قال تقرير أكاديمي لمجلة فورين أفيرز السياسية العسكرية المتخصصة أن مصر تحت قيادة المشير عبد الفتاح السيسي "سيلعب الدين فيها دورا داعما للحكم الاستبدادي السلطوي لها، ومبررا لقمع المعارضة، وخاصة المعارضين الإسلاميين" ، و"أن السيسي سيحاول إضفاء شرعية على حكمه من خلال المؤسسات الدينية، ما سيعطي تلك المؤسسات نفوذا على السياسات المحلية". وقال "روبرت سبرنجبورج" Robert Springborg كاتب المقال - وهو أستاذ العلوم السياسية بقسم شؤون الأمن القومي فى الكلية البحرية الأمريكية والباحث المتخصص فى العسكرية المصرية – "أنه على اقتناع بأن نوايا السيسي لمستقبل مصر السياسي تحت حكمه سوف تثير القلق، حيث يتوقع أن يستخدم الدين لإضفاء صبغة شرعية على حكمه الدكتاتوري، وهو ما لم يلحظه المراقبون الغربيون" على حد قوله . وقال الكاتب في المقال الذي جاء بعنوان "المرجعية الإسلامية السرية للسيسي" في العدد الأخير للمجلة 26 مايو الجاري أو (..Sisi's Secret Islamism) أن هناك فارق بين "البلاغة" التي حاول السيسي يقنع مناصريه بها وبين "حقيقة" أفكاره ، مؤكدا أن "خطاب السيسي العلني حول رؤيته للدين يختلف بشكل كبير عن توجهاته الحقيقية حول الدين ودوره في الحياة السياسية " . وأوضح أن هذه ربما لم تكن الصورة التي أظهرها السيسي أثناء حملته الانتخابية، ولكنها هي الحقيقة التي يجب على المصريين والغرب أن يتأهبوا لها من الآن ، مشيرا لأن المصريين لا يعرفون الكثير عن السيسي بسبب قلة ظهوره وأحاديثه المقتضبة التي لم تتجاوز بضعة لقاءات تلفزيونية مسجلة ومعدلة، ومع أنه كان يتحجج بالأسباب الأمنية لعدم ظهوره، إلا أنه من السهل التعرف على شخصيته من خلال متابعة تصريحاته العلنية وغير العلنية على مدار العام الماضي ، ورغبته في استغلال الدين لتحقيق مصالحه . تبرير هيمنة الجيش علي الاقتصاد قال "روبرت سبرنجبورج" : "سيحاول السيسي تصوير هيمنة الجيش على الاقتصاد على أنها جزء من اهتمامه بخلق مناخ اقتصادي إسلامي"، مضيفا أن السيسي سعي لنسب الفساد في مصر إلى انفصال الخطاب الديني عن الواقع ، ودعا إلى "تمثيل الله بشكل جيد من خلال الأقوال والأفعال" ، وهي مؤشرات علي سعيه لاحتكار هذا الخطاب الديني وفق تفسيره هو ، وهو أيضا جزء من صراعه مع الإخوان . أسباب الصراع مع الإخوان ويشرح " سبرنجبورج " في "فورين أفيرز" أحد أسباب صراع السيسي مع الاخوان بقوله : "الاختلاف الرئيسي بين السيسي والإخوان "لم يكن أبدا اختلافا في العقيدة، ولكنه يكمن في خوفه من منافسة الإخوان له على الحكم، وهو نفس الخوف الذي ينتاب الأسرة الحاكمة في السعودية من الاخوان أيضا " . ويضيف : "السيسي يعتقد أنه (إلى جانب الجيش) مكلف بحماية الدين والأخلاق العامة، وهو ما يميزه عن الإخوان في كونهم يرون الدولة هي الحامية للإسلام، ولكن السيسي يرى نفسه في هذا الموقع هو المسئول " وظهر هذا في تصريحات له . (السيسي قال لقناة سكاي نيوز أنه لن يسمح بوجود قيادة دينية وأضاف : "أنا مسئول عن كل حاجة في الدولة حتى دينها وأنا مسئول عن القيم والمبادئ والأخلاق والدين" ) . وفي هذا الصدد قال "سبرنجبورج" أن آراء السيسي غير المعلنة تناقض تصريحاته المعلنة بخصوص تدينه وتصوره لعلاقة الإسلام بالسياسة، بدليل حوار السيسي المسرب مع صحيفة "المصري اليوم"، والذي قال فيه إنه رأى رؤية جعلته يتنبأ بأنه سيكون رئيسا للبلاد في يوم من الأيام، وأنه يحمل سيفا ملطخا بالدم، وعليه عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ورأى السادات الذي قال له أنه سيصبح رئيسا . ودلل على استخدام السيسي للدين كمبرر لسياساته في دفاعه عن كشوف العذرية التي قام بها الجيش بعد ثورة يناير، حيث قال السيسي في ذلك الوقت مبررا أنه مسئول عن تحديد عما إذا كانت المتظاهرات شريفات أم لا ؟! . ولذلك يتعجب "سبرنجبورج" من الثقة اللامحدودة التي أولاها الرئيس المنتخب محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين للسيسي عند تعيينه وزيرا للدفاع، وبرر ثقتهم فيه بإنهم "ربما أقنعوا أنفسهم أنه ربما يكون يؤيدهم في الخفاء، واستمروا في هذا الاقتناع حتى انقلب السيسي على مرسي في 3 يوليو الماضي " . يعتمد علي العسكريين الموالين وقال سبرنجبورج في تحليله لشخصية عبد الفتاح السيسي أنه انطوائي يحتفظ بآرائه لنفسه ويعتمد على المقربين له لبسط نفوذه ، ومن السمات الشخصية المهيمنة عليه التدين والسرية الشديدة ، ولذلك "سوف يتبع نفس السياسة في قيادة الدولة المصرية" ، مشيرا لأن السيسي لديه نزعات إقصائية في إدارة الأمور، وليس بالشخصية التي يمكن أن تحتوي الآخرين." وتقول فورين افيرز إن السيسي منذ قيامه بالانقلاب العام الماضي على أول رئيس منتخب، قام بتعيين حلفائه المقربين في مختلف المواقع في الجيش والمخابرات، والآن أصبح جميع قيادات الجيش والمخابرات من دائرة السيسي المقربة جدا، سواء من كانوا زملاء له في الكلية الحربية أو من عملوا معه في المراحل المبكرة من حياته المهنية. ويضيف كدليل علي هذا : أن "رئيس المخابرات العامة الحالي (محمد التهامي) كان المعلم الشخصي للسيسي أثناء خدمته في فرق المشاة الميكانيكية ، ورئيس أركان الجيش الحالي كان زميله في الكلية الحربية، وهو أيضا والد زوجة ابن السيسي" . http://www.foreignaffairs.com/articles/141458/robert-springborg/sisis-secret-islamism