انتخابات النواب 2025، اللجنة العامة بالدائرة الخامسة بالخانكة تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة    محافظ القاهرة: الانتخابات مرت دون معوقات ولم تتلق غرفة العمليات أي شكاوى    استبعاد مدير ووكلاء مدرسة وإحالتهم للتحقيق الفوري بنجع حمادي    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    محافظ الجيزة يوجّه بإجراءات تنفيذية لدعم كفاءة المرافق بقطاع حدائق الأهرام    حملة مكبرة لقطع وصلات المياه الخلسة بأكتوبر الجديدة    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    أمريكا تفرض عقوبات على 29 سفينة تابعة ل"أسطول الظل" الإيراني    ترامب: الرئيس السيسي صديق لي وأحب أن أستضيفه.. فيديو    القمة الأوروبية تدعو إلى إدخال عاجل وآمن للمساعدات إلى غزة بما فيها ممر قبرص البحري    وزير الخارجية يستعرض خبرات الشركات المصرية المتراكمة في القارة الأفريقية    بيان للقمة الأوروبية: ندين بشدة تصاعد عنف المستوطنين وندعو لوقف التوسع الاستيطاني    حلمي طولان يهاجم محمود فايز: أعمل في هذه الوظيفة قبل أن يولد هؤلاء    تونس في كأس أمم إفريقيا 2025.. نسور قرطاج يتطلعون لعودة قوية في المغرب    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    اندلاع حريق في مزرعة بالشرقية.. والحماية المدنية تحاول السيطرة    اللجنة العامة بالخانكة والخصوص والعبور تعلن الحصر العددي بإعادة النواب بالقليوبية    تعرض الفنانة لوسي لوعكة صحية ونقلها للمستشفى.. اعرف التفاصيل    إعلان الفائزين بجوائز مفيد فوزى وآمال العمدة أبرزهم أحمد السقا وحسين فهمى    عضو باتحاد الرفق بالحيوان: الكلاب الضالة ضحايا الإهمال وليس البشر    صاحب شقة بدر: ابنتي أصيبت بحالة ذهول وفقدت النطق بعد اقتحام أتوبيس منزلنا    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    الداخلية تضبط شخص يوجه الناخبين في قطور    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    مصدر بالصحة: استلام 131 شحنة مساعدات لدعم مصابي غزة في المستشفيات المصرية بتكلفة 2 مليار جنيه    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    قصور الثقافة تنظم زيارة للأطفال ذوي الهمم إلى متحف دار الأوبرا المصرية    بتكلفة 10.5 مليون جنيه، افتتاح 5 مساجد بمراكز إهناسيا والفشن وبني سويف    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    مصر تؤكد حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير التي يكفلها القانون واتفاقية الدفاع المشترك لضمان عدم المساس بوحدة واستقرار السودان    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية ... وطن على حبل
نشر في التغيير يوم 06 - 05 - 2014

مثل صبي صغير، يمارس بشار الأسد السياسة. إنها، بالنسبة له، ليست عملية موازنة بين خيارات وقدرات، وليست، بالتالي، فن الممكن، بقدر ما هي مغامرة دائمة، أشبه بلعبة روليت روسية، يطبقها ليس على نفسه، بل على ضحاياه، وكل من يستطيع دفعهم إلى الحلبة، في حين يمارس هو دور الكونترول الذي يتحكم بتحركات اللاعبين، ويحدد مصائرهم، يدفعهم إلى الموت المجاني، الخاضع دائماً لتقديراته، والتي، غالباً، ما يتحكم نزقه بطبيعتها. من هنا، كان الموت الغزير السمة الأساسية الدائمة لألعابه، موت يشمل كل المشاركين باللعبة، بمن فيهم عناصر فريقه بالذات.
تاريخ ممارسة بشار الأسد السياسة يكشف بجلاء عن هذا البعد الخطير في شخصيته، وكثيراً ما تسببت هذه الظاهرة في إرباك توصيفات أصحاب الاختصاص، بين من يرى في نمط ممارسته السياسة شكلأ من اشكال الحكم الديكتاتوري المتطرف، وبين من يراها تعبيراً عن ضعف شخصي، ينعكس ارتباكاً في الأداء وإدارة العملية السياسية عموماً. من هنا، ثمة من وصفه بالانفصام عن الواقع، وثمة من أحال المسألة إلى نقص في الخبرة السياسية، حتى بعد أربعة عشر عاماً في الحكم.
ليس عن منطق ديكتاتوري واضح، تصدر عنه سياسات بشار الأسد، حتى الديكتاتورية، في النهاية، شكل من أشكال الحكم، له قواعده وأصوله، وله غاياته وأهدافه، وحتى المجتمعات التي جربت هذا النمط من الحكم، استطاعت التعايش معه، واستبطانه لما يطرحه بالموازاة من مشاريع قومية وتنموية وتحررية وطنية. في الغالب، كانت الديكتاتوريات تنطوي على مشاريع بعينها، تشكل حاجة ومطلباً اجتماعياً في حينه. لذا، كانت تجد فئات اجتماعية حاملة لمشاريعها ومؤيدة لها.
الوصفة التي يستخدمها بشار الأسد في إدارته الحكم خليط من سلوك عصبي ممزوج بسياسة الابن المدلل الذي تعود أن يحصل على الأشياء بأي ثمن، بغض النظر عن أي نتائج قد تحصل على الأرض، واستطاع أن يجد فلسفة وسياقاً لنمط سياساته تلك، وبلغة أدق، استطاع التلطي، وإخفاء سياساته خلف مشاريع الآخرين، واستلحاق سورية وشعبها في إطار مشاريعهم، لذا، لم يكن مستغرباً أن تتحول سورية، بتاريخها النضالي، إلى مجرد جسر عبور لسلاح حزب الله، فيما كانت تشكل سابقا الدينامو المحرك في كل قضايا المنطقة ومشاربعها.
بالتطبيق العملي لنمط سياسات بشار، نلحظ أنه ليس مشكلة، بالنسبة له، أن يصل عدد اللاجئيين خارج سورية إلى ملايين، على الخارج أن يتكفل بهم، يرميهم في البحر إن أراد، تلك ليست مشكلته، ولم تعد كذلك، مشكلته أن هؤلاء كانوا يشكلون بيئة للثوار المعادين له، وتخلص منهم، فقط تلك حدود واجباته تجاههم. وليست مشكلة بشار الأسد أن سورية أصبح أكثر من ثلثيها مدمر، مشكلته كانت مع الناس الذين يعترضون على سياساته، ويقطنون هذه المناطق، هو حلّ مشكلته مع تلك المناطق بالبراميل والصواريخ وقصف الطيران، ليس مهماً النمط الذي اتبعه، المهم أن مشكلته كشخص انتهت.
ليس مهما أن يستدعي بسياساته كل فصائل التطرف. المهم أن يتخلص من الثورة السورية، وليس مهماً أن يرهن سورية لإيران وروسيا، باعتقاده أنه حين يتخلص من خصومه، سيكتفي الروس والإيرانيون بتقديم الشكر لهم وينتهي الأمر. المستقبل بالنسبة له يحل عقده بنفسه، المهم عنده التخلص من المشكلات الآنية. ليس مهماً أن تخسر سورية أسلحتها الاستراتيجية التي كلفتها مجهود أجيال، المهم أن يرضي رغبته بتجريب استخدامها على معارضيه، وبعدها ليس مهما مصيرها.
وفق هذه الطريقة الحسابية، أدار بشار الأسد سياسة سورية وأزمتها، وهي، في الواقع، طريقة سهلة، حيث تتيح له دائما اختيار البدائل الأكثر مناسبة له، وهي طريقة لا سياسية أبدا، إذ في السياسة لا خيارات جيدة، إنما أقل سوءاً، جزء كبير من حزمة تلك السياسات كان متوفراً لكل الديكتاتوريين الذين أطاحتهم الثورات، لكن فهمهم السياسي جعلهم لا يفكرون وفق هذه النمطية، ويستبعدونها من دائرة خياراتهم، نظراً لأكلافٍ كبيرة تترتب عنها وتستدعيها.
اليوم، وبإعلانه ترشحه للانتخابات، يمارس بشار الأسد لعبته، بأدواته الذهنية ذاتها، ليست مشكلته أن دمشق، وكل سورية ستحترق في الفترة المقبلة، وستصلى على نيران اللهب، خصومه أيضاً لن يدعوه يمرر سياساته هكذا بسلام، وإن كان بطريقة تفكيره تلك يعتقد أن من واجب العالم تركه ينجز سياساته بهدوء وروية، ويعلن انتصاره على المؤامرة، وذلك بأن يسمح له المتآمرون عليه أن يفضحهم، ويكشف أوراقهم وتآمرهم عليه.
اليوم تستدعي اللعبة أن يمنح بشار الأسد، فجأة، شعبه حق اختيار قائده، هو ذاته القائد الذي حرمه حق الاعتراض على موظف إداري بسيط في نظامه، ومنحه سلطة إذلال مدينة كاملة، لأن أطفالها خربشوا على حيطان مدارسهم. هو ذاته هذا الديمقراطي أعاد صياغة جغرافية وديمغرافية سورية بالكامل، يوم طالبت بوقف دعس أبنائها بالبسطار العسكري. فجأة يخرج من تحت أظافره انتخابات ومرشحون منافسون.
ليست مسرحية تلك التي تحصل في سورية، المسرحية على الأقل يكون عدد المشاركين بها أكبر، قد يشمل جزءاً من البلد حضوراً وتمثيلاً، سورية تعيش على وقع نطوطاتٍ على الحبل.
رابط المقال:
http://goo.gl/6CUsLH


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.