وكان فريق الرؤية الاستراتيجية «روسيا العالم الإسلامي» الذي تم استحداثه في أواسط عام 2005، من بين المنظمات التي بادرت إلى عقد هذا المؤتمر العلمي التطبيقي،وجدير بالذكر أن هذا الفريق عقد ثلاثة اجتماعات له في موسكو وقازان واسطنبول. ومن المتوقع أن يجري الاجتماع الرابع في جدة.وتدل مثل هذه الكثافة العالية من اللقاءات على وجود اهتمام قوي بهذا الموضوع في روسيا. \r\n \r\n\r\nولا يقتصر الأمر على الفريق بالذات. فقد بدأت العمل أيضا خلال هذه الفترة قناة تلفزيون باللغة العربية «روسيا اليوم». وأنشئ مركز للدراسات العربية والإسلامية. ويتنامى التعاون بين روسيا وبلدان العالم الإسلامي بشكل كبير في مختلف المجالات الروحية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتعمل بنشاط متزايد مجالس الأعمال المنبثقة عن الغرفة التجارية الصناعية الروسية ورئيسها المستشرق المعروف صديق العرب رئيس الوزراء الأسبق يفجيني بريماكوف.\r\n\r\n \r\n\r\nو تضع روسيا التعاون مع العالم الإسلامي على رأس اهتماماتها ومصالحها القومية. خاصة وأن المسلمين الروس يشكلون نحو 20 % من السكان، كما أن روسيا تتطلع باهتمام إلى مكانة العالم الإسلامي ودوره في العلاقات الدولية المعاصرة، وكذلك عملية نشوء المجتمع المدني في روسيا.وترى روسيا أن الحوار بين مختلف الحضارات.\r\n\r\n \r\n\r\nوخاصة بين الغربية والإسلامية يكتسب في الوقت الحاضر أهمية بالغة في مجال تعزيز الاستقرار على الساحة الدولية. حيث تتنامى الحاجة إلى التصدي لمحاولات بعض السياسيين والمفكرين الغربيين لمصادمة الحضارة اليهودية المسيحية مع الحضارة الإسلامية، والإيقاع بينهما. وقد تجاوزت البشرية مؤخرا الانقسام وفق المبدأ الأيديولوجي بين الاشتراكية والرأسمالية. والآن تطرح تنبؤات بانقسام العالم أيديولوجيا من جديد، على أساس حضاري ديني هذه المرة. وتصعب المبالغة، فعلا، في تقييم خطورة مثل هذا التطور المستقبلي.\r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\nويقول يفجيني بريماكوف أن «الحوار مع العالم الإسلامي ضروري، لأنه لا تتوفر فرص ملموسة للانتصار على الإرهاب الدولي بدونه.وليس سرا، بل وله ما يسببه، أن التنظيمات الإرهابية المعاصرة والخطرة جدا تتستر بالإسلام.ويؤدي هذا الأمر، موضوعيا، إلى تنامي مشاعر العداء تجاه العالم الإسلامي، رغم أنه من الواضح أن الإسلام، كدين، ليست له أي علاقة بالإرهاب. لذا من الضروري وقف تطور نزعة انعدام الثقة والعداء هذه».ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن الانتصار على التطرف الإسلامي يتطلب، بالضرورة، دعم القوى الإسلامية المعتدلة.\r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\nتصدي روسيا لدعم الحوار بين الإسلام والغرب أمر ليس غريبا، فروسيا الدولة تتمتع أكثر من غيرها بمزيج من الحضارتين الشرقيةوالغربية، وتاريخ روسيا مع العالم الإسلامي طويل ويرجع للقرن التاسع الميلادي عندما انتشر الإسلام في جنوبروسيا ولاقى ترحيبا من القياصرة الروس في الشمال.\r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\nوربما لا يعرف البعض أن أول مجلس لعلماء المسلمين في التاريخ تشكل في روسيا في القرن التاسع الميلادي وبأمر من الإمبراطورة الروسية آنذاك، كما أن الآداب والعلوم الروسية تزخر بالعديد من العلوم والثقافات الإسلامية وخاصة في القرنين 18، 19 حيث تأثر العديد من أدباء وشعراء روسيا بالثقافة والديانة الإسلامية أمثال تولستوي ودستيوفسكي والشعراء بوشكين وليرمنتوف وغيرهم الكثيرون.\r\n\r\n \r\n\r\n \r\n\r\nوربما لا يخفى على الكثيرين مدى التقارب والتفاهم بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية الشرقية والإسلام بدرجة تثير حتى ضغينة اليهود وأيضا المسيحيين الكاثوليك الذين يتهمون الكنيسة الروسية بميولها الإسلامية، ونذكر عندما حذر اليهود من نمو وتزايد عدد ونفوذ المسلمين في روسيا رد عليهم الرئيس السابق بوتين قائلاً: «إنكم تتناسون أنهم مواطنون روس وليسوا مهاجرين، ولهذا فإن نموهم وتطورهم هو خير لوطنهم روسيا». كل هذه الأمور وغيرها الكثير تعطي روسيا مكانة خاصة كجسر للحوار بين الأديان وتواصل الحضارات.