بعيدا عن هذا "الهراء" الذي ما كان يليق بنا ، ولا به ، أن نتوقف عنده ، فإن جوهر المشكلة الذي لا ينبغي أن يغيب هو أن الدكتور علي جمعة انغمس حتى أذنيه في المعترك السياسي وانضم إلى تنظيم غير قانوني يدعى "جبهة مصر بلدي" روج لمرشح رئاسي وانتصر لبعض الأحزاب والقوى ضد أحزاب وشخصيات أخرى وانحاز إلى آراء سياسية دعا إليها ضد آراء أخرى في الاستفتاء الدستوري وغيره ، ودخل في صراعات ومهاترات وصلت لحدود متدنية مع المختلفين معه سياسيا ، وهو ما أهان مقام الأزهر ، وأهان هيئة كبار العلماء ، وهو ما ينبغي أن يكون محل تساؤل ، وقد كان بالفعل وأؤكد ذلك ، داخل هيئة كبار العلماء ، وكان ينبغي للشيخ من تلقاء نفسه أن يبادر بالاستقالة حماية للأزهر وهيئته الرفيعة من أن تكون مهانة ومستباحة في شتائم سياسية ووحل سياسي مشين . والعجيب أن الشيخ علي في بيانه الغاضب العنيف ينفي أن يكون قد اشتغل بالسياسة أو انغمس فيها ، وكأن جولاته مع الأستاذ مصطفى بكري ومؤتمراته الجماهيرية التي رأها الناس بالصوت والصورة كانت في نقاشات في الفقه المقارن ، يقول فضيلته في بيانه (ولكن الجريدة أصرت على التشويه والتلفيق فإذ برئيس تحريرها يكيل الاتهامات للمشيخة ولهيئة كبار العلماء وعنون لمقال له بقوله " فضيحة هيئة كبار علماء الأزهر" ف {حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59] ، ولا نعلم من تخاطب هذه الجريدة؟! فإن كانت تخاطب الشعب المصري فالشعب قد أيد خارطة الطريق وخرج بالملايين يؤيد دستور مصر لا دستور الجماعة؛ أفلا يدركون أنهم يسيرون عكس الإرادة الشعبية لشعب مصر؟!!) انتهى كلامه . والحقيقة أن نص كلامه هنا فقط يكشف إلى أي حد هو منغمس في السياسة ، وتورطه كعضو بهيئة كبار العلماء في حملات الدعاية للدستور والتصويت بنعم ، والتي شرحها بالانجليزي "نعم يعني ييس" حسب كلامه الذي شاهده الملايين ، ودعايته التي لا تليق للفريق عبد الفتاح السيسي ، بل إن جبهة مصر بلدي التي يرأسها هو ومصطفى بكري ، قامت أساسا لدعم الفريق السيسي والترويج للسياسات الأمنية الأخيرة ، فإذا كانت هذه كلها ليست سياسة ولا اشتغال بالسياسة ، فماذا عساها تكون . يا دكتور علي ، لقد دافعت عنك مرارا ، أثناء توليك الفتوى وبعد إقالتك ، وهو ما عرضني للهجوم والشتائم من المتشددين وهناك مقالات منشورة على الانترنت تهاجمني بسبب دفاعي عنك ، فالمسألة عندي لا شخصانية فيها أبدا ، ولكنها الاحترام للمكانة التاريخية للأزهر ، ومن هذا المنطلق أدعوك أن تبادر إلى تقديم استقالتك من هيئة كبار العلماء طوعا ، أو أن تعلن انسحابك من كل النشاطات السياسية سواء جبهة مصر بلدي أو غيرها . لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا