خلال العام الماضي, نجح رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون في اقناع حكومة الولاياتالمتحدة بالتخلي عن ما يعرف بخطة خارطة الطريق لاحلال السلام في الشرق الاوسط وهي الخطة التي دعت الى اقامة دولة فلسطينية واجراء تسوية شاملة للنزاع بحلول عام ,2005 وبدلاً من تلك الخطة, اصبح المسؤولون الامريكيون اليوم يقدمون الدعم الاعمى لشارون وهو يعمل على وضع ترتيبات مؤقتة طويلة الاجل تستند الى اقامة دويلة مصغرة في غزة قابلة للارتباط بأرخبيل من المدن في الضفة الغربية في الوقت الذي تنجز فيه اسرائيل هضم ما تبقى من الضفة الغربية. \r\n \r\n \r\n وقد كان عرفات الذريعة التي تذرع بها شارون والامريكيون لتبرير هذه التحول الجذري في سياستهم. حيث قال كل من شارون وبوش انه ما دام عرفات حاضراً في المشهد فان اية مفاوضات ذات جدوى لا يمكن ان تتواصل. ومن هنا برروا اللجوء الى اقامة الجدار والى فك الاشتباك في غزة والى المأزق الذي وصلت اليه عملية السلام. \r\n \r\n لكن ذريعة التراجع الان يرقد في المستشفى, وعملية صنع المواقف السياسية اليومية تنتقل الى المؤسسات الفلسطينية, التي تملك التفويض اللازم لادارة الشؤون الفلسطينية. فمنظمة التحرير الفلسطينية تحمل تفويضاً شرعياً من جامعة الدول العربية, وتعترف بها الاممالمتحدة بصفتها ممثلة المصالح الفلسطينية على امتداد العالم, كما انها مخولة بممارسة السيادة باسم الشعب الفلسطيني, صحيح ان عرفات ما يزال رئيس منظمة التحرير, لكن القرارات باتت تتخذ من قبل اللجنة التنفيذية التي تضم محمود عباس الرجل الثاني في المنظمة, والتفويض الرئيسي الذي تحمله المنظمة هو التفاوض على انهاء الاحتلال. \r\n \r\n من جانب اخر, تمنح الاتفاقات القائمة ما بين اسرائىل ومنظمة التحرير السلطة الفلسطينية التفويض القانوني بممارسة حد من الادارة فيما يتعلق بالشؤون الفلسطينية لغاية انتهاء الاحتلال. ومهمتها الرئيسية في هذا المجال هي تنمية البنية التحتية الضرورية لدولة ديمقراطية, استعدادا لنهاية الاحتلال ان عرفات ما يزال رئيس السلطة الفلسطينية, لكن القانون الاساسي الفلسطيني, وهو في الواقع الدستور الفلسطيني, قد نقل الكثير من السلطة الى يد رئيس الوزراء واعضاء حكومته وهم بدورهم مسؤولون امام المجلس التشريعي الفلسطيني. \r\n \r\n ان الفرصة سانحة الان امام الولاياتالمتحدة لكي تحقق بالمال او بالسياسية ما تدعيه بالاقوال. فاذا كان حقاً ان واشنطن تهدف الى احلال السلام والديمقراطية في المنطقة, وتسعى الى توفير الامن لاسرائيل, وتعزيز المصالح الامريكية في الشرق الاوسط, فان الوقت مناسب جداً لمنح الفلسطينيين الساعين الى انهاء النزاع فرصة حقيقية لتنفيذ ذلك. \r\n \r\n ان هذا لا يعني معانقتهم في الصور الصحفية وثم اذلالهم واهانتهم من خلال الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدة للسياسات التي تثير المزيد من الغضب الفلسطيني كما حصل مع محمود عباس اثناء توليه رئاسة الوزارة في العام الماضي لان ما يحتاجه المعتدلون الفلسطينيون هو عملية سياسية ملموسة تقود الى نهاية محددة للنزاع. \r\n \r\n ان الرئيس الامريكي المنتخب يجب ان يسعى باسرع ما يمكن الى تسمية مبعوث له يعكس التزام الولاياتالمتحدة بانهاء النزاع في المنطقة, مع التذكير بأن مبعوثاً غير مدعوم بسياسة واضحة لا يمكن ان يكون ذا جدوى. \r\n \r\n وفي الوقت ذاته, ينبغي على الولاياتالمتحدة ان تبدأ بوضع الخطوط الرئيسية لاتفاقية الوضع النهائي الدائم. ومن الافضل ان يتم ذلك بالتوافق مع الاممالمتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي وينبغي لتلك الخطوط الرئيسية ان تكون محددة وواضحة بشأن جميع القضايا المعلقة بما فيها قضية الحدود, والمستوطنات, والقدس, واللاجئين, والمياه. ومن الجدير بالذكر ان قسماً كبيراً من هذه القضايا قد تم بحثها في مفاوضات رسمية ومحاولات سلمية مثل اتفاق جنيف. وبهذه الطريقة سيجد الفلسطينيون والاسرائيليون على حد سواء, ان محاولات الاساءة الى تلك الاتفاقية من خلال »الوقائع القائمة على الارض« مثل اقامة المستوطنات او اللجوء الى العنف لن تعود على المتطرفين الا بالتهميش. \r\n \r\n يضاف الى ذلك, ان على الولاياتالمتحدة ان تتبنى عملية اجراء الانتخابات الوطنية الفلسطينية التي يمكنها ان تساهم في توفير التفويض الشعبي للمسؤولين الفلسطينيين وهو ما يحتاجونه لاتخاذ الخطوات اللازمة لانهاء الصراع. فاليوم ليس هناك من يملك مثل هذا التفويض سوى عرفات, في حين تحتاج توليفة جديدة من »الحرس القديم« و »الحرس الجديد« الى انتخابات وطنية تمنحها نفس الصلاحية. \r\n \r\n ان وقت السلام قد حان, وعلى الولاياتالمتحدة ان تقود المسيرة. ولا مكان للمزيد من الذرائع.0 \r\n \r\n عن »لوس انجلوس تايمز« \r\n