بعدها بخمسين عاما اصبح الرئيس جورج بوش على وشك ان يواجه نفس المصير‚ \r\n \r\n بعد احداث 11 سبتمبر بدا بوش ايضا رجلا لا يقهر وبدأ بشن حربه على افغانستان وبمساعدة من مستشاريه القى بوش الرعب في قلوب منتقديه وأخرسهم من خلال التشكيك بوطنيتهم‚ وتمادى بوش في غيه كثيرا واستل سيفه وذهب غازيا الى العراق الذي تحول الى برميل بارود انفجر في وجهه‚ \r\n \r\n استطلاعات الرأي التي نظمت مؤخرا اظهرت مدى تراجع شعبية بوش بسبب العراق‚ فتكاليف الحرب الباهظة في ذلك البلد الذي تحول إلى مستنقع لاميركا اثار حفيظة الوسط السياسي داخل واشنطن وعبر الولاياتالمتحدة كلها ضد بوش‚ \r\n \r\n السياسة في العادة هي شيء لا يمكن التنبوء به والكثير يمكن ان يحدث خلال الاشهر الاربعة القادمة وإذا لم تهدأ الاوضاع في العراق فإن الرئيس بوش سيواجه هزيمة انتخابية مشهودة في نوفمبر‚ \r\n \r\n توصف الولاياتالمتحدة غالبا على انها بلد مستقطب حول القضايا السياسية والثقافية‚ فنصف البلاد يفضل الديمقراطيين والنصف الآخر يفضل القيم الجمهورية‚ \r\n \r\n والحقيقة ان حوالي ثلث الناخبين يصفون انفسهم بانهم مستقلون فتارة يتجهون نحو اليمين وتارة يتجهون نحو اليسار‚ والحقيقة انهم صانعو الملوك في السياسات الاميركية‚ وهم من سيقرر مستقبل بوش‚ \r\n \r\n نسبة قبول الاميركيين لأداء بوش ارتفعت الى عنان السماء بعد 11 سبتمبر لأن معظم الناخبين في الثلث المستقل وقفوا خلفه واستمروا في الوقوف الى جانبه خلال العامين التاليين بما في ذلك المرحلة الاولى لحربه في العراق‚ \r\n \r\n ولكن عندما بدأت اللطمات العراقية توجه للاحتلال الاميركي في الربيع الماضي بدأ المستقلون في اعادة التفكير في الدعم الذي يقدمونه للحرب وللرئيس الذي شنها‚ \r\n \r\n واظهرت استطلاعات الرأي التي نظمت في اواخر يونيو الماضي ان غالبية الاميركيين يقولون ان الحرب لا تساوي التكلفة التي وضعت من اجلها وان مخاطر الارهاب زادت بدل ان تتراجع‚‚عدم الرضا هذا حول قضايا الامن الوطني - كانت نقطة قوة بوش - دفع بنسبة الموافقة على اداء الرئيس تتراجع الى 42%‚ أهمية هذه النسبة ليس كونها هي ادنى نسبة يحصل عليها بوش خلال فترة رئاسته ولكن كونها متدنية بالمقاييس التاريخية‚ \r\n \r\n خلال السنوات الخمسين لم يعان اي رئيس من نسبة متدنية مثل هذه‚ قبل الانتخابات بأربعة أشهر استطاع النجاح في كسب فترة رئاسية ثانية‚ \r\n \r\n لقد جلب بوش هذه المشاكل لنفسه فقد سوق حرب العراق كعمل من اعمال المثالية والدفاع عن النفس ووثق الاميركيون في كلامه‚ ولكن الحرب التي بصموا له عليها لم تكن هي نفس الحرب التي حصلوا عليها‚ فأسلحة الدمار الشامل وروابط صدام مع القاعدة ثبت لاحقا انها ادعاءات زائفة‚ القوات الاميركية لم تستقبل في العراق كقوات تحرير بل كقوات احتلال‚ الصور التي نشرت للفظاعات التي ارتكبت في سجن أبو غريب جعلت الرأي العام الاميركي يشعر بالغثيان وفقد بالتالي الثقة في اخلاقيات الحرب‚ والأسوأ من ذلك بالنسبة لبوش فإن الخسائر البشرية الاميركية وقطع رؤوس الرهائن المتلفزة غذت شكوك الاميركيين بأن هذه الحرب لا يمكن كسبها‚ ان هذه الشكوك هي اكثر اهمية من الاصابات البشرية في العراق‚ وما دام توصل الاميركيون الى نتيجة مفادها انه ليس بالامكان كسب هذه الحرب فإن اي خسائر بشرية على قلتها ستعتبر غير مقبولة‚ ان هذه الديناميكية لا تفسر فقط أسباب اهتراء شعبية بوش خلال الاشهر الاربعة الماضية ولكنها ستزيد من تدهور شعبية الرئيس في الاشهر القادمة الا اذا تراجع العنف في العراق بصورة دراماتيكية‚ \r\n \r\n ان ادارة بوش تأمل في ان تؤدي عملية نقل السيادة رسميا للعراقيين الى طمأنة الرأي العام الاميركي على ان التورط الاميركي في العراق بدأ يقترب من نهايته‚ ولكن ليس بامكان غربال ان يحجب نور الشمس‚ وليس بامكان بوش ان ينسي الاميركيين ان هناك اكثر من 140 ألف جندي اميركي موجودون في العراق اليوم‚ وسيستمرون في الوجود هناك حتى ما بعد الانتخابات الاميركية مما سيجعلهم عرضة للهجمات والخسائر مقابل لا شيء‚ \r\n \r\n في البداية كانت الصحافة الاميركية تستقي الاخبار من الادارة الاميركية نفسها‚ ولكن بدأ المزيد والمزيد من الصحفيين الاميركيين في إبداء معارضتهم لسياسة بوش الخارجية‚ \r\n \r\n في منتصف يونيو الماضي نشر 26 جنرالا ودبلوماسيا سابقا بيانا اتهموا فيه ادارة بوش بالحاق الضرر بالأمن القومي الاميركي وطالبوا الشعب الاميركي علانية بعدم اعادة انتخاب بوش للرئاسة‚ \r\n \r\n ان القضايا الساخنة لم تعد تنجح في ابعاد القضية العراقية عن اذهان الاميركيين ولن ينجح الاقتصاد الذي عادة ما يكون له تأثير مهم على الناخبين في انقاذ بوش وبالرغم من النجاح الاقتصادي الذي تحقق في مجال توفير فرص العمل وزيادة الطلب على السلع الا ان ذلك لم يؤد الى ترجمة هذا النجاح الى دعم لبوش‚ وحتى لو استمر الاقتصاد الاميركي في التوسع فإن ذلك لن يساعد بوش كثيرا‚ \r\n \r\n وكما حصل مع مكارثي فإن الطبقة الوسطى الاميركية قد استيقظت أخيرا وهذا يعني السقوط المدوي لبوش‚ \r\n