أبو العلاء.
\r\n
\r\n
وازدادت هذه القناعة عندما علمت أن أبو العلاء لم يظهر الخرائط التي أعدتها شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة لعرفات ولم يطلعه عليها، خاصة أن تلك الخرائط كانت في معظمها غير معقولة وتنطوي على قدر كبير من الإذلال.
\r\n
\r\n
لقاء على انفراد
\r\n
\r\n
في نهاية ذلك المساء اجتمع باراك وعرفات على انفراد، واتضح فيما بعد أن الحديث بينهما قد تركز حول تفسيرات باراك للضغوط السياسية التي تمنعه من احترام وعوده بشأن القرى المحيطة بالقدس.
\r\n
\r\n
والتي كان قد وعد عرفات بنقلها للسيادة الفلسطينية، لكن تلك الضغوط السياسية ما كانت لتحظى باهتمام عرفات فهي ليست من شأنه. إضافة إلى أنه لم يبدِ أي استعداد في يوم من الأيام لمخاطبة أبناء شعبه والقول لهم: «تحلوا بالصبر، فرئيس حكومة إسرائيل يواجه صعوبات سياسية».
\r\n
\r\n
وفي ظل غياب الانسجام أو الحوار وحتى الثقة بين عرفات وباراك، لم يبقَ إلا الأمل على صعيد المحادثات السرية التي كنا نقوم بها مع أبو العلاء، والتي استطعنا من خلالها أن نضع خريطة المواقف إزاء عدد من الموضوعات (الأرض، اللاجئين، المستوطنات، الأمن).
\r\n
\r\n
مما مكننا من الانتقال إلى العمل على الدفع نحو اتفاق إطار بين إسرائيل والفلسطينيين خلال المباحثات المعروفة باسم مباحثات ستوكهولم السرية أو المسار السويدي.
\r\n
\r\n
خلال النقاش لدى رئيس الحكومة في مقر وزارة الدفاع والذي كان بعد يوم واحد من لقائنا المشترك مع عرفات، أي في التاسع من مايو، أعرب مسئول الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (أمان) اللواء عاموس مالكا عن رأيه بأن عرفات سيبدي استعداداً للاتفاق على قاعدة ضم 5% 6% من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل. أما آمنون شاحاك عضو لجنة توجيه المفاوضات فإنّه لم يكن هو الآخر بعيداً عن تقديرات مالكا.
\r\n
\r\n
في حين أن رئيس شعبة التخطيط شلومو يناي، تطرق إلى المفاهيم الأمنية الخاصة بمنطقة غور الأردن واعتقد بأن المشكلة سوف تكمن في كيفية ضمان مصالحنا هناك، من دون المس بكرامة الفلسطينيين.
\r\n
\r\n
وفي الواقع فإنّه على حق في ذلك، ناهيك عن العلاقة بين حجم الوجود الأمني والبعد الزمني، فحجم الوجود يجب ألا يكون كبيراً قدر الإمكان، وبالتالي اقترحت أن نطلق مفهوم (الانسحاب الإسرائيلي التدريجي) على أساس أن نوضح للفلسطينيين بأن الأرض ستنتقل إلى حيز سيادتهم في مرحلة ما يتم الاتفاق عليها وسيتم أثناءها الاعتماد على عملية انسحاب بطيء أكثر مما هي الحال في بقية المناطق.
\r\n
\r\n
على سبيل التعقيب
\r\n
\r\n
يطرح بن عامي هنا فكرة مهمة كان قد طرحها أبو العلاء في مفاوضاته معه، وجرى التخلي عنها فلسطينياً فيما بعد، وهي قبول المستوطنين أو من يرغب منهم، بالبقاء في الدولة الفلسطينية ويحمل الجنسية الفلسطينية، بجانب جنسيته الإسرائيلية من دون اعتبار المستوطنين وحدة قائمة بذاتها، بل مواطنين عاديين. لقد ثارت ضجة إعلامية ومن بعض الخبراء حين تم طرح مثل هذه الفكرة بداية مفاوضات تطبيق أوسلو، مما دفع إلى التخلي عنها، دون القيام بدراسة معمقة حولها.
\r\n
\r\n
فيما بعد، قبلنا في مفاوضات طابا- وفي مبادرة جنيف، مبدأ ضم كتل استيطانية كبرى (ثلاث كُتل رئيسية) لإسرائيل ويعيش بها حوالي 80% من المستوطنين مقابل تبادل أراض، بحيث لا يزيد الأمر على 3% ونحصل على أرض مساوية لها في المساحة والجودة، ذلك لأن ترحيل كافة المستوطنين الذين يزيد عددهم على ربع مليون، أمر لن توافق عليه أية حكومة في إسرائيل، في المديين القريب والمتوسط على أقل تقدير.
\r\n
\r\n
يطرح د.سري نسيبة وعامي أيالون في مبادرتهما إخلاء كاف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.