أثناء ظهوره في حديقة الورد بالبيت الأبيض يوم الأربعاء الماضي، قال أوباما: «إننا ننهي العمل الذي بدأناه»، وقال إن القوات الأميركية في أفغانستان سيجري تقليصها بشكل كبير بحلول نهاية هذا العام والتزامنا العسكري سينتهي بحلول نهاية عام 2016. ولم يستطع الرئيس القول إن «القاعدة» قد تم التخلص منها، لكنه يستطيع الزعم، وهذا صحيح، أن «ضربات قوية» لحقت بقيادة الجماعة. لكنه يستطيع الإشارة أيضا إلى القضاء على أسامة بن لادن، ويؤكد على أن أفغانستان لم تعد وكراً ل«القاعدة» أو «طالبان». وبفضل التدريب والعتاد الأميركيين، اضطلعت قوات الأمن الأفغانية بقيادة العمليات القتالية وقبلت تحمل مسؤولية الأمن في بلادهم العام المقبل. ومازالت القوات الأميركية هناك تقوم بدوريات في المدن وتشن هجمات جوية لكنها لن تبقى طويلاً كما وعد الرئيس الأسبوع الماضي. لكن حتى لو وقّعت الحكومة الأفغانية، كما تتوقع الإدارة الأميركية، اتفاقاً أمنياً ثنائياً مع الولاياتالمتحدة سنظل هناك. وسيكون التواجد محدوداً، بعد أقصى عدد من الجنود بلغ 100 ألف إلى ما يقرب من عشرة آلاف بعد انتهاء مهمتنا القتالية، لكننا سنبقى هناك. إنها أطول حروب أميركا أمداً. وقد قتل فيها ما يزيد على 2100 جندي أميركي وآلاف أصيبوا بجروح وهناك آلاف يطاردهم الرعب طوال حياتهم. واُنفق في الحرب عشرات المليارات من الدولارات. لكن هذا الصراع لا ينتهي بكارثة على خلاف العراق الذي ينزلق دوماً إلى حرب أهلية. وكانت الحرب في أفغانستان ضرورية بحسب أكثر التحليلات معقولية. فقد دبر جهاديو «القاعدة» من هناك لهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وانتهينا من الحرب وقتلنا زعماء التنظيم وطردناهم تماماً تقريباً من أفغانستان ودحرنا حماتهم من جماعة «طالبان»، وأعطينا الشعب الأفغاني فرصة ليدير بلاده. لكن منتقدي أوباما لا يرون شيئاً جيداً في ما يفعله الرئيس. قبل خمس سنوات، ارتفعت أصوات المفكرين في المراكز البحثية بشأن الأمن القومي مطالبين بالتصعيد وكان «الجمهوريون» يطالبون أوباما بأن يعطي الجنرالات كل ما يريدونه، وكان «المحافظون» يصفونه بالمتردد وليس بالفاعل. ولم تغير سنوات التدخل في السياسة الخارجية شيئاً في رؤوسهم. وإعلان أوباما في عام 2009 عن تعزيز قوات الجيش ووفاة أسامة بن لادن والهزيمة المنكرة التي لحقت بقيادة «القاعدة» والانتقال الديمقراطي القادم للسلطة، وهو الأول في تاريخ أفغانستان، كل هذا بلا قيمة ما دام أنه يعزز رصيد أوباما. وقبل أن يصافح الرئيس أول خريج من الأكاديمية العسكرية الأسبوع الماضي، كتب السيناتور "الجمهوري" ليندسي جراهام، وهو من أشد منتقدي أوباما في تغريدة على تويتر «الرئيس أوباما لا ينهي الحروب، إنه يخسرها». ويبدو أن قصف أميركا لدمشق وطهران ونشر قوات أميركية على الحدود الروسية الأوكرانية، وهذا ليس أقل سوءا من الاحتلال الأميركي لأفغانستانوالعراق، يُرضي الذين لا يعجبهم كل ما يفعله أو يتركه الرئيس. ورغم أن هناك أسئلة مشروعة تثار عن سياستنا الخارجية بشكل عقلاني في بعض الصفوف لكن لا أحد ينتصر على أصوات «الجمهوريين» الناقدة، فكل ما يريدونه هو أن يتصرف أوباما بالطريقة التي تروقهم. إنهم لا يقبلون رئيساً حذراً ومتروياً في التفكير، وجميعهم يدرك أيضا كما قال أوباما الأسبوع الماضي، إن كل مشكلة تتعلق بالسلام والحرية، ليس لها حل عسكري. وقال الرئيس الأميركي «المحادثات الصعبة غالباً ما تتصدر عناوين الأخبار، لكن الحرب نادراً ما تتفق مع الشعارات». ودعوته إلى صندوق شراكة لمكافحة الإرهاب قيمته تصل إلى خمسة مليارات دولار للمساعدة في تدريب وتقديم النصح للبلدان الشريكة التي تواجه الجماعات المتطرفة والمنبثقة عن «القاعدة» تستحق دعماً من الكونجرس. ويستحق هذا الدعم أيضاً إعلان أوباما اتخاذ إجراء مباشر عندما يكون من الضروري حماية الجبهة الوطنية. المنتقدون يتخذون موقفاً مخالفاً من رئيسنا مهما يكن من أمر قراره، لكن بالنسبة لي فأنا أثق فيه على مصير أبنائي وأحفادي- أوباما أم أمثال ليندسي جراهام؟ لا وجه للمقارنة. نوع المقال: سياسة دولية الولاياتالمتحدة الامريكية