\r\n فهاهم حلفاؤنا السابقون يتبرأون منا واحدا تلو الآخر، إنهم ليسوا أقل منا حرصا على استقرار العراق واحتفاظه بعلاقات ودية مع الولاياتالمتحدة، لكنهم توصلوا الى نتيجة مفادها ان جورج بوش شخص لا سبيل لتقويمه وإقناعه بالعدول عن الوجهة التي يسير فيها. اسبانيا، على سبيل المثال، غسلت يديها من مشاكلنا، فيما تسير ايطاليا في نفس الاتجاه، اما بريطانيا فإنها ستنضم في ما يبدو الى المسارعين في الخروج على وجه السرعة من العراق، سواء في ظل وجود توني بلير او بدونه. \r\n اما على الصعيد الداخلي، فإن مؤيدي جورج بوش ليسوا على استعداد بعد للنأي بأنفسهم عنه. \r\n طلب بوش الاسبوع الماضي من الكونغرس المصادقة على المزيد من الاموال ل«صندوق تمويل تحرير العراق» بتخصيص مبلغ 25 مليار دولار، إلا ان بول وولفويتز، نائب وزير الدفاع، قال ان فاتورة العراق للعام المالي بكامله ربما تتجاوز 50 مليار دولار، فيما اشار خبراء مستقلون الى ان هذا المبلغ اقل مما هو مطلوب، إلا ان بوش سيحصل في نهاية الامر على ما يريده. \r\n لعل القراء يذكرون ان مسؤولين اميركيين رفضوا قبل الحرب مناقشة التكلفة المالية للحرب وإعادة بناء العراق باستثناء تصريحهم مرارا بأن هذه التكاليف ستكون في حدها الادنى. اما إدارة بوش، فقد انتظرت حتى بدأت الحرب لتطالب بمبلغ 75 مليار دولار لصندوق تمويل تحرير العراق. \r\n غداة إعلان «انجاز المهمة» وطرح خفض كبير في الضرائب، ابلغ بوش الكونغرس بأنه في حاجة الى مبلغ اضافي قدره 87 مليار دولار. الكونغرس من جانبه منح بوش شيكا على بياض، بعد ان اكد لهم ان الوضع في العراق يتحسن على نحو مطرد وحذر في نفس الوقت من ان الجنود الاميركيين سيتعرضون للمعاناة اذا لم تصادق الجهات المعنية على المبلغ الاضافي المطلوب. \r\n عاد الآن بوش ليطلب المزيد. الذين يعرفون تاريخ بوش يتوقعون ان يبدي شيئا من الندم على ما فعل، او يقدم وعدا بتغيير طرائقه وأساليبه، او حتى يعرض على الكونغرس، ولو من باب التظاهر فقط، ان يكون له قرار او كلمة في كيفية إنفاق الاموال المطلوبة. ولا شك في ان اعضاء مجلس الشيوخ يبدون الآن اعتراضا ازاء المصادقة على الميزانية الاضافية، ولكن، الى اين سينتهي كل ذلك؟ الصرخات التي تنادي ب«التمسك بالموقف» لم تعد بنفس قوتها السابقة، بل بدأت تتلاشى تدريجيا، فيما بدأت تتزايد الاصوات المطالبة ب«الخروج». بمعنى آخر، اصبح الامر في ما يبدو وكأن الشعب سيخلص في الغالب الى التبرؤ من بوش وديونه في نهاية المطاف. \r\n يعني كل ذلك ان الامر سينتهي الى التوصل الى نتيجة في العراق، اذ مهما حاولنا التحايل عليها ستبدو مثل الهزيمة، وهذه بالطبع نتيجة من شأنها ان تلحق ضررا بهيبة واحترام الدولة، إلا ان فقدان الهيبة والاحترام افضل من الخراب. \r\n \r\n «الشرق الاوسط» \r\n