قبل عدة أشهر بدأ احد رجال الأعمال العراقيين باجراء مفاوضات مع مستثمر كويتي لبيعه عقارا تجاريا في وسط بغداد‚ تم الاتفاق من حيث المبدأ على سعر محدد‚ وكان المستثمر الكويتي يريد شراء ذلك العقار لافتتاح متجر ضخم للالكترونيات على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع‚ الذي جرى انه وبعد ان أعيد انتخاب الرئيس بوش في نوفمبر قدم رجل الأعمال العراقي على رفع سعر عقاره بنسبة 25%‚ فمن وجهة نظر رجل الشارع العادي فإن اعادة انتخاب بوش تعني انه سيبقى وسيقاتل وسيعمل على نشر الاستقرار في العراق مما سيساهم في رفع أسعار الممتلكات والعقارات‚ \r\n \r\n الدليل الدراماتيكي على هذا القرار جاء في الاسبوع الماضي عندما أعلنت الولاياتالمتحدة عن زيادة اعداد قواتها خلال الأشهر القليلة القادمة لتصل الى ما يقارب 150 ألف جندي‚ \r\n \r\n أميركا مصممة ليس فقط على ان تسود في العراق بل ان تظهر ايضا للراديكاليين الاسلاميين انه ليس بوسع احد ان يخوف أميركا باستخدام القوة ضدها‚ يقول الجنرال جون أبي زيد قائد القوات الأميركية الذي يتحمل كامل مسؤولية هذه الحرب «كل ما يحصل معناه اننا باقون على نفس الطريق‚ ليس بوسع اي جهد عسكري تقوم به أي جهة ضدنا ان ترمينا خارج المنطقة»‚ \r\n \r\n سافرت مع الجنرال ابي زيد الى بغداد في الاسبوع الماضي وشملت الجولة كلا من الموصل واربيل‚ لقد وفرت هذه الرحلة لنا نظرة سريعة على المعركة التي تقودها القوات الأميركية من أجل ان تسود ضد ما اصبح يعرف كلاسيكيا بالتمرد‚ \r\n \r\n في كل توقف كان لدى ابي زيد نفس الرسالة يسمعها لقادته «دمروا المتمردين الذين يهاجمون الولاياتالمتحدة والقوات الحكومية العراقية‚ اعثروا عليهم واشتبكوا معهم واقتلوهم»‚ \r\n \r\n ويمضي أبي زيد في رسالته قائلا «يجب ان لا تتحكم بنا الأوهام بشأن عدونا هذا‚ هذا العدو سواء كان بعثيا سابقا او جهاديا اسلاميا الذي يحارب الولاياتالمتحدة ليس لدينا حلول وسط لنعقدها معه‚ علينا ان نقتل هؤلاء المتمردين أو نأسرهم»‚ \r\n \r\n كلا الطرفين أظهر عنادا وميلا للتحدي خلال الشهر الماضي‚ فالولاياتالمتحدة مضت في حربها بصورة أكثر عدوانية وذهبت الى اوكار أعدائها بنفسها حيث شنت هجوما دمويا واسع النطاق لاستعادة الفلوجة التي أصبحت توصف بانها الملاذ الآمن للمقاومة‚ \r\n \r\n ولكن المقاومين أبعد ما يكونون عن الهزيمة حيث صعدوا من هجماتهم في بغداد ومدينة الموصل الشمالية على أمل تخويف رجال الشرطة وقوات الأمن العراقية التي لا تزال تشكل ذلك الجزء المهزوز في الاستراتيجية الأميركية‚ أصبحت هذه الحرب اختبارا كلاسيكيا للارادات‚ \r\n \r\n والمثال على ذلك الحملة التي يقوم بها المقاومون لاغلاق أهم شريان في العاصمة وهو الطريق من مطار بغداد الدولي الى وسط بغداد والمنطقة الخضراء‚ فعندما أضاف المقاومون اسلوب السيارات المفخخة الى الكمائن التي ينصبونها وتفجيرات القنابل على جانب الطرق قررت الولاياتالمتحدة حظر السفر الرسمي على طول ذلك الطريق‚ ما تم كان نصرا تحقق لصالح المقاومين‚ \r\n \r\n وقرر الأميركيون الرد على النحو التالي «أخذ مسارين من المسارات الأربعة للطريق وجعلها مقصورة على المواصلات الرسمية‚ المقاومون العراقيون العاديون على حد سواء سيجبرون على استخدام المسارين الأخرين مما سيوفر الأمن للمواصلات الرسمية‚ \r\n \r\n الخطوة التالية هي الانتخابات العراقية المقرر اجراؤها في 30 يناير القادم‚ المسؤولون الأميركيون يدركون جيدا ان العملية ستتم بالفوضى والعنف خاصة في مناطق المقاومة السنية ومع ذلك يقولون ان من يريد التصويت فإن بامكانه فعل ذلك‚ وعندما سئل احد المسؤولين الأميركيين عما ستكون عليه الحياة بعد الانتخابات بيوم واحد اجاب انها لن تختلف كثيرا عما كانت عليه قبل الانتخابات بيوم‚ \r\n \r\n المقاومة ستستمر والأميركيون باقون والمعركة مستمرة‚ أبي زيد وجنرالاته يأملون في انه سيكون امامهم نقطة انزلاق يقرر عندها العراقيون ان الأميركيين يعنون حقا البقاء وانهم سيستمرون في هذه الحرب الى النهاية‚ \r\n \r\n لقد اتسمت حرب العراق منذ البداية اي منذ مرحلة التخطيط بالكثير من التفكير الحالم القائم على التمني‚ ولا يزال القادة العسكريون الأميركيون يتكلمون بنوع من التفاؤل يتنافى ويتناقض مع الوضع الفوضوي على الأرض في بغداد وفي المثلث السني‚ \r\n \r\n وفي لحظات الحقيقة يسود فهم واقعي بان هذه الحرب ستطول وستكون دامية وستستمر المقاومة بشكل او بآخر حتى بعد مغادرة الأميركيين‚ \r\n \r\n ان مقياس النصر هو استلام قوات الأمن العراقية لمسؤولية القتال ولكن لسوء الحظ فإن هذا العامل يبقى خارج نطاق ارادة الجنرالات الأميركيين‚ \r\n