بمشاركة السيسي وبوتين.. انطلاق مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة    الإصلاح والنهضة: تحذير السيسي من المال السياسي يعكس موقفا صارما لحماية إرادة الناخبين    قطاع الدراسات العليا بجامعة عين شمس ينظم ورشة عمل بالتعاون مع بنك المعرفة    سعر الدولار يفاجئ الجنيه بارتفاع كبير.. شوف بكام    محافظ قنا يبحث مع اللجنة التنفيذية للمشروعات "الخضراء والذكية" إطلاق مبادرة "قنا تتحول للأخضر" لدعم الاقتصاد الدوار والطاقة النظيفة    «الإنتاج الحربي» تتعاون مع «ستارك السويسرية» لتصنيع المحركات الكهربائية    محافظ أسيوط: إزالة 12 حالة تعدي على أراضي زراعية وبناء مخالف    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    قائد بالجيش السوداني يدعو إلى المشاركة في الاستنفار الوطني    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض "دبى الدولى للطيران 2025"    مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على قانون للإفراج عن ملفات إبستين    جلوب سوكر 2025.. رونالدو ينافس بنزيما على جائزة الأفضل في الشرق الأوسط    مصرع 8 أشخاص جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية فى فيتنام    30 ألف مشجع في المدرجات.. الأهلي وشبيبة القبائل في مواجهة مرتقبة    صلاح ينافس على جائزتي الأفضل في العالم من جلوب سوكر    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    أحمد عيد يقترب من الأهلي رغم منافسة الزمالك    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    السبت.. إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م    الطقس اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025.. ارتفاع الحرارة وتحذير من شبورة كثيفة صباحًا    مصرع 6 عناصر شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بالبحيرة    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    وزارة الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    ياسمين رئيس تنضم لمسلسل «اسأل روحك» في رمضان 2026    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    كارثة طبيعية يُعيد اكتشاف كمال أبو رية بعد 40 عاما من مشواره الفني    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    وكيل صحة البحر الأحمر يتفقد مستشفى الغردقة العام    «الصحة»: فيروس «ماربورج» ينتقل عبر «خفافيش الفاكهة».. ومصر خالية تماما منه    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الغزو الأميركي الجديد للعراق
نشر في التغيير يوم 14 - 08 - 2014

بدأت واشنطن توجيه ضربات جوية لمواقع "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق، وحسب التجربة وبالاستشراف السياسي وتحليل المواقف المعلنة والعودة إلى مشروع واشنطن الأصلي في غزو العراق أو سيناريو ما بعد الاحتلال المباشر، فإن المقصود كان دائما يتوجه نحو تركيز وتثبيت سيناريو مشترك مع إيران وعبر ذات الجماعات التي استخدمها الطرفان في تكريس الواقع السياسي بعد الاحتلال.
فواشنطن تخشى من فقدان هذا المشروع التوافقي وانهياره، ودخول العراق في حالة تمرد واستقلال من قواه الإسلامية الوطنية، وليس الخشية من تحويله إلى حالة فوضى عارمة، تضمن فيه واشنطن بقاءه مضطربا أسيرا للأرض المحروقة بين داعش وإيران، فهذا قد يكون مطلبا أصليا لواشنطن لرهن العراق بواقع الجحيم حتى لا يفكّر مطلقا بعودته للمشرق العربي وتهديد مصالح واشنطن أو نفوذها.
ولكن واشنطن أيضا لا تضمن بقاء دائرة الأرض المحروقة في حدود محاصرة وإن سعت لذلك، وعليه فإن مخاوفها من حريق داعش حقيقي كما هي مخاوفها من تحول فكرة ثورة العشائر إلى مشروع وطني يُثبّت على الأرض، وفي كل الأحوال ستعود المهمة لتدعيم جماعات إيران فيه لاستكمال مهمة الحصار الآني للعراق، وإن كانت واشنطن لا تستطيع أن تُبقي هذا الخيار متاحا للأبد كما تظهر صورة الوضع الأمني والسياسي المتفجرة في العراق.
"يهدف التدخل الأميركي لتدعيم جماعات إيران لاستكمال مهمة الحصار الآني للعراق، وإن كانت واشنطن لا تستطيع أن تُبقي هذا الخيار متاحا للأبد كما تظهر صورة الوضع الأمني والسياسي المتفجرة في العراق"
ولذلك تُلح واشنطن على إيران بصورة غير مباشرة من خلال تقريع المالكي المستمر أو من خلال رسائلها للتحالف الطائفي الشيعي الحاكم في العراق، بضرورة الخروج من هزائمهم السياسية الكبرى وفشلهم المتواصل وعجزهم عن تحويل الكيان الطائفي الذي سُلّم لهم إلى مشروع دولة حتى ولو كانت تخفي وراءها طموحها وخطابها الطائفي.
ويتضح ذلك من خلال معايير التمييز من الوظيفة إلى القتل الذي تمارسه حكومات هذا التحالف الطائفي الكريه والغبي بحسب تقديرات أصدقائه في واشنطن، ولا تزال واشنطن تحاول تدريبه لخدمة مشاريعها الاستعمارية وإعطائه مساحة لنزواته الطائفية لكن تحت غطاء دولة، لكنها تفشل ويفشل معها هذا التحالف باستمرار.
ولذلك أعقبت واشنطن إعلانها للضربات الجوية ومشاركة فرنسا معها، باشتراط وجود حكومة جديدة للاستمرار في هذه الضربات وتفعيلها، وهي الضربات التي سعى لها هذا التحالف المرعوب من واقعه أمام زحف داعش أو بزوغ ثورة العشائر، وحكومة الوحدة الوطنية التي تشترط واشنطن وجودها هي مشروع وهمي لا حقيقة له فاعلة في الأرض، لكنه يتطلب بعض الانفكاك الضروري من الشبق الطائفي للتحالف وفتح مساحة لسياسيين سنّة لن يغيروا من المعادلة، لكنهم سيعطون مبررا لواشنطن أمام العالم ودول الخليج بتغيّر العقلية الطائفية لدى حلفائها.
وفي هذا التوقيت الحسّاس فإن غزو واشنطن الجديد يأتي كحبل إنقاذ مهم لطهران التي استنزفت مؤخرا في أكثر من موقع واضطرت لاستخدام مليشياتها في لبنان والعراق بكثافة في سوريا، لدعم نظام الأسد واتحدت مع واشنطن في وقف وبعثرة الثورة السورية، لكن ذلك بدأ يرتد عليها، ومجددا تعود أزمتها إلى العراق بعد ثورة العشائر من جهة وداعش من جهة أخرى.
وعليه فإن هذا الغزو الجديد وإن صدّرت طهران بعض الضجيج المعتاد ضد حليفها "الشيطان الأكبر" الذي تُمضي معه الصفقات، فهو فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تدوير قوّاتها ومليشياتها في المنطقة، والاستعداد لحصاد سياسي جديد بعد ضمان الخلاص وعبر الشريك الأميركي من صعود خصومها من جديد.
غير أن اللوحة والصورة الشاملة في المشرق العربي معقدة جدا، ولا تضمن لواشنطن وطهران هذا التقاسم بسهولة كما جرى في مواسم سابقة، وحتّى رهان واشنطن على تحييد داعش عن آبار النفط في الخليج وتعطيل فوضى زحف حريقه جنوبا، لا تملك فيه واشنطن مؤشرا حاسما، لكنها وفي كل الأحوال قررت خوض التجربة من جديد، وعودة سلاحها لضمان قمع أي تمرد سني سواء كان ثوريا منضبطا لوطنه وأمته، أو تكفيريا فوضويا، فهي بحاجة إلى تعديل هذه الموازين التي خسرت فيها.
"نحن أمام حلقة فوضى جديدة عبر هذا الغزو، لم تكتمل قراءة معالمها، وهل لدى ثورتي العراق والشام قدرة على تجنب موجتها ثم العبور لمشروعها الوطني، أم أن حروب الفوضى ستعيد كل المشاريع لنقطة الصفر؟"
إن المدخل العام للغزو الذي لن يطول كثيرا على الصعيد البري، هو محاولة استنساخ مشروع ضرب المقاومة العراقية 2006 و2007 ثم خنقها بذات التحرك مع تعديل نسبي، تضمن واشنطن استغلال فوضى الأرض المحروقة الذي تتيحه داعش لقمع حواضن الثورة الشعبية العشائرية وتدمير بنيتها التحتية، وقصف هذه المناطق والمجاميع الوطنية ونسبة ذلك لداعش، لإحباط آمال أنصار المقاومة بإقامة دولة استقلال وطني، عبر الضربات الجوية واقتحامات بعض المدن وتفرّغ القوات العراقية لاستهداف شخصيات الثورة والتضييق على حواضنها السنية.
في ذات الوقت فإنها ستركز على تشتيت داعش وبعثرتها من جديد كما جرى سابقا مع أصول داعش في قاعدة العراق، وهو أمر ممكن كون أن داعش تعتمد عند القصف الجوي الشديد والمكثف على الانسحابات وإعادة تجميع قواتها باستدعاء جديد لشباب الخليج والمغرب العربي، ثم العودة إلى المواقع بزحف مفاجئ، سواء في العراق أو سوريا، في ذات الوقت الذي تتفرغ فيه واشنطن والمليشيات الإيرانية لمحاصرة واقتحام البناء السني المقاوم الذي سيكون منفردا في حينه إن لم تطعنه داعش من الخلف كما هي عادتها.
وتقدير المراقب العربي هنا أن واشنطن تدرك كليا صعوبة هذا الخيار وصعوبة ضمان حصيلة لها تبني عليها إستراتيجيا خطة الترتيب الجديدة للمنطقة، لكن رهان واشنطن اليوم هو على بعثرة هذا المشهد القائم وإعادة القدرات لجماعاتها وجماعات إيران مرحليا ثم النظر في إمكانية السيناريو المُكمّل أو البديل.
أمّا على الصعيد العربي فإن فكرة الخلاص من داعش لن تتحقق مطلقا، وتحوّل تنظيم التوحيد والجهاد (الزرقاوي) إلى قاعدة العراق ثم تأسيس داعش وابتلاعها للقاعدة في سوريا والعراق يثبت أن هذه التنظيمات تتشظّى وتتطور، لأن أصل منشئها هو الغلو الفكري والظلم والاستبداد العربي والإرهاب الغربي والإيراني، وهي عناصر التغذية التي تولّد هذه الحالات بل وتطور من فيروس التكفير والتطرف وعشق القتل والنحر واستباحة المجتمعات المدنية والآمنين.
أي أننا أمام حلقة فوضى جديدة عبر هذا الغزو والتدخل لم تكتمل قراءة معالمها، وهل لدى ثورتي العراق والشام قدرة على تجنب موجتها ثم العبور لمشروعها الوطني، أم أن حروب الفوضى ستعيد كل المشاريع لنقطة الصفر؟
بقي أن نؤكّد أن مستويات ممانعة المنطقة من آثار مغامرات واشنطن لم تعد هي ذاتها، بل تنخفض بشدة في ظل صعود الاستبداد وآثار الثورة المضادة الدامية لإسقاط الربيع العربي والمطاردات الأمنية العنيفة للإصلاحيين، ولا يعرف أين مواقع الهشاشة التي يغطيها وهمُ الاستقرار، وبالتالي لا تدري واشنطن هل هي تُخمد بركانا أم تُفجّره في كل مكان.
رابط المقال:
في الغزو الأميركي الجديد للعراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.