وقد دأب الجنرال الأميركي \"تشارلز والد\" نائب قاعد القيادة الأوروبية الوسطى على مدار الشهور القليلة الماضية، على تحذير \"الكونجرس\" من أن الجماعات التابعة ل\"القاعدة\" ناشطة الآن في موريتانيا، ومالي، وتشاد، والنيجر. وتجارة الماس التي تستخدم لتمويل الجماعات الإرهابية والتي بدأت تحت حماية رجل ليبيريا القوي السابق \"تشارلز تايلور\"، لازالت مستمرة على الرغم من الجهود الدولية الرامية إلى الحد منها. وقد حذر الجنرال \"والد\" مؤخرا من ذلك حيث قال:\"النشاط الإرهابي في تلك المنطقة لا ينوي المغادرة... وهذا الشيء يمكن أن يؤثر على أبنائكم وعلى أحفادكم بدرجة خطيرة... وإذا لم نفعل شيئاً حيال هذا الأمر فإننا سنجد أمامنا مشكلة حقيقية\". \r\n \r\n وعلى رغم أن \"والد\" له سجل ناجح في تعزيز الجهود الإقليمية الرامية إلى مواجهة التحدي الإرهابي، إلا أن تلك المشكلة تحتاج إلى اهتمام خاص من قبل جهات عديدة. وعلى رغم تحذيراته المتكررة وعلى رغم التقارير الأخرى الخاصة بأنشطة القاعدة الإقليمية وعلاقاتها بتجارة الماس، فإن مجتمع الاستخبارات في أميركا وخصوصا ال\"سي.آي.إيه\"، قلل من شأن تلك التقارير على اعتبار أنها إما غير دقيقة أو لا أهمية لها. \r\n \r\n وهذا الموقف يعكس ثقافة الحرب الباردة، أي الثقافة التي تركز اهتمامها على الدول والتي تسود عادة في مجتمع الاستخبارات. وفي الوقت الحالي الذي يحتدم فيه الحوار الوطني حول إصلاح الاستخبارات في أميركا، فإن الموضوع الذي يجب أن يتم التركيز عليه هو موضوع تغيير هذه الثقافة. ويتطلب هذا في المقام الأول الاعتراف بالتهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة على الأمن القومي الأميركي، والعمل على مواجهته، خصوصاً وأن تلك الجماعات تعمل خارج نطاق سيطرة الدول إلى درجة أننا قد أصبحنا الآن الحكام الفعليين لعدد متزايد من الدول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وآسيا وأميركا اللاتينية. \r\n \r\n وعلاقات رئيس ليبيريا السابق \"تشارلز تايلور\" بتنظيم \"القاعدة\" تم إثباتها بواسطة مكتب التحقيقات الفيدرالي \"إف.بي.آي\"، والمحكمة الخاصة لسيراليون المدعومة من قبل الأممالمتحدة، والمنوط بها مهمة التحقيق في الجرائم التي تم ارتكابها ضد الإنسانية في الحرب الأهلية الوحشية التي اندلعت في ذلك البلد. ووجود \"القاعدة\" في بلدان أخرى، وهو ما أصبح الآن ممكناً التعرف عليه، يثبت أن تلك الحرب والمناطق التي كان ينظر إليها فيما مضى على أنها هامشية قد أصبحت ذات أهمية، وبالتالي فإن قيامنا بتجاهل أي تحذير سيعرضنا لأخطار جسيمة. \r\n \r\n ويمكن استخلاص عدد من الدروس ذات العلاقة المباشرة بالإصلاحات الاستخباراتية من أنشطة تنظيم \"القاعدة\" و\"حزب الله\" اللبناني في غرب أفريقيا. \r\n \r\n أول تلك الدروس هو أن التنظيمات الإرهابية والمسلحة قد وصلت إلى مرحلة متقدمة في استغلال ما يعرف ب\"المناطق الرمادية\"، وهي المناطق التي تضعف فيها سيطرة الدول، ويتفشى فيها الفساد، وينعدم فيها حكم القانون. وهم يستخدمون مناطق مثل غرب أفريقيا لتمويل أنشطتهم، مراهنين- وهم على صواب في ذلك- على أن أجهزة الاستخبارات الغربية ليست لديها القدرة، ولا الموارد، ولا الاهتمام، التي تمكنها من تعقب نشاطها هناك. \r\n \r\n والدرس الآخر هو أن الإرهابيين لديهم القدرة على تعديل أوضاعهم، والتكيف مع الظروف المستجدة، والتعلم من بعضهم بعضاً، والتعلم من أخطائهم أيضا. ف\"حزب الله\" يستخدم تجارة الماس في غرب أفريقيا لتمويل أنشطته منذ البداية، وذلك بعد أن نجح في زرع هيكله المالي في تجارة الماس. وقد قام عملاء \"القاعدة\" بالارتباط بنفس الشبكة مجسِّرين بذلك الفجوة بين المسلمين الشيعة والسنة. \r\n \r\n وقد أظهرت \"القاعدة\" قدرتها على التكيُّف في أعقاب التفجيرات التي نفذتها عام 1998، ضد سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا. وقد قامت الولاياتالمتحدة بتجميد 220 مليون دولار وهي قيمة سبائك ذهبية مملوكة لتنظيمي \"طالبان\" و\"القاعدة\" مودعة في بنوك نظام الاحتياطي الفيدرالي. ولكي يضمن أن أية ودائع يقوم بوضعها مستقبلا لن يتم الاستيلاء عليها بنفس الطريقة، بدأ التنظيم وبشكل منهجي في نقل أمواله من البنوك وتحويلها إلى سلع وبضائع. \r\n \r\n والدرس الثالث، هو أن الشبكات الإرهابية والإجرامية يمكنها الاستيلاء على الدول الفاشلة مثل ليبيريا وأفغانستان وتحويلها إلى تهديدات دولية متعددة الأوجه. \r\n \r\n في عام 2000، ووسط هؤلاء الذين يعملون في وقت واحد في ليبيريا تحت حكم \"تايلور\" كان هناك عملاء كبار تابعون ل\"القاعدة\"، وممولون من \"حزب الله\"، وكان هناك أيضا \"فيكتور باوت\"، تاجر الأسلحة الذي كان يقوم بتوريد الأسلحة عبر أفريقيا ل\"طالبان\" وتحالف الشمال في أفغانستان. وكان هناك \"ليونيد منين\"، وهو تاجر مخدرات إسرائيلي من أصل \"أوكراني\"، وتاجر الأسلحة \"عزيز منصور\"، الذي عمل وسيطا لحاكم زائير السابق \"موبوتو سي سي سيكو\"، ويعمل الآن وسيطا ل\"القاعدة\" و\"حزب الله\". \r\n \r\n أما الدرس الأخير فهو أن مجتمع الاستخبارات يتصرف بشكل ضعيف حيال المعلومات التي لا تظهر على شاشاته الرادارية. على سبيل المثال كان الافتراض السائد في ذلك المجتمع أن قصة الماس ستجعل ال\"سي آي إيه\" تبدو في شكل سيئ قد يعرضها للهجوم وللحطِّ من شأنها. \r\n \r\n إن جمع، وتحليل، والتصرف في المعلومات التي يتم جمعها من المناطق التي ينعدم فيها القانون وتسودها الأنظمة المارقة تمثل مهمات صعبة ومعقدة تحتاج إلى وقت وإلى مصادر. وقد علق الجنرال \"والد\" على ذلك قائلا:\"يجب أن تكون لدينا القدرة على وضع استخباراتنا في تلك المناطق، والتسلل هناك بحيث يمكننا أن ندخل إلى صميم بيئتهم، فحينها سنكون قادرين على إيقاف أنشطتهم\". والخطوة الأولى في ذلك هي التعرف على التهديدات التي تمثلها الجماعات المسلحة في تلك المناطق من العالم التي نتجاهلها في معظم الأحيان. ولكي نتمكن من مواجهة هذا التهديد، فإن ثقافة مجتمع الاستخبارات لابد أن تتغير وألا تقتصر على تغيير الخانات التي يتم فيها تصنيف المنظمات باسم الإصلاح الذي لا يحدث إلا عندما تتصاعد حدة النقد الخارجي. \r\n غرب أفريقيا وتجارة الماس والملاذات الآمنة للإرهاب \r\n \r\n دوجلاس فرح \r\n \r\n زميل أول في كونسورتيوم الدراسات الاستخباراتية - واشنطن \r\n \r\n ريتشارد شولتز \r\n \r\n مدير الدراسات الأمنية بمدرسة فليتشر- جامعة \"تافتس\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n