وزير التعليم يتفقد مدارس القليوبية في ثاني أيام العام الدراسي الجديد 2022/2026    بالعمة والقفطان.. انتظام المعاهد الأزهرية في أول يوم دراسي بالقليوبية    اليوم.. وزارة الأوقاف تطلق مبادرة «صحح مفاهيمك».. ومحافظون: «مشروع وطني متكامل»    بالبلالين والأغاني، استقبال طلاب المدارس في أول أيام الدراسة بالدقهلية (فيديو وصور)    رئيس جامعة القاهرة: العمل الطلابي جزء لا يتجزأ من الحياة الجامعية    الجنيه يواجه ضغوط.. أحدث تحديث لأسعار الدولار واليورو والاسترليني    الطماطم تبدأ من 10 جنيهات.. أسعار الخضروات اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025 بأسواق الأقصر    ارتفاعات في أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025    أسعار الحديد في المنيا اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025    في اليوم الدولي للسلام.. «أونروا»: 1.9 مليون شخص نزحوا قسرًا في غزة    استشهاد 32 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و101 ألف منذ بداية الحرب    استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    عاجل- بريطانيا تستعد للاعتراف بدولة فلسطين.. و6 دول أخرى تلحق بها غدًا    ياسر ريان: حسام غالي "أخل بمبادئ الأهلي".. ولن يكون له دور الفترة المقبلة    الزمالك يتصدر وموقف الأهلي، ترتيب الدوري المصري قبل الجولة الثامنة    طقس الإسكندرية اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وفرص لأمطار خفيفة    كسوف الشمس 2025.. ذروته اليوم ولن يُرى في مصر    وزارة الداخلية تكشف ملابسات فيديو يزعم طلب فرد شرطة بمطار القاهرة مبلغا ماليا من راكب صيني    غلق منشأة تعمل في تجارة الأدوية بدون ترخيص في الفيوم    لهذا السبب.. مي كمال الدين تتصدر تريند "جوجل"    فايزة أحمد، صوت لامس قلوب الأمهات رغم محنتها الأسرية وصدفة وراء شهرتها في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 21-9-2025 في محافظة قنا    «الصحة» تُطلق الدبلوم المهني لسلامة المرضى وإدارة مخاطر الرعاية الصحية    طريقة أسهل وأسرع نوتيلا اقتصادية وصحية للمدارس    حبس عاطل تخصص في "كسر الباب" للسرقة بالقاهرة    الدبيكي: أوائل علوم صحية المنوفية يُعيَّنون معيدين بالمعهد العالي للعلوم الصحية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    التمريض الركيزة الأساسية لنجاح المنظومة الصحية بالأقصر    50 دولارا للرأس، قائد ميليشيا في غزة يعلن عن مكافأة لاغتيال عناصر حماس وإلقاء جثثهم للكلاب    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب.. تعرف على طريقة أداء صلاة الكسوف    رسميا.. الأهلي يطالب اتحاد الكورة بالتحقيق مع طارق مجدي حكم الفيديو في مباراة سيراميكا بعد الأخطاء المعتمدة ضد الفريق    إصابة عدة أشخاص إثر إطلاق نار في نيو هامبشاير الأمريكية    مصدر من الزمالك ل في الجول: غياب بانزا عن المباريات لقرار فني من فيريرا    أحمد سعد يطلب من الجمهور الرقص على «اشيلك بين وريدي» في مراسي.. ورضوى الشربيني تشعل الحفل بالرقص (صور)    مصرع شخص وإصابة آخر بطلق ناري خلال مشاجرة في دلجا بالمنيا    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    بعد مباراة سيراميكا.. وليد صلاح الدين يصدم تريزيجيه بهذا القرار.. سيف زاهر يكشف    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    مستشفى رأس الحكمة بمطروح يجرى جراحة ناجحة لشاب يعانى من كسور متعددة في الوجه والفك العلوي    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    نتائج مباريات أمس السبت    موعد مباراة أرسنال ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    شملت جميع الأنواع، بشرى سارة عن أسعار الزيت اليوم في الأسواق    "بعد ثنائيته في الرياض".. رونالدو يسجل رقما تاريخيا مع النصر في الدوري السعودي    بعد 9 سنوات من المنع.. صورة افتراضية تجمع حفيد الرئيس مرسي بوالده المعتقل    برأهم قاض امريكي.. الانقلاب يسحب الجنسية من آل السماك لتظاهرهم أمام سفارة مصر بنيويورك!    رسميًا خلال ساعات.. صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 بعد قرار وزارة المالية (اعرف هتقبض كام؟)    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    بيلا حديد تعاني من داء لايم.. أسباب وأعراض مرض يبدأ بلدغة حشرة ويتطور إلى آلام مستمرة بالجسم    تفاصيل لقاء اللواء محمد إبراهيم الدويرى ب"جلسة سرية" على القاهرة الإخبارية    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا تُحبط ثورة العراق
نشر في التغيير يوم 19 - 05 - 2014

إثر الانتصارات المتوالية لثوار العشائر والتي فاجأت المالكي ومجمل إستراتيجية التحالف الإيراني في المنطقة والدعم الأميركي المطلق لخطة نوري المالكي، بدأ النظام العراقي إستراتيجية المذابح الجماعية ومشروع البراميل المتفجرة لإيقاف هذه الانتصارات، والحؤول دون أن تتوسع مركزيا وميدانيا في الجغرافية العراقية، وتبدأ بتحقيق مساحة أرض وميدان يُغيّر الواقع السياسي للاحتلال منذ هيمنته في أبريل/نيسان 2003.
كما أن الحراك المدني الذي أحرج المالكي كثيرا، خاصة في توالي صعوده السياسي وكسر "الأبارتايد" الذي أقامته طهران وواشنطن بين الشيعة والسنة في العراق خلال فعاليات الاعتصام الأولى، وبالتالي خسارة أكبر قاعدة لوجستية نفّذ منها الاحتلال المزدوج مشروع إخضاع العراق لمعادلة الأمن الإقليمية والدولية ضد الاستقلال العربي، فضلا عن أن تلك الانتفاضة الميدانية في المساجد اتخذت منهجا وفكرا يتبع آفاق المشروع الإسلامي الحر للإنسان العربي وحريته الدستورية وليس العودة إلى عهود الاستبداد القومي قبل احتلال العراق.
"إن أي مشروع تحرر يُسقط أدوات الهيمنة من استبداد وتفرقة طائفية، يعني بالضرورة أن مشروع تحييد العراق لصالح الأمن الإسرائيلي وتفرّد واشنطن بالمنطقة سيتعرض للخطر"
وهو ما جعل المالكي يدفع بقوة إلى خلق مصادمات أمنية يزرع فيها النزعة الطائفية ضد الحراك المدني، لخلق أرضية تقطع الطريق على ذلك الصعود السياسي ورسائله الوحدوية المدنية، حيث اتخذت المطالب والمساواة الديمقراطية بعيدا عن الاحتلال والفرز الطائفي قاعدة مشروع وحدة وطنية ضد الاستبداد الطائفي والأمني.
ذلك المسار المدني الجديد كان يخلط الأوراق على مشروع إيران المركزي الذي دُعم المالكي لتحقيقه، وهو نقل العراق كليا للعهدة الطائفية بقبضة طهران، مستثمرا التقاطع الإقليمي بين طهران وتل أبيب، والدولي بين موسكو وواشنطن، والذي طُبق في سوريا ضد الثورة ويُعاد استنساخه في العراق بصورة أعمق وأهم، كون الولايات المتحدة الأميركية هنا هي طرف الاحتلال الأصلي الذي سلّم العراق لواقعه الدامي الطائفي الجديد.
وعليه، فإن أي مشروع تحرر مدني ينتفض ويُسقط أدوات الهيمنة من استبداد وتفرقة طائفية، يعني بالضرورة أن مشروع تحييد العراق لصالح الأمن الإسرائيلي ولمصالح تفرّد الولايات المتحدة بمنطقة الخليج العربي وتقرير ثرواته سيتعرض للخطر، وهو ما ترفضه واشنطن كليا، ولذلك دعمت المالكي مبكرا لمواجهة الانتفاضة المدنية ثم ثورة العشائر، وخاصة في مركزها التاريخي في الفلوجة.
لكن أهم مسار تحتاجه قيادة ثورة العشائر والانتفاضة المدنية، ليس فقط قراءة هذا البعد للدوافع الإستراتيجية للتحالف الأميركي الإيراني المستمر ضدهم، وعمقه في نظرية الأمن الإسرائيلي وترديد ذلك في وسائل الإعلام وخاصة في حديثهم عن الغطاء الطائفي البشع الذي يستخدمه المشروع، فهذا مهم ويلزم توعية المجتمع الوطني العراقي به.
لكنّ السؤال المركزي الأهم هو كيف تواجه الثورة هذا التقاطع ببعديه العسكري والسياسي؟ وكيف تتجنب ذات المصير الذي فتح المجال الجوي والأرضي واللوجستي كليا بقرار من أطراف المعادلة ذاتها لكي تُحوّل إيران ونظام بشار الأسد سوريا لمقابر جماعية لا تتوقف؟
هذا هو السؤال المركزي: كيف تجنب مدن العمق الثوري في العراق، والعالم يشهد ما جرى لحمص لحظة بلحظة دون أن يُحرك ساكنا، فما عسى أن يفعل للفلوجة أو ديالى؟
لقد اتخذ المسار المدني للانتفاضة طريقا منهجيا سياسيا متزنا، عمل بكل ما يستطيع على تجنب الاحتكاك الطائفي أو المصادمة العسكرية، وخاصة عبر رعاية مفتي الديار الشيخ السعدي، حتّى لا يترك أي مبرر لإستراتيجية الحلفاء لتصفية الثورة، لكن المالكي لم يكن ينتظر أي حجج وبدأ بالتصعيد الطائفي والأمني لمنع الصوت الوطني من "تحشيد" ذاته والتواصل بين الطائفتين، وتوجيه الحشد الطائفي له ولحلفائه.
"لقد اتخذ المسار المدني للانتفاضة طريقا منهجيا سياسيا عمل على تجنب الاحتكاك الطائفي أو المصادمة العسكرية حتّى لا يترك أي مبرر لإستراتيجية الحلفاء لتصفية الثورة"
ومع خسائره العسكرية إثر حماية العشائر للاعتصامات بعد مداهمتها عسكريا، رفع المشروع للاجتياحات الأمنية، وهنا تحتاج الثورة في العراق إلى مراجعة دقيقة للمشهد وتحديد تكتيكات وخيارات المواصلة في الميدان وضبطه، ولا يكفي أن يُنتشى بتحقيق انتصار عسكري مرحلي وجغرافي على قوات التحالف الطائفي، التي شُكلت من جديد على نسق مليشياتها في سوريا.
بل لا بد من خلق أرضية ذكية تستثمر أجواء سياسية متعددة وتحالفات عشائرية ومناورات سياسية، لبقاء أصل الثورة وعدم الزج بها في معارك غير متكافئة، بحيث تعود نشوة الانتصارات المرحلية في ما بعد إلى انتكاسات عسكرية تنتهي باجتياح كامل جديد للفلوجة يُرصّف فوق عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين، ولن يحرك ذلك شعرة في الضمير العالمي.
وبالتالي تحبط جولة هذه الثورة دون أي انتصار سياسي مع ضريبة مفجعة جديدة، فهذا السيناريو لا يفترض أن تسعى له أية قيادات ثورية صادقة، ولكنها لم تحسب برنامجها الإستراتيجي جيدا.
إن من الغريب أن تسمع بعض قيادات الاعتصامات يعيد التذكير ويصرخ في الإعلام بقوة بأن ما يجري هو مشروع استبداد طائفي عسكري، ويوجه حديثه إلى حكومات الخليج ظنا منه أن هذا الأمر سيحرك موقفا لهم بحكم أن حرب المالكي ستُعزز الهيمنة الإيرانية المطلقة على العراق والتي سيتضررون منها في بلدانهم.
إن هذا الصوت يذهب اليوم أدراج الرياح، وموقف النظام الخليجي الرسمي اليوم بين الاندفاع بقناعة للتحالف مع إيران لضمان توازنات تساعد على استقرار الحكم، أو الاضطرار للتعامل معها وفق تقديرات صعودها الجديد في سوريا وتحالفها الدولي، وبالتالي الخضوع لمعادلة تفوقها الإقليمي الجديد الذي اعترفت به واشنطن وتقاطع مع المصلحة الأمنية لتل أبيب.
وهذا الصوت المتفهَم أنه ينطلق من حجم الغبن من الموقف الأممي والإقليمي العربي أمام قصف الفلوجة بالبراميل المتفجرة، واستباحة كل مجال لتحقيق اجتياحها، لكنه لا يُعطي أي دعم لوجستي ولا معنوي للحالة الوطنية العراقية ونزيفها، كما أنه من المهم جدا ألا تُستغل هذه الأصوات لتفويج جديد من شباب العرب لحشد البعد الطائفي وضخ صفوف جديدة في داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) العراق، والتي ستتحول مستقبلا إلى أزمة خطيرة ضد ثورة العشائر حتى ولو كان هناك توافق مرحلي لتحييدها.
من المهم جدا اليوم رسم تصور إستراتيجي كامل لإدارة المعركة بالإمكانيات الوطنية العراقية، وبخبرتها الميدانية والسياسية، وتأسيس مركز تخطيط قيادي إستراتيجي ومرحلي يُنظم الموقف الثوري السياسي والميداني، ويُمارس أدوارا عميقة وأخرى مرنة وسريعة لحماية المدنيين وحياتهم، ولذلك فإن تنظيم رؤية واضحة لسلامة المدنيين ونزوحهم المرحلي يعتبر أحد أهم التحديات أمام ثوار العراق وتقرير الصفة للحرب الثورية وخطتها الزمنية وخسائرها وإمكانية انتصارها الذاتي، وكيف تُقلل إلى أقصى قدر الخسائر بين المدنيين.
ومع أن عدم تجاوب الأغلبية الساحقة من الكتلة المدنية الشيعية رغم المواقف الوحدوية المدنية والوطنية العديدة من السُنة محبط، فإن العودة إلى خطاب المصادمة الطائفي لن يُجدي على الإطلاق، وستستفيد منه إيران رغم معرفة الجميع بحشدها الطائفي الحوزوي الذي يُغذي قواتها النظامية في جيش المالكي أو المليشيات المتعددة.
"إن قسوة المشهد وعمق التآمر ونزيف الشعب يجب أن يكون هذه المرة دافعا للاستفادة من التجارب المرة، وعدم الانجرار العاطفي أو السبق الزمني الهش"
إن ضبط الخطاب مهمة صعبة جدا، لكنها ضرورية للغاية لكون الثورة تخطط لدولة حرة جديدة ستستوعب في نهاية الأمر كل شرائحها بعد نجاح مشروعها الوطني، ولكون الصوت الطائفي المغبون من القهر الإيراني لن يُفيد صراخه وألمه أمام التواطؤ الدولي والإقليمي الجديد الذي تشارك فيه بعض حكومات الخليج العربي مختارة لهزيمة ثورة سوريا والعراق وبناء مصالحها مع إيران.
إن قسوة المشهد وعمق التآمر ونزيف الشعب يجب أن يكون هذه المرة دافعا للاستفادة من التجارب المرة، وعدم الانجرار العاطفي أو السبق الزمني الهش.
ورغم إشكالية إيران ومشروع تحالفها الدولي مع تزامن فعاليات التطور الميداني الثوري ضدها في سوريا والعراق، فإن هذا الأمر ستستطيع استيعابه لو ساعدها الثوار بأخطائهم واستعجالهم في العراق، أو دخلت داعش من جديد على الخط، وبالتالي سيبني المالكي صحوات جديدة من ضحاياها.
وهنا يكمن فهم الفلسفة الدقيقة والمعقدة للعبور بثورة العراق إلى النصر الذي قد يتأخر كثيرا لكنه ينتهج خطة واضحة المعالم تستنزف مشروع الاحتلال ولا تهدر دماء لا تعد ولا تحصى من نفوس أبناء شعبها وجراحات صراعهم.
رابط المقال:
حتى لا تُحبط ثورة العراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.