\r\n وتدهورت العلاقات بعدما بدأ المقاتلون المحليون في التفاوض لتجنب حملة عسكرية بقيادة القوات الاميركية ضد الفلوجة، في الوقت الذي يضغط فيه المقاتلون الاجانب لشن هجمات على القوات الاميركية وانصارهم العراقيين. وقد تحول النزاع الى معركة كلامية وعنف، حيث قتل سكان الفلوجة خمسة على الاقل من المقاتلين العرب في الاسابيع الاخيرة طبقا لرواية شهود العيان. \r\n وذكر جمال عدنان، وهو سائق سيارة اجرة، «إذا لم يغادر العرب بإرادتهم، سنجبرهم على ذلك بالقوة». وكان عدنان قد ترك منزله في حي الشرطة في الفلوجة قبل شهر بعدما قصفت طائرة اميركية تستهدف المقاتلين الاجانب، المنزل المجاور له. \r\n وتقع المدينة على بعد 35 ميلا غرب بغداد في ما يعرف باسم المثلث السني، وكانت خارج سيطرة السلطات العراقية والقوات الاميركية منذ شهر ابريل (نيسان)، عندما رفع حصار فرضته قوات المارينز الاميركية ومنحت قوات الامن العراقية مسؤولية أمن المدينة. وقد تمكن المتمردون الاجانب والمحليون من السيطرة تدريجيا على المدينة. وذكر مسؤولون عراقيون واميركيون ان الفلوجة اصبحت المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في العراق كله. \r\n وقد اصرت السلطات الاميركية والعراقية على انه اذا ما كان على الفلوجة تجنب هجوم شامل بهدف استعادة السيطرة، فيجب طرد المقاتلين الاجانب. وذكر عدد من قادة التمرد المحلي انهم، ايضا، يريدون طرد الاجانب، الذين يصفونهم بأنهم ارهابيون. وقد ابدوا ازدراءهم لابو مصعب الزرقاوي الذي اعلنت جماعته التوحيد والجهاد مسؤوليتها عن عديد من الهجمات عبر العراق، بما في ذلك ذبح الرهائن وتسجيل العملية على شريط فيديو. \r\n وذكر ابو عبد الله الدليمي القائد العسكري لجيش محمد الاول، «انه مضطرب عقليا، وقد شوه صورة المقاومة واساء اليها. اعتقد ان نهايته اقتربت». \r\n ومن بين المقاتلين الاجانب الذين قتلهم المقاتلون المحليون، ابو عبد الله السوري، وهو من الشخصيات المعروفة في جماعة الزرقاوي. وقد عثر على جثته يوم الاحد الماضي. وتبين انه اطلق عليه النار على رأسه وصدره خلال مطاردة بسيارة بها مجموعة من رجال القبائل، طبقا لحارس أمن ذكر انه شاهد العملية. \r\n وذكر السكان ان المقاتلين الاجانب اخذوا يتجمعون في الآونة الاخيرة في المنطقة التجارية القديمة بعد ان رفضت الاحياء السكنية السماح لهم بالاقامة لان وجودهم يجذب الطائرات الاميركية. تجدر الاشارة الى ان الغارات الجوية والاضطرابات اجبرت نصف سكان المدينة البالغ عددهم 300 الف نسمة على الاقل على الهرب، طبقا لما ذكره السكان والمسؤولون. \r\n وذكر عدنان سائق سيارة الاجرة الذي نقل زوجته واولاده الى بلدة اخرى، ان المشاعر تجاه المقاتلين الاجانب تغيرت بطريقة درامية منذ تدفقهم على الفلوجة بعدما انتهى حصار قوات المارينز في شهر ابريل. وقال «لقد خدعونا. فقد رحبنا بهم في البداية لاعتقادنا انهم اتوا لدعمنا، ولكن الان اصبح كل شيء واضحا». \r\n وذكر السكان ان الاغلبية العظمى من سكان الفلوجة يشعرون بالنفور من الفظائع التي نشرها الزرقاوي وغيره من المتطرفين في العراق. ويعتقد ان المتطرفين الاجانب هم وراء السيارات المفخخة التي تنفجر في جميع انحاء العراق عدة مرات في اليوم، كما اعلنت منظمة الزرقاوي مسؤوليتها لذبح العديد من الاجانب، وسجلوا بعضها على اشرطة فيديو تذاع على الإنترنت. \r\n وقال أبو براء، وهو قائد جماعة من المتمردين المحليين تطلق على نفسها اسم «كتائب الله أكبر»: «أرجوكم لا تخلطوا الأوراق. هناك مقاومة عراقية، مقاومة حقيقية، وهناك جماعات أخرى تحاول تصفية حسابات. وهناك أيضا ارهاب يستهدف العراقيين». \r\n وقال ان الرئيس الأميركي جورج بوش «يعرف ذلك وكذلك الحكومة، ولكنهم يضعون الجماعات الثلاث عن قصد تحت لافتة الارهاب». \r\n وقال ابو براء وزعماء متمردون آخرون ان «المقاومة الحقيقية» قوة منظمة تحدد هجماتها بأهداف هي أهداف عسكرية، أميركية بشكل رئيسي. ويقولون ان دافعها هو الشعور الوطني والكرامة العراقية مقابل ما تعتبره احتلالا أجنبيا. \r\n وقال أبو براء ان «الآخرين هم متطرفون عرب يدعون أن أي عراقي أو مسلم غير مستعد لحمل السلاح هو كافر. انهم جوهر علتنا. ومعظمهم سعوديون وسوريون ومن شمال أفريقيا». وقال أبو براء ان «ابو مصعب الزرقاوي وجماعته السلفية هم الذين يقودون الفلوجة وسامراء وبعقوبة والموصل وحتى بعض أجزاء بغداد الى الكارثة والموت». \r\n ويحفز مشاعر القلق هذه مسؤولون اميركيون وعراقيون ممن شنوا معا هجمات في الأسابيع الأخيرة لاستعادة مناطق يسيطر عليها المتمردون. وقادت القوات الأميركية معارك للسيطرة على النجف وتلعفر وسامراء، الأسبوع الماضي، ومجموعة مدن تقع جنوب غربي بغداد. وتهدف الخيارات الى فرض سيطرة الحكومة على سائر أنحاء البلاد قبل الانتخابات العامة المقررة في يناير المقبل. \r\n ويقول مسؤولون انها تؤدي أيضا دور رافعة سيكولوجية على الفلوجة التي اعتبرت منذ زمن طويل أشد المواقع المتمردة. \r\n وقال مسؤول أميركي كبير في بغداد ان «الضغط يتزايد بالتأكيد سواء كنتيجة لضرباتنا الجوية أو رؤية أن النجف وتلعفر وسامراء أعطت احساسا بأن الأمر جدي. هناك الكثير من المخاوف في الفلوجة». \r\n ويقول كثير من السكان الشيء ذاته. وقد بدأ وفد يضم ستة من ممثلي الفلوجة البارزين مفاوضات مع الحكومة العراقية المؤقتة أواخر الشهر الماضي. ولكن مسؤولين حكوميين كبارا قالوا انه بعد هجوم الأول من أكتوبر (تشرين الأول) فقط على سامراء واصل وفد الفلوجة المهمة بحماس جديد. \r\n ويدعو الاقتراح الذي عاد به الوفد الى الفلوجة الى تسليم موضوع السيطرة على المدينة الى قوات الحرس الوطني العراقية، على أن تبقى القوات الأميركية خارج المدينة ما لم تتعرض القوات العراقية الخفيفة التسليح الى هجوم. \r\n ولكن يجب، أولا، أن يغادر جميع المقاتلين الأجانب المدينة، ويعارض الأجانب الخطة علنا وبشدة. وصوت ممثلهم ضدها في اجتماع عقد الأسبوع الماضي لمجلس شورى المجاهدين الذي يحكم المدينة، والذي اتخذ موقف دعم اقتراح السلام بنسبة عشرة ضد اثنين. وفي وقت لاحق اقنع الشخص الآخر الذي صوت سلبا بتغيير رأيه وفق ما قاله المقيمون. \r\n ويلقى باللوم على المقاتلين الأجانب لانتهاكهم وقف اطلاق النار في ابريل (نيسان) الماضي مما حفز على شن هجوم من قوات المارينز ادى الى مصرع مئات. وقال الدليمي ان سورياً ذبح على يد المتمردين المحليين «بعد أن أطلق النار على القوات الأميركية أثناء الهدنة الأخيرة». وفي ملاحظات بثت من أحد المساجد الرئيسية في المدينة يوم الخميس الماضي قال المفاوض المتمرد خالد حمود الجميلي انه لا يجب التضحية بمدينة تضم مئات الألوف لصالح حفنة من المقاتلين الأجانب. \r\n وفي غضون ذلك واصلت القوات الأميركية ضغطها العسكري الخميس الماضي في عدد من المدن القريبة. وشن المارينز غارات على ثمانية مساجد زعم انها تستخدم كقواعد مسلحة في الرمادي، ووجهوا ضربات جوية الى مدينة هيت. \r\n وقال المسؤول الأميركي الذي اشترط عدم الاشارة الى اسمه «أعتقد ان هناك تصدعا بلا شك، وربما كانت هناك انشقاقات بين الجماعات المختلفة. أما أن يكون هناك من بين شخصيات المدينة من يمتلك ما يكفي من القوة لتحويل هذا التصدع الى شيء يغير صورة الأشياء» فأمر بحاجة الى انتظار. \r\n ولاحظ المسؤول ان الهجوم على سامراء شن بعد ان اخفقت جماعة محلية اكثر توحدا يترأسها زعماء عشائريون، في محاولة مماثلة لاخراج مجموعة من المتمردين والمقاتلين الأجانب أصغر كثيرا من تلك التي تسيطر على الفلوجة. \r\n وقال مكي نزال المواطن الذي غالبا ما يتوجه الى مدينته الفلوجة كموظف اغاثة انه ما يزال هناك دعم كبير للأجانب خصوصا اذا ما أخذ بالحسبان عدد الضحايا المدنيين جراء الضربات الجوية الأميركية. \r\n وقال نزال انه «ليس كل الناس في الفلوجة يريدون مغادرة هؤلاء الأشخاص. ولديهم على الدوام تفسير انه اذا كان يحق للأميركيين أن يجلبوا أناسا من إسبانيا والسلفادور وبولندا ودول أخرى لمساعدتهم فلماذا لا يحق لأشقائنا مساعدتنا؟». \r\n وقد غادر بعض المقاتلين أخيرا على الأقل حاليا. وتفجر القتال في هيت اذ كان المارينز يلاحقون المتمردين الذين كانوا قد وصلوا إلى المدينة مقبلين من الفلوجة، وفقا لما ذكره مقيمون. \r\n وقال عمر الجباوي، 23 عاما، وهو طالب يدرس الهندسة في جامعة الأنبار «انهم مزودون بأسلحة حديثة لا يمتلكها الجيش الحديث. وقد قتلوا بعض الناس في اللحظة التي وصلوا فيها قائلين انهم كانوا جواسيس للأميركيين». \r\n وسيطر جمع المتمردين على المدينة، وكان بعضهم يحرس شارعا فيه محلات مغلقة، بينما راح آخرون يؤدون الصلاة على الرصيف. \r\n وقال شرطي المرور عبير فاضل، 32 عاما، ان «معظم أهل المدينة كانوا يعرفون انه بعد الفلوجة سيأتي المقاتلون الى هيت لأنها مدينة مفتوحة وفيها الكثير من الغابات حيث تسهل المناورة». \r\n وقالت امرأة في هيت ان احد المقاتلين قال انهم جاءوا لتحرير هيت كما حرروا الفلوجة. \r\n وقالت المرأة، 45 عاما، ولقبت نفسها أم حسين «لا نريد ان نكون فلوجة أخرى. ان رمضان مقبل وليس لدينا أي استعداد لفقدان أب أو ابن أو قريب أو صديق. ليرحلوا بسلام ويقاتلوا في صحراء بعيدا عن البيوت والناس». \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب «الشرق الأوسط»