السياحة تستضيف المؤتمر السنوي لمنظم الرحلات الألماني Anex Tour بالغردقة    البيئة تشارك فى افتتاح المؤتمر الدولي السابع لمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. نساء غزة خط الدفاع الأخير في وجه الحرب والجوع والبرد    ضبط 8 عناصر جنائية غسلوا 1.6 مليار جنيه من تجارة المخدرات    مجلس جامعة المنيا يوافق على إنشاء كلية التجارة وإدارة الأعمال    ننشر نص كلمة أبو الغيط بالدورة ال55 لمجلس وزراء الإعلام العرب    تحذير من بركان روسي.. والرماد يهدد الطيران    الأونروا: آلاف النازحين في غزة يكافحون للعثور على مأوى آمن مع اقتراب الطقس البارد    تشكيل بايرن ميونخ المتوقع أمام آرسنال في دوري الأبطال    رئيس مياه القناة يتفقد مسار خط سوق المفروشات بالقنطرة غرب    «الأرصاد» تحذر: أمطار رعدية جنوبا والعظمى بالقاهرة تسجل 25 درجة    8 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب«السوق السوداء»    «كل كلمات الشكر لا تكفي»| إلهام شاهين تعلق على افتتاح معرض أفيشات أعمالها    رئيس الوزراء: ما تحقق في منظومة التأمين الصحي الشامل يعكس جوهر المشروع    إنجازات التأمين الصحي الشامل تكشف قفزة نوعية في الخدمات وجودة الرعاية    محافظ أسيوط يتفقد كليات جامعة سفنكس ويشيد بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين    بعثة الزمالك تصل إلى جنوب إفريقيا لمواجهة كايزر تشيفز    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأصعب تاريخيًا.. وكان يمكنه تجنبها    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    موعد نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    تونس تطلق برنامجًا وطنيًا للحد من العنف ضد المرأة    ضبط تشكيل عصابى يستغل 15 طفلًا فى التسول    تحرير 814 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مدبولي يترأس اجتماع اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة.. اليوم    مثقفون وأدباء ينعون الناقد والدكتور الراحل محمد عبد المطلب    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    أبرزهم أحمد مكي.. نجوم شرف «كارثة طبيعية» يتصدرون التريند    وزير الخارجية من لبنان: المنطقة على شفا التصعيد.. ونتواصل مع جميع الأطراف دون استثناء    تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء.. انطلاق المؤتمر الوطني "إصلاح وتمكين الإدارة المحلية: الدروس المستفادة من برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    تقييم مرموش أمام ليفركوزن من الصحف الإنجليزية    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    مدبولي: الدولة نجحت في تنفيذ التأمين الصحي الشامل ب6 محافظات بتكلفة 53 مليار جنيه    ارتفاع أسعار الذهب وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    الري: نجاح حاجز التوجيه في حماية قريه عرب صالح من أخطار السيول    .. اديهم فرصة واصبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    إنصاف رئاسى لإرادة الشعب    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    وزارة العمل: منصة رقمية موحدة لتسهيل استخراج تصاريح عمل الأجانب    حماية الثروة الحيوانية    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالغربية تعلن الحصر العددي لأصوات الناخبين    مقتل مطلوبين اثنين من حملة الفكر التكفيري في عملية أمنية بالأردن    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    إسرائيل تتسلم رفاتًا بشرية وتجري اختبارات لتحديد صلتها بأسرى غزة    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بذرة فضيحة حقوق الإنسان في العراق
نشر في التغيير يوم 15 - 05 - 2004

وكانت بعض التوصيات التي قدمتها المنظمات المذكورة، محددة وواضحة جدا. من ذلك المطالبة مثلا، بأن تخضع منشآت الاعتقال والسجون الأميركية في الخارج، لمراقبة جهات محايدة ومستقلة، إضافة إلى ضرورة تقييد المنشآت إياها، تقييدا صارما بموجهات اتفاقيات جنيف في هذا الشأن. واتسمت بعض التوصيات الأخرى بطابع أكثر عمومية، تناول الأثر السالب للسياسات المعنية، على المدافعين عن الحرية وحقوق الإنسان على نطاق العالم بأسره. والمؤسف أنه تم تجاهل معظم القلق والمخاوف اللذين جرى التعبير عنهما، حتى لحظة نشر صور التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي جرت في العراق. وقد أتاحت هذه الصور الفرصة للأميركيين أخيرا، كي يشاهدوا بعيونهم، جانبا من تداعيات ونتائج السياسات التي تنتهجها حكومة بلادهم. وقد جاءت هذه المشاهدة مرئية، وفي تجلياتها المصورة، للبعد الإنساني لتلك الممارسات.
\r\n
\r\n
هذا ولم تقتصر المخاوف التي أبدتها المنظمات الدولية على ما يحدث خارج الولايات المتحدة فحسب. بل شملت ما يجري داخل البلاد أيضا. من ذلك مثلا، أبدت المنظمات الدولية قلقا إزاء الآتي داخليا وخارجيا:
\r\n
\r\n
أولا: طول أمد الاعتقال التحفظي لعدد من المشتبه فيهم، ممن ينتمون إلى أصول شرق أوسطية داخل الولايات المتحدة الأميركية. وأعربت المنظمات عن بالغ قلقها إزاء استمرار حرمان هؤلاء من حق الاستشارة القانونية، ومقابلة أسرهم، علاوة على عدم توجيه أية اتهامات محددة لهم بارتكاب جريمة ما.
\r\n
\r\n
ثانيا: أعربت المنظمات الدولية أيضا عن قلقها إزاء وضع المعتقلين من المدنيين والعسكريين في معتقل جوانتانامو الكوبي، دون أن تتوفر لهم حقوق الاستشارة القانونية، أو أن توجه لهم تهم بعينها في جرائم محددة. ومما يثير القلق أن رامسفيلد وزير الدفاع، أعلن أنه في الإمكان الاستمرار في احتجاز هؤلاء إلى أجل غير مسمى، حتى وإن جرت محاكمتهم وثبتت براءتهم! إلى ذلك أعربت المنظمات عن قلقها إزاء ما ورد على لسان رامسفيلد أيضا- في مقام الحديث عن السياسات الأميركية الرسمية المعلنة- عن أن القيود المنصوص عليها في اتفاقيات ومعاهدات جنيف، فيما يخص الأسرى والسجناء، لا تنطبق على سير التحقيقات مع السجناء المشتبه في تورطهم بأنشطة وعمليات إرهابية. كانت تلك هي النقطة الثالثة في التعبير عن القلق العالمي إزاء السياسات الجديدة التي تنتهجها واشنطن الآن.
\r\n
\r\n
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى المحطة الرابعة من القلق العالمي. وتتعلق هذه بالشكاوى المنتظمة المستمرة، التي رفعتها منظمة الصليب الأحمر الدولية حول إساءة معاملة السجناء في عدد من السجون الأميركية بالخارج. وهنا تكتمل مشاعر القلق بإضافة النقطة الخامسة المتصلة بما ينشر ويذاع عبر وسائل إعلامية موثوق بها، حول إرسال بعض الإرهابيين المشتبه بتورطهم، إلى عدة دول شرق أوسطية مثل سوريا ومصر والمملكة العربية السعودية وغيرها، حيث تشيع وتقبل فيها ممارسات التعذيب، باعتبارها وسيلة عادية ومألوفة لاستنطاق السجناء واستخلاص الاعترافات وكل المعلومات المطلوبة منهم.
\r\n
\r\n
ومن الطبيعي إذاً، أن تكون لكل هذه القرارات والسياسات الأميركية، تأثيراتها المباشرة على الساحة الدولية. فاستجابة للمطالب العاجلة الملحة التي تقدم بها المدافعون عن حقوق الإنسان من عدة بلدان ودول، كنت قد اتفقت أنا والراحل سيرجيو فييرا دي ميلو المفوض السامي عن الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على أنه سيكون من الأجدى والأفضل، أن نستمع مباشرة لإفادات مجموعة ممثلة لهؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان. لكن وعلى إثر المصرع المفجع للمفوض السامي للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان في العراق، خلال شهر أغسطس الماضي، لجأ الأمين العام للمنظمة الدولية، كوفي عنان، إلى تعيين برتراند رامشاران شريكا لكرسي كارتر في هذا الشأن. وفي شهر نوفمبر من العام الماضي 2003، تمكن مركز كارتر من عقد اجتماع لعدد من قادة حقوق الإنسان والديمقراطية القادمين من 41 دولة مختلفة.
\r\n
\r\n
علمنا من هؤلاء الناشطين المعادين للعنف، أن السياسات الأميركية الرسمية المعلنة، تصدر ترخيصا رسميا، يجيز للحكومات والأنظمة الضالعة في انتهاك حقوق الإنسان، مواصلة السير قدما في هذا الطريق المشين. بل قال مندوبو حقوق الإنسان إن هذا الإجراء يشمل حث بعض الأنظمة الديمقراطية الراسخة، على مصادرة حق الخلاف المشروع. وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أسهمت على المستوى الرسمي، في إدارة عجلة التاريخ إلى الوراء، ودفع عدة دول وشعوب إلى طريق الارتداد عن مسيرة عدة عقود من الزمان، باتجاه التقدم والحرية. النتيجة الطبيعية، أن واشنطن قد أوعزت للكثير من القادة بالارتداد والنكوص عن التزاماتهم الثابتة الراسخة فيما يتصل باحترام حقوق الإنسان.
\r\n
\r\n
أما الانعكاسات اليومية الملموسة للسياسات إياها في الدول المعنية، فقد تمثلت في دمغ أعداد كبيرة من المهنيين: أطباء ومحامين، أساتذة جامعات وصحفيين وغيرهم، بتهمة الإرهاب، لا لشيء جنوه سوى أدائهم لواجباتهم المهنية، أو انتقادهم للسياسات التي تتبناها حكوماتهم. ومما يثير الحفيظة والقلق حقا، أن الولايات المتحدة قد دفعت الخطى حثيثا في بعض البلدان، باتجاه تبني تشريعات وقوانين قمعية، استلهمت نصوصها وروحها من القانون الأميركي المعروف \"قانون الوطني\" وهو التشريع الذي لا يأبه كثيرا للمبادئ الديمقراطية، ولا لحكم القانون. وعلى مستوى الولايات المتحدة الأميركية، فقد جرى التصدي لبعض القوانين التعسفية على هذه الشاكلة، من قبل الكونجرس والمحاكم الفيدرالية. غير أنه يستحيل التصدي لمثل هذه السياسات والقوانين، في بلدان أخرى، لم ترق فيها الأجهزة التشريعية والقضائية إلى المستوى الذي يمكنها من حفظ التوازن والعدل كما ينبغي.
\r\n
\r\n
وقتها كنا قد قررنا أن نشارك وسائل الصحافة والإعلام وبعض المسؤولين الرسميين في تداول هذه المعلومات المزعجة. وعلاوة على عقد جلسة مناقشات مائدة مستديرة، استمرت لمدة ساعة كاملة أمام كاميرات شبكة سي إن إن، قدم مندوبون من عدة دول ومنظمات، شملت المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في كل من منظمتي هيومان رايتس ووتش وهيومان رايتس فيرست- كانت تسمى سابقا لجنة المحامين لحقوق الإنسان- ثم مركز كارتر، إضافة إلى مندوبين وممثلين عن كل من مصر، وكينيا ولييبريا، قدم هؤلاء جميعا إلى واشنطن، واجتمعوا بكل من بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع، وباولا دوبريانسكي وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الدولية. وكذلك اجتمع المندوبون بعدد من القادة القانونيين والتشريعيين. كما شاركوا في منتدى عقد في قاعات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى جانب لقائهم بصحفيين ومحررين من صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست.
\r\n
\r\n
يذكر أن المسؤولين المشار إليهم آنفا، كانوا قد أنصتوا جيدا لكل ما قيل، ووعدوا بفعل ما من شأنه التخفيف من وطأة وحدة المشكلة. لكن وكما تكشف لاحقا من تطورات الأحداث، فالظاهر أنه لم يحدث أي تقدم يذكر في المستويات العليا من الهرم القيادي والإداري الأميركي، فيما طرح من قضايا، وأثير من مشكلات.
\r\n
\r\n
وإن كنا نبغي إشاعة الأمن والحرية فعلا في عالمنا المعاصر، فإنه لا مناص من إجراء إصلاحات ملحة وعاجلة هنا داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها على حد سواء. وتشمل هذه الإصلاحات، فرض قيود على الصلاحيات المفرطة التي تتمتع بها الحكومات- أينما وجدت- في إحصاء أنفاس الناس وممارسة الرقابة عليهم. كما تشمل الإصلاحات أيضا، التأكيد على حق الجمهور في الحصول على المعلومات، ومراجعة الجوانب القضائية والتشريعية المتعلقة بحالات الاعتقال وغيرها من المسائل التنفيذية. وفوق ذلك وقبله، لابد لنا من الالتزام الصارم بالمعايير الدولية السارية في مجالي القانون وتحقيق العدل. ختاما: كيف للولايات المتحدة أن تقوم بهذا الدور، ما لم تستعد وجهها القديم المألوف، باعتبارها صرحا شامخا للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان؟
\r\n
\r\n
ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.