قضية حرب العراق ما زالت مهمة لدى الناخب الأميركي د. جيمس زغبي على الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع الاقتصاد الأميركي، تبقى حرب العراق القضية رقم 1 في اهتمامات الناخب الأميركي. وسوف تظل الحرب نفسها، أو كما يطلق عليها باراك أوباما بشكل صائب "العقلية التي أخذتنا إلى الحرب" قضايا أساسية في انتخابات الرئاسة الأميركية المزمع إجراؤها في عام 2008. وإليكم الأسباب: في الوقت الذي لم تعد تتصدر فيه حرب العراق قائمة عناوين الصفحات الأولى في الصحف الأميركية، فإن هذه القضية لا تزال قابلة للاشتعال في أي وقت. ولم يأت تراجع أحداث العنف في العراق بسبب زيادة عدد القوات الأميركية المنتشرة هناك، ولكنه جاء نتيجة للتغيير في تكتيكات الجماعات العراقية المتصارعة. ويمكن لأي عنصر من العناصر الخارجية أو الداخلية التي تؤثر على تطور الأوضاع في العراق (مثل: التغير في التوجه الإقليمي لإيران، النزعة الكردية المتجددة تجاه الاستقلال، تزايد الخلافات بين الجماعات الشيعية في الجنوب، أو ظهور توترات بين الجماعات السنية المسلحة وقوات الأمن التي تسيطر عليها الأغلبية الشيعية) أن يساهم في اشتعال الموقف، ويؤدي بشكل سريع إلى تجدد الصراع. وتستمر الجماعات المتعددة التي تسبب أضراراً بالغة للمجتمع العراقي في الزيادة على الرغم من الانخفاض الحالي في معدلات العنف. وبالنظر إلى هذه المعطيات، لا يمكن لأي من بوش أو تابعه أو خليفته، جون ماكين، أن يفتخر بحقوق النجاح. وعلى أرجح الاحتمالات، فإنه مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية في شهر نوفمبر الجاري، وعلى الأرجح قبل شهر نوفمبر، سوف تكون العراق مجدداً صراعاً مفتوحاً بحثاً عن الحل الشامل. وفي مقابل كل هذا، يمكن أن نتوقع أن المرشح الجمهوري المفترض، وهو ماكين، وحلفاءه سوف يستمرون في التأكيد على الحاجة لتحقيق انتصار عسكري، تجنباً لذلك النوع من التوجه الدبلوماسي الذي طالبت به مجموعة الدراسات الأميركية حول العراق والذي حمل اسم "التهدئة الخطيرة" و"الانسحاب من مواجهة الإرهاب". وسوف يكون السؤال هو، ما هي ردة فعل متحدي ماكين الديمقراطي، وما هي الطبيعة المحتملة للجدل المحتدم؟ وبالنظر إلى احتمالية أن العراق سوف تظهر مرة أخرى كمنطقة صراع، وأن التوتر مع إيران سوف يبقى أو يزيد، سوف يحتاج الديمقراطيون إلى أن يتبنوا تكتيكاً مختلفاً عن ذلك الذي تبنوه منذ 5 سنوات عندما بدأ المأزق العراقي في الظهور. ولأنني كنت طرفاً في الجدل الدائر قبل الحرب، أتذكر بشكل جيد جداً، أن القيادة الديمقراطية كانت قد انحنت عندما ضغط البيت الأبيض على أزرة الخوف، الإرهاب والأمن القومي. ولم تكن قيادة الحزب الديمقراطي ترغب في الظهور بمظهر الكيان الضعيف إزاء قضايا الأمن الوطني، ومنحت هذه القيادة للرئيس بوش الدعم المطلوب لشن الحرب. وكان هذا الأمر يمثل خطأً كبيراً في ذلك الوقت، وسوف يظل قراراً خاطئاً. وفي عام 2003، ضغطت على الحزب الديمقراطي من أجل تمرير مشروع قانون معارض للحرب، وأكدت على أن البيت الأبيض لم يقدم إجابات واضحة عن أسباب الحرب، ولم يقدم التكاليف، النتائج والالتزامات الواضحة فيما يتعلق بتلك الحرب. وقلت ان حرب العراق، التي شنت دون الحصول على دعم المجتمع الأميركي، وحرب أفغانستان التي كانت بعيدة كل البعد عن الحل، كانت تمثل خطأ فادحاً بكل المقاييس. وقد فشلت جهودي لأن العديد من قادة الحزب الديمقراطي لم يكونوا يرغبون في أن يظهروا بمظهر "الضعفاء في قضايا الأمن الوطني". وقد استخدم البعض هذا الشعار المبتذل والتافه "سوف نقف جنباً إلى جنب مع الرئيس في الدفاع عن دولتنا". وزعم الآخرون بشكل خاطئ أننا "إذا منحنا الرئيس هذا التفويض، فسوف نتمكن من التركيز على قضايا أهم من حرب العراق وهي القضايا الداخلية التي تحتل أهمية وأولوية كبيرة لدى الناخب الأميركي". وهذه الأفكار كانت ولا تزال خاطئة. وقد كانت ردة فعلي، في النهاية، أن هذا الجدل لم يكن يتعلق "بالظهور بمظهر الضعيف في قضايا الأمن الوطني" ولكنه كان يتعلق بالظهور بمظهر "الذكي" تجاه هذه القضايا. ويجب ألا نخلط الأمور فيما يتعلق بهذه القضية، وسوف يكون لحرب العراق تأثير كبير على أصوات الناخبين في انتخابات شهر نوفمبر المقبل بسبب إخفاقات السياسة الخارجية للرئيس بوش في منطقة الشرق الأوسط، وسوف تستمر الولاياتالمتحدة والعالم في مواجهة تحديات هائلة منها تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، والتحدي الإيراني، التطرف والإرهاب. وفي استجابته لكل هذه القضايا، اتخذ جون ماكين موقفاً واضحاً. ولكن كيف ستكون ردة فعل الديمقراطيين؟ أعتقد أن الديمقراطيين في حاجة إلى أن يكونوا واضحين مثل جون ماكين، أو يقترحوا بديلاً واضحاً وذكياً لدعوته بالدخول في مزيد من الحروب "التي تستمر إلى القرن المقبل". ولهذا السبب، فإنني أجد أن توجه باراك أوباماً أكثر إقناعاً وعقلانية؛ حيث عارض أوباما هذه الحرب منذ البداية، وكان هذا الموقف وقتها لا يحظى بقبول شعبي، وأقر السيناتور الشاب خطة لإنهاء الحرب، تجسد معظم المبادئ التي تبنتها مجموعة الدراسات الأميركية حول العراق، وأكد على أهمية الحاجة لدبلوماسية نشطة من أجل حل المشاكل الحدودية الطويلة في منطقة الشرق الأوسط. ولأن قضية العراق وخطر الصراع في الشرق الأوسط سوف يمثلان قضية خطيرة، فإن التغير في التوجه وتغيير العقلية هو أمر مهم جداً. وهناك الكثير من الأسباب المنطقية التي تدعوني لدعم ترشح باراك أوباما. وهذه أحد أهم الأسباب. عن صحيفة الوطن العمانية 18/2/2008